الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

نظارة اينشتاين: 

كان أينشتين لا يستغني أبدا عن نظارته.. وذهب ذات مرة إلى أحد المطاعم، واكتشف هناك أن نظارته ليست معه فلما أتاه ((الجرسون )) بقائمة الطعام ليقرأها ويختار منها ما يريد طلب منه أينشتين أن يقرأها له فاعتذر الجرسون قائلا : إنني آسف يا سيدي، فأنا أمي جاهل مثلك. 

كبرياء فنان: 

ذات ليلة عاد الرسام العالمي المشهور(( بيكاسو )) إلى بيته ومعه أحد الأصدقاء فوجد الأثاث مبعثرا والأدراج محطمة، وجميع الدلائل تشير إلى أن اللصوص اقتحموا البيت في غياب صاحبه وسرقوه وعندما عرف (( بيكاسو )) ماهية المسروقات، ظهر عليه الضيق والغضب الشديد. 

سأله صديقه : هل سرقوا شيئا مهما ؟ 

أجاب الفنان : كلا.. لم يسرقوا غير أغطية الفراش وعاد الصديق يسأل في دهشة: إذن لماذا أنت غاضب ؟

أجاب (( بيكاسو )) وهو يحس بكبريائه قد جرحت : يغضبني أن هؤلاء الأغبياء لم يسرقوا شيئا من لوحاتي. 

الرد خالص : 

ذهب كاتب شاب إلى الروائي الفرنسي المشهور (( إسكندر ديماس )) مؤلف روايته ((الفرسان الثلاثة )) وغيرها وعرض عليه أن يتعاونا معا في كتابة إحدى القصص التاريخية وفي الحال أجابه (( ديماس )) في سخرية وكبرياء كيف يمكن أن يتعاون حصان وحمار في جر عربة واحدة ؟ 

على الفور رد عليه الشاب : هذه إهانة يا سيدي كيف تسمح لنفسك أن تصفني بأنني حصان ؟

لماذا تزوجته ؟

عندما سئلت الكاتبة الإنجليزية (( أغاثا كريستي )).  لماذا تزوجت واحداً من رجال الآثار؟ 

قالت : لأني كلما كبرت ازددت قيمة عنده فِراش للضيف كان الكاتب الأمريكي (( مارك توين )) مغرما بالراحة حتى أنه كان يمارس الكتابة والقراءة وهو نائم في سريره، وقلما كان يخرج من غرفة نومه. 

 وذات يوم جاء أحد الصحفيين لمقابلته، وعندما أخبرته زوجته بذلك 

قال لها : (( دعيه يدخل )). .. ..  غير أن الزوجة اعترضت قائلة : هذا لا يليق. .. ..  هل ستدعه يقف بينما أنت نائم في الفراش ؟فأجابها (( مارك توين )) : عندك حق، هذا لا يليق اطلبي من الخادمة أن تعد له فراشا آخر. 

أبو علقمة وابن أخيه: 

يعيش السمك في الماء : 

الأستاذ: يعيش السمك في الماء.  

التلميذ: يعيش يعيش يعيش 

حاصل الضرب: 

المعلم لأحد تلاميذه: ما حاصل ضرب 3×3؟

التلميذ: ألم تقل لنا يا أستاذ أن الضرب ممنوع؟! 

ثالثا: الطرائف الأدبية: 

تحفل كتب التراث الأدبي العربي بالطرائف الأدبية على أنواعها.  هذه الطرائف التي يطلق عليها اسم (anecdotes) ومن أشهر الكتب التي تحتوي على هذه النوادر والطرائف, كتب الجاحظ وخاصة رسائله, والثعالبي في كتابه خاص الخاصّ, والأصفهاني في الأغاني, والابشيهي في كتابه المستطرف من كل فن مستظرف, والآبي أو ألأبِيّ في نثر الدرّ أو نثر أو نثر الدرر،  وغير ذلك الكثير الكثير.  ومما يلفت النظر أن القارئ- قديما وحديثا- حين يقرأ هذه النوادر والطرائف يستسيغها ويقبل عليها بشغف ويطلب الاستزادة.  ومن المعروف أيضا أن مثل هذه الطرائف والنوادر قد استغلّت في حديثنا وكلامنا اليومي والرسمي كدلالات رامزة أو صريحة أو كبراهين وإثباتات لقضايا معينة, وذلك لأنها بقدر ما تحتوي عليه من العمق المعنوي والعِظة والدرس, تحتوي أيضا على التركيز والإيحاء والتكثيف, وهي في هذا وذاك تلتف بروح ساخرة دعابية تثير بسمة القارئ وترفعها إلى الشفاه.  ومثلما استغلّت هذه الطرائف والنوادر في الحديث اليومي والرسميّ, استغلّت أيضا في ثنايا الروايات والقصص والحكايا, وذلك لنفس الغاية التي ذكرناها آنفا ولأنها تزيد من إضاءة النص إضاءة معنوية ثانيا. 

والطرفة كما تعرّفها المعاجم المختصة هي حدث شخصي محدود أو قصّة قصيرة لا تطمح إلى التسربل بشكل فنّي.  وهي تأتي إما مستقلة وإما داخل حكاية أكبر وأوسع.  وفي تعريف آخر لها يقول: الطرفة هي القليل الذي يحتوي على الكثير.  وهي غالبا تأتي سهلة مستساغة ممزوجة أو مكسوّة بمسحة من الفكاهة الضاحكة, ولكنها دائما تأتي محمّلة بدرس أو عظة.  أو كما يقول عنها بوبر: هي قصّة لحدث واحد, ولكنّ هذا الحدث يضيء مصيرا كاملا. 

أهمية الطرفة الأدبية: 

 تنبع أهميّة الطرفة/النادرة, من تركيزها وتكثيفها وإيحاءاتها وأيضا من العظة التي تقدمّها والروح الساخرة التي تلّفها.  فالطرفة النادرة تطرح ما عندها بأقل عدد من الكلمات نثرا أو شعرا.  والمتمعّن في هذه الطرائف/النوادر يجد أنها في النهاية تلخّص تجارب إنسانية كبيرة, وتختصر مساحات واسعة ومسافات كبيرة في الحياة, هذا من جانب أما من آخر فهي تطال كثيرا من مجالات الحياة والأدب, من هنا كَثُر توظيفها أدبيا وفنيّا كما كثر استخدامها في المجالس والمحافل الرسميّة وفي المسامرات الشعبيّة, وقد استفاد الأدب الغربي من هذه الطرائف/النوادر كثيرا ووظّفها في شعره وفي نثره, وللتدليل على ذلك يكفينا أن نذكر الفاشيتا, , لبوتشيو, والديكامرون لبوكاتشيو, وحكايات كنتربري.  ولكنّ الأدب العربي يفوق الآداب الغربية في جمال طرائفه وحذق تركيبها وبراعة إيحائها, ومهارة صياغتها وكل ذلك كي تروق للسامع وتجذبه اليها, كما تفوق الطرائف الغربيّة في خفة دمها وسرعة وصولها إلى هدفها.  وعلى ما يبدو فأن لغتنا العربيّة أطوع من اللغات الأخرى, وأكثر ليونة منها, وأسرع استجابة لمثل هذا اللون من القص.  وما ذلك إلا لاختلاف مستوياتها, ولكثرة اشتقاقاتها, ولتلوّن ألفاظها وقرائنها ولغزارة وثروة انزياحاتها ولغنى مجازها وصريحها. 

و يعد هذا الجانب الرائع من أدبنا حقلا واسعا ما زال بكرا يحتاج إلى الكثير من الدراسة والفحص, وهو لكثرة ما يحمل من إشارات وأبعاد يشكّل جنسا أدبيا متكاملا له ما يميّزه شكلا ومضمونا.  وربما هناك من يزعم العكس مدعيّا أن هذا اللون الأدبي قريب جدا من ألوان أخرى, لذلك من الممكن إدخاله ضمن أجناس أدبية أخرى مشابهة له وأوسع منه, ولكنني أقول انه رغم اقتراب أو تشابه هذا اللون مع ألوان أخرى, فان هذا الاقتراب لا يلغي تميّزه ولا يضرّ بتفرّده.  ومن أهم ميزات هذا الجنس الأدبي ما يتضمنه من عناصر تركيبيّة أصبحت ملازمة له حتى التصقت به والتصق بها على مرّ الزمن, وعلى كثرة ما كتب فيه.  ومن أهمّ هذه العناصر: 

- قضية التركيز على حدث معين شخصي محدود, يجمل تجربة أو خبرا منقولا على ألسنة الغير أو يدور على شخصيّة ما.  

- قضية التكثيف والإيحاء.  

- العظة والدرس والمغزى, فكل طرفة/نادرة قوامها ذلك.  

- قضية الروح الساخرة.  

- قضية الترميز لذلك كثرت في هذا الطرفة الكنايات الرائعة

- قضية الخاتمة/النهاية المتفجرة.  فالطرفة/ النادرة تقوم دائما على خاتمة تتجمع فيها كل الخيوط وتتركّز لتنفجر بالتالي في وجوهنا ولتحملنا إلى أجواء ذهنية أو اجتماعيّة أو أدبيّة جميلة. 

 ومما يلفت النظر أن مثل هذه العناصر تتمازج سوية وتتداخل وتلتفّ بلغة سردية متوتّرة تثير الزخم وتقوم على المفارقات, وتضارب المستويات فيها وتصادمها, ومن هنا نجد استساغة القارئ لهذا الجنس الأدبي وإقباله عليه وشغفه به.  ونحن إذا فحصنا حبّنا لهذا الجنس الأدبي نجد أنه ينبع من جملة من الأمور, أهمها في رأيي: أن هذه الطرائف/النوادر تخاطب فينا العاطفة حينا, وحينا الغريزة, وفي أحايين أخرى ينبع حبنا لها من تضارب المستويات اللغويّة/الاجتماعيّة وتصادمها.  فحين نقرأ موضوعا جديّا رسميا يعالج بكلمات عادية لا بد لنا من أن نضحك.  أو حين نرى أن الطرفة/النادرة تقوم على شخصيّة من مستوى اجتماعي رفيع متزاوجة مع شخصيّة أقل منها درجة من الناحيّة الاجتماعية, ترتفع عندئذ البسمة على شفاهنا.  أو حين تتصادم اللغة أحيانا في نصّ يحتوي على مستوى أدبي معين ممزوج بمستوى أقل منه وربما كان محتقرا في حينه, كمزج الشعر العربي الكلاسيكي/ الارستقراطي مع لغة المحدثين.  أو كمزج العربيّة الفصيحة الرسميّة بالعاميّة أو بالأعجميّة, أو كالتعبير عن موضوع رسمي جادّ بلغة غير رسميّة, كل هذا يثير فينا الضحك.  ومن هنا فرّق الباحثون في أدبنا بين نوعين من هذا الأدب: الرسمي وغير الرسمي (Cannonical- Uncannonicail). 

يضاف إلى ما ذكر أن استساغة القراء لمثل هذا الأدب لعبت دورا مهما في انتشاره بين الخاصّة والعامة على السواء.  فقصور الخلفاء حفلت بالكثير من المجالس التي اقتصرت على قصّ هذه الطرائف/النوادر, سواء كانت نثرا أم شعرا.  وكذلك حفلت مثلها أسواق العامة خاصّة في مسامراتهم.  وربما ألأمر الذي يجمع كل ما ذكر ويثير فينا حبنا لهذا الجنس هو قضيّة كونه نوعا من القصّ (Narrative)إذ أن القصّ قديما وحديثا فن جاذب للناس على أنواعهم, حيث أنه استُغِلّ كشكل لعدد كبير من الأمور, من جملتها التعليم, والنقد الاجتماعي الإصلاحي والديني, هذا عدا عن وظيفة التسلية والترفيه. 

وظائف الطرفة الأدبية : 

لقد شغلت الطرفة الأدبيّة مساحات لا بأس بها في أدبنا: قديمة وحديثة, هي جنس أدبي له قيمته ووزنه, كما أن له وظائفه ومهامه الكثيرة.  ومن هنا فان المتتبع له يجد أن الاهتمام به والتعامل معه اكتسب احترام الكثيرين في الماضي.  وإذا نحن ركّزنا اهتمامنا في اقتفاء أثر هذا الجنس ألأدبي نجد أنه كان على مدار عصور أدبيّة كثيرة محط اهتمام القارئ, ولكنه ازداد وتطور في رأيي مع ازدياد وتطور الفوارق الاجتماعية والسياسية قديما.  ولعلّ هذه الفوارق هي التي حدّدت لهذا الجنس فيما بعد وظائفه ومهامه.  والمتتبع للطرائف/النوادر في أدبنا العربي أيضا يرى أنها اتخذت فعلا وظائف هامة معبّرة, من أهمها في رأيي: إظهار الفوارق الطبقيّة, والسخرية من واقع ما بغية نقده وإصلاحه.  كما أنها اتخذت في بعضها جانب التهذيب بمعنى تهذيب النفس والحثّ على الأخلاق الحميدة.  وتنضاف إلى ذلك مهمة النقد السياسي, والديني والأدبي, مع الإشارة إلى غلبة الجانب الاجتماعي الطبقي, خاصّة موضوعة الفقر. 

والمتمعن بهذه الوظائف يصل إلى كم كانت أهميتها كبيرة وهذه الأهميّة تنبع من كون العصور القديمة التي فيها شاعت هذه الطرائف وتطوّرت وازدهرت كالعصرين العباسي والانحطاط شغلت مساحة واسعة من تاريخنا.  ولعل الظلم الاجتماعي والقهر السياسي كان لهما نصيب كبير في ذلك التطور, وذلك الانتشار.  إذ حين تُكَمُّ الأفواه ولا يستطيع الفرد التعبير عن رأيه صراحة يفتّش عن بدائل من خلالها يستطيع التنفيس عما يغمّ قلبه ويقلقه من هموم على أنواعها.  هكذا بالمناسبة نشأ القص على ألسنة الحيوانات, وهكذا نشأ المثل, وهكذا بالتالي نشأت الطرفة الساخرة المحملة بالأبعاد التي حاولت أن تطرح أو تهرّب مأزومها ومخزونها كي يصلا إلى القارئ/السامع بطريقة سهلة محببة ساخرة لتشحنه.  بما فيه من عظة أو نقد موجه, أي عن طريق النكتة السريعة السرديّة أو الشعريّة المحكية التي من أسهل الطرق وأحبّها على النفس.  من هنا في رأيي- أي من الوظيفة ومن الطريقة في آن معا, اكتسبت هذه الطرائف أهمية توظيفها في الأدب القصصي على أنواعه, وفي الشعر على ألوانه أيضا. 

ورغم أن البعض يرى إلى هذه الطرائف من زاوية أخرى, من زاوية كونها خلقت لتسلي القارئ أو لتدفع عنه الملل, أو لتسدّ فراغا- كما هو الحال اليوم-, في مجلة أو صحيفة, إلا أن هذه الطرائف وبالرغم من استخفاف البعض بها, لها أهميتها, لذلك لم يكن توظيفها في المجلات والصحف صدفة وإنما جاءت بغيّة جذب القارئ إلى مواضيع أخرى في تلك المجلات أو الصحف وأعتقد أن هذا الرأي السلب تكوّن نتيجة الفهم الخطأ لجملة إمام النثر العربي الجاحظ التي وردت في رسائله حين وصل إلى باب الطرائف حيث قال هناك قبل ولوجه إليها, "كي لا يملّ القارئ".  والصحيح أننا إذا تفحصنا كتب الجاحظ على كثرتها وتنوعها وغناها نجد أنه كان أكثر الأدباء استغلالا لهذا الجنس, ليس بغية دفع الملل, ولا بغية تسلية القارئ, بل لأنه كان يرمي من وراء هذا الاستغلال إلى الكثير من الأهداف التي ذكرناها آنفا.  ونظرة طائرة إلى كتاب الحيوان أو البيان والتبيين, أو على الأخص إلى كتاب نوادر البخلاء تكفي للتدليل على ذلك. 

ولم تقتصر الطرفة على النثر في الأدب العربي بل تجاوزته وتعدّته- مع محافظتها على وظائفها-, إلى الشعر, ولكنها هناك اتخذت شكلا آخر أطلقوا عليه اسم الإخوانيات.  والمتتّبع للشعر العربي: قديمه وحديثه, يجد أن الإخوانيات فيه شكّلت بابا مهما يستلطفه القارئ ويقبل على قراءته/ سماعه بنهم. 

وكي لا يظل حديثنا يدور في إطار الاجتهادات النظرية, وللتدليل على ما قلناه من عناصر الطرفة كجنس أدبي ووظائفها سنحاول إثبات بعض هذه الطرائف, علها تفصح عما تحتويه من جمال, وعمّا تشتمل عليه من عظة ودرس.  وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الطرائف التي سنثبتها هي غيض من فيض, فهي بحر واسع لا يمكن لنا الإحاطة به من جهة, كما أن هذه العجالة والمساحة المخصصة لها لا تتسع إليه من ثانية, أما من جهة ثالثة فهناك الكثير من هذه الطرائف التي تمسّ جوانب أخلاقية وهي على روعتها سنعرض عنها هنا. 

نماذج من الطرائف الأدبية: 

أبو نواس عند الخليفة هارون الرشيد: 

حكي عن الشاعر أبي نواس, أنه دخل على الرشيد فوجده جالسا والى جانبه جارية سوداء تدعى خالصة وعليها من الحليّ وأنواع الجواهر واللالىء ما لا يوصف.  فصار الشاعر يمتدحه وهو يلهو.  فلما خرج كتب على الباب: 

لقد ضاع شعري على بابكم              كما ضاع عقد على خالصة

فقرأها بعضهم وأخبر الرشيد فغضب على ذلك وأمر بإحضاره.  فلما وصل إلى الباب مسح ذنب العين في لفظة ضاع ودخل.  فسأله الرشيد: ما كتبت على الباب؟ فقال: كتبت-

لقد ضاء شعري على بابكم                  كما ضاء عقد على خالصة

فعفا عنه وأعجبه وأنعم عليه. 

عينكم تقتلني: 

يروى عن احمد أمين الأديب والمؤرخ الرصين, أنه كان يعلّم فتاة انجليزية العربية, وهي تعلّمه بدورها الانجليزية.  وكان لها عينان تشعان الثقة والإخلاص والأمانة, فكان يصعب عليها النطق بالعين.  فكانت تقول: إن عينكم هذه تقتلني.  فيقول (احمد أمين): وعينكم أيضا تقتلني. 

عروضي مليح: 

 قال أحدهم في عروضيّ: 

لي عروضيّ مليح              موتتي فيه حياة

عاذلاتي في هواه               فاعلات فاعلات

 وفي تاجر: 

وتاجر أبصرتُ عشاقه                والحرب فيما بينهم تامر. 

قال علامَ اقتتلوا هاهنا                 قلت: على عينك يا تاجر

أحسن ما قيل في الهلال: 

من أحسن ما قيل في الهلال لابن المعتز: 

وجاءني في قميص الليل مستترا      مستعجل الخطو في خوف وفي حذر

 ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا       مثل القلامة إذ قُصَّت من الظُّفر

وكان ما كان منا لست أذكره           وظنّ خيرا ولا تسأل عن الخبر

قرقرة البطن: 

عن الأدباء النحويين يروي الكثير الجميل, هاك بعضه: 

سمع أبو عثمان المازني من بطن رجل قرقرة, فقال: هي ضرطة مضمرة. 

هجاء: 

وقال يزيد بن خرب الضبّي في حفص بن وبرة يهجوه, وقد لحن المرقش في شعر له: 

لقد كان في عينك يا حفص شاغل        وأنف كمثل العود عمّا تتبّعُ

تتبع لحنا في كلام مرقّش                وخلفك مبنيّ على اللحن أجمع

فعينك إقواء وأنفك مُكفأ                 ووجهك ايطاء وأنت المرقع

صلاة خفيفة: 

يروى عن الشاعر مروان بن حفصة, أنه نظر إلى ابنه أبي الجنوب وهو يصلي صلاة خفيفة فقال له: يا بنيّ صلاتك رجز. 

في الغيرة: 

ويروى عن الجند وأصحاب السلاح في الغيرة ما يلي: 

تكلّم الهجر فقال الهوى                  ما هذه الضوضاء في عسكري

وقال للآمر في جيشه                    ما لك لا تنهى عن المنكر

فجيء بالهجر يجرُّونه                  فلم يزل يصفع حتى خَري

هذه بعض الطرائف التي تمس الجانب الأدبي. 

 وهذه بعض الطرائف التي تمسّ الجانب الأدبي بتوجه السياسي, ومنها: 

وزير ركال: 

ركب وزير المنتصر أحمد بن الخصيب أحمد بن الخصيب يوما فتظلّم إليه متظلّم بقصة لم تعجبه, فأخرج رجله من الرِّكاب فزجّ بها في صدر المتظلّم فقتله, فقال بعض الشعراء: 

قل للخليفة يا ابن عمّ محمد             أُشْكُل وزيركّ انه ركّال

أمير يقرع جنده: 

قال بعض الأمراء لجنده يقرّعهم: يا كلاب!

فقال له أحدهم: لا تقل ذلك فانك أميرنا. 

وصف ثقيل: 

قال إبراهيم طوقان في أحد الثقلاء: 

أنت كالاحتلال زهوا وكبرا       أنت كالانتداب عجبا وتيها

أنت كالهجرة التي فرضوها        ليس من حيلة لقومك فيها

أنت أنكى من بائع الأرض    عندي أنت أعذاره التي يدّعيها

لك وجه كأنه وجه سمسار        على شرط أن يكون وجيها

وجبين مثل الجريدة لم                لم تجد كاتبا عفيفا نزيها

وحديث فيه ابتذال واحتجاج            كلّما نّمقوه عاد كريها

جُمِعَت منك عصبة للبلايا             وأسى كل أمة تشتكيها

طرائف أدبية ترتبط بالجانب الديني : 

أما عن الطرائف الأدبية التي ترتبط بالجانب الديني فهناك الكثير منها: 

خطيب مبالغ: 

خطب أحدهم في عمل وليه, فقال في خطبته: 

إن الله خلق السموات والأرض في ستة أشهر, فقيل له: في ستة أيام.  فقال: والله أعرفها وأردت أن أقولها ولكني استقللتها. 

اللهم اسقنا: 

يروى عن الأطباء ما يلي: من دعاء الطبيب أبي أيوب: اللهم اسقنا شربة من حبّك تسهّل ذنوبنا. 

طرائف نحوية: 

نحوي في السوق: 

دخل أحد النحويين السوق ليشتري حمارا فقال للبائع : 

أريد حماراً لا بالصغير المحتقر ولا بالكبير المشتهر،  إن أقللت علفه صبر، وإن أكثرت علفه شكر، لا يدخل تحت البواري ولا يزاحم بي السواري، إذا خلا في الطريق تدفق، وإذا أكثر الزحام ترفق. 

فقال له البائع : دعني إذا مسخ الله القاضي حماراً بعته لك

خطأ نحوي: 

أبو علقمه وابن أخيه قدم على أبي علقمه النحوي ابن أخ له، فقال له : ما فعل أبوك؟

قال : ماتقال : وما علته ؟

قال : ورمت قدميه 

قال : قل : قدماه.. 

قال : فارتفع الورم إلى ركبتاه. 

قال: قل : ركبتيه. 

فقال : دعني يا عم، فما موت أبي بأشد علي من نحوك هذا. . !

من بالباب: 

وقف على باب نحوي أحد الفقراء فقرعه فقال النحوي : من بالباب ؟. ..  فقال : سائل

فقال النحوي : لينصرف. ... فقال الفقير مستدركا : اسمي أحمد ( وهو اسم لاينصرف في النحو) … 

فقال النحوي لغلامه : أعط سيبويه كسرة

دعني يا عم: 

قدم على أبي علقمة النحوي ابن أخ له، فقال له : ما فعل أبوك؟ قال : مات 

قال : وما علته ؟ 

قال : ورمت قدميه قال : قل : قدماه قال : فارتفع الورم إلى ركبتاه 

قال: قل : ركبتيه فقال : دعني يا عم، فما موت أبي بأشد علي من نحوك هذا

في حصة الإملاء: 

قال الأستاذ : اكتبوا لي: بقرة وحظيرة وحشيش.  

فسلّم أحد الطلاب ورقته فارغة... 

الأستاذ: لماذا ورقتك بيضاء ؟ 

الطالب: ماذا أفعل يا أستاذ !!البقرة أكلت الحشيش ودخلت الحظيرة.  

موضوع تعبير: 

طلب أستاذ من تلاميذه أن يكتبوا موضوعاً عن عائلة فقيرة فكتب أحد التلاميذ الأثرياء: 

كان يا مكان في قديم الزمان عائلة فقيرة: الأب فقير والأم فقيرة والأولاد فقراء والخادم فقير والبستاني فقير وسائق السيارة فقير والكل فقراء. 

خط قبيح: 

كان الشيخ صفي الدين الهندي، محمد بن عبد الرحيم، الفقيه الشافعي، المتوفى سنة 715 هـ - رجلاً ظريفاً، فيحكى أنه قال : وجدت في سوق الكتب مرة كتاباً بخط ظننته أقبح من خطي، فغاليت في ثمنه واشتريته لأحتج به على من يدعي أن خطي أقبح الخطوط، فلما عدت إلى البيت وجدته بخطي القديم. 

الطرفة الأدبية والقصّة: 

المتتبع للطرائف يجد أنها ترتكز في الكثير على موضوعية الفقر, وللتأكيد على ما قلناه نورد بعضا من هذه الطُّرف والنوادر التي تمسّ الجانب الاجتماعي/الاقتصادي/الطبقي: 

أ‌-  قال أحد الأطباء للمريض: لا تأكل اللحم والسمن.  فقال المريض: لو كان عندي لحم وسمن ما اعتللت أبدا. 

ب‌- شكا أبو العيناء إلى صديق له سوء الحال.  فقال الصديق: اشكره فان الله رزقك العافية والإسلام.  فقال أبو العيناء: أجل, ولكن بينهما جوع يقلقل الكبد. 

ج-   قال الوليد بن يزيد لابن ميادة في بعض وفاداته عليه: من تركت عند نسائك.  قال: رقيبين لا يخلفان طرفة عين: الجوع والعري. 

د‌-   دخل اللصوص على أبي بكر الدبابي يطلبون شيئا, فرآهم يدورون في البيت, فقال: يا فتيان, هذا الذي تطلبونه في الليل قد طلبناه في النهار فما وجدناه. 

فهذه طرائف تشير إلى الفوارق الاجتماعية بين الأفراد داخل المجتمع الواحد،  وكما هو واضح للجميع كيف تحتوي الطرائف على بذور أدبية وأبعاد كثيرة تطال الجانب السياسي/ الاجتماعي/ الثقافي.  

العرب والطرائف: 

في الواقع لقد أثر هذا اللون الأدبي قديما في نشأة فن أدبي كبير, هو فن المقامة.  هذا الفن الذي يقوم كما هو معروف للجميع على عناصر معينة شبيهة بعناصر القصة القصيرة اليوم.  فنحن إذا قرأنا مقامات الهمذاني أو مقامات الحريري نعثر فعلا على الكثير من الطرائف والنوادر بمهامها المذكورة آنفا, بل أن هذا الفن أصلا استمد وجوده من هذه الطرائف.  فالدراسات المقارنة اليوم, تشير إلى أن أول ميلاد للأدب القصصي في العالم كان من أرض العرب, ثم انحدر إلى اسبانيا, حيث ترك آثارا لم يملك النقاد الأسبان إلا أن يشيروا معها إلى التشابه بين بطل مقامات الحريري وأبطال الكدية في أدبهم الأسباني.  ويؤكد بعض الدارسين اليوم على أن فن القصة القصيرة كان قد انحدر من أدب الكدية عموما ومن فنّ المقامات العربية على وجه التحديد.  وخلاصة القول في هذا الإطار أن فن المقامات كان قد استفاد كثيرا من العناصر القصصية التي انو جدت في ثنايا الطرائف والنوادر الأدبية, وقد استفاد الأوروبيون من هذه المقامات في خلق قصتهم القصيرة التي أصبحت اليوم بعد مسيرة طويلة فنا مهما وجانرا أدبيا له شأنه.  فهل استفادت قصتنا القصيرة نحن أيضا من هذا اللون كما يجب؟!

وبالرغم من أن قصتنا القصيرة استمدت أصولها وملامحها من القصة الأجنبية في نشأتها, إلا أن الكتّاب العرب بعد أن تبلورت هذه القصّة فيما بعد, استطاعوا أن يوظفوا هذه الطرائف والنوادر فيها, وأن يستفيدوا من أبعادها وان كان الأمر قد جاء متأخرا.  ومع أننا كنا نود أن يكون ابتكار هذا اللون الجديد- القصة الفنية القصيرة-, عربيا صرفا, ذلك لأن مادته كانت متوفرة, في أدبنا لكننا نجد المبررات لعدم تطوّره, تلك المبررات التي تنبع من أنفة الأدب الرسمي في حينه من مثل هذه المواد الشعبيّة.  هذه الأنفة أعاقت الأمر وأرجأته حتى استطاع الغرب الاستفادة من هذا اللون كثيرا إلى أن وصل إلينا كما وصل مع عشرينات- وربما بعدها- هذا القرن. 

ويختلف النقاد حول ما إذا كان فنّ الكدية- وهو فن عربي أصيل تم توظيفه على سبيل المثال في نوادر جحا الذي يعتبر أول بطل في هذا المضمار, و فن المقامة يملكان مثل هذا التأثير على نشأة القصة الغربية.  ولكن رغم هذا الاختلاف فان الشيء المؤكد أن هذه الألوان الأدبية فيها الكثير من عناصر القص.  إذ يكفي المقامة أنها قد أكدت على عنصري الزمان والمكان ونظرت إلى الإنسان ضمن هذين الإطارين. 

ورغم تأنق المقامة اللفظي فأن هذا التأنق لم يفقد حوار الشخصيات دفأه ولا التصاقه بالحياة, بل انه في اعتمادها الجملة القصيرة وان كانت مسجعة ساعد على احتفاظها بنبرة الإنسان في حياته اليومية, وعلى عكسها الصوت الإنساني الذي هو أساس القصّة, هذا بالإضافة إلى وجود مضمون اجتماعي وراوية وبطل وانسجام الشكل مع المضمون وخلق جمالية لغوية وقصصية ولّدت مشاركة القارئ ومتعته.  ولكنها رغم كل ما ذكرت يظلّ ينقصها أشياء كثيرة كي تصبح قصّة قصيرة.  بمعناها الفني المعروف اليوم.  وأهم هذه النواقص ما يراه عدد من الدارسين: إن الحادثة في المقامة ليست معنية بحدّ ذاتها, إنما هي حيلة فكهة إجمالا تفسّر حياة مكدّ وتصرفاته.  وثانيا أنها تخلو غالبا من العقدة التي يفترض وجودها في القصّة الموفقة, وثالثا خلوها من التحليل, ورابعا اهتمامها الشديد بالأسلوب. 

و ما من شك في أن الطرفة الأدبية لعبت دورا مهما في حياة أدبنا قديمه وحديثه, نثره وشعره, وقد ظلّ هذا اللون يستمدّ كيانه ومسببات وجوده وأهميته حتى منتصف هذا القرن تقريبا.  ومما يؤسف له حقا, أننا نشهد اليوم ردة وتراجعا ملحوظين لهذا الأدب الذي فيه وجد العديد من القراء متعة ودرسا ومتنفسا, لما فيه من إيجاز وتكثيف وإيحاء وعناصر قصصية وروح ساخرة هادفة تلامس جراحا كثيرة بالإضافة إلى ما فيه من وظائف وأبعاد تدغدغ حاسته وتوقظ إحساسه.  

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 233 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,738