الذكاء المتعدد و إستراتيجيات التعلم
كتبه: بدرالدين القمودي
قد يطرأ للبعض مصطلح "الذكاء المتعدد" يعني تعدد مستويات الذكاء بين الأفراد ، عموماً فقد ارتبط الذكاء بالعمليات العقلية المتعلقة بالذاكرة و المعرفة و الإدراك و الطلاقة و الاستدلال القدرة العددية و الانتباه و الاستيعاب و غيرها. إلا أن الصحيح هو أن "الذكاء المتعدد" هو أحد النظريات التي تطرقت إلى موضوع الذكاء. و بما أننا ذكرنا أن هناك عدد من نظريات الذكاء فمن المهم أن نستعرضها و بعجالة للقارئ الذي قد تدور في ذهنه العديد من التساؤلات بهذا الخصوص.
من أوائل النظريات التي بحثت في الذكاء نظرية سبيرمان التي تنظر إلى الذكاء بصورة بسيطة حيث أعتقد هذا الباحث أن الناس يختلفون في مدى ما يمتلكون من طاقة عقلية. و أتى آخرون بعد سبيرمان كأمثال ثيرستون و جلفورد و كاتل حددوا بنية القدرات العقلية بتفصيل أكثر مما جاء به الباحث سبيرمان. أما الباحث ستيرنبرغ فقد أقترح نظرية تقوم على تحليل مكونات الذكاء و التي تقوم على تحليل للأساليب التي يستخدمها الإنسان عندما يقوم بحل المشكلات في الحياة العامة و المشكلات التي ترد في اختبارات الذكاء. أما الباحث ستيرنبرغ فقد اعتبر أن هناك ثلاثة مظاهر أساسية للذكاء يجب أن تقوم عليها النظرية المكتملة في الذكاء و هي: الذكاء الأكاديمي و الذي يمكن قياسه بالقدرة على حل المشكلات، و الذكاء العملي و الذي يستخدم في مواقف الحياة اليومية و ليس من السهل قياسه لعدم سهولة حصر مواقف الحياة و قياسها نظرياً . والذكاء الإبداعي الذي يتجلى في اكتشاف حلول جديدة للمشكلات الجديدة أو اكتشاف حلول مختلفة غير مألوفة.
لقد وسعت هذه النظرية مفهوم الذكاء لتغطي مجالات لم تؤكدها نظريات الذكاء الأخرى من حيث ربط معنى الذكاء في الحياة العامة.
نظرية الذكاء المتعدد :
واضع هذه النظرية هو العالم جاردنر الذي نحا نحواً مختلفاً عن بقية الباحثين في محاولته تفسير طبيعة الذكاء. أستمد هذا العالم نظريته هذه من ملاحظاته للأفراد الذين يتمتعون بقدرات خارقة في بعض القدرات العقلية ولا يحصلون في اختبارات الذكاء إلا على درجات متوسطة أو دونها مما قد يجعلهم يصنفون في مجال المعاقين عقلياً. فعلى سبيل المثال فقد لاحظ جاردنر أن طفلاً بلغت نسبة ذكائه( 50) ، غير أنه كان قادراً على ذكر تاريخ أي يوم من أيام الأسابيع الواقعة بين السنوات 1880 – 1950م، كما كان قادراً على العزف على آلة البيانو بالسماع ، و كان هذا الطفل يمتلك غيرها من القدرات مثل الغناء بلغات أجنبية لا يتحدثها والتهجئة و الحفظ (الوقفي 1980م).
و هكذا فقد إسترعت مثيلات هذه الحالة إنتباه جاردنر الذي بات يعتقد بأن الذكاء مؤلف من كثير من القدرات المنفصلة أو الذكاءات المتعددة التي يقوم كل منها بعمله مستقلاً استقلالاً نسبياً عن الآخر.
وتتحدث هذه النظرية عن أبعاد متعددة في الذكاء، و تركز على حل المشكلات و الإنتاج المبدع على اعتبار أن الذكاء يمكن أن يتحول إلى شكل من أشكال حل المشكلات أو الإنتاج . ولا تركز هذه على كون الذكاء وراثي أو هو تطور بيئي. و نتيجة للبحث و الدراسة وجد جاردنر أن الأشخاص العاديين يتشكل لديهم على الأقل سبعة عناصر مستقلة من عناصر الذكاء الإنجازي .
و فيما يلي أنواع الذكاء التي قدمها جاردنر:
§ الذكاء اللفظي :
و يرتبط بالذكاء اللغوي و الذي يمثله كتابة الشعر والأدبيات.
§ الذكاء المنطقي :
القدرات المنطقية و الرياضية العلمية، كالذكاء في الرياضيات.
§ الذكاء المكاني (الفراغي)
ويتعلق هذا النوع بالقدرة على تصور المكان النسبي للأشياء في الفراغ. و يتجلى بشكل خاص لدى ذوي القدرات الفنية.
§ الذكاء الموسيقي :
و يظهر هذا النوع من الذكاء لدى ذوي القدرات الغير عادية في الموسيقى.
§ الذكاء الجسمي الحركي :
و يظهر لدى ذوي القدرات المتميزة من الرياضيين و الراقصين والجراحين و الذين يتصفون بقدرتهم على حل المشكلات و الإنتاج باستخدام الجسم كاملاً أو حتى جزءً منه .
§ الذكاء الشخصي الاجتماعي
و يقصد به القدرة على فهم الآخرين و كيفية التعاون معهم و القدرة أيضاً على ملاحظة الفروق بين الناس و خاصة التناقض في طباعهم و كلامهم و دافعيتهم كطبيعة السياسيين والمعلمين و الوالدين .
§ الذكاء الشخصي الذاتي :
و هو مرتبط بالقدرة على تشكيل نموذج صادق عن الذات و استخدام هذه القدرة بفاعلية في الحياة و قدرة الفرد على فهم ذاته جيداً، و تألق عاطفته و قدرته على التميز.
و من هنا نرى أن هذه النظرية ترى الذكاء نظرة كليه وتعتقد بالمركزية الفردية ، حيث تؤكد دور الفرد أن الفريدة التي تميز كل فرد ، ويرى جاردنر أن الناس يملكون أنماطا فريدة من نقاط القوة والضعف وفي القدرات المختلفة . عليه يصبح من الضروري فهم وتطوير أدوات مناسبة لكل شخص حيث يعتمد جاردنر في نظريته على افتراض مهمتين ألا وهما :
أ ) أن للبشر اختلافات في القدرات والاهتمامات ولذا فأهم لا يتعلمون بنفس الطريقة .
ب ) ولا يمكن لأحد أن يتعلم كل شئ يمكن تعلمه.
تحث هذه النظرية التربويين (المربين) على الآتي :
- فهم قدرات واهتمامات الطلاب .
ـ استخدام أدوات عادلة تركز على القدرات .ـ المطابقة بين حاجات المجتمع وهذه الاهتمامات أي أن تكتشف قدرات الفرد وتنميـ مرونة حرية التدريس للطلبة ( كاختيار الطلبة للطريقة التي تناسبهم للدراسة) كاستخدام المعلمين الطرق التي تناسب الطلبة للدراسة.
ـ كما تقول النظرية بأن الذكاء يكمن في القدرة على حل المشكلات وتقديم انتاجات ذات أهمية في موقع معين مثل ( لشعر ، والموسيقى ، والرسم ، والرياضة ، وغيرها) وحل المشكلات بلعبة الشطرنج أو إنهاء قصة معينة وتقول هذه النظرية أيضا على أن أي فرد لديه إعاقة أو أي مرض عقلي لا تكون لديه القدرة على حل المشكلات والإنتاجية وفي نفس الوقت تركز النظرية على أهمية التنشئة الثقافية لكل جانب من جوانب الذكاء .
النمو التطوري للذكاء :
أن أنواع الذكاء المختلفة تبدأ بقدرة ابتدائية تتطور خلال مراحل ، حيث أن هذه القدرة تظهر منذ السنة الأولى من عمر الفرد ، وهذه المراحل هي :
أ )التعبير عن الذكاء ويكون من خلال نظام الرموز ـ أما كلماتjللتعبير عن اللغة، أو أغاني للتعبير عن الموسيقى
ب) عندما تتطور القدرة تتطور الرسوم كذلك ، فمثلا بالإضافة إلى الكلمات تدخل الرياضيات ورموزها وتدخل النغمة الموسيقية .
ج) ثم تأتي مرحلة النضج حيث يتم فيها التعبير عن الذكاء بوسائل مهنية وغير مهنية حيث يصبح الفرد كما يريد موسيقى ، شاعر ، مهندس ……الخ .
أهمية نظرية الذكاء المتعدد :
تعتبر هذه النظرية من النظريات التي لها دور كبير في الجانب التربوي حيث أنها ركزت على أمور غفلت عنها النظريات الأخرى ، فقد تم إغفال الكثير من المواهب ودفنها بسبب الاعتماد على التقييم الفردي واختبارات الذكاء بعكس هذه النظرية التي تساعد على الكشف القدرات والفروقات الفردية.
تطبيقات الكترونية بالتربية الإسلامية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش