الفكر الإسلامي

والتقدم العلمي والتكنولوجي

الأستاذ/ عبد المحمود أبو إبراهيم

الأمين العام لهيئة شئون الأنصار- السودان

مقدمة:

الدين الإسلامي ختم الرسالات السابقة المنزلة من قبل الله سبحانه وتعالى على البشر ولذلك جاء مشتملا على الأصول التي اتفقت عليها كل الرسالات وشمل اهتمامه جوانب الحياة كافة، واستجابت تعاليمه للمطالب الإنسانية الفطرية. كما أن المرونة التي اتصف بها جعلته قادرا على مخاطبة كل العصور وتجاوبا مع كل المستجدات.

وأول آيات القرآن نزولا كانت تدعو إلى القراءة والتأمل )  اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق   الإنسان من علق (2) اقرأ وربك  الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان مالم يعلم ( (1). والقرآن دعا في أكثر من آية إلى أعمال الفكر والعقل لمعرفة سر الوجود كما دعا إلى الأخذ بالتجربة كوسيلة لمعرفة سنن  الطبيعة المستودعة فيها.

لقد أنزل الله القرآن كتابا للهداية، وجعل الكون كتابا مفتوحا ليقرأ الإنسان فيه ويتوصل إلى الانسجام والترابط الموجود بين الكتابين. فالجمادات والنباتات والحيوانات والبحار والفضاء كلها فصول في هذا الكتاب الكوني الضخم الذي يتوصل الإنسان إلى كنهه وحقيقته بالتبصر والتأمل والمقارنة قال تعالى: ) إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ( (2) لقد استفاد الفكر الإنسانى من منهج الإسلام فى البحث والتأمل واستفاد العلماء فى الغرب من احتكاكهم بالعالم الإسلامى عن طريق الاتصال المباشر بالمشرق وعن طريق تأثير المسلمين فى الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا.

فعن طريق المسلمين انتقلت المعارف إلى الغرب وعلماء المسلمين كان لهم قصب السبق فى اكتشاف العلوم ووضع مناهج البحث مما يدل على أن الفكر الإسلامى كان مهتما بهذه المعارف منذ عصره الأول. وما فعله المأمون بإنشاء دار الحكمة للترجمة والبحث يدل على التفات المسلمين إلى هذا الجانب منذ وقت مبكر. إننى فى هذا البحث المختصر أتناول موضوع الفكر الإسلامى والتقدم العلمى والتكنولوجى عبر ثلاثة محاور هى: وسائل المعرفة  فى المحور الأول، والإسلام والعلم  فى المحور الثانى، والمحور الثالث عن العولمة. وأرجو من خلال المناقشة والأوراق الأخرى المقدمة من الباحثين أن نصل إلى الهدف الذى من أجله انعقد هذا المؤتمر والله من وراء القصد.

المحور الأول: وسائل المعرفة:

الإنسان بفطرته متطلع إلى المعرفة، ولا يهدأ باله إن لم يعرف ما يحيط به وما يدور حوله. ولذلك نجده دائما فى بحث عن معرفة الحقيقة. وقد ذكر القرآن أن آدم عليه السلام علمه ربه الأسماء كلها قبل نزوله إلى الأرض وبديهى ألا تكون المعرفة قد اقتصرت على الأسماء دون كنهها وحقيقتها قال تعالى: ) وَعًلمَ آدم الأَسْمَاءَ كُلّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إن  كُنتُمْ صَادِقِين (31)  قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عًلمْتَنَا إِنَكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)  قَالَ يَا آدم أَنْبِئْهُم بِأَسمَائِهِمْ فَلًمّا أَنْبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ( (3).

إن الحقائق التى يتطلع الإنسان إلى معرفتها منها: ما هو روحى ووجدانى، ومنها ما هو نظرى، ومنها ما هو مادى ولذلك فإن لكل شىء وسيلة معينة يعرف بها، فإذا استعملت وسيلة فى غير مجالها كانت النتيجة خاطئة.

إن الفكر الإنسانى في تجربته الطويلة قد توصل إلى أن للمعرفة أربع وسائل هى: الوحى والإلهام والعقل والتجربة ولكل وسيلة من هذه الوسائل مجال معين تعمل فيه لا تتعداه إلى غيره مع الوضع فى الاعتبار أن لكل قاعدة شواذاً، إن الإسلام يقر هذه الوسائل ويدعو إلى الأخذ بها.

فالوحى: وسيلة لمعرفة العقيدة والعبادة والقيم والأخلاق وجميع المعارف والتعاليم التى يوجه الله بها عباده، والرسل هم المنوط بهم تبليغ الوحى إلى الناس قال تعالى: ) وَالنًجْمِ إِذَا هَوَى (1)  مَا ضل صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)  إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى (4) عًلمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( (4) ، وقال تعالى: ) اتًبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن ربك (   (5).

وأما الإلهام: فهناك ما يدل على أن للإنسان ملكات تكسبه معارف عن طريق استشعار غير حسى مثل قراءة الأفكار والحدس وقراءة ما هو آت وغيرها من الممارسات التى تعج بها التجارب الإنسانية. وهنالك الرؤى والأحلام- التى سماها رسول الإسلام بالمبشرات- فقد لعبت دوراً مهماً فى مصائر كثير من أصحابها ففى كتابه بعنوان "فهم الأحلام " دون العالم ريموند دى بيكر الرؤى التاريخية الهامة فذكر رؤيا طارق بن زياد فى المنام فتحه للأندلس. وذكر رؤيا نابليون قبل معركة واترلو،  وأنه رأى قطا أسود يمر بين الجيشين ورأى جيشه تمزق إرباً إرباً. وذكر كيف أن الرياضى والفيلسوف الفرنسى كوندورست كان ينفق وقتاً طويلاً فى حل المسائل الصعبة ويصل إلى طريق مسدود ثم ينام فيرى حلها فى المنام وروى قصة الكيميائى الألمانى كيكول الذى اكتشف تركيب البنزين وأحدث ثورة فى الكيمياء العضوية وقال وصلت تجاربى إلى طريق مسدود ولكنى رأيت فى المنام ما فتح لى الطريق (6) وهناك قصص كثيرة فى هذا الجانب وقد أشار القرآن إلى هذا المعنى قال تعالى: ) يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقوا الله َ وآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (  (7) العقل جعله الله قيماً على تصرفات الإنسان وشرطاً فى التكليف ودعا إلى إعماله ونهى عن الأساليب التى تؤثر فيه وتعطل وظيفته ولأهمية العقل ودوره فى الاستنباط والاستنتاج والربط ذكر فى القرآن أكثر من خمسين مرة. إنه الأساس فى العمليات الرياضية التى قامت عليها النظريات العلمية الحديثة.

إن العقل هو آلتنا ووسيلتنا إلى تنفيذ الأمر الإلهى بالتعرف على سنة الله فى خلقه وهو ما يسمى فى لغة العصر بالبحث العلمى ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى دورنا بكتابين هما القرآن والكون ولئن عرفنا القرآن بربنا وإيماننا وعباداتنا ومعاملاتنا وأخلاقنا لقد حرص القرآن مكرراً ومؤكداً أن يأمرنا بقراءة الكتاب الآخر ودراسة الكون وما فيه ولن يغيب عن قارئ القرآن ذى الوعى والبصيرة أن المقصود هو دراسة التاريخ والجغرافيا والجيولوجيا والفلك وعلوم النبات والحيوان وجنين الإنسان وعلوم الماء والرياح والمعادن والنحل والنمل والهوام  والحشرات والخواص الطبيعية والتوازن الكونى (8) .

وأما التجربة فهى وسيلة العصر التى عن طريقها توصل الإنسان إلى الحقائق العلمية فأحدث ثورة فى العلوم والمعارف وطفرة فى التقنية كما استطاع عبرها أن يكتشف قوانين الطبيعة وسنن  الحياة فيسخرها لتحقيق أهدافه قال تعالى: ) قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ (  (9).

 

المحور الثانى: الإسلام والعلم:

بينت فى المحور السابق أن الإسلام أقر بوسائل المعرفة كلها وما دام كذلك فمن الطبيعى أن يعترف بالنتائج العلمية التى توصل إليها الإنسان عن طريق  استخدامه لتلك الوسائل.

إن الثورة المعرفية التى طورت موروثات الإنسان فى مجال المعرفة وأدت إلى التطور الهائل فى التقنية استفادت فائدة كبيرة من تجارب علماء الإسلام فى الطب والكيمياء والفيزياء والرياضيات لقد أشار القرآن إلى خصائص الطبيعة ودعا الإنسان إلى استخدام عقله للتوصل إلى كنهها قبل أكثر من أربعة عشر قرناً وبين القرآن أن العلماء فى هذا المجال هم الأقرب من غيرهم إلى الإيمان قال تعالى: ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَد بِيضٌ وَحُمْر مُخْتَلف  أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُه كَذَلِكَ إِنمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِن اللهَ عَزِيز غَفُور(  (10).

وعليه فإن الحقائق العلمية التى توصل إليها العقل البشرى لا تتعارض مع الحقائق الإسلامية أبداً وفى دراسة قدمها- موريس بوكابى- قارن فيها بين الكتب المقدسة الثلاثة وبين الحقائق العلمية التى توصل إليها فلم يجد تناقضا بين تلك الحقائق وبين القرآن بينما وجد الكتابين الآخرين متناقضين مع الحقائق العلمية.

لقد اصطلح حديثاً على وصف التقدم، العلمى الحديث فى مجال التصنيع بالتكنولوجيا أو التقنية وذهبت كثير من المعارف إلى أن أصل الكلمة لاتينى وهو مقسم إلى جملتين "تكنا" حرفة باليونانية و "أولوجى" تعنى العلم. وهناك آخرون يرون أن أصل الكلمة عربى "فتكنو" تعنى تقائة و" لوجى" تعنى لغة أى علم التقانة ومهما كان الأصل إلا أن الواقع أثبت أن القرآن دعا إلى إتقان العمل واستخدام وسائل البحث كلها لتسخير الطبيعة لخدمة الإنسان ولكن بالرغم من هذا فإن واقع المسلمين اليوم مختلف فى هذا المجال كما هو متخلف فى المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فهنالك معوقات داخلية تقف أمام التقدم العلمى والتكنولوجى فى بلداننا تلك المعوقات هى:

أولاً: الموقف السلبى من العمل اليدوى والمهنى.

ثانياً: تدنى مستوى الانضباط فى إطار العمل مثل الدوام والاجتهاد والاخلاص.

ثالثاً: ضعف الوعى الاجتماعى بالأهداف ومسئولية كل فرد أو جماعة فى تحقيقها.

رابعاً: ضعف ضوابط وأجهزة السيطرة الوطنية على المدخلات الأجنبية.

خامساً: غياب خطط تقنية وطنية واضحة المعالم.

سادساً: نقص القدرات الذاتية فى اتخاذ القرار مع الاعتماد فقط على القدرات الأجنبية.

سابعاً: نقص القدرات الذاتية فى اتخاذ القرار وعدم قدرتها على جمع المعلومات أى غياب سجلات وطنيه (11).

هذه وغيرها وسعت الشقة بين الفكر الإسلامى فى مجال التقنية وبين الواقع العاش. لقد سبق المسلمون الغرب فى اكتشاف العلوم ووضع مناهج لها ولكن ظلت تلك المعارف حبيسة التاريخ ومنذ ثلاثة قرون اهتز العالم القديم بأديانه وحضاراته وثقافاته المعروفة اهتزازاً عنيفاً نتيجة لثلاثة ثورات تفجرت فى الغرب:

 (أ) الثورة الصناعية: قادتها الرأسمالية الحديثة وانطلقت فى بريطانيا منذ القرن الثامن عشر.

(ب) الثورة الليبرالية: التى قادتها الثورة الفرنسية.

(جـ) الثورة المعرفية: التى طورت موروثات الإنسان المعرفية وحققت حرية البحث العلمى والتكنولوجى (12).

ولا شك أن هذه الثورات حققت إنجازات لا تخطئها العين فالمطلوب أن نبين تلك المنجزات ونحدد مرابطها فى الفكر الإسلامى لأن الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها. ومنذ أن أشرق نور الرسالة الإسلامية سطّرت سيرة الإسلام صلاحاً ونجاحاً وفلاحاً لم يعهد تاريخ البشرية لها مثيلاً. لقد أسس الإسلام دينا عالمياً ومازال يتمدد فى كل أجزاء العالم وأسس المسلمون حضارة استصحبت عطاء حضارات الإنسان السابقة، وأتت بنسيج وسطى فريد واستطاعوا أن يؤسسوا كيانات هيمنت على ربع المعمورة من العالم لمدة ألف عام. ولكن منذ ثلاثة قرون استطاعت الحضارة الغربية أن تستصحب عطاء الحضارات السابقة لاسيما الحضارة الإسلامية وأن تبدع الحضارة الحديثة التى تفوقت على كافة الحضارات الأخرى وهيمنت عليها.

إن الذى أهل الحضارة الغربية الحديثة لذلك التفوق أمران:-

الأول: هو أن الحضارة الحاملة للمشعل قبلها- أى الحضارة الإسلامية- قيدها الجمود الفكرى والثقافى وأضعفها التفوق المذهبى وأقعدها التخلف الاقتصادي والاجتماعى وحبسها الاستبداد السياسى فتآكلت وتراجعت حتى صارت كالمستعدة للغزو الأجنبى والاستسلام له.

الثانى: القدرات الذاتية للحضارة الغربية بلغت شأواً عظيماً نتيجة لثلاثة عوا مل:-

ا- الحرية الفكرية وحرية البحث العلمى والتكنولوجى.

2- تأسيس نظام سياسى يقيم الحكم على رضا المحكومين ويعرض الحكام لمحاسبتهم عبر مؤسسات مقننة.

3- تأسيس نظام اقتصادى حقق جدوى استثمارية وإنتاجية عالية عن طريق الاستغلال الفعال لتطور العلم والتكنولوجيا وآلية السوق الحر(13).

لا شك أن الحضارة الغربية أتاحت لها تلك العوامل أن تتفوق على الحضارات الأخرى وأن تحقق إنجازات انعكست أثرها على إنسان اليوم.

لقد وضعت الحضارة الغربية الحضارات الأخرى أمام واحد من ثلاثة خيارات:-

أ- رفض الحضارة الغربية ومقاومتها وبناء الحياة على أساس مستقل عنها.

ب- الامتثال للحضارة الغربية باعتبارها تمثل مستقبل الإنسان المحتوم وبناء الحياة على أساس التشبه بها.

جـ اتخاذ موقف وسط يحافظ على الهوية الثقافية والحضارية ويقبل التحديث ويفرق بين المقومات الذاتية للحضارة الغربية وبين الحداثة.

إن الخيار الأخير هو الذى يناسب الحضارة الإسلامية باعتبار أنها تتعامل مع هذه الأمور بنهج يستصحب النافع منها ولا يتعارض مع القيم والمبادئ التى يملها الإسلام ويدعوا إليها.

المحور الثالث: العولمة:

لقد تطور الوعى الإنسانى عبر تجاربه الطويلة فانتهى إلى أن أصل الإنسان واحد، وأن هذا الكوكب الأرضى ملك مشترك وأن المصير حتمى فلابد من الاتفاق على نظام يحفظ السلام والاستقرار والأمان لبنى الإنسان. هذه الأهداف هى التى حركت، العالم لتكوين عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة ثم المنظمات الدولية المتخصصة فى كافة المجالات التى تهم الإنسان. لقد جاءت العولمة نتيجة طبيعية لتقدم الوعى الإنسانى ولتطور الوسائل التى يستخدمها. فتكنولوجيا المواصلات نسفت المسافة وتكنولوجيا الاتصالات نسفت الزمان فصارت أطراف العالم متداخلة وصار كوكب الأرض أقرب إلى حاضرة واحدة.

إن العولمة فرضتها عوامل هى:-

(1) هنالك عولمة فرضها إدراك البشر لمصلحة مشتركة فى كوكب الأرض: المقام المشترك للإنسان.

(2) هنالك عولمة فرضها الوعى الإنسانى بالمصير المشترك للإنسانية وتوالت المؤتمرات العالمية لتدرس موضوعاتها المختلفة لتضع استراتيجية موحدة للتعامل مع مشكلاتها مثل مؤتمر البيئة 1992م ومؤتمر القاهرة للسكان فى 1995م والمؤتمر الاجتماعى ببكين 1996م.

(3) هنالك العولمة التى تقف وراءها ثورة المعلومات والاتصالات والمواصلات والتى حولت المعاملات التجارية والمالية والاستثمارية إلى سوق عالمى واحد.

هذه الوجوه الثلاثة للعولمة: الاستعداد لإدارة الملكية الكوكبية المشتركة وبرنامج المصير الإنسانى المشترك. والسوق العالمى الذى فتحته ثورة المعلومات والاتصالات والمواصلات تمثل عولمة حميدة وهنالك عولمة خبيثة تتلخص معالمها فى الآتى:-

 (أ) صحبت العولمة ظاهرة "الرأسمالية النفاثة" وهى حماسة للتنافس والربحية تندفع غير مبالية بآثار سلبية إنسانية واجتماعية.

(ب) التوزيع غير العادل للثروة والقوة الاقتصادية والقوة الاستراتيجية مكن القوة العظمى من فرض هيمنة إعلامية بحيث تستطيع غسل أدمغة الآخرين وأتاحت لها فرصة هيمنة اقتصادية واستراتيجية لم يشهد العالم من قبل بها مثيلاً.

(جـ) لقد أتاحت العولمة فرصة لقوى الجريمة المنظمة لتعولم الجريمة من حيث التخطيط والتدريب وحماية عملياتها وغسيل أموالها. واقتحام السوق التجارى والاستثمارى (14).

(د) ثورة المعلومات وطفرة وسائل الإعلام والاتصالات والمواصلات أتاحت فرصة هائلة لعولمة ثقافة التسلية الأمريكية وهى ثقافة رائجة بالغناء الصاخب والرقص الماجن والمشروعات الفوارة والمأكولات المحمولة والملابس العارية ومقترنة بسلوك الاستلاب واللامبالاة.

هذه الوجوه الأربعة من العولمة تمثل عولمة خبيثة (15).

ختام: إننا فى هذا المنحنى التاريخى من تطور الإنسانية جدير بنا أن نؤكد مرة أخرى أن الدين هام للحياة البشرية وأن الهوية الثقافية جزء من تركيب المجتمعات الإنسانية كذلك جدير بنا أن ندرك أن الإنسانية تخطت مرحلة الحداثة فى حركة تطور لا رجعة منها إلى الوراء بل تقفز عبر العولمة إلى عالم جديد لا يسعد إنسانية ولا يستقر حاله إذا لم يوازن بين مطالب الأصل والعصر.

كذلك علينا أن ندرك أن الإسلام جاء ديناً مشتملاً على كل مطالب الإنسان الروحية والمادية والعاطفية والخلقية... إلخ فعلينا أن نترجم هذه المعانى إلى أرض الواقع.

بهذا وحده ننتصر لديننا وننهض بأمتنا لتلعب دورها فى الألفية الثالثة قال تعالى: ) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ( (16).

صدق الله العظيم

المراجع

1- القرآن الكريم.

2- رسالة إلى العقل المسلم- بقلم الدكتور حسان حتحوت.

3- عبد الرحمن الصادق إمام الدين- بقلم الصادق المهدى.

4- نداء المهتدين- أطروحة هيئة شئون الأنصار لحوار الأديان.

5- نداء الإيمانيين- أطروحة هيئة شئون الأنصار- حوار الأديان.

6- هل انتقلت التقنية للعالم الإسلامى- محاضرة قدمها الدكتور صالح خليل الحاج فى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 1408هـ

المصدر: مواقع الانترنت
midohassan

ميدو 2010

  • Currently 121/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
41 تصويتات / 586 مشاهدة
نشرت فى 28 يوليو 2010 بواسطة midohassan

ساحة النقاش

محمد حسن حسين

midohassan
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,520