أبو ذر الغفاري هو جندب بن جنادة ,من صحابة رسول الله (ص) ,ينتمي لقبيلة “غفار”

 التي عرفت في الجاهلية بشراستها, وبطشها, كان أفرادها قطاع طرق , وكان أبو ذر يضرب به المثل في الشجاعة و الإقدام , ورغم عادات الجاهلية وطقوسها ,فقد تميز برجاحة العقل و بعد النظر, بحيث لم يكن يطيق عبادة قومه للأوثان من دون الله ويتطلع لظهور نبي جديد يخرج الناس من الظلمات إلى النور . وبعد علمه بظهور نبي بمكة اسمه محمد

.أرسل أخاه أنيس ليأتيه بأخبار هذا الرجل , وبعد عودته قررأبو ذر الغفاري السفر إلى مكة للقاء رسول الله ( ص) ثم أعلن إسلامه جهرا رغم ما تعرض له من ضرب واهانة وعذاب على يد قريش, الشيء الذي رفع قيمته فلازم الرسول عليه الصلاة و السلام ,فقرا القران وتعلم الإسلام. وبعد تشبعه بالإيمان كلفه الرسول الأمين سيدنا محمد (ص) بالتوجه إلى قبيلته غفار لإخبارها بما رأى وسمع ودعوتها للإسلام عندما 

تنتشر الدعوة المحمدية , وقد تم له ذلك نظرا لما كان يحضا به من مكانة لدى أفراد القبيلة , وبعد الهجرة النبوية إلى المدينة جاء ابوذر رفقة قبيلته وقبلة “اسلم ” لإعلان إسلامهم أمام نبي الله (ص) وكان لذلك وقع طيب لديه (ص )وقال في حقهم : “غفار غفر الله لها و اسلم سالمها الله.” أبو ذر فارس من فرسان الإسلام قال فيه (ص) :”ما أظلت الخضراء , ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة اصدق ولا أوفى من أبي ذر…..” .شارك في غزوة تبوك إلى جانب رسول الله ”(ص) .ترك ناقته المريضة ومشى راجلا ووحيدا في الصحراء إلى أن لحق بجيش المسلمين وقال عنه (ص) .:” رحم الله أبا ذر , يمشي وحده , ويموت وحده ,ويبعث وحده ويشهده عصابة من المؤمنين.” وكان رحمه الله منبرا للإسلام و رائد من رواد الإصلاح . بعد وفاة رسول الله ‘(ص) لم يطق ابوذر ‘(ض) البقاء في المدينة, وهاجر إلى الشام وأقام بباديتها طيلة حكم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

 وفي عهد عثمان بن عفان’(ض) رأى إقبال الناس على الدنيا وملذاتها , ولم يكن يخشى في الصدح بالحق لومة لائم ’ كما أن انحيازه للفقراء وصراحته جرا عليه الكثير من المتاعب , حين استشرى الفساد في صفوف الحكام والولاة . فشكاه معاوية بن أبي سفيان إلى الخليفة عثمان مدعيا أن أبا ذر افسد الناس بالشام .ولما استفسره أمير المؤمنين عن أسباب ذلك , أجاب (ض) بان  الأغنياء يزدادون غنا و أموالهم تزيد عن حاجتهم , والفقراء في حاجة,فقال

 

عثمان :” يا أبا ذر , علي أن اقضي ما علي , واخذ ما على الرعية,ولا أجبرهم على الزهد ,وان ادعوهم للاجتهاد و الاقتصاد….”. ولكن أبا ذر يرى انه لا يجب الاكتفاء بالزكاة الواجبة , والأمة فيها جياع و فقراء لايجدون ما يسدون به رمقهم . مستندا على الأدلة القرآنية و الأحاديث النبوية. وبسبب ما لقيه من لا مبالاة استأذن الخليفة عثمان للخروج إلى “الربدة” و هي قرية صغيرة من قرى المدينة , ورحل إليها , حيث أقام بعيدا عن الناس إلى أن وافته المنية , وفي رواية أخرى فانه قد نفي قسرا إلى هذا المكان الخالي لعدم مجاراته لحكام ذلك الزمان.وصدق رسول الله (ص) حين قال في حق أبي ذر :” تمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك.” .” ما أحوج المسلمين في هذا العصر لرجل مثل أبي ذر الغفاري (ض) في صدقه وسلوكه , كان جريئا لا يعرف الرياء ,ولا النفاق ,ويعبر عن رأيه بحرية وعلانية , فضل الضيق في الحق على السعة في الباطل.ومن أقواله(ض) إن الولاة,قد أحدثوا أعمالا قباحا

 

لا نعرفها,من سنة تطفئ وبدعة تحيى ,وقائل بالحق مكذب ,

 

, وأثرة لغير تبقى ,وأمين-مستأثر عليه-من الصالحين ……”. فأبو ذر أول من صبر على المحن و الرزايا.قال رسول الله (ص) :”يا أبا ذر أنت رجل صالح

,سيصيبك بلاء بعدي “قلت:في الله؟ قال:”في الله. قلت: مرحبا بأمر الله …”.ومن وصاياه  (ص) لأبي  ذر(ض) 

 :” اصبر حتى تلقاني..”. هذه الشخصية الفذة في التاريخ الإسلامي لم تنل حقها ,لان صاحبها فضل شظف العيش والزهد في الدنيا ,والعمل للآخرة ,ليلقى ربه راضيا مرضيا,وطريقه في الدعوة كان شاقا,عذب لإشهاره الإسلام,ونفي إلى” الشام “ثم إلى “الربدة “لعدم مهادنته للولاة لتصرفهم في أموال المسلين بغير حق ,وإغداق الهدايا والعطايا على المقربين وذوي النفوذ والجاه.وما كان ذلك ليرضي صحابي من صحابة رسول الله (ص) فانبرى منتقدا تصرفاتهم .فجر عليه ذلك غضبا شديدا , فتسلح بالصبر ومضى في طريقه لايؤنسه إلا الحق ولا يوحشه إلا الباطل .فلو أراد المال والجاه مقابل سكوته لكانت له منه القناطير المقنطرة, لكنه أبى رحمه الله غير ذلك ,حين قال :”والله ما أريد إلا الله صاحبا ,وما اخشي مع الله وحشة.” رحم الله اباذر ,مشى وحده ,ومات وحده غريبا,فطوبى للغرباء...

<!--

المصدر: ابو ذر الغفاري رمز اليقظة في الضمير الانساني , تاليف الشيخ محمد جواد ال الفقيه.
  • Currently 39/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 751 مشاهدة
نشرت فى 2 أغسطس 2011 بواسطة mesbah56

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

14,730