الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

برامج علاج صعوبات التعلم

دار جدل واسع حول كيفية علاج صعوبات التعلم، ولعل مرد هذا الجدل ذلك البون الشاسع في خصائص الأطفال ذوي صعوبات التعلم، وطبيعة الصعوبة، وكيفية تشخيصها وتحديدها. وتمت محاولات جادة لتحقيق هذا الهدف في الدول المتقدمة، يبدو ذلك واضحا من خلال ذلك التراث الهائل من الأبحاث المتعلقة بذوي صعوبات التعلم، في حين جاء الجهد المبذول في الدول العربية في هذا الصدد- بكل أسف- دون المستوى، مقارنة باهتمام الدول المتقدمة بهذا المجال.

وهناك اتفاق عام على أهمية وضرورة علاج صعوبات التعلم، ولكن الاختلاف في كيفية العلاج، وفي هذا الصدد  تذكر الدراسات المرتبطة بالمجال أن برامج التدخل في مجال صعوبات التعلم تنقسم إلى ثلاثة أنواع يمكن إجمالها فيما يلي:

1-   برامج تركز على العلاج:     Program with a Remediation Emphasis

2-   برامج تعويضية:               Program with a Compensatory Emphasis

3-   برامج المنهج البديل:          ِAlternative Curriculum Emphasis            

وفيما يلي تفصيل مختصر لهذه الأنواع من البرامج:

1 – البرامج التي تركز على العلاج: تركز هذه البرامج في علاجها لصعوبات التعلم على القصور في العمليات والنواحي الداخلية الخاصة بالطفل صاحب الصعوبة دون التركيز على المحتوى، ويشيع استخدام مثل هذه البرامج لدى أطفال المرحلة الابتدائية الذين يعانون من صعوبات تعلم في مجال اللغة والحساب. وهذا النوع من البرامج يسمى العلاج القائم على تدريب القدرة Ability Training، فهو يهتم بعلاج الضعف أو القصور لدى الطفل في عمليات أو جوانب محددة مثل الجانب النفس لغوي، أو الجانب الإدراكي، أو الجانب البصري، أو الجوانب الخاصة بتدريب الحواس على اختلافها وتنوعها. وهذا يعني أن يتم البحث عن العملية الداخلية التي تعاني من قصور أو تأخر في النمو، ومن شأنها أن تكمن خلف الأداء الذي يتسم بالضعف لدى الطفل، وتؤثر في عملية تعلمه سلبا.      (مجدي إبراهيم:2003، 108)

2- البرامج التعويضية: ويطلق على هذا النوع أيضا مسمى العلاج القائم على تدريب المهارة Skill Training؛ لأن التدخل يقوم على التركيز مباشرة في المشكلة التي يظهرها الطفل، على أساس أن سبب المشكلة هو أن الطفل لم يتلَقَ الفرصةَ الملائمةَ للتعلم، فهذا النوع من التدخل يقوم على التعليم المباشر في تحديد المهارات، دون البحث عن أية عمليات مسئولة تسهم في توفير الفرصة للتعلم والممارسة مباشرة. وهذا النوع من التدخل يسمى أيضا العلاج القائم على التعليم المباشر، أو التدخل القائم على تحليل المهمة Task analysis.ويصمم لتزويد الأطفال ذوي صعوبات التعلم بالخبرة التعليمية من خلال الطرق والقنوات غير التقليدية، وذلك من خلال الاعتماد على المواد المسجلة والتقنيات البصرية، والتعليم عن طريق الزملاء.. وتعديل أساليب وفنيات تدريس الطفل ذي الصعوبة في التعلم.             ( طارق عبد الرءوف: 2008، 239)

3- البرامج التي تركز على المنهج البديل: يقوم هذا النوع من البرامج على تقديم مناهج مختلفة ومتعددة، بحيث تكون هذه المناهج البديلة مناسبة للمتغيرات الخاصة بالمتعلم ذي الصعوبة. وقد نشأ هذا النوع من البرامج العلاجية لمحاولة تلافي القصور في كلا النوعين السابقين، وذلك بمحاولة الدمج بينهما في وقت واحد.                                  

وسوف تستخدم الدراسة الحالية ذلك النمط الثاني من البرامج العلاجية وهو البرامج التعويضية القائم على تدريب المهارة Skill Training؛ لأنه يتوافق مع فلسفة المدخل السلوكي الذي تتبناه الدراسة الحالية فهما وتشخيصا وعلاجا لذوي صعوبات التعلم.

 والبرامج العلاجية المستخدمة مع ذوي صعوبات التعلم نوعان: برامج فردية، وبرامج جماعية:

أ- البرامج الفردية:

 ويقصد بالتدريس الفردي: تقديم الخبرة التربوية المناسبة لكل تلميذ حسب قدراته وميوله وسمات شخصيته، وظروفه الخاصة، ولا شك أن ذوي صعوبات التعلم أحوج ما يكونون إلى هذا النوع من التدريس. وينبغي لمن يقوم بالتدريس الفردي أن يضع في اعتباره ما يلي:

1-   مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.

2-   تنويع الخبرات التربوية المقدمة للتلاميذ وطرق تقديمها.

3- رسم الأهداف التربوية للتدريس بمصادرها: فلسفة المجتمع ونظمه وأهدافه- الخبرة التربوية- خصائص التلميذ- الإمكانات المتاحة.

4-   دور المعلم دور الميسر الموجه، ودور التلميذ إيجابي فعال.

ب - البرامج الجماعية:

فأحيانا يحتاج التلميذ الذي يعاني من صعوبات التعلم في مهارة معينة   ( قراءة أو كتابة...) إلى أن يشارك في تجاربه الآخرين ممن يعانون من مثل ما يعاني، ويتم هذا النوع من العلاج في مجموعات يعلم فيها التلاميذ بعضهم بعضا، ويعالج بعضهم بعضا، حيث إن أصحاب نظريات التعلم يؤكدون أن أهم تعزيز يناله الطفل في حجرة الدراسة هو العلاقة بينه وبين مجموعة أقرانه. ويتطلب استخدام العلاج الجماعي ثلاثة شروط هي:

1-   أن يكون طول الوحدات التعليمية المستخدمة مناسبا.

2-   أن تستخدم فيها اختبارات بنائية وأخرى نهائية.

3-   أن ترسم خطة مناسبة لنواحي القصور في تحصيل الوحدة الدراسية.

                                                           

        ولكي تحقق برامج العلاج الجماعية أهدافها يتعين مراعاة ما يلي:

1-    التخطيط الجيد للبرنامج العلاجي.

2-    تطبيق اختبارات تشخيصية على أسس علمية.

3-  مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ في الاستعدادات والقدرات والميول وسمات الشخصية والظروف الخاصة والخبرات السابقة.

نظام ومكان ممارسة التعليم (التدريب العلاجي)

بمجرد التعرف على أن الطفل لديه صعوبة في التعلم، فمن الضروري تحديد سبب الصعوبة؛ حتى يمكن عمل تدريس علاجي، ويفضل أن يمارس التعليم العلاجي مع الحالات التي تعاني من مشكلات بشكل فردي، أو في صورة جماعات وفق متطلبات موقف التعليم والتعلم الذي يستلزم اتباع خطوات عديدة في التشخيص، وتحديد العوامل المسئولة عن المشكلة، ورسم خطة العلاج وتنفيذها، ومتابعتها وتقويمها، وبيان نتائجها، والاستفادة من كل ذلك في تصحيح مسار التعلم (أو العلاج) للحالة  أو الحالات المعنية بالتدريب العلاجي. وسوف يتم تنفيذ البرنامج العلاجي للدراسة الحالية في غرفة المصادر، بحيث يقضي التلميذ جزءا من اليوم مع زملائه في الفصل، وبقية اليوم في غرفة المصادر يتلقى تعليما علاجيا. ويعرض الباحث فيما يلي لتعريف غرفة المصادر ودور المعلم فيها.

 

10- غرفة المصادرResource Room

غرفة المصادر غرفة يعمل فيها فريق من المعلمين المتخصصين في التربية الخاصة، يحول إليهم الطالب من قبل معلم الفصل، ويخضع الطالب فيها لتقييمات مختلفة لتحديد نوع الصعوبات التي يعاني منها ودرجتها، ومدى تأثيرها على بقية المواد الدراسية، ومن ثم وضع خطة تربوية فردية لكل طالب، يحدد فيها كيفية تنمية المهارات العقلية المعرفية، والتي تؤثر بدورها على المواد الأكاديمية. 

وتكمن أهمية غرفة المصادر في أنها تعطي الحق لأطفال ذوي الصعوبات التعليمية في الحصول على فرص تعليمية متكافئة دون التعرض للإحباطات والمحاولات غير الناجحة التي تجعلهم أقل قبولا لدى مدرسيهم وأقرانهم وربما أبويهم، حيث يدعم فشلهم المتكرر اتجاهاتهم السالبة نحوهم. فهي بهذا تعتبر البيئة المناسبة لذوي صعوبات التعلم؛ لأنها تفسح المجال أمامهـم ليتعلموا فـي الفصل العادي المعلومات والمهارات الأكاديمية، فضلا عن التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين اللذين يعتبران عنصرين من أهم عناصر مقومات الحياة الاجتماعية السليمة.                                   ( جابر عبد الحميد: 2001، 51)

 

 

 

أقسام غرفة المصادر:

        تقسم غرفة المصادر إلى أقسام مختلفة كل قسم مسئول عن تنمية مهارة معينة، ومن ثم يقسم الطلاب الذين يعانون من الصعوبات التعليمية إلى مجموعات متجانسة من حيث نوع الصعوبة وحدتها بصرف النظر عن المرحلة الدراسية للطالب، و أقسامها هي:

1-   قسم لتنمية مهارات القراءة.

2-    قسم لتنمية مهارات الكتابة.

3-    قسم للتعليم المنفرد.

- أثاث غرفة المصادر:

1-   طاولة كبيرة في كل قسم تتسع من ( 3-4 ) طلاب.

2-    حواجز متحركة تحجز كل قسم على حدة.

3-    دولاب لكل قسم لحفظ الوسائل التعليمية الخاصة به.

4-    مكان لحفظ ملفات الطلاب.

5-   مقاعد منفردة للتعليم الفردي.

6-   سبورة مغناطيسية تعمل على الوجهين.

7-   سبورة حائطية ثابتة.

وذلك كما في الصورة التالية

 

 

 

- أنواع الخدمات المقدمة للطلاب ذوي صعوبات التعلم في غرفة المصادر:

1- خدمات مساندة للطالب تقدم له من خلال تواجده بالفصل مع زملائه، بحيث يتم التنسيق بين معلم المادة و معلم غرفة المصادر ليتواجد معلم غرفة المصادر أثناء المادة التي يعاني الطالب من صعوبة فيها.

2-  خدمات تقدم للطالب من خلال تواجده في غرفة المصادر حسب الجدول الخاص به.

ولهذا ينبغي أن يتوافر في غرف المصادر ما يلي: ( زيدان السرطاوي: 1987، 65)

1-   أدوات واختبارات لتشخيص جوانب القصور لدى الطفل، وتحديد طبيعة العلاج المطلوب.

2-   طرق وأساليب تدريس تتناسب مع طبيعة الصعوبات التي يعاني منها الطفل.

3-   مواد تعليمية تتناسب مع طبيعة طرق وأساليب التدريس.

4-   تدريس الأطفال في مجموعات يراعى فيها نوع ودرجة الصعوبة التي تعاني منها هذه المجموعة.

5-   أنشطة وأدوات تعليمية تثير اهتمام التلميذ، وبالتالي تضمن تعاونه ومشاركته وتفاعله.

6-   جداول تنظم المدة التي يقضيها الطفل في غرفة المصادر، وفي الفصل العادي.

7-   التخطيط والتعاون بين مدرس المصادر ومدرس الفصل العادي.

دور المعلم في غرفة المصادر

يمكن تحديد مسئوليات معلم غرفة المصادر في تقديم المهارات الأكاديمية والسلوكية للتلاميذ المسجلين بغرفة المصادر، والقيام بالتدريس المباشر لهم ضمن خطة تدخل تعالج نقاط الضعف عن طريق التركيز على نقاط القوة لديهم، علاوة على تقديم خدمات الاستشارة لمعلمي الفصل العادي بتقديم نماذج ملائمة لتدريس التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة.        

  ( صلاح عميرة: 2002، 78)

وتشير لجنة معايير برنامج غرفة المصادر بمقاطعة " سوفولك " بنيويورك بأن دور معلم غرفة المصادر هو مساندة برنامج الفصل عن طريق تقوية مهارات التلميذ الأساسية، أو الإدراك، أو فهم المعلومات، حتى يستطيع التلميذ العمل بنجاح.

 ( Suffolk County, NY, BOCES 2,1986 )

 

في هذا المحور تناول الباحث تعريف صعوبات التعلم وكيفية تشخيصها وبرامج علاجها، ومفهوم غرفة المصادر، وينتقل في المحور التالي لتفصيل الحديث عن صعوبات القراءة والتعبير الكتابي.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 9296 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,153