ترجع أهمية معبد إدفو لكونه أجمل وأكمل المعابد البطلمية٬ فهو ينفرد من بين كل المعابد المصرية القديمة بكونه سليماً أو يكاد يكون كاملاً في حين أن معظم المعابد في مصر في حالة سيئة.
كانت مدينة إدفو من المدن الهامة والغنية منذ الدولة القديمة، وترجع أهمية إدفو لكونها بيت الإله حور في الجنوب٬ كما كانت عاصمة الإقليم الثاني من أقاليم مصر العليا . وقد سميت إدفو فى العصور الفرعونية بإسم “إدبو” أو “دبو” وتعني بلدةالاقتحام٬ بينما الاسم الحالي للمدينة مأخوذ من التسمية القبطية “إتبو”.
وتعتبر مدينة إدفو الحالية مزار سياحي هام يقصده السياح ضمن رحلتهم إلى مصر٬ خاصة بعد أن أصبحت طرق المواصلات أسهل بكثير من ذى قبل، ويرجع الفضل إلى أوجست مارييت في إكتشاف هذا المعبد الرائع و ذلك سنة 1860 م.
أما بالنسبة للعناصر المعمارية الخاصة بالمعبد فيحتوى المعبد على الصرح الذى يقف أمامه صقران ضخمان من الجرانيت يرمزان لحورس إله إدفو:
وقد أحتوى برجيّ الصرح على كوات مستطيلة رأسية مخصصة لتثبيت ساريات الأعلام التى يتم وضعها أمام جميع المعابد المصرية.
كما أحتوى المعبد على بوابة كبرى٬ كان باب هذه البوابة مصنوع من خشب الأرز المطعم بالبرونز والذهب ويعلوها قرص الشمس المجنح الذى يمثل حور بحدتى. ويلي البوابة الفناء الكبير الذى يحتوي على فناء كبير له صفان من الأعمدة على الجانبين٬ حيث يوجد في الفناء اثنين وثلاثون عموداً تيجانهم على شكل أوراق الزهور والنخيل.
ومن خلال الباب الذى يتوسط الفناء الكبير يتم الوصول إلى صالة الأعمدة الكبرى٬ التى تتكون من ثماني عشرة عموداً بتيجان زهرية منهم أعمدة الواجهة٬ وهي أعمدة ضخمة مرتبة في ثلاثة صفوف٬ ويتألف كل صف من ثلاثة أعمدة على كل من جانبي الممر الأوسط.
ويوجد بداخل الصالة على يمين و يسار البوابة اليسرى غرفة التكريس.
ومن خلال المدخل الموجود في الجدار الشمالي لصالة الأعمدة الكبرى نصل إلى صالة الأعمدة الصغرى٬ وهي صالة صغيرة الحجم وتتكون من إثنى عشر عموداً٬ وتمتاز نقوش وزخرفة هذه الصالة بالمستوى الفني الرفيع. و يوجد بالصالة أربعة أبواب في جانبيها الشرقي والغربي. ونجد بعد ذلك غرف الانتظار حيث يوجد غرفتين للانتظار الأولى تسمى غرفة المذبح حيث يوجد مذبح للقرابين٬ ومن خلال فتحة بها نصل إلى غرفة الأنتظار الثانية التى تسمى مجمع الآلهة.
ثم يوجد بعد ذلك الفناء الصغير ثم قدس الأقداس الذي كان أكثر جزء مقدس في المعبد٬ والذي لم يكن يدخله سوى الكاهن الأعظم والملك. يحيط بقدس الأقداس عشر حجرات كل منها محفور اسمها على الجزء الأسفل من الخارج وكانت الأسماء مطابقة للاختصاص، كما يوجد ممر يدور حول المعبد و حول أجزائه الداخلية.
أما سراديب قدس الأقداس فكانت تستخدم لإخفاء الأشياء الثمينة٬ كما كانت بمثابة غرف لعبادة سرية لعدد من الآلهة كل على حدة.
في المساحة الموجودة أمام المبنى الرئيسي للمعبد من الناحية الجنوبية الغربية يوجد مبنى من نفس التاريخ يسمى الماميسي (بيت الميلاد)٬ و يوجد فيه مناظر تصور لحظة ميلاد الإله الطفل حورس والطقوس الدينية التى تخلد هذا الحدث.
كما أحتوى المعبد على مقياس للنيل٬ كان يستخدم لقياس مستوى النهر والتنبوء بمجيء الفيضان. ويقع المعبد داخل سور شاسع يحيط به من كل الجهات فيما عدا الجنوب الذي به البوابة الكبرى.
كان يقام ثلاث صلوات في معبد إدفو ٬ فالأولى عند مطلع الفجر و الثانية عند الظهيرة و كانت أقل أهمية عن سابقتها و الثالثة عند الغروب.
كما أقيمت أيضاً مجموعة من الأعياد الرئيسية وهي: عيد الاتحاد مع قرص الشمس الذي كان أهم عيد يحتفل به في رأس السنة في أول فصول السنة وهو فصل الفيضان.
العيد الثاني العظيم هو عيد التتويج وقد صورت احتفالات هذا العيد على السطح الداخلي من السور المحيط بالمعبد في الجانب الشمالي.
وكان عيد اللقاء الجميل هو رابع الأعياد وكان يشترك أهل الصعيد كله في هذا الاحتفال حيث كان أهم أعياد معبد إدفو.
أما بالنسبة لأساطير معبد إدفو فهي أسطورة فرس النهر الأحمر, أسطورة معرفة اليوم الذي ولد فيه حورس, أسطورة قرص الشمس المنح, أسطورة شراب الـ”حرو-عا”, أسطورة إنتصار حورس على أعدائه.
كما تميز معبد إدفو بتواجد بعض العناصر الكلاسيكية الدخيلة على معابد مصر في العصرين اليوناني والروماني، كظاهرة بناء المعبد فوق أرضية مرتفعة وظاهرة الارتفاع التدريجي لأرضية المعبد حيث ترتفع الأرضية كلما اتجهنا إلى الداخل مع الانخفاض التدريجي لسطح المعبد.
بالإضافة إلى عناصر أخرى مثل مقياس النيل٬ وكذلك تحول مكان البحيرة المقدسة الموجودة غرب المعبد.
________________________________________________________
المصادر:
- محسن لطفى السيد٬ أساطير معبد إدفو شرح و ترجمة للمتون و الطقوس من المصرية القديمة إلى العربية٬ الهيئة العامة للكتاب
- جيمس بيكى٬ ترجمة:لبيب حبشى – شفيق فريد٬ مراجعة: جمال الدين مختار٬ الآثار المصرية فى وادى النيل ٬ الجزء الرابع٬ الهيئة المصرية العامة للكتاب