أن مجلات الأطفال الالكترونية بنوعيها سواء كانت صيغة الكترونية أو صيغة ورقية والكترونية في آن واحد غير متواصلة مع الطفل، وغير مستفيدة من طبيعة الإنترنت التكنولوجية التي تسمح بحرية الحركة للمادة المنشورة، وأن جميعها موجه لسن واحد من سن 6- 9 والسبب في ذلك طبيعة القائمين على ثقافة الطفل في الوطن العربي
الإنترنت من أهم الوسائط الحديثة، إذ أن تلك الشبكة ذات إمكانيات فنية عالية، فقد امتصت مميزات الوسائط الأخرى التي تتمثل في الحركة والصوت والصورة، الجاذبية، والقدرة على التواصل المباشر مع المتلقي، والتجدد والتطور الدائم إذ يفترض أن كل مرة يدخل فيها المتلقي على الموقع لابد أن يجد جديدًا. مما يجعل الزائر دائم الشغف بالدخول على الموقع، بل إنه يستقطب زوارًا آخرين دائمًًا. ومن هنا فإن المجلات الإلكترونية للأطفال تحتاج للمعرفة العالية بتقنيات تلك الشبكة، وكذلك الوعي بثقافة الطفل واحتياجاته لكي تستخدم تلك السمات الفنية في عمل مجلة تناسب الطفل وتثقفه وتلبي احتياجاته وتحببه في المعرفة، وبذلك تجمع بين الشكل الجذاب والمضمون الهادف في آن واحد. ومن هنا فإن المجلة الإلكترونية تحتاج إلى فريق عمل كامل من كتاب، وفنانين، ومصممين مواقع، ومهندس تطوير الموقع، إلى جانب طاقم العمل بالمجلة الورقية من سكرتير تحرير ومحررين إلخ.
مجلات الطفل على شبكة الإنترنت حوالي (15) خمس عشرة مجلة، بعضها مجلات الكترونية فقط، مثل مجلة نبيل التي تصدر عن بيروت، ومجلة الأطفال التي يحررها الأطفال بأنفسهم، ومنها مجلات ورقية تصدر على الإنترنت أيضًا، مثل: قطر الندى، ماجد، بلبل، باسم، صادق، الفاتح، أنس.إلخ.
منها مجلات ذات توجه خاص تبغي طرح قضية محددة، مثل مجلة الفاتح، وهي مجلة تبغي تعرف الأطفال العرب على مأساة فلسطين وتنبع كافة أبوابها من هذا التوجه، الشهداء، والأحداث الهامة، التلوين، بل إن النكت تنبع من نفس التوجه وقد افتتح هذا الموقع عام 2002 وعد قراؤه 2439. وبعضها ذات توجه إسلامي مثل مجلة أنس الصادرة عن جمعية تحفيظ القرآن بالدمام وتصدر كل شهرين، وهي ذات أبواب محددة فقيرة المادة، حفيدات الصحابة، حافظي القرآن، القصص النبوي، حديقة الخضروات، وهي تفتقر إلى الإبداع والجاذبية وعددها زوارها يقل عن الألف. والبعض منها يتوجه إلى جمهور بعينه مثل مجلة خالد التي تصدرها شرطة دبي فهي تتوجه إلى الطفل الإماراتي خاصة لتعرفه بتراثه وهويته، وعدد زواره 1179. وبعضها تهتم بموضوع محدد مثل مجلة بذرة التي تهتم بالبيئة. ومنها مجلات عامة تهتم بثقافة الطفل وإبداعه مثل مجلة العربي، وقطر الندى، ماجد، وغيرها.
والملاحظ على كافة المجلات الورقية التي تصدر على شبكة الإنترنت أنه ليس هناك أي فرق بينها وبين المجلة الورقية فلم تحاول تلك المجلات استغلال إمكانيات الإنترنت في الحركة أو الصوت أو جاذبية الشكل، بل أقصى استغلال لتلك الإمكانيات عمل منتدى خاص لمجلة ماجد، فالفارق الوحيد بين الصورتين الورقية والإلكترونية هو أنني في النسخة الورقية أقلب الصفحة بالماوس وليس بطرف الإصبع، بل أحيانًا بعض المجلات تختار لون خلفية لا يصلح لشاشة الكمبيوتر مثل مجلة قطر الندى التي اختارت الخلفية الصفراء. وهكذا أصبحت تلك المواقع ما هي إلا إعلان عن المجلة الورقية.
وأكثر المجلات استفادة من إمكانيات شبكة الإنترنت كانت مجلة صادق الصادرة عن شبكة الرافد، عن مؤسسة آل البيت، فهي تعتمد على القليل من الكلام المكتوب، وتجعل من الصوت أداة توضيحية، وحركة الصور بديل عن الكتابة، وخلفية الموقع جذابة، وفيها مقاطع من الفيديو، وموسيقى، وبالرغم من ذلك فإنها أقل المجلات في عدد الزوار إذ يصل عدد قرائها إلى 635 فقط، وذلك بسبب طبيعة المادة المحدودة والفقيرة، ذات التوجه الواضح، مما يؤكد أن الإمكانيات الفنية بدون عقلية توجهها لا قيمة لها.
والآن سنتوقف عند مجلتين إلكترونيتين فقط هما مجلة نبيل التي تصدر عن بيروت، فهي مجلة ذات توجه ثقافي عام، بها أبواب تحرص على التواصل مع الطفل بالرسم أو التلوين أو اللعب، أو التعلم، وبها قصص وبها مواد موسوعية تخص البيئة، وبها قائمة بأصدقاء المجلة مرتبة أبجديًّا (150 طفل)، ولكن تفتقد أهم خاصية من خصائص المواقع الإلكترونية التجديد المستمر فبالرغم من افتتاح الموقع عام 2007 إلا أنك كلما دخلت لا تشعر بأي تغيير أو إضافة، وكذلك القصص والمواد الإبداعية فيها عندما تقرأها تشعر أنك أمام كتاب، وهذا ما جعل مؤشر الزوار لها ثابت لا يتغير.
والمجلة الثانية هي مجلة الأطفال، وهي أكثر المجلات التي تحقق إقبالا جماهيريًّا بالزيارة، إذ أن عدد زوراها 4097 ، والسبب في ذلك أنها تقوم أولا على أهم خواص شكة الإنترنت وهي التواصل المباشر مع الطفل إذ أنها تحرر بأيدي الأطفال ومشاركتهم ولكل طفل صفحة خاصة به يختار لون خلفيتها، وأبوابها وموضوعاتها سواء قرأها أو كتبها بنفسه، ويختار صورها، بل إنها تسعى دائما إلى تجديد المادة المنشورة فيها، ولكنها مع ذلك لم تستغل كافة إمكانيات شبكة الإنترنت فأصبحنا أمام كتيبات صغيرة منشورة بأيدي الأطفال يصاحب بعضها شريط موسيقى.
وهكذا نلاحظ أن عدد زوار مجلات الأطفال على شبكة الإنترنت يتراوح ما بين 635 إلى 4097، وأن أقل المجلات زيارة هي مجلة الفاتح لمحدودية المادة المعروضة، وأكثرها انتشارًا هي المجلة الأطفال القائمة على التواصل، ولسنا في حاجة إلى القول أن هذا العدد بالطبع عدد قليل جدا لا يتناسب مع قدرة الشبكة على الجذب إذ ما وجدت عقلية تحسن استخدامها. ونلاحظ كذلك أن كافة المجلات تتوجه إلى الأطفال من عمر 5-9 فقط، وأن كافة الأعمار الأخرى ليس هناك أي مجلات موجهة لهم، وأن كل المجلات العامة غير الموجهة التي تبغي تثقيف الطفل، تنبع من تقسيم وتبويب واحد لا فارق بينها، وكأن شبكة الإنترنت بكل تلك السمات لم توحي لهم بفكرة جديدة.
وأرى أن السبب الأول في قلة عدد زوار هذه المجلات، وتشابهها، هي أن القائمين على ثقافة الطفل مازالوا لا يدركون الفارق بين المجلة الورقية والمجلة الإلكترونية، فكل منهما وسيلة للتواصل تختلف عن الأخرى، وليس هناك أفضلية بين الورق، والإنترنت فلكل منهما وظيفة خاصة به، وأدوات تخصه وتميزه. بل إن المؤسسات القائمة على ثقافة الطفل مثل دور النشر تعتبر أن موقع الإنترنت الخاص بها ما هو إلا كتالوج إعلاني لا فرق بينه وبين الكتالوج الورقي يعرفنا اسم الكتاب ونبذة عنه وسعره فقط، ويكون الفارق الوحيد أن الإنترنت يفتح في أي مكان من العالم.
وهكذا يتضح لنا أننا في عالمنا العربي ما زلنا لم نستغل بعد شبكة الإنترنت كما ينبغي.
ساحة النقاش