في كل حادثة للفتنة الطائفية، تتعالى المطالبات الشعبية بدور للداعية الإسلامي د. صفوت حجازي.. حدث ذلك مع وقائع كنيسة أطفيح، وتكرر مع أحداث إمبابة، حتى بات الرجل يوصف بأنه " جراح أورام الفتنة الطائفية ".

وإذا كان جراح " الأورام " يكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما ورم خبيث أو حميد، فإن الأحداث التي تشهدها مصر كل فترة تؤكد أننا أمام ورم كلما يتم استئصاله عاد مرة أخرى..

ورغم هذا الشعور المتنامي عند البعض، إلا أن جرَّاح أورام الفتنة الطائفية د. صفوت حجازي يؤكد أن الأمل موجود، نافيا أن تكون المشكلة في الجراحة التي تجري مع كل حادثة، ولكن في وجود المناخ الذي يسمح بتكوين أورام جديدة.

ـ سألته، كيف نغيّر المناخ الذي يسمح بتكوين أورام جديدة؟

لابد من تشكيل لجنة من علماء الأزهر والكنيسة وبعض رجال الدين الذين يتمتعون بقاعدة شعبية من الجانبين.. وتعقد هذه اللجنة جلسات مغلقة بعيدا عن الإعلام، وتناقش كل القضايا المتسببة في أحداث الفتنة وكيف يمكن التعامل معها.. فيناقشون قضايا المسيحيين الذين يعتنقون الإسلام، والمسلمين الذين يعتنقون المسيحية واستقواء أي من الجانبين بالخارج، ونبحث في القانون المصري عن علاج لهذه المشاكل، فإذا لم يكن هناك علاج لبعض القضايا يتم التوصية بإصدار قانون يعالجها.. ويتم الاتفاق في النهاية على أن مَن يخطئ من الطرفين يعاقب وفق القانون المصري بعيدا عن انتمائه، سواء كان المخطئ شيخا أو قسيسا.

ـ لكن ما الداعي لهذه اللجنة ومشروع "بيت العائلة" الذي بادر به الأزهر يؤدي المهمة؟

مع كامل احترامي لبيت العائلة، فإن دوره ليس ملموسا لأنه يتعامل مع المشكلة من برجه العالي، فأعضاؤه ليس من بينهم رجال دين شعبيين من الجانبين لهم كلمة مسموعة عند الجمهور.

ـ في تصورك، كيف يمكن أن تتعامل اللجنة المقترحة مع قضية فتاة مسيحية أسلمت لتتزوج بشاب مسلم؟

الذي تتفق عليه اللجنة يجب أن يلزم الجميع، لكن إذا كنت تسألني عن رأيي الشخصي، فمعظم هذه القصص أحقر بكثير من أن تثير فتنة أو تستفز أي جانب من الطرفين.

ـ لكني أعلم مسلمين تنصروا، بل إن هناك قصصا لفتيات مسلمات دخلن في قصص حب مع شباب مسيحي؟

البنت المسلمة التي تحب مسيحياً (قليلة الأدب) ولا تستحق أن تكون سببا في مشكلة تزهق بسببها الأرواح.

ـ مَن في نظرك يثير مثل هذه المعارك الطائفية في مصر بعد الثورة؟

ليس للثورة أعداء سوى فلول الحزب الوطني والمنتفعين من نظام مبارك وإسرائيل التي لا تريد النجاح للثورة المصرية.

هناك رؤوس كثيرة ما زالت لا تتصور مصر بدونها ولا تتخيل السلطة بعيدا عنها وما زالت حتى الآن تحلم بأن تعود عجلة الزمان للوراء لتصدح مرة أخرى في مجلس الشورى وتحت قبة مجلس الشعب وتعد السفن العابرة في قناة السويس كل ساعة وتراقب عداد الغاز المندفع إلى إسرائيل وحصيلة العمولات اليومية وحسابات البنوك الخرافية وصادرات الكويز وصفقات القمح ومزادات الأراضي وصفقات الخصخصة.

ـ البعض يرجع الأحداث الطائفية الأخيرة كرد فعل لحركة الإسلاميين في الشارع بعد الثورة ومناداتهم بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية؟

هناك دستور يوضع والشعب هو الذي سيختار، فلو أرادها الشعب ليبرالية فليحكم بما أراد، وإن أرادها مدنية تطبق الشريعة الإسلامية فلابد أيضا أن نحترم إرادة الشعب.. وأنا أتعجب ممن يحرموننا من هذا الحق، فأنا من حقي أن أحلم بهذه الدولة وأحلم أيضا بأن تتحد هذه الدولة مع الدول العربية الأخرى تحت مظلة واحدة مكونة " الولايات العربية المتحدة"، وأسأل مَن يحرمنا من هذا الحق: " كيف تصفقون للاتحاد الأوروبي وترفضون الولايات العربية المتحدة.

وخلاصة ما ننادي به هو الدولة المدنية التي تحكم بالشريعة الإسلامية، وهذه الدولة لن يظلم فيها الأقباط، فهي في مصلحة المسلمين والأقباط، كما أن الدولة كيان محايد لا تفرق حين تتعامل مع المجتمع بين المواطنين على خلفيات اجتماعية أو دينية.

ـ ظهرت مؤخرا دعوات تم ترويجها في وسائل الإعلام المختلفة تطالب بالتسوية والمصالحة مع أركان النظام المخلوع.. ما تعليقك؟

هذا يثير الإزعاج والدهشة.. إنه طلب غريب ومريب وساذج ويطرح الكثير من الهواجس والظنون.. إذا كنا أمام جرائم مالية وأخلاقية وسياسية وجنائية فكيف نطلب من الشعب أن يتصالح مع عصابة سرقت ماله وأفسدت حياته وخربت وطنه.. هل يعقل أن تتم المصالحة ونحن نسعى لاسترداد أموالنا المنهوبة وأراضينا المغتصبة وكرامتنا المهدرة.. ليس المطلوب الآن هو المصالحة مع هذا الفساد ولكن المطلوب هو محاكمة هذا الفساد أولا وقبل كل شيء.

كيف يقتنع الشعب بالمصالحة مع نظام مخلوع لم يترك الساحة ببساطة ولم ينسحب بهدوء ولكنه ما زال حتى الآن يمارس عملياته القذرة في كل شيء في حياة المصريين.

شيء غريب أن يطرح البعض مبدأ المصالحة مع الفساد والأغرب من ذلك كله أن يتصور البعض أن الثورة حققت أهدافها برحيل رأس النظام فما زال رجاله في كل مؤسسات الدولة وما زالوا يعبثون في الشارع المصري ولابد من حسم أمرهم قبل أن تجهض الثورة.

لا نريد إعادة عقارب الزمن إلى الوراء حيث إمبراطورية الفساد وعصابة الطغيان في الحزب الوطني وتوابعه.

نحن أمام لحظة تاريخية يجب أن نتمسك بها ونحافظ عليها لأن مثل هذه اللحظات لا تتكرر كثيرا في مسيرة الشعوب والأوطان.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 8 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

43,719