تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

الموقف الحساس للمجلس العسكري ولكن...

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754             15/6/2011

[email protected]

كلنا يعلم أن الطاغية مبارك وكهنته الشياطين كانوا يعتمدون حفاظا على ملكهم على الإثراء الفاحش والإفساد المقصود لأهل القمة في جميع مؤسسات الدولة القضائية والتنفيذية والتشريعية. وهذا نوع من الرشوة لأهل القمة. ولكن كانت صور هذه الرشوة تختلف حسب طبيعة الجهة، فكانت تكون إما في صورة مرتبات متميزة لفئة معينة، وهذا أقل أنواع الرشوة، أو كانت تترك دون رابط ولا حدود، وهنا ندخل في عالم الفساد الذي يمثل القاعدة السرطانية المنتشرة في أجهزة الدولة. وكان الجيش لا يدخل في عالم الفساد هذا لأن مبارك كان علي حسب قول زميل مسجد لي، وهو لواء أركان حرب على المعاش، والله شاهد على ما أقول، كانت قياداته العليا تأخذ ما يسمى بـ "بدل ولاء"، وكان هذا لا يقارن بما يحصل عليه قيادات الشرطة العليا مثلا وهي أرقام فلكية حسب ما نسمع.

قامت الثورة وفوجئ الجميع بها، ولم يكن الجيش شاذا بهذه المفاجأة. ماذا يفعل الجيش أمام الولاء لنظام الحكم السابق آنذاك، وهو ما لا يلام عليه طبعا، وأمام ثورة الشعب وإرادته؟ اختار الجيش والحمد لله أن يكون بجوار الثوار وأن يحمي الثورة بمطالبها المشروعة وأن ينضم لكفة الشعب في مواجهة مبارك ونظامه الفاسد.

وأصبح الجيش أمام مفترق طرق ثلاثة: إما أن يكون ثوريا كأنه هو القائم بالثورة مع الشعب تماما، وهنا سيكون له منهج ثوري لإدارة الفترة الانتقالية للدولة، أو أن يقف ضد الثورة ويفعل ما يفعله أغبياء سوريا وليبيا واليمن، وهذا ما لم يتم كما يليق بجيش مصر العظيم بشهادة الرسول الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام عندما وصف جندها بأنهم "خير أجناد الأرض". أما الطريق الثالث، والذي يبدو أن الجيش قد اختاره، فهو الإبحار بمركب متهالك، أو السير بدابة عرجاء إلي أن يسلمها في أفضل حال ممكن لقيادة دولة مدنية ديمقراطية تتولى هي بناء هذه الدولة كما يمكن لدولة ديمقراطية حديثة.

أنا بطبيعة الحال كنت أتمنى أن يتخذ الجيش المنهج الثوري بما فيه من مخاطر محلية وإقليمية وعالمية سواء من ناحية النظام المحلي القوي الفاسد بما فيه الشرطة ذات الشوكة الهائلة آنذاك، أو من ناحية النظام الإقليمي وعلى رأسه إسرائيل والقوى الرجعية بالمنطقة العربية، أو عالمية من ناحية أمريكا وأوروبا وغير ذلك، وذلك لأن الشعب قوة يمكن الرهان عليها دائما، والتاريخ يشهد.

المهم أن الجيش قد اتخذ الخيار الوَسَطي، ونحن لا نلومه عليه بالرغم من استمرار قوى النظام السابق التي تمنع تحقيق أهداف الثورة حتى الآن. ولكن لنا مطالب تتعلق بتسليم الدولة للحكومة المدنية على أفضل وضع ممكن يا سيادة المشير ويا سادة المجلس العسكري، وهذا ما سوف ينسب إليكم ويحاسبكم التاريخ عليه مستقبلا:

<!--لا تسلموها بفيروساتها (القيادات العليا المستفيدة حتى الآن) وأنتم قادرون على القضاء عليها مثل تكليف الوزارات بتغيير هذه القيادات بدءًا من القمة إلى القاعدة، وضرورة التطبيق الفوري للحد الأقصى للأجور، وإرواء الفقراء أثابكم الله بالحد الأدنى للأجور، وتطبيق الضريبة التصاعدية فورا.

<!--لا تسلموها دون انضباط أمني صارم، والعجيب أن يتساءل الفرد: من غيركم يستطيع تحقيق ذلك وأنتم متشربون ومعتمدون علي ثقافة الأمن والانضباط والثواب والعقاب؟

<!--لا تسلموها دون مبادئ دستورية عليا قبل الانتخابات، نعلمها ونتفق عليها جميعا حتى لا يشكل الدستور على حسب الأقوياء وتضيع الدولة الديمقراطية المدنية.

<!--لا تسلموها والإخوان وأذناب الحزب الوطني السابق يهيمنون على الإرادة الشعبية السياسية.

<!--لا تسلموها دون وقود بشري للبناء والتنمية، وقد خبت جذوة الحماس والتضحية والفداء وروح الثورة التي جعلت أمثالي يشاركون سياسيا لأول مرة.

<!--لا تسلموها بديون جديدة للبنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو غيرهما حتى للسعودية نرجوكم.

<!--لا تسلموها وهي حبلى (حامل) بالفتنة الطائفية والتوتر الديني والانقسام الطائفي داخل الدين الواحد.

<!--لا تسلموها دون استجابة حقيقية للعقلاء المخلصين أمثال الدكتور البرادعي وأعضاء المجلس الوطني الذي أسسه الدكتور ممدوح حمزة وشباب مصر الذي يدين له الشعب بإشراق نور الثورة.

وسيادتكم يا سيادة المجلس الأعلى تتساءلون: ألا نفعل كل ذلك؟ أقول نعم ولكن بنسبة 30% فقط في رأيي المتواضع، علما بأن تحقيق السبعين في المائة الباقية لا يتطلب إلا أمرا بسيطا جدا، لا يتطلب مَكلَمَات ولا حوارات، ألا وهو الإرادة السياسية الصارمة من جانب سيادتكم.

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,105