د. عصام العريان |
سقط رأس النظام وبعض أتباعه لكن النظام المصري ما زال يحاول جاهدًا البقاء لاعتبارات عديدة.
هناك الجيش الذي تولى السلطة على غير قواعد دستورية بناء على الشرعية الثورية التي يتعامل معها على أنها لم تكتمل، وما زال يعمل وفق الدستور القائم قدر الإمكان، ولذلك عطَّله مؤقتًا ليستطيع تولي السلطة، وإجراء انتخابات نزيهة لبرلمان جديد ورئاسة جديدة، على وعد بالعودة إلى الثكنات بعد أن كرّّس للمؤسسة الحق في حماية إرادة الشعب لأول مرة في التاريخ المصري.
وهناك أجهزة الدولة ومؤسساتها التي سخّرها النظام السابق لصالح شخص رئيس الدولة وعائلته وحاشيته، فمارست قمعًا لا نظير له، وفسادًا لم يعد يكفي القول بأنه يزكم الأنوف، بل تسبب في اختناق المصريين الذين فوجئوا بحجمه وانتشاره واتساعه وعمقه وتغلغله في أوساط عديدة، والشعب ينادي بتطهير تلك الأجهزة والمؤسسات التي هي ملك للشعب، ويريد استعادتها مع المليارات التي سرقها لصوص العصابة التي أمسكت بمقاليد الأمور خلال العقود الثلاثة الماضية.
وهناك فلول الحزب الحاكم سابقًا وحواشيهم ورجال أمن الدولة والمباحث والأمن العام (خاصة القيادات) التي تورطت في الفساد، والأخطر من ذلك أنها تورطت في سفك دماء الثوار، واعتقال المئات وتعذيبهم ببشاعة؛ لإجهاض الثورة، واستمروا في ذلك ولا يزالون في محاولاتهم مستمرون، ويستخدمون في ذلك إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وإثارة العمال والموظفين للمطالبة بحقوق مشروعة في جوهرها إلا أن توقيت المطالبة وكيفيتها يربك المرحلة الانتقالية، في غياب تنظيمات نقابية منتخبة بحرية تتولى عملية التفاوض لنيل الحقوق والمطالب، والمحاسبة لم تتم على الجرائم الحقيقية بينما بدأت بالحواشي ولم تصل بعد إلى النخاع.
وهناك القوى السياسية، سواء تلك الحزبية التي عاشت في ظلِّ النظام السابق راضية بقدرها ونصيبها أو تلك الاحتجاجية التي كانت في قلب الثورة، أو الأغلبية التي كانت صامتة وتحركت أخيرًا بعنفوان الثورة، وتريد كل تلك القوى جميعًا التقاط الأنفاس؛ لإعادة ترتيب أوضاعها، وقد انت بصورة أو أخرى جزءًا من أوضاع قديمة تغيرت الآن.
وهناك الإخوان المسلمون الذين صبروا طويلاً، وصابروا كثيرًا، ورابطوا أمام مطالب الشعب، ونجحوا في المشاركة الفعّالة، وتنظيم الصفوف وحماية الشعب، وضحوا بآلاف المعتقلين، ومئات المسجونين بعد محاكم عسكرية استثنائية، ومات منهم تحت التعذيب شهداء، ويمتلكون تنظيمًا جيدًا، وشعبية معقولة، وإرادة صلبة، وغاية واضحة محددة لنيل رضا الله ورضوانه، وكانوا على قدر المسئولية؛ حيث قدَّموا المقاصد العليا للشريعة الإسلامية، كالحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية على الفروع الجزئية والطقوس الشكلية، وأنكروا ذواتهم أثناء الثورة، ورغم كل ذلك أثار المتطرفون من العلمانيين من رعايا النظام السابق وبعض المخلصين المشفقين على مستقبل الوطن قدرًا من المخاوف بعد جمعة النصر التي خطب فيها الشيخ القرضاوي في المصريين جميعًا، بالرغم من نصيحة الإخوان له بعدم الحضور، ورغم ع |
ساحة النقاش