authentication required

المعنى الخامس .. إجعل شعارك أنا داعية

قضيه ثانية ونحن نتحاور وخصوصا مع المخالف لي في المرجعية أننا لا ننسى أن الإطار الحاكم لهذا الحوار مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم

فلنخسر الموقف إذا كان ولابد ولنكسب الشخص ..

يدخل أعرابي على رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) وهو بين أصحابه: فيمسكه بتلابيبه ويهزَه  ويقول:أعطني من مالِ اللهِ الذي أعطاك لا من مالي أبيكَ ولا من مالِ أمِك.

فيقومُ صحابةُ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) يريدون أن يؤدبوا من يعتدي على شخصِ محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)

فيقول عليه الصلاة والسلام:على رسلِكم المالُ مالُ الله ، أو كما قال (صلى الله عليه وسلم) ثم يأخذُ هذا الأعرابيُ يداعبُه ويلاطِفُه، ويذهبُ به إلى بيتِه (صلى الله عليه وسلم) فيقول:خذ ما شئت ودع ما شئت.

فقال الأعرابيُ : أحسنتَ وجزاك الله من أهلٍ وعشيرةٍ خيرا.

قال عليه الصلاة والسلام: إن أصحابي قد وجدوا عليك فأخرج إليهم وقل لهم ما قلتَ لي الآن

 فخرجَ وجاء إليهم فقال (صلى الله عليه وسلم) هل أحسنتُ إليكَ يا أعرابي؟

قال نعم وجزاك الله من أهلٍ وعشيرةٍ خيرا، أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم).

فقال (صلى الله عليه وسلم):إنما مثلي ومثلكم و مثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون فما ازدادت الدابة إلا نفارا ، فقال دعوني ودابتي أنا إليه فأمسك بها، أما إني لو تركتكم على هذا الأعرابي لضربتموه فأوجعتموه فذهب من عندِكم على كفرهِ فماتَ فدخل النار.

موقف آخر هو إسلام ضمام بن ثعلبة

يروي  ابن إسحاق ... عن ابن عباس قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله فقدم إليه، وأناخ بعيره على باب المسجد، ثم عقله، ثم دخل المسجد ورسول الله جالس في أصحابه، وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين، فأقبل حتى وقف على رسول الله في أصحابه، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟

فقال رسول الله «أنا ابن عبد المطلب».

فقال: يا محمد.

قال(ص): «نعم».

قال: يابن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة فلا تجدن في نفسك.

قال(ص): «لا أجد في نفسي، فسل عما بدا لك».

فقال: أنشدك إلهك، وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله بعثك إلينا رسولا؟

قال(ص): «اللهم نعم!».

قال: فأنشدك الله، إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟

قال(ص): «اللهم نعم!».

قال: فأنشدك الله، إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟

قال(ص): «نعم!».قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة، فريضة، الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها، ينشده عند كل فريضة منها، كما يشهده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف إلى بعيره راجعا.

قال: فقال رسول الله : «إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة». وفي رواية : " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا "

قال: فأتى بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم أن قال: بئست اللات والعزى .. فقالوا: مه يا ضمام، اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون.

فقال: ويلكم إنهما والله لا يضران، ولا ينفعان، إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا، استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به، وما نهاكم عنه.

قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم، وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما.

قال: يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد كان أفضل من ضمام بن ثعلبة.فسعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم وحلمه في الرد على ضمام كان سببا في إسلامه وإسلام قومه ..

وما أحوجنا إلى أن نلزم أنفسنا منهج رسول الله صلى الله عليه فسلم فتسع صدورنا جهل الناس علينا ولا نقابل الإساءة منهم بالإساءة وإنما نحلم ونرفق ونذكر بالله ونحبب في الإسلام وندل على الخير ورحم الله البنا الشهيد المؤسس عندما قال : كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر فيرميهم بالثمر 

( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (سورة السجدة: الآية 24)(وَلاَ تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَايُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) (فصلت : 34-35 )

المعنى السادس .. الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ

كم هي لحظات الود والرحمة جمعت بيننا , كم لحظة حب وكم نظرة ود وكم لمسة رفق وكم نصيحة أسدت إلينا من إخواننا الذي أحببناهم وتربينا معهم أو على أيديهم تجعل مساحة العفو ما بيننا كبيرة تسع خلافاتنا حتى لو علت حدتها  ..

لا بنبغي بحال أن نجنب مشاعرنا الأخوية أحاديثنا بل لا يجب أن نتحاور أصلا إلا تحت مظلة الإيخاء والحب في الله والوفاء لمن علمونا الخير ودلونا على الله

وذلك الذي أشار إليه الشافعي حين يقول : " الحر من راعى وداد لحظة وانتمى لمن أفاده لفظة " فكيف بدعوة علمتك دهرا معنى الوداد وأفادتك كل الألفاظ لا مجرد لفظة فإن كنت حرا راعيت ودادها واتسع صدرك وإن أبيت إلا الانتصار لنفسك فتسلب حريتك فشأنك وما اخترت .

وليس المفهوم من هذا الأمر هو نظرة الأخ الدائمة لمن رباه نظرة التوقير فحسب بل هو شعور دائم له ثلاث مظاهر ..

مظهر توقير المربي  ..

في تفسير قوله تعالى " ولا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعظكم بعضا "

يقول الأستاذ سيد قطب : ( لابد من إمتلاء القلوب بالتوقير لرسول الله حتى نستشعر توقير كل كلمة منه وكل توجيه وهي لفتة ضرورية , فلابد للمربي من وقار ولابد للقائد من هيبة وفرق بين أن يكون هو هينا لينا متواضعا وأن ينسوا هم أنه مربيهم فيدعوه دعاء بعضهم لبعض , يجب أن تبقى للمربي منزلة في نفوس من يربيهم يرتفع بها عليهم في قرارة شعورهم ويستحيون هم أن يتجاوزوا معها حدود التبجيل والتوقير )

فلابد أن تسع صدورنا توجيهات من لهم حق علينا مربينا وأساتذتنا مراعاة للحظات الوداد

مظهر ثاني مراعاة القيادة لبذل جنودها وتضحياتهم

وهو شعور القيادة تجاه جنودها بأن لهم حق عليهم يستحق الوداد لما بذلوا وسعوا فبالتالي فلتسع صدورهم أخطاء جنودهم ونبرة النقض إن جاوزت قليلا نصابها الصحيح والنبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة

وموقف حاطب بن أبي بلتعة في موقف الفتح لمحة من سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم وتقديره لتضحيات جنوده السابقة ..

كان حاطب رجلا من المهاجرين  وكان من أهل بدر أيضا  وكان له بمكة أولاد ومال , ولم يكن من قريش أنفسهم بل كان حليفا لعثمان . فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة لما نقض أهلها عهد الحديبية أمر المسلمين بالتجهيز لغزوهم , وقال:" اللهم عم عليهم خبرنا " .. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه بوجهته , كان منهم حاطب  فعمد حاطب فكتب كتابا وبعثه مع امرأة مشركة - قيل من مزينة جاءت المدينة تسترفد - إلى أهل مكة يعلمهم بعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على غزوهم , ليتخذ بذلك عندهم يدا . فأطلع الله تعالى رسوله على ذلك استجابة لدعائه وإمضاء لقدره في فتح مكة  فبعث في أثر المرأة , فأخذ الكتاب منها .

وقد روى البخاري في المغازي , ورواه مسلم عن علي - رضي الله عنه - قال:" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام - وكلنا فارس - وقال:" انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ , فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين " 

فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا:الكتاب ?

فقالت ما معي كتاب فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا

فقلنا:ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك

فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها , وهي محتجزة بكساء , فأخرجته . فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر:يا رسول الله . قد خان الله ورسوله والمؤمنين , فدعني فلأضربن عنقه

 فقال النبي [ ص ]:" ما حملك على ما صنعت ? "

قال حاطب: والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله أردت أن تكون لي عند القوم يد . يدفع الله بها عن أهلي ومالي , وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله .

فقال:" صدق لا تقولوا إلا خيرا "

فقال عمر :إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين , فدعني فلأضرب عنقه  !!

فقال: " أليس من أهل بدر ؟ فلعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال:اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة - أو - قد غفرت لكم " فدمعت عينا عمر , وقال:الله ورسوله أعلم ..)

فلننظر إلى عبارة : أليس من أهل بدر فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينسى مواقف حاطب السابقة وجعلها سببا في أن يسع صدره صلى الله عليه وسلم هذا الخطأ الفادح من حاطب

ونموذج آخر في توزيع غنائم حنين " لما أعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما أعطى من تلك العطايا في قريشٍ وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصارِ منها شيء وجد هذا الحي من الأنصارِ في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم: لقد لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه !!

فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إنَّ هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليكَ في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت؛ قسَّمت في قومك وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصارِ منها شيء.

قال: " فأين أنت من ذلك يا سعد" ؟

قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي !!قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرةِ ، قال فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة ، فجاء رجالٌ من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردَّهم، فلمَّا اجتمعوا له أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فحمد الله أثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " يا معشرَ الأنصارِ ما قاله بلغني عنكم وجده وجدتموها عليَّ في أنفسكم ..

ألم آتكم ضلال فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم"

قالوا بلى لله ورسوله المن والفضل

ثم قال: " ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ "

قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله , لله ولرسوله المن والفضل ..

قال- صلى الله عليه وسلم- أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبًا فصدقناك ومخذولاً فنصرناك وطريدًا فأويناك وعائلاً فآسيناك..

أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعةٍ من الدنيا تألفتُ بها قومًا ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاةِ والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟

فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكتُ شعب الأنصار..

اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار"

 قال: فبكى القوم حتى اخضلت لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسمًا وحظًا ثم انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتفرقوا "

وهنا درس عظيم في سعة صدر القيادة وعدم نسيانهم ما كان لجنودهم من فضل وجهد وعدم إغفال ذلك ولو حتى في سياق من لوم الجنود على القيادة ..

مظهر ثالث وهو النصيحة التي ربما يؤديها إليك من هو أصغر منك أو ربما من أترابك فيستحق لمثلها الوداد , وأجعل من هذا المظهر معنا مستقلا بذاته ..

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

43,671