نهضة مصر: بعد 25 يناير 2011 -------- أ. د/ ممدوح عبد الغفور حسن

أكثر من نصف قرن مع المواد النووية والثروة المعدنية

 

009 معاهدة عدم انتشار الأسحة النووية

2 من 3- مواد المعاهدة والتعليق عليها

المادة الأولى:

      وتختص بتعهد الدول النووية بأن تلتزم بالامتناع عن أى عمل أياً كان يؤدى إلى حصول الدول غير النووية على أى أسلحة أو متفجرات نووية بأى صورة من الصور. ولم تنص المادة على أن هذا الامتناع موجه للدول غير النووية المصدقة على المعاهدة فقط، بل نصت على "الدول غير النووية" بصفة عامة دون تمييز أو تحديد لهذه الدول مما يعنى شمولية هذا الامتناع؛ وعليه يفهم من هذه المادة أنها تنطبق على كل الدول غير النووية سواء الأطراف فى المعاهدة أو غيرها، ولكن الدول النووية، لاسيما أمريكا، لم تلتزم بذلك وعاونت بعض الدول فى تطوير قدراتها النووية لخدمة أغراض عسكرية، وإسرائيل أوضح مثال على ذلك.

المادة الثانية:

      تُحَرِّمُ على الدول غير النووية الأطراف فى المعاهدة امتلاك، أو السعى لامتلاك، أى أسلحة نووية بأى صورة من الصور، ولا تنطبق هذه المادة على الدول غير النووية التى ليست طرفا فى المعاهدة. ولم يقابل هذا التحريم أى التزام واضح من الدول النووية لحماية الدول غير النووية من الدول غير الموقعة على المعاهدة والتى تبنى قدرات نووية عسكرية، وقد أدى هذا إلى تعميق الفرق بين الدول الموقعة والدول غير الموقعة وترسيخه. ومن الغريب أن توقع الدول العربية على هذه المعاهدة مع علمها الأكيد بأن إسرائيل تنفذ برنامجا نوويا عسكريا تحت سمع وبصر الدول النووية الكبرى، دون أن يكون هناك أى ضمانات ضد العدوان الإسرائيلى، ويبدو أن العرب تعلقوا بسراب الحماية السوفييتية التى ظهرت فيما بعد أنها "حيطة مايلة"، وهذا يظهر مدى خطورة الاعتماد على الغير فى الدفاع عن النفس.

المادة الثالثة:

      تحدد إجراءات الضماناتsafeguards  التى تلتزم بها الدول غير النووية للتأكد من عدم توجيه أى أنشطة نووية سلمية إلى الاستخدامات العسكرية وذلك عن طريق التفتيش التى تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية (وهى هيئة دولية تابعة للأمم المتحدة). وبمقتضى هذه المادة  تخضع الدول غير النووية الموقعة على المعاهدة لنظام خاص للتفتيش من قبل الأمم المتحدة ممثلة فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حسب تشريعات هذه الوكالة للتأكد من الالتزام ببنود المعاهدة، وخاصة للتحقق من عدم توجيه التكنولوجيا النووية أو المواد الانشطارية، مثل البلوتونيوم واليورانيوم، للاستخدامات العسكرية أو صناعة المتفجرات النووية، فيما لا يؤدى ذلك إلى عرقلة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية للدولة أو عرقلة استخدامها للتطبيقات السلمية للطاقة النووية. ويتحدد نظام التفتيش باتفاق خاص يعقد بين الوكالة والدولة المعنية. ويبدأ التفاوض حول نظم التفتيش بين الدول المصدقة على المعاهدة وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال ستة أشهر من تاريخ سريان المعاهدة بالنسبة للدول التى صدقت عليها قبل سريانها، أما بالنسبة للدول التى تصدق على المعاهدة بعد تاريخ سريانها فإن التفاوض حول نظم التفتيش يبدأ فور التصديق، وفى كلتا الحالتين يجب أن يتم الاتفاق على نظم التفتيش وموعد سريانها خلال فترة أقصاها 18 شهرا من بداية التفاوض. وينصب التفتيش أساسا على المواد النووية والمواد الأخرى التى تستخدم فى صنع المتفجرات النووية، ويتعين على كل دولة أن تحدد للوكالة المنشآت التى تجرى فيها الأنشطة النووية، مع السماح للوكالة بالتفتيش على أى منشأة أخرى إذا رأت ذلك. ولا تسرى إجراءات الضمانات ولانظم التفتيش على الدول النووية، وفى هذا تمييز بين الدول النووية وغير النووية، و"لذر الرماد فى العيون" و"الضحك على الدقون" سمحت بعض الدول النووية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتطبيق الضمانات والتفتيش على بعض منشآتها النووية‍‍!

المادة الرابعة:

      فى مقابل تنازل الدول غير النووية المصدقة على المعاهدة عن حقها فى التسليح النووى وخضوعها للضمانات والتفتيش الدولى، يسمح لها بالحصول على الخبرات والمواد والمساعدات فى كافة نواحى التطبيقات السلمية للطاقة النووية من الدول النووية أو من بعضها البعض دون قيود. وبالرغم من أن هذه المادة تعوض الدول غير النووية نسبيا عن الغبن الذى وقع عليها فى المواد السابقة، إلا أنها تكال بعدة مكاييل، وخاصة من أمريكا، فأى نشاط نووى لدولة ليست فى فلكها يعتبر "نشاطا عسكريا فى دولة دكتاتورية فيه خطر على السلام العالمى" مثل إيران وكوريا الشمالية والعراق، أما الدول الملتزمة الطائعة فنشاطها سلمى واجب التدعيم!

المادة الخامسة:

      تسمح للدول غير النووية بالاستفادة من التطبيقات السلمية للتفجيرات النووية دون تمييز وتحدد الشروط والاجراءات لهذا، وذلك بالتعاون مع إحدى الدول النووية التى توفر المتفجرات للدول غير النووية على أن تقوم الدولة النووية بنقل المتفجر وتفجيرة حسب تخطيط المشروع وبالحد الأدنى من التكلفة. وبناءاً على هذه المادة عقدت فرنسا دورة عن الاستخدامات السلمية للتفجيرات النووية لمدة ثلاثة أسابيع فى أواخر عام 1971، وكان هذا النشاط هو العائد الوحيد لما سمى الاستخدامات السلمية للتفجيرات النووية، مع العلم أنه لم تسجل أى حالة من هذا النشاط فى أى دولة غير نووية.

المادة السادسة:

      تُلزم كل الدول الأطراف فى المعاهدة بالعمل على وقف سباق التسلح النووى فى أقرب وقت ممكن (لم يحدد ما هو أقرب وقت)، وأن تسعى هذه الدول لعقد اتفاقية لنزع السلاح الشامل تحت نظام تحكم دولى صارم وفعال. وللأسف لم تلتزم الدول النووية بهذه المادة وتناستها تماما على مدى ربع قرن تم فيه تكديس الأسلحة النووية والمواد الانشطارية بلا حساب، وزاد الطين بلة أن أحد القطبين الذى كان يحفظ التوازن العالمى قد انهار فجأة وغابت معه عناصر هذا التوازن، وبذلك خلت الساحة لقطب نووى واحد ليفرض سيطرته على الدول التى حرمت نفسها من حق طبيعى فى الدفاع عن النفس ضد الأخطار النووية التى قد تأتيها من أحد المارقين الذى تنامت قدراته النووية خارج معاهدة منع الانتشار وتحت سمع وبصر ومباركة الدول النووية، بل وبمساعدة بعضها فى ذلك النشاط غير المشروع، كما لم تتعرض هذه المادة للدول غير الأطراف فى المعاهدة والتى يمكن أن تصنع الأسلحة النووية بعد سريان المعاهدة، وإسرائيل والهند والباكستان خير دليل على ذلك.

المادة السابعة:

      وهى من باب تحصيل حاصل فهى تعطى لأى مجموعة من الدول الحق فى إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية! علما بأن هذا الحق لا يلزم لتشريعه أى نص فى اتفاقية دولية.

المادة الثامنة:

      تعطى الحق للدول الأطراف فى اقتراح التعديلات التى تراها على مواد المعاهدة وتحدد الإجراءات التى تتخذ للتعامل مع هذه المقترحات، كما تنص على عقد مؤتمر فى جنيف بسويسرا بعد 5 سنوات لمراجعة تطبيق المعاهدة والتأكد من تنفيذ موادها والأهداف التى حددتها ديباجتها، كما أتاحت إمكانية عقد اجتماعات تالية لنفس الغرض كل خمس سنوات.

المادة التاسعة:

      حددت كيفية الانضمام للمعاهدة بوضع وثائق التصديق لدى حكومات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتى والتى سميت بالدول الوديعة، كما حددت الإجراءات التى تتخذ بعد ذلك حسب مقتضيات المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، كما حددت المادة بدء سريان المعاهدة بتاريخ التصديق عليها من الدول الحافظة و40 دولة أخرى من الموقعة عليها. ومن ناحية أخرى وضعت المادة تعريفا للدول النووية بأنها الدول التى صنعت وفجرت القنبلة الذرية قبل أول يناير 1967. ويلاحظ هنا الفرق بين هذه المعاهدة ومعاهدة الأسلحة الكيماوية التى تلزم أى دولة حال انضمامها للمعاهدة بالإعلان عن مخزونها من الأسلحة الكيماوية والتخلص منها فورا، أما معاهدة عدم الانتشار فلم تنص على ذلك!

المادة العاشرة:

      تعطى لأى دولة طرفا فى المعاهدة حق الانسحاب منها إذا رأت أنها تتعارض مع مصالحها، على أن تبلغ هذه الرغبة إلى الدول الأطراف ومجلس الأمن قبل ثلاثة أشهر من الانسحاب وتبين فيها الأسباب التى دعت لذلك. ويلاحظ أن هذه المادة لم تشترط موافقة مجلس الأمن على الانسحاب. كما تنص على أن فترة سريان المعاهدة هى 25 سنة يتم فى نهايتها عقد مؤتمر للنظر فى أمر جعلها دائمة أو مدها لفترة أو فترات أخرى، ويتم التصويت على ذلك بالأغلبية.

المادة الحادية عشر:

تحدد اللغات المعتمدة لنص المعاهدة وهى الانجليزية والروسية والفرنسية والأسبانية الصينية.

 

المصدر: كتاب الأسلحة النووية ومعاهدة عدم انتشارها: ممدوح عبد الغفور حسن، الشركة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة 1995 كتاب الثقافة النووية للقرن 21: دار الفكر العربى، القاهرة 200
  • Currently 61/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 397 مشاهدة
نشرت فى 15 أكتوبر 2011 بواسطة mamdouhgeo

ساحة النقاش

ممدوح عبد الغفور حسن

mamdouhgeo
تسجيل خبرتى على 56 عام مع الجيولوجيا والرواسب المعدنية والبحوث العلمية والتطبيقية والإ شراف على رسائل الماجستير و الدكتوراه والتدريس فى الجامعات العربية. »

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

78,115