رأينا مفهوم كل من النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية ، إضافة إلى ذلك فإن بعض الكتاب كثيراً ما يستخدمون مصطلح التقدم الاقتصادي كمرادف لمصطلح التنمية الاقتصادية ، إلا أن البعض يرى أن التقدم الاقتصادي يتناول الوسائل – أي تحسين استخدام وسائل الإنتاج – في سبيل تحقيق أحسن الأهداف . وعلى الرغم من وجود فروق واضحة بين كل من : النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والتقدم الاقتصادي ، فإنها كثيراً ما تستخدم كمرافات بسبب ما تشمله عن عناصر مشتركة . ولعل ما يعنينا في هذه المرحلة هو الوسيلة التي عن طريقها نتعرف على ما يحققه المجتمع من تقدم أو نمو أو تنمية ، أي ما هي الوسائل التي يمكن عن طريقها قياس درجة التقدم في دولة ما ؟ توجد ثلاثة معايير رئيسية لقياس التنمية الاقتصادية : • معايير الدخل . • المعايير اجتماعية . • المعايير هيكلية . • وسنتناول هذه المعايير تباعاً فيما يلي : أولاً : معايير الدخل تعتبر معايير الدخل التي سنذكرها وننا قشها أن الدخل هو المؤشر الأساسي الذي يستخدم في قياس التنمية ودرجة التقدم الاقتصادي ، ولابد من التنمية في مطلع هذه الدراسة إلى ضعف الأجهزة الإحصائية في الدول النامية ، وصعوبة تحديد مفهوم الدخل الحقيقي والاتفاق على البنود التي تحسب ضمن إجمالي الناتج القومي ، واختلاف الدول فيما بينها بالنسبة لمعالجة بنود الدخل . كذلك فإن عدم ثبات أسعار الصرف الخارجية ، واختلاف الأسعار الرسمية عن الأسعار الحقيقية من الأموال التي يتعين أن تؤخذ في الحسبان عند تقدير وتقييم تلك المؤشرات . وتنطوي معاير الدخل على أربعة معاير فرعية ، وسوف يتم تناولها على النحو التالي : 1 – معيار الدخل القومي الكلي : يقترح الأستاذ سيد Meade قياس النمو الاقتصادي بالتعرف على الدخل القومي الكلي وليس متوسط نصيب الفرد من الدخل . إلا أن هذا المقياس لم يقابل في الأوساط الاقتصادية بالقبول والترحاب ، وذلك لأن زيادة الدخل – أو نقصه – قد لا تؤدي إلى بلوغ نتائج إيجابية – أو سلبية . فزيادة الدخل القومي لا تعني نمواً اقتصادياً عندما يزداد السكان بمعدل أكبر ، ونقص الدخل القومي لا تعني تخلفاً اقتصادياً عندما ينخفض عدد السكان . كذلك يتعذر الاستفادة من هذا المقياس حينما تنتشر الهجرة من وإلى الدولة . 2 – معيار الدخل القومي الكلي المتوقع : يقترح البعض قياس النمو الاقتصادي على أساس الدخل المتوقع وليس الدخل الفعلي ، فقد يكون لدى الدولة موارد كامنة غنية كما يتوافر لها الإمكانات المختلفة للإفادة من ثرواتها الكامنة ، إضافة إلى ما بلغته من تقدم تقني ، في هذه الحالة يوصي بعض الاقتصاديين أن تؤخد في الاعتبار تلك المقومات عند قياس حجم الدخل . غير أن هذا المعيار توحيه إليه نفس المأخذ التي توجه للمعيار السابق ، فضلاً عن صعوبة وتقدير وقياس تلك الثروات الكامنة والمتوقعة في المستقبل . 3 – معيار متوسط الدخل : يعتبر متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي أكثر المعايير استخداماً وأكثرها صدقاً عند قياس مستوى التقدم الاقتصادي في معظم دول العالم . إلا أن هناك عديد من المشاكل والصعاب التي تواجه الدول النامية للحصول على أرقام صحيحة تمثل الدخل الحقيقي للفرد ، من بين هذه الصعاب ، أن إحصاءات السكان والدخول غير كاملة وغير دقيقة ، وكذلك فإن عقد المقارنات بين الدول المتخلفة أمر مشكوك فين صحته ودقته ، نظراً لاختلاف الأسس والطرق التي يحسب على أساسها . وقضية أخرى – وليست أخيرة – هي هل نقسم إجمالي الدخل القومي على جميع السكان أو نقسمه على السكان العاملين Working force دون غيرهم . فحساب الدخل لجميع السكان مفيد من نواحي الاستهلاك وحساب الدخل لقوة العمل دون غيرهم من نواحي الانتاج . ويعتقد الأستاذ كندلبرجر Charles Kindleberger أن الاهتمام بصدد التنمية يتعين أن يوجه إلى الإنتاج وليس إلى مستوى المعيشة أي إلى الدخل المنتج وليس إلى الدخل المنفق ، وعلى العكس فإن جمهور الاقتصاديين يتمسك بمتوسط نصيب الفرد من الدخل ، باعتباره المعيار الذي يجب الأخذ به لأن الهدف النهائي من التنمية هو رفع مستويات المعيشة ومستويات الرفاهية . ويقاس النمو الاقتصادي مبدئياً باستخدام ما يسمى بمعدل النمو البسيط ويمكن الحصول عليه عن طريق المعادلة الأتية : الدخل الحقيقي في الفترة الحالية – الدخل الحقيقي في الفترة السابقة معدل النمو× 100 الدخل الحقيقي في الفترة السابقة فإذا فرضنا أن متوسط الدخل الحقيقي للفرد في بلد ما كان 500 دولار في عام 1985 ارتفع إلى 600 دولار في عام 1986 فإن : معدل النمو في هذا البلد = 600- 500 × 100 500 ..................................................................................................... أي أن نصيب الفرد من الدخل الحقيقي زاد بمعدل 20% ، إلا أن هذا المعدل يصلح فقط لقياس النمو في الدخل بين فترتين زمنيتين متتاليتين ، ولا يصلح لقياس متوسط معدل النمو خالمركب . فإذا كان متوسط الدخل الحقيقي عام 1985 = ل0 ، ثم بلغ في العام العشر (1994 ) ل1 ، فيمكن حساب معدل النمو السنوي المركب (م) بالطريقة التالية : ...................................... ودون التقيد بفترة زمنية معينة : 4 – معادلة سنجر Singer للنمو الاقتصادي : وضح الأستاذ سنجر معادلة للنمو الاقتصادي في عام 1952 ، ولقد وصل إلى تلك المعادلة بمساعدة الأعمال التي قام بها في هذا الصدد غيره من الاقتصاديين مثل هكس وهارود – دومار . وعبر سنجر عن معادلة النمو بأنها دالة لثلاثة عوامل هي : أ – الادخار الصافي Net Saving ب – إنتاجية رأس المال Productivity of Capital جـ - معدل نمو السكان Population Growth وتتخذ هذه الدالة الشكل الآتي : D = SP - R حيث : D هي معدل النمو السنوي لدخل الفرد S هي معدل الادخار الصافي ، P هي انتاجية رأس المال ، R هي معدل نمو السكان السنوي . معدل النمو السنوي دخل الفرد = ( معدل الادخار الصافي × إنتاج ية الاستثمارات الجديدة ) – معدل نمو السكان . وقد أورد سنجر قيماً عددية لهذه المتغيرات إذ افترض : أن معدل الادخار الصافي (S) = 6% من الحندخل القومي وأن إنتاجية الاستثمارات الجديدة (P) = 0.2% وأن معدل النمو النمو السنوي (R) = 1.25% إلا أن لنا على هذه التقديرات بعض الملاحظات : أ – أن نسبة الادخار الصافي من الدخل القومي (6%) تعتبر مقبولة وقت صياغة سنجر لمعادلته ، أما في الوقت الحاضر فإن الدول النامية في مقدورها ادخار نسبة أكبر . ب 0 قدر الأستاذ سنجر معدل النمو السكاني بحوالي 1.25% وهذا الرقم أقل كثيراً من المعدلات السائدة في الدول النامية حالياً ، إذ تقدر بحوالي 2.3% في الدول النامية عامة ، 1.8% في مصر . جـ _ قدر الأستاذ سنجر إنتاجية الاستثمارات السائدة بحوالي 0.2% وهي نسبة منخفضة ، وتقل كثيراً عن المحقق في معظم الدول النامية ، ولقد قام أحد الباحثين – في دراسة لنيل درجة الدكتوراه – بتقديرها في مصر وتركيا بما يعادل 0.6% . وعلى ذلك فإن معدل النمو السنوي لدخل الفرد في الدول النامية طبقاً لتقدير سنجر : معدل النمو السنوي لدخل الفرد = ( 0.6 × 0.2 ) – 1.25 = - 0.05% بمعنى أن الدول النامية تحقق معدلاً سالباً للنمو ( - 0.05% ) أما في مصر (1) ، وطبقاً للتعديلات المقترحة فإننا نجد أن : معدل النمو السنوي لدخل الفرد = ( 12 × 0.4 ) – 1.8 = 3% سنوياً ويزيد هذا المعدل حالياً ، إذ يقدر بحوالي 4.5% سنوياً في عام 2005 . ثانياً : المعايير الاجتماعية يقصد بالمعايير الاجتماعية عديد من المؤشرات الخاصة بنوعية الخدمات التي تعايش الحياة اليومية لأفراد المجتمع وما يعتريها من تغيرات ، فهناك الجوانب الصحية والجوانب الخاصة بالتغذية ، وكذلك الجوانب التعليمية والثقافية . ولا شك أن الدول النامية تعاني من نقص ملموس في الخدمات الصحية ، وعدم كفاية وكفاءة المؤسسات التعليمية ، ونقص الغذاء . وسوف يتم تناول أهم المؤشرات في هذه الجوانب كما يلي . المعايير الصحية : من أهم المؤشرات التي تستخدم لقياس مدى التقدم الصحي بالمجتمع ما يلي : أ عدد الوفيات لكل ألف من السكان ، عدد الوفيات لكل ألف طفل من السكان ( معدل الوفيات للأطفال دون الخامسة – معدل الوفيات من الأطفال الرضع ( أقل من سنة ) ) فارتفاع معدل الوفيات يعني عدم كفاية الخدمات الصحية وعدم كفاية الغذاء وسوء التغذية ، وكل هذه من صفات التخلف ب – معدل توقع الحياة عند الميلاد ، أي متوسط عمر الفرد ، فكلما زاد دل ذلك على درجة من التقدم الاقتصادي ، وكلما انخفض دل ذلك على درجة من التخلف الاقتصادي . جـ - كذاك توجد مؤشرات عديدة أخرى نذكر من بينها عدد الأفراد لكل طبيب وعدد الأفراد لكل سرير بالمستشفيات وهكذا . 2 – المعايير التعليمية : سبق أن رأينا أهمية التعليم وأثره الواضح على جانبي الإنتاج والاستهلاك ، وأكدنا على أن هنالك إجماع على أن الإنفاق على التعليم يمثل استثماراً وليس استهلاكاً ، وأن هذا الضرب من الاستثمار – الاستثمار البشري – يحقق عائداً مرتفعاً سواء للأفراد أو للمجتمع ككل . ومن أهم المؤشرات التي تستخدم في التعرف على المستوى التعليمي والثقافي بالمجتمع ما يلي : أ – نسبة الذين يعرفون القرأءة والكتابة من أفراد المجتمع . ب – نسبة المسجلين في مراحل التعليم المختلفة من أفراد المجتمع . جـ - نسبة المنفق على التعليم إلى إجمالي الناتج المحلي ، وكذلك إلى إجمالي الإنفاق الحكومي . 3 – معايير التغذية : سبق ورأينا أن عديداً من الدول النامية غير قادرة على توفير الغذاء الأساسي لسكانها ، مما يؤدي إلى تعرضها إلى نقص التغذية أو سوء التغذية وما يترتب على ذلك من ضعف قدرتها الإنتاجية ، ومن ثم ، انخفاض مستويات الدخول فيها . ومن أهم المؤشرات التي تستخدم للتعرف على مستوى التغذية بالمجتمع ما يلي : أ – متوسط نصيب الفرد من السعرات الحرارية . ب – نسبة النصيب من السعرات الحرارية إلى متوسط المقررات الضرورية للفرد . 4 – معيار نوعية الحياة المادية : The Physical Quality of Life Index رأينا أن المعايير الصحية والتعليمية والخاصة بالتغذية وهي جميعاً معايير فردية تعتمد على ناحية اجتماعية بذاتها . أما ما نحن بصدده وهو معيار نوعية الحياة المادية ، والذي وضعه مجلس أعالي البحار بواشنطن عام 1977 فهو معيار اجتماعي مركب يتضمن أكثر من جانب من جوانب الحياة ، ولذا ، فإنه أكثر شمولاً مقارنة بالمعايير الفردية – سالفة الذكر – ويتكون هذا المعيار من ثلاثة مؤشرات فرعية هي : أ – توقع الحياة عند الميلاد ( مؤشر صحي للكبار ) . ب – معدل الوفيات بين الأطفال ( مؤشر صحي للصغار ) . جـ - معرفة القراءة والكتابة ( مؤشر تعليمي ) . ويتم حساب معيار نوعية الحياة المادية وفقاً للخطوات التالية : (1) يتم تجميع بيانات عن المؤشرات الثلاثة سالفة الذكر في الدول المراد قياس معيار نوعية الحياة المادية بها .د (2) يتم إعطاء رتباً تنازلية أو تصاعدية لكل دولة في كل مؤشر ويلاحظ أن هذا المعيار يقارن بين درجة التقدم فيما بين الدول وبعضها ويحدد أيها أكثر تقدماً مقارنة بالدول الأخرى . غير أن هذا المعيار يعاني من بعض أوجه القصور وهي أنه : • يركز على بعض وليس كل جوانب الحياة . • يهتم بالنتائج دون أن يتعرض للجهود المبذولة في تحقيقها . • يعطي المؤشرات الثلاثة المكونة له أوزاناً نسبية متساوية . • يهمل المؤشرات الاقتصادية والمتمثلة في مستويات الدخل والناتج . 5 – دليل التنمية البشرية ( Human Development Index ) : وهو مقياس حديث نسبياًتوصل إليه برنامج الأمم المتحدة في عام 1990 ، ويعد دليل التنمية البشرية من المعايير المركبة ، حيث يتكون من ثلاثة معايير جزئية أو فرعية وهي : أ – معيار العمر المتوقع عند الميلاد ( مؤشر صحي ) . ب – معيار التحصيل العلمي ( مؤشر تعليمي ) . ويتكون بدوره من معيارين جزئيين وهما : معرفة القراءة والكتابة بوزن نسبي ( ⅔ ) ، ومتوسط عدد سنوات الدراسة في المؤسسات التعليمية بوزن نسبي ( ⅓ ) . جـ - معيار متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي ( مؤشر اقتصادي ) . ويتم حساب معيار دليل التنمية البشرية وفقاً للخطوات التالية : (1) يتم تحديد القيمة الدنيا والقيمة القصوى للمعايير الثلاثة الجزئية سالفة الذكر على مستوى العالم ، والمحددة من قبل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة . (2) يتم حساب الأدلة الجزئية الثلاثة في الدولة المراد حساب دليل التنمية البشرية بها كما يلي : أ – دليل العمر المتوقع (ق) = متوسط العمر المتوقع في الدولة – الحد الأدني للعمر المتوقع في العالم الحد الأقصى للعمر المتوقع في العالم – الحد الأدنى للعمر المتوقع في العالم ب – دليل التحصيل العلمي ، ويتكون من جزئيين : • دليل معرفة القراءة والكتابة = معرفة القراءة والكتابة في الدولة – الحد الأدنى لمعرفة القراءة والكتابة في العالم الحد الأقصى لمعرفة القراءة والكتابة في العالم – الحد الأدنى لمعرفة القراءة والكتابة في العالم ويعطي لهذا الدليل وزن نسبي ( ⅔ ) • دليل متوسط عدد سنوات الدراسة = عدد سنوات الدراسة بالدولة – الحد الأدنى لعدد سنوات الدراسة في العالم الحد الأقصى لعدد سنوات الدراسة في العالم – الحد الأدنى لعدد سنوات الدراسة في العالم ويعطي لهذا الدليل وزن نسبي ( ⅓ ) . دليل التحصيل العلمي ( ع ) = ( دليل معرفة القراءة والكتابة × 2 )+ ( دليل متوسط عدد سنوات الدراسة × 1 ) 3 ح – دليل متوسط الدخل ( ل ) = متوسط الدخل الحقيقي في الدولة – الحد الأدنى لمتوسط الدخل في العالم الحد الأقصى لمتوسط الدخل في العالم – الحد الأدنى لمتوسط الدخل في العالم (3) يتم حساب دليل التنمية البشرية في الدولة كمتوسط حسابي بسيط للأدلة الفرعية الثلاثة سالفة الذكر . دليل التنمية البشرية في الدولة ( ت) = ق+ع+ل 3 وتتراوح قيمة دليل التنمية البشرية فيما بين الصفر والواحد الصحيح . وكلما اقترب هذا الدليل من الواحد يعكس أن الدولة أكثر تقدماً في مجال التنمية البشرية ، والعكس صحيح . وتصنف الأمم المتحدة الدول وفقاً لدليل التنمية البشرية إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي : المجموعة الأولى : دول ذات مستوى مرتفع من التنمية البشرية وتكون قيمة ت ≥ 0.8 المجموعة الثانية : دول ذات مستوى متوسط من التنمية البشرية وتكون قيمة 0.5 ≤ ت > 0.8 المجموعة الثالثة : دول ذات مستوى منخفض من التنمية البشرية وتكون قيمة ت < 0.5 ويعد دليل التنمية البشرية من أفضل المعايير لقياس درجة التقدم الاقتصادي والاجتماعي ، ومن ثم ، عملية التنمية ككل . لأنه يتضمن عديداً من الجوانب سواء الاجتماعية أو الاقتصادية معاً • دليل نسبة القيد بالمدارس = 82 – صفر = 0.82 100 – صفر دليل التحصيل العملي = (0.97×2 ) + ( 0.82×1 ) 3 = 0.92 حـ - دليل متوسط نصيب الفرد من الدخل (ل) = 6140- 100 = 6040 = 0.97 6311-100 6211 د – دليل التنمية البشرية ( ت ) = ق+ع+ل 3 ت = 0.88+0.92+0.97 = 2.77 = 0.92 3 3 2 – دليل التنمية البشرية مرتفع ويقترب من الواحد ، لذا فإن هذا يعني أنها قطعت شوطاً كبيراً في عملية التنمية البشرية وتكون في مجموعة الدول ذات المستوى المرتفع من التنمية البشرية وذلك لأن قيمة ت > 0.8 بها . ومن أهم المجالات التي يتم فيها استخدام دليل التنمية البشرية ما يلي : 1 – يستخدم دليل التنمية البشرية في مسألة الحكومات بشأن التقصير في الأداء فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية الضرورية ، وذلك من خلال مقارنة أداء الدولة بغيرها من الدول في مجال التنمية البشرية ، حيث يخلق حافزاً للنقاش الوطني فيما يتعلق بمصلحة الأفراد . 2 – يستخدم في توجيه الإتفاق الاجتماعي للأولويات ، فمن خلال مكونات الدليل يتم الكشف عن مواطن القصور فيما يتعلق بالخدمة الاجتماعية ، مما يساهم في عدة دول مثل : باكستان وتونس وغانا ومصر وعديد من الدول في أمريكا الوسطى . 3 – إلقاء الضوء على درجة التفاوت في مستويات التنمية البشرية داخل الدولة الواحدة . فعلى الرغم من أن هذه التفاوت قد يكون معروفاً إلا أن دليل التنمية البشرية يستطيع أن يبرزها بوضوح ، حيث يوضح الفرق في مستويات المعيشة بين المناطق الريفية والحضرية وبين الفئات الاجتماعية المختلفة ، ففي مصر أصبحت التقارير الخاصة بالتنمية البشرية التي تقوم بتحليل التفاوت بين المحافظات والأقاليم المختلفة ، وبين الريف والحضر وبين المرأة والرجل أداة فعالة لدعم القرارات فيما يتعلق بالسياسة الوطنية وتوزيع الموارد بين المناطق المختلفة ، فمنذ أن بدأت مصر نشر أول تقرير للتنمية البشرية عام 1994 تمكن محافظي مصر من الاجتماع لمناقشة هذا التفاوت في التنمية البشرية بين المحافظات وداخل المحافظة الواحدة ، وترتب على هذه المناقشات نتائج من أهمها وضع استرتيجيات للحد من ذلك التفاوت بالتركيز على الأولويات البشرية داخل المحافظات وإعادة توزيع المواد في اتجاه المناطق التي تنقصها الخدمات ، حتى يتمكن الجميع من المشاركة في ثمار عمليات التنمية . 4 – تشكيل سياسات المعونة المقدمة للدول المختلفة ، حيث تفكر عديد من الدول المانحة للمعونة استخدام دليل التنمية البشرية كأساس لتقديم المعونة إلى الدول الأكثر احتياجاً لها ، وإلى الأنشطة أو المجالات الأكثر أولوية الدولة نفسها . 5 – يتيح دليل التنمية البشرية أنواع جديدة من المقارنة بين الدول المختلفة ، حيث يمكن من خلاله إيضاح الدول التي استطاعت ترجمة النمو الاقتصادي إلى تنمية بشرية حقيقية والدول التي لم تتمكن من ذلك ،وقد تكون المقارنة بين دول متقدمة وبعضها البعض أو بين دول نامية . ثالثاً : المعايير الهيكلية كانت الدول الصناعية المتقدمة تعمل خلال فترة طويلة من الزمن على توجيه اقتصاديات الدول النامية – التي كانت معظمها آنذاك تحت سيطرتها سواء السياسية أو الاقتصادية – نحو إنتاج المنتجات الأولية – الزراعية والمعدنية – حتى يتسنى لها الحصول عليها بأسعار ملائمة . وكذلك حتى تبقى على أسواق تلك الدول لتسويق منتجاتها من السلع الصناعية بها . إلا أن هذا الوضع لم يعد مقبولاً منذ الفترة التالية للحرب العالمية الثانية وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها : حصول معظم تلك الدول على استقلالها وسعيها نحو التحرر من تبعيتها الاقتصادية والسياسية للدول المستعمرة ، وكذلك نتيجة لتراجع أسعار المنتجات الأولية وتدهور شروط التبادل التجاري في غير صالحها . ومن هنا اتجهت معظم الدول النامية إلى إحداث تغييرات هيكلية في بنيانها الاقتصادي عن طريق الاهتمام بالتصنيع بهدف توسيع قاعدة الإنتاج وتنويعه . وقد ترتب على ذلك إحداث تغييرات واضحة في الأهمية النسبية لقطاعات الاقتصاد القومي المختلفة بهذه الدول ، كما أثر ذلك على هيكل الصادرات والواردات وفرص العمل بها . وبناءاً على ذلك فإن من أهم المؤشرات – الناجمة عن التغير في الهيكل والبنيان الاقتصادي – التي يمكن استخدامها كمقياس للتقدم والنمو الاقتصادي في الدولة يتمثل في : أ – الوزن النسبي للناتج الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي . ب – الوزن النسبي للصادرات الصناعية إلى الصادرات السلعية . جـ - نسبة العمالة في القطاع الصناعي إلى إجمالي العمالة . وكلما ارتفعت هذه النسب في الدولة ، فإن هذا يعني أن الدولة قد حققت تغيرات إيجابية في بنيانها الاقتصادي وهيكل الإنتاج بها ، وبالتالي ، يعكس هذا الأمر زيادة درجة التقدم والنمو الاقتصادي بها ، والعكس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 6456 مشاهدة
نشرت فى 19 أغسطس 2014 بواسطة mohamadmahdi

عدد زيارات الموقع

13,633