الناقد: محمد عبد الستار حافظ

موقع لخدمة كل المهتمين بعالم المسرح.

تعريف الارتجال

الارتجال في المسرح كالارتجال في أي نوع أدبي أو فني: جميل وخطير، فهو أينما كان موضعه وفي أي مجال »عملية تقوم على ابتكار شيء ما أو أدائه دون تحضير مسبق«، وهذا التعريف الدقيق له ورد في موسوعة »مصطلحات المسرح وفنون العرض« التي وضعتها الدكتورة ماري الياس والدكتورة حنان قصاب .

والارتجال في المسرح ـ نقلا ع الموسوعة السابقة - »هو أن يقوم الممثل بأداء شيء غير محضر سلفا أو انطلاقا من فكرة أو قيمة معينة، وبهذا يكون لأدائه صفة الابتكار والإبداع، أما إذا قام بأداء شيء غير متوقع أو مرسوم في الدور، فيأتي الارتجال خروجا على النص، وبهذا التعريف يكون الارتجال في المسرح بعفويته نقيض الأداء المحضر مسبقا، القائم على تكرار ما اكتسبه الممثل خلال تحضير العرض«.

والارتجال في المسرح كان جزءا أساسيا في أداء الممثلين الجوالين والإيمائيين الرومان، وفي عروض الممثلين في أشكال الفرجة الشعبية في القرون الوسطى في أوروبا وفي أداء المداح والمقلد والحكواتي وغيرهم في التقاليد الشعبية في البلدان العربية، لكن النموذج الأكثر تكاملا ـ ومازلنا ننقل المعلومة من الموسوعة المذكورة آنفا ـ والذي يشكل محطة مهمة في تاريخ الارتجال هو الكوميديا »ديلارتي« الإيطالية التي انتشرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وكان الممثل فيها يقوم بارتجال دوره انطلاقا من فكرة محضرة.

تبلورت مهارات الارتجال العفوية مع الزمن، وتراكمت على شكل خبرات في التمثيل سمحت بالتوصل إلى تقنيات عالية المستوي لأداء منمط له قواعده الحركية، ومع أن الجزء الارتجالي في أداء الممثل في الكوميديا »ديلارتي« كان يبدو وكأنه وليد اللحظة ولم يتم التحضير له مسبقا، فإن واقع الأمر عكس ذلك لأن بنية الكوميديا ديلارتي القائمة على مفهوم النمط ذي الملامح المعروفة مسبقا، لا تتطلب سوى أن يقوم الممثل بتنويعات على الدور وعلى المواقف التي تتطلبها »الكانفاه« من مفردات النسيج المتعلق بشغل الإبرة المحددة في خطوطها العريضة، أي أن الهامش الارتجالي في أداء الممثل هو تقنية محضرة يمتلكها الممثل بدرايته أو بتراكم خبرته.

وفي العصر الحديث عاد الارتجال ليأخذ موقعا مهما في العملية المسرحية، وعودته مرتبطة بالعوامل التالية:

1- الأفكار الجديدة والأيديولوجيات التي تعتبر المسرح عملية تحريضية.

2- إعادة إحياء المسرح بالتراث الشعبي.

3- المبادئ الجمالية التي ظهرت في بداية القرن العشرين، والتي تتبنى العفوية مما جعلها تدفع العملية المسرحية نحو التفاعل الحي بين الممثل والجمهور، ونحو التخلص من سيطرة النص وأحيانا من سلطة المخرج وأساليب الإخراج.

استخدم الارتجال في المسرح الحديث كأسلوب عمل يشمل كل مراحل العملية المسرحية بدءا من كتابة النص بشكل مباشر على الخشبة أو تطويعه حسب متطلبات الجمهور أو الموقف، وانتهاء بإعداد العرض والدور المسرحي انطلاقا من نص أو فكرة معينة، وساعد الارتجال على ما سمي في المسرح »الإبداع الجماعي« على صعيد كتابة النص أو إخراج العرض.

محمد حافظ

المصدر: مجموعة كتب عن المسرح ..
  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 23 يناير 2013 بواسطة mohamed2014

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

29,258