authentication required

تابعت، وتابع معي الكثيرون لقاء الرئيس مبارك في عيد العمال وما أسفرت عنه من رفع العلاوة السنوية إلى 30% من الراتب الأساسي، وهل الحضور لهذه الزيادة وتخوف الخبراء والمتخصصون.
أبجديات الحياة الاقتصادية في مصر– ويؤيدها في ذلك التاريخ– أن الأسعار دائمًا تترقب العلاوات لتلتهمها لدرجة يتمنى الشعب معها بقاء الأسعار علي ما هي عليه دون علاوة أو يحزنون.
وتقديري أن نسبة 30% هذا العام تعكس مدى القلق والتخوفات التي تكتنف قرار زيادة العلاوة، فهي تأتي وسط أحداث جسام بدأت بإضرابات العمال وإضراب المحلة وتهديد الأطباء وأساتذة الجامعات وغيرهم من فئات الشعب المطحون والمنكوب، فهل توقف هذه الزيادة حركة الإضرابات والغليان في الشارع المصري؟
الإجابة الوحيدة: "لا"
وأود أن أعود إلى أصل الكارثة التي يعاني منها الشعب، وهي فشل الحكومة فشلاً ذريعًا في تحقيق إصلاح اقتصادي يلمس المواطنون آثاره وينعمون بثماره، وأقرب مثال: فشل الحكومة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمواد الزراعية الأساسية التي تعد العمود الفقري للغذاء في مصر، حتى اليوم لم تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي أكثر من 55% من القمح و43% من الفول و15% من الزيوت، وهو الأمر الذي يجعل الاقتصاد المصري فريسة للاقتصاد العالمي الذي لا يرحم.
حقيقة الزيادة أنها ليست 30% بل هي دون ذلك، فدخل المواطن المصري له مصادر متعددة منها الراتب الشامل الذي لا يكفي الاحتياجات الأساسية للأسرة المصرية، والراتب الأساسي جزء من الراتب الشامل لا يزيد عن 50% منه، ومن ثم هذه الزيادة محسوبة من الراتب الأساسي فإذا حسبت علي أساس الراتب الشامل انخفضت إلى النصف، والأهم من هذا: هل هذه الزيادة كافية لسد الفجوة المتسعة بين الأجور والأسعار؟ ام أنها مُسكن للآلام الاقتصادية ريثما إشعار آخر؟
أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن متوسط زيادة الأسعار خلال شهر مارس الماضي بلغت 16% فكيف يتم فض الاشتباك المزمن بين مستوى الدخل ومتطلبات الحياة الأساسية؟
ومتى يلمس المواطن أثر هذه العلاوات وتنتعش أماله في حياة أفضل؟
الخروج من المأزق:أطرح مجموعة من الأفكار الأساسية التى ترسم خارطة طريق للخروج من المأزق المصري حتى يستطيع الشعب أن يتنفس.
أولاً: حان وقت الدعوة الصادقة لمؤتمر قومي اقتصادي تشارك فيه كل القوى والأحزاب السياسية وأطياف العمل السياسي والاقتصادي بمصر على أساس المشاركة في صنع القرار والخروج من المأزق.
والعجيب أن الرئيس مبارك تبني هذه الفكرة أوائل الثمانينات وللآن لم يكتب لها الحياة بعد.
وقد حان الوقت للمشاركة الفعالة لكافة الأطياف والتوجهات والقوى المصرية.
ثانيًا : حاجة مصر إلى حكومة سياسية حازمة وصارمة لتجفيف منابع الفساد الكثيرة ووقف الإهدار المستمر للمال العام، وقد حدثني من أثق به نقلاً عن قيادة كبيرة في جهاز رقابي سيادي: أن وقف نزيف الفساد وإهدار المال العام لمدة شهرين يكفي لإحداث طفرة اقتصادية يشعر بها المواطن المصري.
وكيف إن رحل الفساد عن بلادنا لمدة عام؟!
ثالثا : حاجة مصر لسياسة اقتصادية حقيقية لزيادة الإنتاج وتعظيم الناتج القومي، ومن ثم ارتفاع حقيقي في دخول المواطنين ينقذ البلاد ويسعد العباد، نحن في حاجة ماسة لمشروعات اقتصادية عملاقة تسبقها دراسات جدوى حقيقية تستهدف الصالح العام وتراعي مصالح المواطنين.
رابعًا: حاجة مصر الشديدة والعاجلة لسياسة زراعية وطنية تتسلح بالإرادة الوطنية الحرة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وخاصة القمح لسد الفجوة الرهيبة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك.
في ظل المنافسة العالمية وتوجه الاستهلاك العالمي للوقود الحيوي المستنبط من القمح "مما ترتبت عليه خلل رهيب في الإنتاج العالمي والأسعار العالمية" بات الأمر أكثر صعوبة من ذي قبل ويحكم علي القيادة المصرية أن تسرع في اتخاذ القرار الوطني نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وما يستتبع ذلك من تغيير السياسات والأوليات.
خامسًا: حاجة مصر لسياسة ناجحة تتجه بصدق لحل المشكلة الضخمة القديمة المتمثلة في التدني الحاد للأجور في مصر والتفوات الرهيب في الأجور والدخول بين قطاعات الدولة "قارن بين أجور ودخول العاملين في قطاع البترول أو البنوك مع أجور ودخول العاملين في قطاع المرافق العامة وقطاع عمال الغزل وغيرهم".
التوجه إلى المؤتمر الاقتصادي القومي، ووضع تلك السياسات التي أشارت إليها وحل مشكلة تدني الأجور يعني أننا وضعنا أقدامنا وبدأنا السير.
أما الاكتفاء بالمسكنات والتهليل الإعلامي المصطنع فهو هدنة للمشاكل الكارثية، ولن تصمد هذه المهدئات أمام احتياجات الشعب المتزايدة يومًا بعد يوم.
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

43,671