يوم القيامه تقترب فيها الشمس من الرءوس حتى لاتكون بيننا وبينها الا ميلا واحدا ويغرق الناس فى عرقهم فمنهم من يأخذه عرقه إلى كعبيه ومنهم من يأخذه عرقه إلى رقبته ومنهم من يغرقه العرق إغراقا وحينئذ يصرخ الناس ويستغيثون ويدعون على انفسهم بالويل والهلاك ويدعون الله ويستغيثون إليه أن يصرفهم من هذا الموقف ولو إلى النار.
سبحان الله إنهم لشده عذاب الموقف يريدون أن ينصرفوا منه إلى النار فأنهم يظنون أن النار لن تكون اشد عذابا من هذا الموقف الذى اكلت فيه الشمس رءوسهم واحرقت فيه اجسادهم ولكنهم يجهلون أمر النار أمرها أعظم وأطم ،فإن الله قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهى الآن سوداء مظلمه
والطراط المنصوب فوق ظهر جهنم هو أدق من الشعر وأحد من السيف ، ونهايته عند الجنه فيمر على العباد فى هذا الظلام ،فأما المؤمنون فيجعل الله لهم نورا يهديهم إلى الجنه *ويدخلهم الجنه عرفها لهم * محمد 06
وأما المنافقون الذين كانوا لايلتزمون بدينهم ولا يعملون بإسلامهم فينطفئ نورهم كما انطفأ نور إيمانهم فى الدنيا ، فحينئذ يقعون فى الجحيم ،*إن المنافقين فى الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا * النساء 0145
وهذا يوم يا اخى اعاذنا الله منه وإياك طوله خمسون ألف سنه كما اخبر ربنا فى كتابه حيت قال *فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنه *المعارج 04
فهل تساوى الدنيا بسائر نعيمها ولذاتها شيئا فى عذاب هذا الموقف ، الناس جميعا يعذبون فى هذا الموقف كل على قدر عمله حتى الانبياء والصالحون فإنهم وإن نجوا من العذاب إلا أنهم يخافون الحساب فى هذا اليوم ، ففى الصحيحين أن المؤمنين وسائر الناس فى هذاالموقف العظيم يطول بهم الموقف ويشتد بهم العذاب فيقول بعضم لبعض انظروا من يشفع لكم عند ربكم حتى يريحكم من عذاب هذا الموقف كما اخبر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم فعن ابى هريره -رضى الله عنه - قال:"أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم ،فرفع إليه الذراع -وكانت تعجبه -فنهس منها نهسه ثم قال : أنا سيد الناس يوم القيامه ،وهل تدرون مم ذلك ؟يجمع الناس _الاولين والآخرين _فى صعيد واحد ،ويسمعهم الداعى ،وينفذهم البصر ،وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالايطيقون ولا يحتملون فيقول الناس :ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألاتنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : عليكم بآدم فيأتون آدم _عليه السلام_فيقولون له : أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ن وأمر الملائكه فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ظألا ترى ماقدبلغنا؟ فيقول آدم:إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهانى عن الشجره فعصيته ، نفسى نفسى نفسى اذهبوا إلى غيرى ،اذهبوا إلى نوح زفيأتون نوحا فيقولون زيانوح ،إنك أنت أول الرسل إلى أهل الارض .وقد سماك الله عبدا شكورا ،اشفع لنا إلى ربك ،ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟فيقول :إنربى عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضبه قبله مثله ولن يغضب بعده مثله .وإنه قد كانت لى دعوه دعوتها على قومى ،نفسى نفسى نفسى ،اذهبوا إلى غيرى ،اذهبوا إلى إبراهيم .فيأتون إبراهيم ،فيقولون :يا إبراهيم ، أنت نبى الله وخليله من أهل الأرض ،اشفع لنا إلى ربك ،ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟فيقول لهم :إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ،ولن يغضب بعده مثله ، وإنى قد كذبت ثلاث كذبات _فذكرهن أبو حيان فى الحديث _نفسى نفسى نفسى ،اذهبوا إلى غيرى ،اذهبوا إلى موسى فيقولون :ياموسى ،أنت رسول الله ، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس ،اشفع لنا إلى ربك ألاترى إلى ما نحن فيه ؟إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ،ولن يغضب بعده مثله ،وإنى قتلت نفسا لم أومر بقتلها ،نفسى نفسى نفسى ،اذهبوا إلى غيرى ،اذهبوا إلى عيسى .فيأتون عيسى فيقولون :ياعيسى ،أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ،وروح منه ،وكلمت الناس فى المهد صبيا ،اشفع لنا ،ألا ترى إلى مانحن فيه؟فيقول عيسى :إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله _ولم يذكر ذنبا ـنفسى نفسى نفسى ،اذهبوا إلى غيرى ،اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتون محمد فيقولون :يامحمد، أنت رسول الله ،وخاتم الأنبياء ،وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ناشفع لنا إلى ربك ،ألاترى إلى مانحن فيه ؟فأنطلق فآتى تحت العرش فأقع ساجدا لربى عز وجل ،ثم يفتح الله على من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلى .ثم قال :يامحمد ،أرفع رأسك ،سل تعطه ،وأشفع تشفع. فأرفع رأسى فأقول :أمتى يلرب ،أمتى يارب ،فيقول :يامحمد،أدخل من أمتك من لاحساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنه ،وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب .ثم قال:والذى نفسى بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنه كما بين مكه وحمير ،أوكما بين مكه وبصرى" اخرجه البخارى فى "التفسير "،باب :*ذريه من حملنا مع نوح*(47129،ومسلم فى "ألأإيمان "،باب:الشفاعه (1/469)ط الشعب.
ثم يمر المؤمنون والمنافقون بعد ذلك على الصراط لكى يدخل المؤمنون الجنه ،وبعد أن يدخل المؤمنون يقولون يارب إخواننا كانوا معنا فى الدنيا ،يصلون معنا ،ويصومون معنا ،أدخلتهم النار ،فيقول الله تعالى لهم أخرجوا من قد عرفتم ،فيخرجونهم من النار بعد أن يصيروا فحما اسود ،لايعرفون ،فتأكل النار أجسادهم جميعا إلا مواضع السجود ،فيخرجونهم من النار تعرفهم الملائكه بآثار السجود ،وبعد أن يشفع الصالحون يشفع النبى صلى الله عليه وسلم حتى يخرج من النار من أتى بالتوحيد بلا إله ألا الله ،ومعه من الإيمان "أىالعمل بشرائع الإيمان "1ولو مثقال حبه من خردل ،ولو مثقال ذره "
1)لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون شعبه أعلاها قول لا إله إلا الله ،وأدناها إماطه الأذى عن الطريق ،فالإيمان يشمل جميع أعمال الطاعه لله تعالى وحده.
ساحة النقاش