ذات مرة سألت بعض ذوي الخبرة : ما الذي يعجب المحشِّـشين في جلسات الحشيش؟ فقالوا : إن أفضل ما يعجبهم في هذه الجلسات هو نسيان الهموم والضحك لأقل الأسباب أو الضحك على أي شيء لا يضحك في العادة.
فمثلا يمكن أن يدور بينهم مثل هذا الحوار مع فاصل من الضحك الشديد بين كل جملة وأخرى:
الجميع يشارك في الحوار ، ويبدأ أحدهم بأن ينظر إلى المروحة التى أمامه ويقول:
- هل ترون هذه المروحة .. أليست تشبه السمكة ( ههههههههه )
- وهل السمكة مستديرة ؟ ( هههههههههههههه )
- أقصد ريشة المروحة يا ذكي ( هههههههههههههه )
- إذا كان للمروحة ريش فهي إذن تشبه الطائر وليس السمكة ( ههههههه )
- اسألوها إذا كانت تعوم فسنعتبرها سمكة ( ههههههههههه )
- هى أقرب للطيور لأنها من المروحيات ، والمروحيات تطير كالطيور ( هههههههههههه )
- لكنها مروحية أرضية لاتطير ( ههههههههههه )
- إن بعض الطيور لا تطير أيضا مثل الدجاج ( ههههههههه )
- إذن هذه المروحة تشبه الدجاجة ( هههههههههههه )
- فليحضر أحدكم سكينا ويذبحها ويشويها ويقدمها لنا .. لقد جعنا.
ثم ينفجرون في ضحك طويل .. وهكذا ...
وكأن الحشيش يعيدهم إلى مرحلة الطفولة المبكرة ، لأن الأطفال هم هكذا تماما ، فهم يضحكون على أي شيء ، وكل شيء مضحك لهم ، حتى أنك لو راقبتهم لعجبت علام يضحك هؤلاء الأطفال كل هذا الضحك الهستيري أحيانا ، وإذا عرفت ما يضحكون عليه لوجدته غير مضحك ، ولكن هكذا هم الأطفال كأنهم محششون دون حشيش ، إنهم إن جاز التعبير محششون بالفطرة.
وبالتأكيد فالأطفال كثيرا ما يضحكون دون أي سبب ، فمجرد تواجد بعض الأصدقاء من الأطفال معا في مكان واحد قد يثير ضحكهم ، هل رأيت أطفالا يقفون في صلاة الجماعة متجاورين دون أن تسمع بين الحين والحين ضحكا يحاول صاحبه أن يكتمه بصعوبة فلا يستطيع؟ هذه هي طبيعة الأطفال فلا تحاول أن تنهرهم بشدة أو تعاقبهم بعنف إذا رأيتهم كذلك ، وإنما استخدم الرفق والنصيحة في مثل هذه المواقف.
ألست ترى كذلك أنك إذا قصصت على الأطفال قصة فإنهم يضحكون كثيرا بينما الكبير لا يكاد يبتسم.
ارتجلت لأطفالي ذات يوم قصة ( حدوتة ) فقلت لهم إن الأمير شهريار حينما كان يستعد لحفل زواجه ، شرب من كأس فيه شراب مسحور ، فتغيرت ملامحه وصار أنفه كبيرا جدا ، فضحك الأطفال كثيرا ، ثم أكملت : ودخل أبوه الملك حجرته فلم يعرفه ‘ وسأله : من أنت؟ وأين ابني شهريار؟ قال أنا شهريار يا مولاي ، ولا أدري ما الذي جعلني على هذه الصورة ، فقال الملك إن أنفك كبير جدا ، أنت من الآن لست شهريار وإنما أنت منخيار ، فضحك الأطفال طويلا ، وأخذت أنا فترة راحة حتى انتهى الأطفال من الضحك ، ولما طلبوا مني أن أكمل القصة ؛ قلت لهم : وأراد الملك أن يهدئ من روع ابنه فقال له لا تحزن يا بني ، إنني سأظل أحبك مهما تكن صورتك ثم أنشد يغني بالعامية :
يا منخيار يا ابني يا حبيبي أنا باحبك يا منخـيار
يا منخيار مناخيرك كبيرة كبيرة عاملة زي الخيار
وراح الأطفال في ضحك مستمر ولا أذكر هل أتممت لهم القصة بعد ذلك أم أجلتها لوقت آخر.
ولكن نصيحتي لمن جاوز مرحلة الطفولة ألا يحاول العودة إليها عن طريق المخدرات ، إذا استطاع أحد أن يعود إليها دون عقاقير فلا بأس وإلا فلا.
ساحة النقاش