يقوم برنامج صبايا – بقناة المحور - بحملة جمع تبرعات من أجل زراعة قوقعة لخمسين حالة من حالات الأطفال الذين يعانون انعدام السمع أو الضعف الشديد به الذي يمنعه من التواصل الطبيعي مع المحيطين به فلا يسمعهم وبالتالي لا تتكون لديه القدرة على الكلام ، لأن الكلام ما هو إلا محاولة الطفل تقليد ما يسمع ؛ فإذا انعدم السمع انعدمت معه القدرة على الكلام حيث لا يجد الطفل المادة السمعية التي يحاول أن يقلدها ؛ وبالتالي يفقد مركز الكلام بالمخ وظيفته ويصبح الطفل إلى - جانب صممه - أبكما أيضا.

وما أجمل وأعظم وما أرقى مثل هذا العمل حيث يعيد إلى الطفل حياته الطبيعية ، لأن الحياة دون تواصل هي حياة بائسة في معظم الأحوال ، وعلينا أن نرضى ونحمد الله على كل حال ، ولكن إذا منحنا الله القدرة على تخفيف معاناة الآخرين فلا يجب أن نتوانى ، ويجب أن نساعد المكروبين قدر استطاعتنا ، ومثل هذه الأعمال لها قدر عظيم عند الله تعالى ، فهي ليست وجبة طعام ثم تنقضي ؛ ولكنها عطاء مستمر يمتد تأثيره في صاحبه ويظل ملازما له طوال حياته ، وتتضح أهمية ذلك العمل المبارك إذا علمنا أن تكلفة الزراعة فوق قدرات معظم الناس ؛ وأنها لا يجب أن تؤجل كثيرا لأن الطفل إذا تجاوز مرحلة معينة أصبح علاجه مستحيلا وحكم عليه أن يعيش كل عمره منعزلا عن العالم عاجزا عن التواصل الطبيعي معهم ؛ وعندئذ لا يستطيع أن يعرف أو يتخيل ما هو الصوت وما هو السمع وما هو الكلام.

وقد استطاع البرنامج أن يجمع حتى الآن ما يكفي لعلاج ربع الحالات أو أقل قليلا ، ومازال الثلاثة أرباع في انتظار استجابة أصحاب القلوب الرحيمة ، ونحن بالتالي نضم صوتنا إلى صوت البرنامج ونناشد الكافة بالتبرع كل قدر استطاعته ؛ فمن تيسر له التبرع بمليون فله أجره عند الله ومن تيسر له التبرع بجنيه واحد فله أجره كذلك ، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

ومن واجبنا أن نشكر جميع الجهود التي تساهم في إنجاح هذه الحملة بدءا من الطبيب المعالج ومرورا بطاقم البرنامج ومن يعاونهم ، وكذلك المتبرعين ، وقبل ذلك وبعده نحمد الله تعالى الذي وفقهم لمثل هذا العمل النبيل.

أما مقدمة البرنامج فيبدو أنها فطرت على حب الخير وحب مساعدة المحتاجين وتقديم العون لهم ، فجزاها الله خيرا ، وهداها .. ليس إلى ما فيه خير الدنيا فقط وإنما الأهم أن يهديها إلى ما فيه خير الآخرة أيضا ، فليس هناك مكسب حقيقي إذا ما نال عمل الإنسان الشكر في الدنيا فقط وحرم من شكره في الآخرة ، إنما المكسب الحقيقي فيكون عندما ينال عمل الإنسان شكر الله له في الآخرة مصداقا لقوله تعالى : " ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ".

فلنجتهد جميعا لكي نجعل أعمالنا التي تؤديها جوارحنا ، ونوايانا التي في صدورنا ، وظاهرنا من سلوك وملبس ومظهر ، وباطننا من مشاعر وتمنيات ، نجعلها كلها مرضية لله عز وجل لايتخلف منها شيء ، فيجب أن نهتم بها جميعا دون الاستهانة بأي منها ؛ فكم من أمر يستهين به الإنسان وهو عند الله عظيم.

 

المصدر: الكاتب : د. عبد العزيز محمد غانم
masry500

طابت أوقاتكم وبالله التوفيق

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

112,028