تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

authentication required

برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه

كفاك ولولة وجلداً لشعبك يا جلاد

                                          بقلم                                          

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected] ، 6 أكتوبر، 2011

صبرنا بالأمس على مقالك "مصر باتت حرة"، ثم فجعنا اليوم بالجزء الثاني الذي لم يضف شيئا في يوم عيد نصر أكتوبر إلا أنك ركزت فيه على مصيبة الإعلاميين، كل ذلك لتعدد لنا ما نحن فيه من أزمات فشل المرحلة الانتقالية في تحقيق أهداف الثورة مرجعا كل الأسباب إلى مصر وشعبها، ولم تذكر في المقالين من يدير المرحلة الانتقالية كمسئول أول عن تلك العوارات.

الإعلاميون كما وصفتهم بالتلون والانتهازية والنضوب الثقافي، كما بقي في ذهني من معان لكلماتك، لا تساعدهم أنت بصفتك زعيما لهم كرئيس تحرير ربما لأكبر جريدة بمعيار التوزيع، ولم تبدع ملكاتك أي حل لمواجهة هذه الأزمة. هذه هي الأزمة الحقيقية للإعلاميين ومعظم الكتاب المشهورين العظام حتى أمثال الأستاذ فهمي هويدي، والاستاذ الدكتور جلال أمين، وحتى الأستاذ هيكل نفسه حيث يبدع هؤلاء في كتاباتهم بصورة سردية مسلية تصلح للعجزة الجالسين في النوادي يتسلون بقراءة الجرائد وتصلح لأعضاء حزب الكنبة الذين لا يهمهم إلا الولولة أيضا والحديث عن جرائم المجرمين بجميع أطيافهم، ويريحوا أنفسهم بخلاصات اليأس والعوض على الله. طبعا لا أنكر وجود أبطال مناضلين مبدعين من الإعلاميين أمثال الأسواني وبلال وعيسى وطاهر وأمين وغيرهم كثير. ولكي أوضح ما أقول قارن بين مقالك "مصر باتت حرة" ومقال بلال فضل اليوم في التحرير "رسالة من الجندي المجهول" وهي موجهة من هذا الجندي إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، التي تنتهي برمز إلى فعل مبتكر، حيث تخلص المقالة بهذه الكلمات:

"لن أعود إلى ضريحي ثانية، سأبقى هنا مع أبنائي الغاضبين المحبطين المرهقين المكدودين الآملين الحالمين، سأتركهم ينتهون من هتافهم الغاضب «يسقط يسقط حكم العسكر»، لأهتف بعلو صوتي الحزين على كل ما جرى ويجرى «الجيش والشعب إيد واحدة»، وفى أيديكم أنتم وحدكم يتوقف ما إذا كانوا سيرددون الهتاف من خلفي بنفس الحماس الذي فرحنا به قبل أشهر ثم أضعناه من بين أيدينا."

أنت يا سيد جلاد تولول وتسرد، أما بلال فينظر إلى موطن الداء ويعالج. وهذا ما نحتاجه من إعلامنا في هذه المرحلة، التوقف تماما عن الولولة فالشعب ليس في حاجة إلى مزيد من التيئيس أو إلي مزيد من الإحباط. وانظر أيضا يا أستاذ مجدي إلى التفرق على أتفه الأسباب، ومثال ذلك السيناريوهات التي اقترحها ائتلاف شباب الثورة الثلاثة وسيناريو مرشحي الرئاسة. أهل يجب أن نقضي الساعات والساعات لمناقشة هذه الفروق التافهة أم لأن نسعد بوجود توجه عام واحد وهو الاتفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية حتى منتصف العام القادم بصفة عامة، ثم نبدأ في التفكير في توحيد الموقف والتوجه إلى المجلس العسكري وكيفية الضغط عليه بالحسنى من أجل تحقيق ما هو في مصلحة مصر وشعبها وجيشها منافسين في ذلك مستشاريه من أنصار النظام السابق.

الفرق الجوهري فقط في كل هذه القصة هو هل نكون الدستور قبل انتخابات الرئاسة كما يصر على ذلك البرادعي ويؤكد حمزاوي أيضا على ذلك، أم نجعله بعد الرئاسة أو بالتوازي مع الرئاسة كما يرى بقية مرشحي الرئاسة. وهنا أيضا أتفق تماما مع الدكتور البرادعي فالرجل يريد أن يعرف أين يمكنه بناء الدولة وليس مجرد رئاسة الجمهورية ويحلها ربنا بعد ذلك. إذا كانت الدولة رئاسية سيقرر حينئذ أن يترشح أما إذا كانت برلمانية فسيتنازل عن شرف وأبهة رئاسة الجمهورية لمن يريدها وهنيئا له بها، ثم يسعى هو ليكتفي برئاسة الوزراء ولكن هنا فقط يمكنه أن يخدم مصر ويساهم في بنائها بالفعل وليس من مقعد رئيس الجمهورية الشرفي. ثم هل ينزل الحكم إلى أرض الملعب وبه لاعبو الفريقين و100 ألف متفرج ثم يضع قوانين اللعب أو يخترعها وهو في الملعب؟ أم ينزل الملعب ليطبق قوانين الفيفا ودساتير كرة القدم المقررة أولا؟ والمفروض أن يكون بقية مرشحي الرئاسة بهذا الشكل إذا كانوا مخلصين فعلا لبناء مصر وليس لمجرد اعتلاء كرسي رئاسة الجمهورية، كما لا يجب عليهم أن يحولوا نبل البرادعي وإخلاصه إلى نقيصة بقولهم "أيريد مرشح واحد أن يعطلنا حتى يتخذ قراره؟"،  أي عطل هذا، شهر أو شهران؟ يا من جلستم صابرين ستين عاما في حكم شمولي دكتاتوري؟ حبكت؟

وعودا إلى رأس المقال، أقترح عليك يا زعيم الإعلاميين وإخوتك وأخواتك:

<!--أن يلتمس رئيس التحرير من كتابه أن يراعوا ليس مجرد المنهج السردي الإخباري ولكن أن يحاولوا أن يبدعوا باقتراح الحلول والتوجهات المطلوبة قدر الإمكان وبث روح الأمل وروح الثورة في شباب وشعب مصر.

<!--أن يقيم رئيس التحرير مع كتابه على جلسة عشاء في أحد الفنادق أو الأندية الفاخرة لضمان الحضور لقاءً شهريا يتناقشون فيه حول الإبداع والتوافق في مواجهة القضايا السياسية والتأكيد على منهج الإعلام الموجه نحو حل المشكلات ومواجهة الأزمات وتأكيد روابط المودة والألفة بين الإعلاميين.

<!--التأكيد والسعي الحثيث لإتمام تأسيس نقابة الإعلاميين التي أعتقد أنه قد بدأت الإجراءات فيها جديا خاصة بعد ثورة 25 يناير، والحمد لله، فمن العار ألا يكون للإعلاميين نقابة شاملة تتعدى مجرد الصحافة حتى الآن، ونحن نرى ما للإعلام من تأثير هائل على بناء الدولة والتي نحن مقبلون عليها بعد انتخابات الرئاسة إن شاء الله والتحول إلى دولة مدنية على طريق التنمية. وستكون النقابة بكل تأكيد حائط صد رهيب أمام الاعتداء على حرية الإعلام من جانب ثقافة الاستبداد والشمولية والدكتاتورية التي ستظل معنا حتى بعد بناء مؤسسات الدولة وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.

<!--التدريب من الآن على العمل النقابي الفعال من خلال تنفيذ مقترح مطلوب جدا في هذه المرحلة الانتقالية وهو أن تتوجه يا أستاذ جلاد إلى من تراه زعيما محبوبا من الإعلاميين وتقترح عليه أن تكونوا ائتلافا، على غرار ائتلاف مرشحي الرئاسة الآن، وذلك من زعماء الإعلاميين المقروءين والمسموعين والمرئيين يعقد اجتماعات دورية وطارئة، حسبما تقتضي الظروف، من أجل مناقشة قضايا المرحلة الانتقالية ومواجهتها بالإضافة إلى مناقشة القضايا الفئوية الإعلامية نفسها.

<!--تركيز الإعلام (75% من مساحته المكتوبة أو المرئية) خلال تلك الفترة الانتقالية على الحث على تحقيق مطالب الثورة وأهدافها، وذلك من خلال تقليص أخبار الفن والرياضة والحوادث والتيارات الدينية المتطرفة وأخبار الوجوه القبيحة الفاجرة التي لا تخجل من رموز النظام السابق وأعضاء قوائم العار وجماعات الغباء السياسي (آسفين يا ريس، وائتلاف روكسي المتخلف عقليا والوجوه الفلولية البازغة) إلى أن يتوبوا أو يعودوا لرشدهم. وربما تقترب قنوات الجزيرة مباشر والتحرير وس ب س إلى ما أتمناه في هذه النقطة. وأقول هنا لأصحاب القنوات الفضائية: كفاكم مادية وتحولوا إلى رأسمالية وطنية ثورية.

<!--ولنسأل نفسنا في النهاية، من أين يأتي نور التقدم والحداثة والبناء والتنمية؟ بكل تأكيد الإعلام هو أهم المصادر الشمسية النورانية. ومن ثم فعلى الإعلامي ألا يكتفي بأداء مهمته مثل الطبيب الذي لا يقرأ ولا يداوم على البحث وحضور المؤتمرات. فالإعلامي لا يبدع إذا لم يكن قارئا، حتى يكون واعيا، حتى يكون شاعرا محتشدا بالفكرة والرسالة، ثم حينئذ ستكون رسالته صادقة واعية تضرب المسمار على الرأس وتقود نحو النور.

ألا تستحق هذه النقاط حوارا فوريا جادا من جانب نبض الإعلام الوطني المخلص والمفكرين المبدعين من مثقفي مصر حتى نخرج من هذا المستنقع الكئيب؟

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

93,482