اجتمع أربعة أشخاص في فندق ، كانت أشكالهم وألبستهم مختلفة ، لأنهم من عدة جنسيات وشعوب .
كان الأول عربياً .
وكان الثاني تركياً .
وكان الثالث إيرانياً .
وكان الرابع رومياً .
كانوا يتصايحون فيما بينهم من الجوع ، فتقدم منهم رجل وصاح فيهم :
ـ اسكتوا ، لقد أزعجتم الآخرين فأنتم لا تفهمون على بعضكم ولا يفهم الآخرون ماذا تريدون .
وتقدم رجل آخر من الأول ، وقال له :
ـ أعطهم ديناراً ـ يا سيدي ـ فهم جائعون ، وهم لا يملكون أجرة الفندق .
تقدم منهم الرجل الأول وأعطاهم ديناراً ، ولكنهم استمروا في الصياح ، فقال الرجل الثاني :
ـ إنهم لا يعرفون ماذا سيشترون ، كل واحد يقول شيئاً . انظر إليهم ، لعلك تفهم ماذا يريدون .
كان العربي يصيح :
ـ سنشتري عنباً .
وكان التركي يقول :
ـ بل سنشتري أوزم .
فيرد عليه الإيراني :
ـ لا سنشتري انكور
وقال الرومي :
ـ بل سنشتري (استافيل) أما العنب والأوزم فإلى الجحيم ، لا نريدهما .
وبعد أن تعبوا من الصياح ، ناموا ، وهم جائعون .
نظر إليهم الرجل الثاني وقال :
ـ لقد ناموا جائعين ، ولم يتفقوا على شيء .
ثم نظر إلى أحد النزلاء وقال له في حزن ، وهو يعطيه الدينار :
ـ لقد باتوا جائعين ـ يا سيدي ـ وهذا هو الدينار !
أخذ النزيل منه الدينار وهو يبتسم ، ويقول :
ـ هذه مشكلة بسيطة .
ذهب الرجل إلى السوق ، واشترى بالدينار عنباً ، ثم رجع إليهم وأيقظهم من نومهم ، فنظروا إلى العنب مندهشين فرحين ، قدّم إليهم العنب ، وقال لهم في سرور :
أخذ كل واحد من الأربعة عنقوداً من العنب ونظر إلى الآخرين مفتخراً على أنه المنتصر . قال العربي :
ـ اشتريت عنباً كما أردت .
وقال التركي :
ـ لقد حققوا ما أريد فاشتروا بالدينار أوزم .
وقال الإيراني :
ـ لقد أرغمتهم على شراء أنكور .
وقال الرومي :
ـ لقد تراجعت أمامهم لما اشتروا استافيل .
قال الذي اشترى العنب للنزلاء :
ـ لقد فهمت منهم أنهم كانوا يريدون العنب ، وأنهم اختلفوا بسبب اختلاف لغاتهم .
وقال للشبان الأربعة المختلفين :
ـ لقد خاطبت كل واحد منكم بلغته وسوف أعلمكم ما يلزم من عبارات بلغاتكم المختلفة حتى تستطيعوا أن تتفاهموا فيما بينكم .
ساحة النقاش