لأول مرة منذ ما حدث في يوليو 1952 لا علم لأحد منا مهما بلغت درجة منصبه في الحكومة أو الجهاز الأمني أو حتى ممن يسجلون النتائج من مشرفين وقضاة بما ستكون عليه النتيجة النهائية ، وكان في السابق لا يستطيع أكثر أذناب النظام وقاحة من الكتاب والصحفيين أن يخرج علينا زاعما وجود مثل تلك الحالة، التي نحياها لأول مرة، أما عن تفاصيل ذلك اليوم العظيم في تاريخ الوطن، فقد عرضته صحف اليوم في إسهاب، فتحت عنوان "يوم الديمقرطية يسقط "أوهام" الاستبداد" أشارت "المصري اليوم" إلى أنه وفى أول اختبار حقيقى للديمقراطية، سجلت معدلات الحضور فى مراكز الاستفتاء على التعديلات الدستورية أرقاماً قياسية، إذ اصطف المواطنون منذ الصباح الباكر فى طوابير طويلة أمام اللجان، وتنوعت فئاتهم بين فقراء وأغنياء ومثقفين وعامة، حرفيين وموظفين وربات بيوت وأطفال.
وأشارت الجريدة إلى أن المشهد العام للاستفتاء سجل علامات فارقة، أولاها غياب الحشود الأمنية أمام اللجان، وثانيتها عدم تسجيل أى واقعة اشتباك أو بلطجة، وثالثتها اختفاء ظواهر التصويت القسرى الموجه، ورابعتها اختفاء الرشاوى الانتخابية، وخامستها سقوط الخوف من التزوير، وسادستها سقوط لعبة تصويت الأموات، وأخيراً، سقوط نظرية النتيجة المعدة سلفاً.

ورصدت "المصري اليوم" في تقريرها مناوشات بين عدد من الأقباط والإخوان المسلمين، حيث تدخلت الشرطة العسكرية فى حالات عديدة لفض الاشتباكات، ومزقت بعض لافتات جماعة الإخوان المسلمين، كما منعت أعداداً من النشطاء من توزيع منشورات تدعو المواطنين إلى التصويت بـ"لا".


وننتقل إلى جريدة "الشروق" والتي أكدت في صفحتها الأولى أنه ولأول مرة خرجت تقارير مراقبة الاستفتاءات العامة التى تعدها المنظمات الحقوقية دون "إشارات للتزوير، وتسويد البطاقات، ومنع المواطنين من دخول اللجان وسيطرة الأمن على عملية التصويت"، بحسب مدير برنامج تنمية الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أحمد فوزى، والذى قال: "التجاوزات لم تصل إلى أكثر من أعمال الدعاية التى مارسها أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين داخل مقار الاقتراع، وطبيعة الحبر الفسفورى الذى يمكن إزالته بعد التصويت بسهولة، وكذلك منع بعض المراقبين من دخول اللجان".

وإلى "الدستور" والتي أوردت في تقرير لها ما أثبتته  منظمات حقوقية ك "مراقبون بلا حدود" و "شبكة المدافعين عن حقوق الانسان" و"تحالف المجتمع المدني للحرية والعدالة والديمقراطية" و "مؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الانسان" من وجود مؤشرات عن تراوح نسبة التصويت بين نحو  80 % الي 88 %  في الاستفتاء على التعديلانت الدستورية و هي اعلي نسبة تصويت حقيقية تشهدها مصر منذ 60 عاما، بحسب ما ذكرت الجريدة.

وعودة إلى الشروق، حيث يحدثنا الكاتب الكبير فهمي هويدي عن تجربته في ذلك اليوم قائلا: ذهبت فى الثامنة والنصف صباحا أملا فى أن أدلى بصوتى وأنصرف قبل الزحام، لكنى فوجئت بطابور بطول أكثر من كيلو متر يقف أمام مقر اللجنة. أخذت دورى مستاء.
ولم ينقذنى سوى اتصال هاتفى أخبرنى بأن ثمة لجنة أخرى فى نفس الحى الزحام عليها أقل.
أسرعت إلى المكان الذى دلونى عليه فوجدت المشهد مكررا.
سلمت أمرى إلى الله ووقفت أنتظر دورى. بعد دقائق لاحظ واحد أن الشرطة لا وجود لها.

ويتساءل هويدي بعد أن أورد لنا المناقشات التي دارت أثناء وقفته في الطابور، والتي امتدت إلى ساعتين ونصف الساعة عن إمكانية أن يخدع هؤلاء (الواقفون في الطابور) فى الانتخابات المقبلة؟ وفي إجابته عن هذا السؤال أشار هويدي إلى أن من يعتقدون بأن ذلك ممكن الحدوث يتجاهلون حقيقة الوعى والميلاد الجديدين اللذين طرآ على المجتمع المصرى. واستغرب شكهم فى أن الناس يمكن أن تنساق وهى مغمضة الأعين وراء شعارات الإخوان أو إغراءات تلك الفلول المدعومة من بعض رجال الأعمال القادرين على شراء الأصوات ببعض الملايين التى نهبوها.

وأضاف هويدي إلى أنه بين أيدينا ما لا حصر له من القرائن والشواهد الدالة على أن الذين يطرحون مثل هذه السيناريوهات إما أنهم لا يثقون فى وعى الناس الذى بات مختلفا على كل ما سبق، أو أنهم يدركون ذلك جيدا، لكنهم يروجون لهاتين الفزاعتين لتخويف الناس وحثهم على المطالبة بعدم إجراء الانتخابات فى موعدها المفترض (شهر يونيو القادم).

وإلى الباحث والناشط السياسي عمرو حمزاوي، أحد أقطاب أنصار لا ومقاله في ذات الجريدة (الشروق). عرض حمزاوي المسارين المختلفين اللذين ستسلك البلاد أحدهما ـ وهو ما سوف يتقرر في خلال ساعات ـ فأشار إلى أنه:
دستوريا، إن جاءت نتيجة الاستفتاء بموافقة أغلبية المواطنين على التعديلات الدستورية سيعنى هذا تفعيل التعديلات المقترحة وتضمينها فى إعلان دستورى مؤقت وتفعيل الجدول الزمنى المرتبط بالتعديلات. يتضمن الجدول الزمنى من جهة انتخابات برلمانية خلال فترة زمنية أقصاها سبتمبر 2011 متبوعة بانتخابات رئاسية قبل نهاية العام، ويلزم البرلمان المنتخب من جهة أخرى بتشكيل جمعية تأسيسية خلال فترة زمنية أقصاها 6 أشهر بعد الانتخاب لصياغة دستور جديد خلال 6 أشهر ثم يعرض الدستور الجديد على المواطنين فى استفتاء.

والحصيلة النهائية بحساب الزمن هى برلمان منتخب ورئيس منتخب ودستور جديد خلال 18 شهرا (تنتهى على الأرجح فى سبتمبر 2012) وخروج القوات المسلحة من صدارة المشهد الدستورى والسياسى المصرى.

إن جاءت نتيجة الاستفتاء برفض أغلبية المواطنين للتعديلات الدستورية سيعنى هذا أن الإرادة الشعبية أسقطت التعديلات والجدول الزمنى المترتب عليها، وعبرت جميعا عن تمسكها بالشروع الفورى فى صياغة دستور جديد للبلاد دون تعديلات لمواد دستور أسقطت شرعيته الثورة. ولن يملك المجلس الأعلى للقوات المسلحة إزاء هذا إلا أن يحدد فى إعلان دستورى مؤقت إجراءات صياغة الدستور الجديد وانتخاب البرلمان والرئيس والجدول الزمنى المرتبط بهذه الخطوات.  
    ويرى حمزاوي أنه:
سياسيا، إن جاءت نتيجة الاستفتاء بموافقة الأغلبية على التعديلات الدستورية سيعنى هذا ضرورة الشروع السريع فى التنظيم والاستعداد للانتخابات البرلمانية. وقناعتى أن على القوى الوطنية الرافضة للتعديلات، بالقطع بعد قبول نتيجة الاستفتاء الديمقراطى، أن تضغط سريعا لإقناع المجلس الأعلى باعتماد نظام الانتخاب المختلط المستند بالأساس إلى القوائم الحزبية مع وجود هامش للمستقلين، وأن تنظم صفوفها وتتفق على مرشحيها المحتملين فى الانتخابات.
.

وأضاف إلى أن موافقة الأغلبية على التعديلات ستلزم الجميع بالتحرك السريع والتنسيق المتخطى للفوارق الأيديولوجية والمصالح الضيقة وإعطاء الأولوية المطلقة لانتزاع القوى الوطنية المدنية لأكبر عدد ممكن من المقاعد فى البرلمان المنتخب لضمان حضور قوى به وبالجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد.

وأوضح حمزاوي إلى أنه سياسيا ايضا، يؤجل تفعيل التعديلات الدستورية وجدولها الزمنى النقاش العام حول مرشحى الرئاسة، ويدفع القوى المدنية للتلاقى حول هدفى المنافسة بقوة فى الانتخابات البرلمانية وفى صياغة الدستور الجديد.

أما إن جاءت نتيجة الاستفتاء بأغلبية رافضة للتعديلات، يصبح لزاما على القوى الوطنية إعطاء الأولوية للتوافق على إجراءات تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد وانتخاب رئيس الجمهورية وشروط الترشح، إن كان إسقاط التعديلات سيقنع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتغيير الجدول الزمنى للانتخابات إلى رئاسية قريبة متبوعة ببرلمانية بعد الانتهاء من الدستور الجديد.

وخلال الساعات القادمة يتقرر أي المسارين ـ الذين أشار لهما حمزاوي في مقاله ستسلكهما مصر، وتشير المؤشرات ـ والتي أوردتها بعض التقارير الصحفية ـ إلى تغلب نعم بنسبة طفيفة على لا، فهل تكون الغلبة لها؟، هذا ما سوف يتضح خلال الساعات القليلة القادمة.


  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 86 مشاهدة
نشرت فى 9 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

46,975