الإنترنت وسلامة الأطفال
|
|
|
د. ايمان حسين شريف
«من السهل جدا أن نقول أشياء فظيعة عن الناس على مواقع الإنترنت. لقد كانت تجربتي مؤلمة وأنا في السنة الدراسية العاشرة بالمدرسة، حيث يعانى العديد من الناس من (بلطجة) الإنترنت، التي تمتد تأثيراتها في المدارس. عندما يفعل الأصدقاء ذلك، فإنه أمر أفظع لأنه يسبب لك الكثير من الإزعاج، ويجعلك لا ترغب في الذهاب إلى المدرسة بالمرة» هذا الاعتراف لفتاة تبلغ من العمر 15 سنة، من كارديف ببريطانيا، نشر في تقرير بايرون عام 2008.
(فتاة تبلغ من العمر 15 سنة ، من كارديف ببريطانيا)، من تقرير بايرون عام 2008. إنشاء شبكة الإنترنت يعد واحدا من أكثر الاختراعات المدهشة والعبقرية في العالم. عبر الإنترنت أصبحنا قادرين على الاتصال بكل مكان، ومن أي مكان، للاكتشاف والتعلم والتواصل. الإنترنت الآن لديها تأثير كبير على المجتمع، ويعتقد أنها أصبحت أداة للتعليم والمعلومات، والترفيه والاتصالات. في دراسة أجرتها مؤخرا الدكتورة تانيا بايرون، اختصاصية علم نفس الأطفال وتنمية الطفل، بتكليف من رئيس الوزراء البريطاني، ظهر أن في بريطانيا وحدها 90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5-16 ولديهم جهاز كومبيوتر في المنزل، وفي دراسة أجريت عام 2005 ظهر أن 32% من الآباء يعتقدون أن شبكة الإنترنت تخضع لنظم وقوانين. ويقدر في أميركا أن 17 مليونا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما يستعملون الإنترنت، أي 75% من الشباب. وتشير الدكتورة تانيا في تقريرها إلى أن «المشكلة تكمن في أنه على الرغم من أن الكبار لديهم قدرة غريزية على حماية أطفالهم، فإنهم يفترضون أن قدرات أطفالهم التقنية ومعرفتهم بالأمور التكنولوجية ستمكنهم من الاعتناء بأنفسهم على الإنترنت. ولكن المعرفة ليست كالحكمة».
ما فوائد الإنترنت؟
* للإنترنت العديد من الميزات التي تفيد الأطفال والبالغين على السواء. بعض فوائدها للأطفال تشمل ما يلي:
1. أنها مصدر للمعلومات والمعرفة.
2. أنها أداة تعليمية للأطفال حيث يمكن مشاهدة وتعلم المعارف المفيدة.
3. أنها مصدر للتسلية من خلال الألعاب على الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
4. أنها مصدر للحصول على المعلومات عن العطلات، أو الأماكن المناسبة لقضاء يوم أسري خارج المنزل.
5. أنها مصدر لتبادل البيانات مع غيرهم من الأطفال، مثل الفيديو والموسيقى والصور.
6. أنها وسيلة اتصال للأطفال المعوقين، حيث يمكن أن يتحصل الأطفال الصم على معلومات من الإنترنت، ويمكن أن يلتقوا مع أصدقائهم ويتحدثوا بلغة الإشارة عبر كاميرا الويب.
7. أنها طريقة اتصال عبر البريد الإلكتروني والرسائل الفورية مع الأصدقاء والعائلة.
لماذا يمكن أن تشكل الإنترنت خطرا على طفلك؟
على الرغم من مزاياها العديدة، فإن عالم الإنترنت محفوف بالخطر على الطفل، وبالتالي يمكن أن تكون مصدر خير وشر، على حد سواء، لأنها تشبه «صندوق الباندورا» (كما في الأساطير اليونانية)، الذي عندما فتح بابه خرجت كل الشرور والأمراض، بالإضافة إلى الأمل. بعض أهم الأخطار تشمل ما يلي:
1. الاتصالات قد تسهل الاستغلال الجنسي للأطفال من ذوي النفوس المريضة، عن طريق علاقات أو مراسلات سرية.
2. التعرض لمواضيع لا تناسب سن الطفل، حين ينزل الأطفال، دون السن القانونية، مواد غير ملائمة، أو مزعجة، أو مشاهد عنيفة، مع العلم بأن هناك مواقع قد تمجد استخدام المخدرات أو الكحول أو العنف أو غيره من السلوكيات الخطرة، وبخاصة للفئات الضعيفة من الأطفال.
3. البلطجة السيبرية (cyberspace): تخويف الأطفال من قبل الأطفال الآخرين من خلال التكنولوجيات الجديدة، على نحو مؤلم ومزعج للطفل.
4. الصور والأفلام الممنوعة: من خلال الإنترنت هناك ارتفاع في سوق صور الاعتداء على الأطفال والصور الإباحية، والتي يمكن أن تسبب خطرا على الأطفال.
* بعض مجالات الاهتمام الرئيسية للطفل في شبكة الإنترنت:
غرف أو مواقع الدردشة، والرسائل الفورية: في بعض المواقع يستطيع الناس التخاطب المباشر مع الآخرين. الدردشة تشمل شخصين أو أكثر بكتابة التعليقات ذهابا وإيابا مثل المحادثة. ومخاطر الدردشة هي أنك لا تعرف مع من تتكلم في الشاشة، ويمكن لأي شخص أن يدعي أنه في عمر طفلك. وهنا يجد بعض ذوي النفوس المريضة فرصة لعقد صداقات مع الأطفال، ومحاولة اللقاء بهم أو الحصول على صور أو تفاصيل شخصية عنهم.
محركات البحث على الإنترنت: مثل هذه المواقع وجدت لمساعدة الناس على إجراء عمليات البحث، مثل غوغل، ولايف، وياهو، وغيرها، وقد يتمكن الطفل في بعض الأحيان من الدخول عن طريق الخطأ لمواقع عن طريق محرك البحث تحتوي على مواد ضارة أو غير مناسبة للأطفال. وأفادت دراسة قامت بها منظمة «ثشايلد وايز» البريطانية، أن 32% من الأطفال والبالغين في بريطانيا دخلوا عن طريق الخطأ لمواقع إباحية على الإنترنت، عبر محركات البحث.
يو تيوب: موقع به كميات ضخمة من مقاطع الفيديو، بعض المقاطع التي يفترض أن تكون للأطفال بها مشاهد غير ملائمة لهم.
البلطجة السيبيرية: كما ذكرت الطفلة من كارديف، البلطجة السيبيرية هي عبارة عن التحرش بالأطفال عبر الإنترنت، وعادة ما يكون الأطفال يعرف بعضهم بعضا، سواء في المدرسة أو من خلال مختلف المواقع الاجتماعية وغرف الدردشة، وبعضهم قد يسيء أو يعتدي على الطفل، حتى يشعر الطفل بالإحباط، ويفقد احترام الذات وثقته بنفسه. والمشكلة مع البلطجة السيبيرية هي أن أي طفل يمكن أن يفعلها للآخرين، لأنه يشعر بأنه محمي وراء الشاشة.
الشبكات الاجتماعية: مواقع مثل «فيس بوك» و«ماي سبايس» أصبحت مكانا عاما يمكن للناس أن يلتقوا فيه وأن يتواصلوا من خلاله. قد يضع الأطفال بعض تفاصيل حياتهم الشخصية أو صورا في هذه المواقع، لتبادلها مع أصدقائهم، ولكن المشكلة هي أنها ليست في مأمن؛ أي شخص قد يستطيع أن يصل إليها.
إدمان الإنترنت: يمكن أن يهتم الأطفال في بعض الأحيان بالكومبيوتر على حساب جوانب أخرى من حياتهم. وبعض المشكلات المرتبطة تشمل عدم النوم أو تناول الطعام بشكل منتظم، وتجاهل الدراسة، وانخفاض الأداء المدرسي، وتأثر العلاقات الأسرية.
ماذا يمكن أن يفعل الآباء؟
* كما رأينا، هناك العديد من المزايا لاستخدام الإنترنت للطفل، ولكن، للأسف، هناك أيضا مشكلات تتعلق باستعمال الإنترنت. كآباء وأمهات، لا يمكننا أن نمنع أطفالنا من استخدام الإنترنت، خصوصا أنه غني جدا بالفوائد. ولكن علينا أن نكون واعين وحذرين في ما يقومون به وهم على الإنترنت. إن العالم ليس بالمكان الآمن للصغار، ولكن، كما قالت الدكتورة تانيا بايرون في تقريرها، «هل ستترك طفلك يعبر الطريق بمفرده؟»، على الأرجح سترد بـ«لا». على هذا النحو، تأكد من أن طفلك يعبر طريق الإنترنت الطويل والمتعرج بأقل ضرر ممكن، فليتمتع بما يحمله الطريق من جمال، ولكن كن الأعين التي تضمن عبوره بسلام.
اقتراحات تجعل طفلك في مأمن من مخاطر الإنترنت 1. حاول أن تتعلم تكنولوجيا الإنترنت، إن لم تكن ملما بها من أجل سلامة طفلك، وحتى تتمكن من توجيهه إلى الطريق الآمن.
2. حاول أن تعرف متى يستخدم طفلك الإنترنت، وحدد أوقاتا معينة لاستخدامها، لكي تتمكن من الإشراف عليه.
3. أبق الكومبيوتر بعيدا عن غرفة نوم طفلك، بحيث تستطيع دائما أن تكون بجانبه إذا كانت هناك أي مشكلة.
4. لا تسمح لطفلك بإعطاء المعلومات الشخصية، بما فيها الاسم والعنوان والمدرسة، ورقم الهاتف أو الصور الفوتوغرافية، وخصوصا في غرف الدردشة.
5. استخدم التكنولوجيا لمساعدتك على حماية طفلك. البرمجيات الراصدة تعطيك القدرة على استعراض استخدام طفلك للإنترنت، حتى لو كنت لا تنظر إلى كل بريد إلكتروني أو الرسائل الفورية، سيكون لديك فكرة جيدة إذا كان يعمل بخيارات حكيمة على شبكة الإنترنت.
6. تحدث بصورة منتظمة مع طفلك عما يقوم به ومع من يتحدث عبر الإنترنت.
7. علم طفلك أن لا يفتح رسائل البريد الإلكتروني والملحقات إلا إذا كانت من أشخاص يعرفهم ويثق فيهم، لأنها قد تحتوي على فيروسات أو مواد غير ملائمة.
8. شجع طفلك على إخبارك إذا شعر بعدم الراحة من شيء ما على شبكة الإنترنت أو في غرف الدردشة.
9. لا تمنع طفلك من استخدام الإنترنت، فكما يقال «الممنوع مرغوب»، ولكن اسمح له باستخدامها ضمن قواعد معينة.
10. شجع طفلك على اكتساب طرق أخرى للتسلية والأنشطة، مثل القراءة وممارسة الرياضة، حتى لا يقضي كل الوقت في غرف الدردشة وأمام الكومبيوتر يتصفح الإنترنت.
* اخصائية في الصحة العامة [email protected]
ساحة النقاش