(بسم الله الرحمن الرحيم)

الموضوع عن , الديمقراطية في المشرق العربي

<!--Rating: <strong>4.8 / 5</strong> | <a href="#bottom">Rate this article</a> | <a href="#">More from same author</a> |-->الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية، مبادئ إنسانية كبيرة وهامة، وصل إليها العقل البشري عبر تطور تاريخي معقد ، ووصلت إليها البشرية عبر طريق طويل من الآلام والحروب والإضطهاد والتجارب القاسية والتدمير المريع للإنسان وبيئته الإجتماعية الطبيعية، فهي إذن قيم حقيقية لاشك فيها، تحتاج الى عقل جماعي متطور وتطبيق حقيقي، وليس الى دعاية شكلية، للكسب الرخيص، بينما العمل التطبيقي هو شئ آخر مضاد لهذه المباديء، ومضاد للإنسان وحقوقه البسيطة، تقوده مؤسسات وشركات معروفة في غاياتها وأساليبها .
منطقتنا وشعوبنا العربية بحاجة الى الديمقراطية والحرية والبناء والتقدم، كحاجتها للهواء والخبز والدواء والبيوت المريحة والمدن النظيفة، لإيقاف دورة التخلف والأزمات الخانقة والعنف الداخلي والعدوان الخارجي، والمنطقة والعمل السياسي والإجتماعي والوطني بحاجة كبيرة الى تحديد هذه المصطلحات والمفاهيم، ورصد الإتجاهات والخطوات الجارية الآن .
إنني أرى إن تشويشاً كبيراً قد لحق بمفهوم الديمقراطية في منطقتنا، بسبب مرافقتها وتشابكها مع الإجتياحات العكسرية الأمريكية للعراق وأفغانستان، وقبلهما تجربة الشعب الفلسطيني الدموية والقاسية، الى جانب عدم تطور وعدم صدقية العناصر والجهات التي تحمل هذه المفاهيم وتروج لها، وهنا المشكلة والمفارقة ؟؟ هذه العناصر الحاملة لهذه المفاهيم، هي عناصر ليست أصلية وثابتة في وعيها، إنما عناصر متقلبة جاءت الى الديمقراطية الشكلية بإعتبارها الموجة السائدة اليوم، مثلما سادت موجات سابقة يسارية ودينية وقومية، ركبتها نفس العناصر والأقلام والوجوه تقريباً، ودخلت في إشكالات وحالات جديدة، من هنا جاء النقص الحقيقي والإرتباك وعدم الصدقية، ومن ثم الإلتحاق السريع والمجاني بالمشروع الأمريكي في منطقتنا، الذي تقودة الإدارة الأمريكية المتطرفة، وبأقسى الأساليب، والتي أفرزت نتائج مرعبة، لايتوقف عندها هؤلاء، تتنافى وتتعارض مع مفاهيم الديمقراطية التي تسعى لإنتاج التقدم حتماً .
لا الهجوم الخارجي الشامل على منطقتنا قادر على جلب الديمقراطية والإصلاح والتغيير، ولا الإنظمة العربية المتخلفة قادرة على تغيير نفسها بنفسها، وإنتاج نموذج دولتي جديد يؤدي الى الديمقراطية، ديمقراطية الإنسان وحريتة الحقيقية الكاملة والعميقة، ونحن في أزمة وجود كبيرة، لاتحلها ولاتتجاوزها إلا الشعوب والمجتمعات المتطورة، التي تخلق وعيها التاريخي الجديد، بواسطة التعليم الواسع والعالي، وعن طريق الثقافة والإبداع وبواسطة الصحافة والإعلام الحر، كأداة مساعدة وكاشفة، وبواسطة مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان المستقلة وثقافتها، التي تساندها قوانين حديثة للتطبيق أو قابلة للتطبيق .
الإحتلال والخارج ( المعادي )، كما هو الإستبداد الداخلي ( الوطني ) لايقدمان حلول لمشكلة الديمقراطية وحقوق المواطنة والأوطان والشعوب، وإشكالية التخلف والتقدم، لاأحد يفتح الطريق للتقدم الإجتماعي الداخلي غير التطور الموضوعي الداخلي نفسه، وهنا يدور الصراع في منطقتنا، ويأخذ أشكالاً عديدة، لكنها بطيئة بل بطيئة جداً للأسف الشديد، بسبب ثقل الموروث القديم ومشاكله وتفاعلاته وتفرعاته، وفشل العمل السياسي الوطني، وفشل ( النخب) السياسية والإجتماعية، وتحولها الى أزلام سلطة وليس مؤسسي دولة في كل التجارب تقريباً، والهجوم الخارجي الشامل، خاصة بواسطة إسرائيل ودورها الوظيفي المعروف في المنطقة .
نحن في لحظة تحول، خاصة مع الهجوم الإسرائيلي الجديد والهجوم الأمريكي الدائم، سوف تطرح أسئلة جديدة على الناس وعلى المجتمعات، وسوف يتصاعد الحراك الإجتماعي، ويتوجه الجميع نحو الحل، أو تلمس الحل على الإقل، وعدم الوقوف في النقطة السابقة، أو إستمرار التراجع المؤسف والكارثي، فهذه الحروب وهذا العدوان الوحشي الأمريكي الإسرائيلي المشترك في أكثر من مكان في منطقتنا، الى جانب الإستبداد والتخلف الداخلي، والصراعات الداخلية، والإرهاب الواسع والمتعدد الجوانب والمصادر، يقودنا الى نقطة فارقة، ولحظة خاصة ومكثفة في تاريخنا الراهن، لابد من التصدي لها بعقل جماعي تاريخي، يقدر ويشخص حجم المشاكل والمهام الأساسية المطروحة، على الصعيدين القريب والمتوسط على الأقل .
إن مايجرى في فلسطين والعراق ولبنان، لن يقود الى حل المشاكل المتراكمة في منطقتنا، القديمة والجديدة، بل يقود الى كوارث شاملة جديدة، والصراع الحالي سوف يخلق مقاومات ورفض وصراعات مستمرة، ضد الإستبداد والإرهاب الداخي، وضد المشاريع الخارجية التي تستهدف السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها، لاتصدير وبناء الديمقراطية المزعومة، فالإدارة الأمريكية الحالية غير مؤهلة لقيادة العالم نحو الديمقراطية، إنما تقف ضد التقدم والتسامح العالمي، وضد العلاقات الطبيعية بين الدول .

المصدر: مواقع الانترنت
midohassan

ميدو 2010

  • Currently 58/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 29 يوليو 2010 بواسطة midohassan

ساحة النقاش

محمد حسن حسين

midohassan
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,518