لا صوت يعلو الآن فى المؤتمرات والندوات والفضائيات والإعلام بصفة عامة فوق صوت المعركة التى حملت شعار" الدستور أولا " وعدنا مرة أخرى إلى المربع الأول ،وكثف الأخوة الرافضون للتعديلات الدستورية من حملتهم خاصة فى الفضائيات التى يسيطرون عليها والتى توالدت وتكاثرت مثل الجراد وتخلى معظم مقدمى برامج التوك شو عن الحياد ومراعاة المهنية وحتى القليل منهم الذى حاول التظاهر بالحياد كان انحيازهم واضحا من خلال الأسئلة والتعليقات ونوعية الضيوف وذكرتنا بعض هذه البرامج بالبرنامج سىء الذكر حالة حوار بعد أن أصبح الحوار – إن صح أن نسميه حوارا – من جانب واحد فنجد ضيفا أو اثنين أو أكثر ،مع بعض المداخلات التليفونية وكلها تصب فى اتجاه واحد فأين من يتحدثون باسم 14 مليون ؟ هل اختفوا أوذابو؟!!!
وحدث تطور نوعى فى الموضوع من خلال تصريحات بعض المسؤلين كرئيس الوزراء ووزير العدل ووزير التضامن الاجتماعى المؤيدة للدستور أولا وهو أمر مثير للدهشة والعجب أن يصدر من مسؤلين يجب عليهم احترام إرادة الشعب والعمل الجاد على اتخاذ الخطوات العملية على الأرض لتنفيذ إرادته كما دخل على الخط بعض المؤسسات الحكومية مثل مجلس حقوق الانسان وبعض الكيانات التى لانعرف لها توصيفا ومسمى مثل مايسمى بالوفاق القومى لصاحبه يحيى الجمل ،وكثير من منظمات حقوق الإنسان
والحقيقة أنه لاجديد فى حجج ومبرارات القوم التى ساقوها من قبل الاستفتاء وتم الرد عليها وإن كان الأمر الذى يؤلم فى حواراتهم وأحاديثهم هولغة التعالى على الشعب وإهانته وتسفيهه ،وتصويره على أنه قطيع ينقاد لهذه الفئة أوتلك . إن هذا الشعب الذى تحتقرونه هو الذى أنجز هذه الثورةالتى بفضلها تتصدرون المشهد وتطلون علينا كل ليلة من خلال الفضائيات لتقريعه وتحقيره والاستهزاء بإرادته
إن محاولات الضغط على المجلس العسكرىمن خلال الحملة المنظمة والمكثفة لن تجدى نفعا فى هذا الصدد وحتى الدعوة للتوافق بين القوى المختلفة حول هذا الأمر كما دعا البعض ومنهم وزير العدل فهى دعوة مرفوضة فحتى لو افترضنا جدلا أن القوى المتمسكه بنتائج الاستفتاء وافقت أو توافقت مع القوى الأخرى على وضع الدستور أولا فهذا لايعطى المجلس العسكرى الحق فى الانقلاب على الشرعية الشعبية فليس كل من خرج للموافقة على التعديلات كان من هذه القوى أو من المستجيبين لدعوتهم بل خرجوا للتعبير عن قناعاتهم الخاصة وهذا ماأكد عليه حتى الأخوة الرافضون للتعديلات وهى حقيقة لايمكن إنكارها بصرف النظر عما كان قولهم نابعا من قناعة حقيقية أو محاولة للتقليل من حجم وتاثير القوى الإسلامية على نتيجة الاستفتاء
وأقول للمطالبين للمجلس العسكرى بالانقلاب على الشرعية إن المجلس نفسه لايحق له الالتفاف على الإرادة الشعبية وإذا كانت المحاكم الإدارية أصدرت أحكاما أقرت بشرعية المجلس العسكرى الذى استمدها من الشعب فكيف يمكن للمجلس نفسه أن يخالف الشرعية الشعبية والشعب هو صاحب السيادة الأصيل ومصدر السلطات وهو مصدر الشرعية للمجلس العسكرى نفسه
إن الالتفاف على الإرادة الشعبية والاستجابة للضغوط الرافضة لها يضعنا جميعا أمام سابقة خطيرة سوف تكون لها تداعياتها فى المستقبل وسوف تستند لها أى قوة فى الانقلاب على الإرادة الشعبية فى المستقبل ، وإذا تم الاستجابة لمعركة الدستور أولا – كما أطلق عليها أحد شباب ائتلاف شباب الثورة – فسوف تكون المعركة القادمة غدا الرئاسة أولا!!!
إن المرء يحار فى فهم المتناقضات التى تحفل بها الساحة السياسية المصرية فالأخوة الذين صدعوا رؤسنا بالحديث عن الديمقراطية
والدولة المدنية هم الذين يريدون الانقلاب على الديمقراطية فى الوقت الذى يتمسك فيه المجلس العسكرى باحترام الارادة الشعبية،وفى الوقت الذى تطالب هذه القوى ببقاء الحكم
العسكرى لفترة أطول على عكس الدنيا بأسرها نجد المجلس العسكرى هو الذى يريد إنهاء مهمته بسرعة وتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة
وكما قال عمنا المتنبى كم بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء
ساحة النقاش