محمد شو

العالم بين يديك

خميس التوبي

جميل أن نسمع من الرئيسين الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين إعلانهما الاتفاق على وقف العنف في سوريا، حيث غيبت جميع الحلول السياسية السلمية، بما فيها خطة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا والتي يجري نحرها من قبل المعارضة السورية والأطراف الدولية الداعمة لها.

ويأتي هذا الاتفاق بعد اتهامات متبادلة شنها سفيرا الدبلوماسية الأمريكية والروسية، وذلك حين اتهمت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية موسكو بشحن مروحيات هجومية إلى سوريا، ما استوجب على سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الرد باتهام مماثل بأن "الولايات المتحدة تسلِّح المقاتلين المعارضين للنظام في سوريا، بينما كل الاتفاقيات الروسية مع سوريا تعود للمعدات الدفاعية، ولا تتعارض مع الحقوق الدولية، ولم نمنحها أي أسلحة تعارض القوانين الدولية"، معلنًا أن بلاده "لا تدعم النظام السوري بل الشعب السوري والدولة التي هي مصدر الاستقرار في المنطقة"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود "جهات تريد تطبيق النموذج الليبي في سوريا"، محذرًا من تكرار هذا النموذج في سوريا.

الولايات المتحدة اعترفت صراحة بأنها قد نسقت عمليات تهريب الأسلحة إلى المعارضة السورية سرًّا، وقبضت ثمن الأسلحة من دول خليجية. وهو ما يعد تصرفًا خارج الشرعية الدولية والقانون الدولي، في وقت تقول فيه علنًا إنها تؤيد خطة أنان كونها الحل الأوحد الذي يوفر مخرجًا آمنًا للأزمة السورية، بينما لاتزال هناك دعوات تحريضية جادة وتحركات ضاغطة داخل مؤسسات صنع القرار الأمريكي لقيام إدارة أوباما بالتعجيل بتسليح المعارضة السورية بزعم "إرساء التوازن العسكري مع قوات نظام الأسد" لا سيما وأن المعارضة السورية "باتت تملك حدًّا أدنى من التنظيم يجعلها أهلًا لتلقي المساعدات العسكرية". وأن على واشنطن أن "لا تبقي قرارها رهنًا للفيتو في مجلس الأمن، بل عليها التحرك عبر تحالف دولي يقدم الدعم العسكري للمعارضة ويساعدها على تحرير بعض المناطق من قوات النظام والسيطرة عليها على غرار بنغازي الليبية".

ولذلك فإن اتفاق أوباما مع بوتين على وقف العنف في سوريا يجب أن يبدأ من داخل الولايات المتحدة ومؤسساتها الرسمية والصانعة للقرار، ومن ثم المساهمة بصورة إيجابية في حل الأزمة عبر التوقف عن تهريب الأسلحة، وإغلاق معسكرات التدريب، وممارسة دورها المؤثر على قيادات المعارضة السورية المؤتمرة بأوامر البيت الأبيض والإليزيه وعشرة داوننج ستريت، والضغط على هذه القيادات لإجبارها على التخلي عن العنف وترويع المدنيين واستهداف قوات حفظ النظام السورية، وبقدر ما تبذله واشنطن من جهد في هذا الصدد يبدد الصورة المتكونة لدى المتابع العربي عن الأبعاد الاستراتيجية التي تسعى الولايات المتحدة وحليفاتها إلى الإطاحة بالحكومة السورية والإتيان بحكومة بديلة.

في تقديري أن هذا الاتفاق بين أوباما وبوتين على وقف العنف في سوريا أتى بعد تطور مهم على صعيد الملف النووي الإيراني، حيث انطلقت جولة جديدة من المحادثات بين إيران ومجموعة "5 + 1" في موسكو حول هذا الملف النووي، بُعيْد زيارة قام بها سيرجي لافروف إلى طهران تمهيدًا لهذه الجولة والاتفاق على حل القضايا العالقة رزمة واحدة والتي من بينها- في تصوري- الملف السوري وتخفيف العقوبات المفروضة على إيران، ورفع العقوبات النفطية التي يزمع الغرب تطبيقها في بداية يوليو المقبل، مقابل التخلي عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة وحصولها بالتالي على "ضمانات" من القوى العظمى بأنها ستسلمها وقودًا نوويًّا هي بحاجة إليه، وهو ما أكده الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر الجيمايني تسايتونج" الألمانية بثه موقع الرئاسة الإيرانية.

وقد كان واضحا منذ بداية الأزمة السورية أن عنصر الحذر هو الذي يخيم على طبيعة التدخل الغربي في سوريا، وبالتحديد التدخل العسكري المباشر، وعدم تكرار السيناريو الليبي، حيث تبدو معادلته صعبة لعدم وضوح نتيجتها في حال إسقاط الحكومة السورية، ما يعني أن تكون سوريا خارج الحسابات الموضوعة، كما هو حال العراق على سبيل المثال الذي لم تتوقع الولايات المتحدة أن تتحول إلى حليف للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

لذلك فإن واشنطن قد اقتنعت أخيرا بأن أسلم طريق للخروج من دوامة صراع النفوذ في سوريا هو الحل السياسي ولا غيره. <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 31 مشاهدة
نشرت فى 21 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

261,240