«إدمان الإنترنت» مرض العصر الجديد
* إعداد: سناء ثابت
مثل إدمان المخدرات وإدمان الكحول أو السجائر، هناك أيضاً إدمان الإنترنت.
نعم، إن للعصر أمراضه مثلما له فوائده، وكلها مرتبطة بالنهضة التكنولوجية التي يعيشها كوكبنا حالياً.
وحسب خبراء نفسيين أميركيين، هناك الملايين في العالم اليوم مصابون بهذا الإدمان، فهل أنت واحد منهم؟
لوسي، 31 سنة، لا تستطيع أن تبتعد عن حاسوبها ساعة واحدة، حيث تمضي أمامه أكثر من عشر ساعات في اليوم، ولا تبتعد عنه إلا لكي تدخل الحمام أو لتذهب إلى النوم، وتخرج فقط لشراء الضروريات. أما الأكل فتتناول وجباتها وهي جالسة أمام الحاسوب. لوسي امرأة مطلقة حديثاً، وقد فقدت حضانة طفليها الصغيرين لمصلحة والدهما، لأن طليقها أثبت أمام المحكمة أنها مدمنة إنترنت ومهملة طفليها. كانت لوسي ولازالت تقضي أكبر جزء من وقتها أمام الحاسوب بين ألعاب الفيديو، والدردشات على النت والمشاركة في المنتديات الافتراضية، بل وزيارة مواقع إباحية. مأساة لوسي هذه، هي قصة حقيقية، ذكرتها على موقعها الإلكتروني الدكتورة ماريسا ريخت أورزاك، الأستاذة في علم النفس في جامعة هارفارد في أميركا، والمتخصصة في أنواع الإدمان الجديدة، ومؤسِّسة قسم أمراض إدمان الحواسيب في مستشفى ماك لين في بلمونت. فهي تتلقى يومياً رسائل واستشارات من عدد كبير من المهتمين بشكل مرضي باستخدام الإنترنت. لكن في العالم العربي، لازال هذا الإدمان المرضي لا يحظى بما يستحق من الاهتمام، رغم أنه فعلاً إذا نظرنا حولنا في الدول العربية، التي توفر خدمة الإنترنت بأسعار زهيدة، فسنجد الكثير من مدمني الإنترنت حولنا.
- تبعية:
نستعمل مصطلح إدمان الإنترنت للحديث عن الأشخاص الذين يعانون تبعية قوية لعالم الإنترنت، أي أولئك الذين يستعملون بوتيرة أكثر من العادية وسائل الاتصال التي توفرها شبكة الإنترنت، وتصبح حياتهم الخاصة والاجتماعية تدور كلها حول محور واحد، هو الاتصال بالشبكة العنكبوتية. فهم في أي مكان وُجدوا فيه يبحثون عن الإنترنت، ويسألونكَ: "هل هناك خدمة إنترنت هنا أم لا؟"، أكثر ما يشغلهم وما يبحثون عنه، هو أن يدخلوا الشبكة لكي يتواصلوا مع أشخاص آخرين أو يبحثوا عن معلومات أو يبحثوا عن ألعاب افتراضية أو حتى عن مواد إباحية. وإذا لم ينجحوا في العثور على خدمة الإنترنت في متناول اليد، فإنه يتملكهم قلق غير طبيعي، يشتت تركيزهم، ويمنعهم من الاستمتاع بأي شيء آخر، ويشعرون بنقص كبير حتى وإن لم يعترفوا بذلك علناً.
- مرض جديد:
تمّ نُطق مصطلح "إدمان الإنترنت" لأول مرة خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم النفس بتورونتو عام 1996، وقد قدمت فيه المتخصصة الأميركية كيمبرلي يانغ مداخلة بعنوان "إدمان الإنترنت: ظهور خلل صحي جديد". وبوضعها عدداً من مستخدمي الإنترنت تحت الملاحظة والدراسة توصلت هذه الباحثة إلى الآتي "إذا كان تفكيرك منشغلاً كثيراً بالإنترنت وتفكر في آخر مرة دخلت فيها إلى شبكة الإنترنت، والمرة المقبلة متى ستكون، وإذا كنت تشعر بأنك لا تشبع من الجلوس أما النت، وإذا كنت قد حاولت مرات كثيرة قبل اليوم أن تقلل من استخدامك النت وفشلت، وإذا كنت تجلس أمام الحاسوب أكثر من الوقت الذي خططت له، وإذا كنت يوماً ما قد عرّضت علاقتك بصديق أو قريب أو عرّضت عملك للخطر أو المشكلات بسبب الإنترنت، وإذا كنت تلجأ إلى الإنترنت للهروب من مشكلات الحياة اليومية، أو من أحاسيس سلبية، مثل الملل أو القلق أو الوحدة، فإنك بالتأكيد وصلت درجة إدمان الإنترنت".
- أعراض:
"هناك مجموعة من الأعراض التي تظهر على الشخص مدمن الإنترنت. يقول الدكتور الفرنسي جون شارل نايبي صاحب كتاب "إدمان الإنترنت في 60 سؤالاً" "وكلها علامات تبين أن المريض فقد السيطرة على وتيرة استهلاكه للإنترنت، وفقده السيطرة يجعله تدريجياً غير قادر على تدبير وتنظيم حياته الخاصة والاجتماعية بطريقة سليمة. ومن أكثر هذه العلامات انتشاراً، التي يسهل رصدها من قبل المصابين أنفسهم أو من قبل المحيطين بهم، الجلوس لفترات طويلة أمام الحاسوب، الكذب بخصوص الهدف من استعمال الإنترنت، أو نوعية النشاط الذي تُستخدم فيه، إهمال العلاقة بالأصدقاء وبالعائلة وتخصيص وقت للجلوس أمام الإنترنت أكثر من الوقت المخصص لقضائه مع الأصدقاء والأسرة، التغير السريع في المزاج على حسب، هل هناك خدمة إنترنت متوافرة أم لا؟".
- المراهقون أكثر:
يقول الدكتور نايبي إن الإنترنت "تمثل بالنسبة إلى بعض المراهقين ملجأ يهربون إليه من حياتهم الصعبة. وهنا، فإن المراهقين الخجولين والذين ليست لديهم الثقة الكافية بشكلهم الخارجي وبجاذبيتهم، والذين لا يتمتعون بعلاقات اجتماعية صحية، أو أولئك الذين يعود آباؤهم إلى البيت في وقت متأخر، هم الأكثر تعرضاً لخطر الوقوع في شرك إدمان الإنترنت". ويرجع تعلُّق المراهقين بالإنترنت في هذه الفترة من العمر إلى كون هذه المرحلة تكون مصحوبة في الغالب بالكثير من التساؤلات حول الهوية من قبيل: "هل أنا طفلة أم امرأة؟ هل يمكننَي أن أقع في الحب أم أني لاأزال صغيرة؟ هل أنا جميلة؟ هل يمكن أن يُعجب بي أحدهم؟ والتي يمكن العثور بسهولة على إجابات شافية لها عبر الإنترنت، وعبر أشخاص افتراضيين". أيضاً، الطلبة الذين يعيشون بعيداً عن أسرهم يكونون معرضين أكثر للوقوع في فخ إدمان النت، ومن السهولة بمكان أن يأخذ الحاسوب من حياتهم الوقت والمكانة الاجتماعية، اللذين كان يشغلهما الأهل أو الأصدقاء.
- الذكور والإناث:
بينت دراسة فرنسية، أنه إذا كان الرجال في أغلبهم يستعملون النت من أجل الألعاب الإلكترونية، وأحياناً الاطلاّع على مواد إباحية، فإن النساء يتجهن أكثر نحو مواقع التعارف الافتراضي، ويفضلن أن يبقين مستترات، وأن يضيعن وقتهن في الفضفضة أو حتى الثرثرة، تحت اسم مستعار، سواء عبر الإيمايل أم عبر الشات، وأيضاً يتجهن كثيراً إلى التسوق عبر المواقع الإلكترونية.
- نصائح:
"إن لكل مدمن نت قصة مختلفة عن قصص باقي المدمنين. وتتعلق أكثر بالأسباب الذي دفعته إلى الانشغال بالنت، والمتخصص النفسي وحده، يمكنه أن يحدد طريقة العلاج، انطلاقاً مما توصل إلى كشفه من أمرِ أسباب الإصابة بهذا النوع من الإدمان. لهذا لا يمكن توجيه نصائح موحّدة إلى الجميع"، يوضح الدكتور نايبي ويضيف: "غير أنه من الممكن إعطاء فكرة عامة، حتى يتمكن الأشخاص المعنيين من الوعي بحالتهم وتنظيم علاقتهم بالإنترنت". أولاً وقبل كل شيء، إن كنت تشكين في أنك من مدمني النت، فحاولي أن تستعلمي وتقرئي أو تسألي عن هذا النوع من الإدمان، وأن تراقبي وتحسبي الوقت الذي تقضينه أمام الحاسوب تُبحرين في النت أو تحدثين أصدقاءك أو حتى الوقت الذي تقضينه مثلاً في الألعاب الإلكترونية خارج نطاق الإنترنت. اعقدي العزم على أن تحددي ساعات معينة فقط تستعملين فيها النت، وسيكون من الأفضل أن لا تتجاوزي 10 ساعات أسبوعياً أمام الإنترنت، أيضاً إذا شعرت بأنك مدمنة نت، فحاولي أن تتحدثي في الأمر مع فرد من أسرتك، أو مع صديقة أو صديق، واطلبي أن يمدوا لك يد المساعدة لكي تتخطي هذا الإدمان، من جهة أخرى، حاولي أيضاً أن تعيدي وصل العلاقات الاجتماعية التي انقطعت، أو كادت تنقطع بسبب انغلاقك على نفسك في العالم الافتراضي، مثلاً أعيدي الاتصال بأصدقائك، الذين لم تريهم منذ فترة ولم تخرجي معهم، واسألي عن أقاربك الذين لم تريهم منذ فترة، أعيدي وصل ما انقطع وخصصي لهم بعضاً من الساعات، التي كنت تخصصينها للإنترنت، وأخيراً حاولي زيارة متخصص نفسي أو طبيب نفسي، إن وجدت أنك غير قادرة على إنجاح كل هذه المحاولات للانعتاق من قبضة هذا الإدمان.

المصدر: www.balagh.com
mkhaled

أدع من أستطعت فوالله لأن يهدى الله بك رجل واحد خير لك من حمر النعم

  • Currently 73/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 1400 مشاهدة
نشرت فى 4 أكتوبر 2010 بواسطة mkhaled

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

503,453