علاقة التحدث بالاستماع :
يرتبط التحدث ارتباطاً فعالاً بالاستماع فكلاهما من فنون اللغة الذين يحكمان بقواعدها الخاصة ، ونظامها الصوتى المرتبط بالدلالات والمعانى ، والمواقف التى تنظم هذا التحدث طبقاً للأسلوب ، والقواعد ، والنظم التى استمع بها . فالتحدث الذى يعبر عن موقف ما ، أو سلوك ما ؛ إما أن يكون ناتجاً لما استمع إليه الشخص ، أو لما طلب منه. وبناء على النظام الذى استمع به ؛ عليه أن يتحدث ويعبر .
إذ يعد التحدث من أهم ألوان النشاط اللغوى للكبار والصغار على حد سواء ، فالناس يستخدمون الكلام أكثر من استخدامهم للكتابة، ومن هنا يمكن اعتبار الكلام هو الشكل الرئيسى للاتصال اللغوى بالنسبة للإنسان،وعلى ذلك يعتبر الكلام أهم جزء فى الممارسة اللغوية.
كما أوضح( جمعة سيد 1990) أن وظيفة اللغة الأساسية هى التواصل ، وهذا النشاط التواصلى يركز على ثلاثة عناصر رئيسية هى :متحدث أو مرسل ، ومستمع أو مستقبل ، و نظام إشارى أو لغة مشتركة يتكلمها المرسل والمستقبل ، وهذا النظام الإشارى له محتوى يرمز إليه.( جمعة سيد 1990: 26 - 27)
والتواصل من خلال اللغة يحدث من خلال نشاطين رئيسين هما : الكلام والاستماع . هذان النشاطان لهما أهمية بالغة لدى عالم النفس ، باعتبارهما أنشطة عقلية تحمل فى ثناياها هاديات تعكس طبيعة العقل البشرى . فعند الكلام يضع المتحدثون الأفكار فى كلمات ؛ قد يتحدثون عن إدراكاتهم ، أو مشاعرهم ، أو مقاصدهم التى يريدون نقلها إلى الآخرين ، وفى الاستماع يقومون بتحويل الكلمات إلى أفكار ، ويحالون إعادة صياغتها أو تركيب الإدراكات ، والمشاعر ، والمقاصد ، أو البيانات التى يريدون فهمها أو استيعابها فالكلام والاستماع ليس فقط يكشفان عن المدركات ، والمشاعر ، والمقاصد . وإنما هما أكثر من ذلك أنمها الأدوات التى يستخدمها البشر فى أنشطة أخرى أكثر عمومية . فالناس يتكلمون لنقل الحقائق ، ويسألون عن أحداث ، ويقدمون وعوداً ، والآخرون يستمعون لكى يستقبلوا كل هذه المعلومات .
وتسمى القدرة على إنتاج اللغة وفهمها بالكفاءة ، وهذه الكفاءة طبع عليها الإنسان منذ طفولته ، وخلال مراحل اكتساب اللغة ، وهى بمثابة مقدرة تجسد العملية التى يقوم بها متكلم بهدف صاغية الجمل ، وذلك طبقاً لتنظيم القواعد الضمنية التى يمتلكها . ( طاهرة الطحان 2002 : 56)
ويعرف التحدث بأنه : فن نقل الاعتقادات والعواطف والاتجاهات ، والمعانى ، والأفكار ، والأحداث إلى الآخرين " وأنه مزيج من العناصر التالية : التفكير بما يتضمنه من عمليات عقلية ، واللغة بوصفها صياغة للأفكار والمشاعر ، والصوت لحمل الأفكار والكلمات ، والتعبير الملحمى . (فتحى يونس وآخران 1983 :83)
ومن خلال ما سبق يمكن للباحث أن يعرف التحدث إجرائيا بما يتفق مع طبيعة البحث وطبيعة التلميذ فى مرحلة التعليم الابتدائى بأنه :وضع تلميذ الصف الثانى الابتدائى الكلمات والأفكار والمعانى فى سياق لغوى صحيح نطقاً وتركيباً يعبر عما يطلب منه ، أو يجول فى خاطره .
أما عن علاقة الاستماع بالتحدث فإن مهارة التحدث تمثل الجانب الإيجابى من التواصل اللغوى حيث يأتى التحدث مقابل الاستماع ، ويقوم الطفل فيه بتحويل الخبرات التى تمر به ، أو يمر بها إلى رموز لغوية مفهومة تحمل رسالته إلى من حوله ، فهو يتحدث للأفراد عما يعرف ، وعما يريد ، وعما يشعر به ، وقد يتحدث لما حوله ، أو ما فى يديه من ألعاب ، أو أشياء يفيض عليها حيوية الأفراد ، كما لا تقتصر مهارتى الاستماع والتحدث على مجال التنمية اللغوية بحد ذاته ، وإنما تمتدان لتشمل جل النشاط وتتدخل فى كافة الخبرات التربوية المقدمة بها . (محمد رفقى 1987: 121- 123)
وهذا يعنى أن التحدث والاستماع مهارتان ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأى موقف تعليمى سواء أكان ذلك داخل حجرة التعليم ، أو خارجها ؛ لذا ينبغى على من يقوم بتعليم الطفل إدراك أن مهارة الاستماع عملية فعالة ، وإيجابية تتطلب جهداً ووقتاً لممارستها بصورة جيدة لكى تحقق الهدف المرجو منها ؛ كما أنها تحتاج إلى جهد فى اختيار المحتوى المسموع ، ويبرز هذا الجهد فى كيفية تعليم الطفل تمييز الأصوات المسموعة ، والمعنى المقصود من المحتوى المسموع ، ويبرز ذلك أيضاً من خلال جهد من يقوم بتعليم الطفل ذاته فى كونه منصتاً جيداً أولاً ، ثم مقدماً للأنشطة المختارة والمنتقاة من جانبه بدقة .
ومن خلال ما سبق يتضح أن العلاقة بين الاستماع والتحدث لا تتوقف على مرسل ومستقبل ثم تحدث فقط ؛ وإنما تتم من خلال عمليات تتعلق بالمحتوى المسموع ، وخلفية المستمع عنه ، وكيفية التعبير عما استمع إليه من خلال عملية التواصل التى تتم بينه وبين المرسل ، كما يجب ألا تغفل طبيعة الكلام التى يعبر بها التلميذ فلا يكتفى بكلامه الذى يعبر به عن المطلوب منه ، والذى يهدف من خلاله التعبير عن المقصود دون النظر إلى طبيعة تركيب الجملة ، أو مناسبتها للموقف ، والتعبير بكلمات مناسب للمعنى أم لا ، أو طريقة جمع الكلمة أو تثنيته لها ، أو نطق الحروف ، فهذه أمور لا يمكن التغاضى عنها .
وتعتمد الطرق المستخدمة لتقييم مهارات الاتصال الشفهى على غرض التقييم ذاته ، فالطريقة التى نستخدمها فى إطار تقديم تغذية راجعة للتلاميذ أثناء تعلمهم مهارة جديدة لا تكون مناسبة عند تقييم الأطفال فى نهاية البرنامج . وعلى ذلك فأداة القياس ينبغى أن يكون لها درجة من المصداقية والثبات والدقة والاتساق ، وأن تمثل القدرات المراد قياسها للأطفال .(طاهرة الطحان 2002 :59-60 )
وعند تقويم مهارات التحدث يستخدم مدخلان أساسيان لهذا الغرض مدخل الملاحظة Observational approach وفيه يتم ملاحظة وتقييم السلوك بطريقة عفوية تلقائية . والمدخل البنائى Structured approach حيث يطلب من التلميذ أن يمارس مهمة واحدة أو أكثر من مهمة لغرض الاتصال الشفهى . ويتم تقويم التلميذ فردياً أو من خلال مجموعة من الأقران على أن يتم التركيز على حالة فردية بعينها ، وفى كل الأحوال لابد من توافر الاتصال فى وجود جمهور حقيقى .
كما ينبغى أن تركز المهام على موضوعات بإمكان التلاميذ التحدث عنها بسهولة ، وإذا لم يكن ذلك متاحاً فينبغى إعطائهم الفرصة لكى يجمعوا معلومات عن الموضوع وكلا المدخلين ، الملاحظة والبناء يستخدمان مقاييس التقدير Rating Systems سواء أكان تقديراً كلياً holistic rating ليعطى ذلك انطباعاً عاماً وشاملاً عن أداءات الأطفال عبر الزمن . أو مقاييس التحليل ،حيث تدخلنا فى تفصيلات عملية الاتصال ذاتها كالطلاقة ، والتنظيم ، والمحتوى ، واللغة ومن ثم فاستخدام مقاييس التقدير ربما يعطى مؤشراً على تنوع درجات القدرة على التعبير من خلال مقياس معد لهذا الغرض .
وينبغى اختبار صدق تلك المقاييس على عينة كبيرة من التلاميذ عدة مرات قبل إقرارها، كما ينبغى عدم إغفال جانب تحليل السلوك الكيفى لحديث الأطفال ؛ لأنه يعتبر مؤشراً صادقاً عما يتم بالفعل وتحتاجه الدراسة الحالية .
ويمكن أن تقاس مهارة التحدث عن طريق قدرة التلميذ على التعبير بوضوح ، وبسهولة عما يطلب منه ويفضل أن يتم ذلك فردياً حتى يتسنى للمختبر أن يقوم تعبير التلميذ كيفياً ، والذى يتم من خلال معرفة طول الجملة ، ونوعها ، ودقتها ، وأسلوب صياغتها ، وهل يلجأ التلميذ إلى الاستطراد ، أو الإطناب ، أم يلجأ إلى الإيجاز فى تعبيراته وهكذا .
ساحة النقاش