إن العديد من الأشخاص يعتبرون التفكير ذكاء فطريا وموروثا، وقد أثبتت التجارب والأبحاث التي استهدفت أشخاصا أذكياء أنهم غير أكفاء في التفكير. إن اعتبار التفكير مهارة وليس موهبة فطرية هو الخطوة الأولى للقيام بعمل لتحسين تلك المهارة وتطويرها، و لقد أصبح العالم أكثر تعقيدا نتيجة التحديات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأصبح النجاح في مواجهة هذه التحديات لا يعتمد على الكم المعرفي بقدر ما يعتمد على كيفية استخدام المعرفة وتطبيقها.
ولا بد أن تواكب أهداف التعليم هذا التغير، ففي عام 1929م كتب التربوي( الفرد وايتهد ) يقول: ( إن ما تعلمته يكون عديم الفائدة لك ما لم تضع كتبك وتحرق مذكرات محاضراتك، وتنسى ما حفظته عن ظهر قلب للامتحان ). ويعني هذا أن الثمار الحقيقية للتعلم هي العمليات الفكرية الناتجة عن دراسة أي فرع من فروع المعرفة، وليست المعلومات المتراكمة نتيجة لدراسة ذلك الفرع .
ومن هنا اكتسبت شعارات ( تعليم الطالب كيف يتعلم، وتعليم الطالب كيف يفكر ) أهمية خاصة لأنها تحمل مدلولات مستقبلية في غاية الأهمية.
إننا نحتاج التفكير في البحث عن مصادر المعلومات، كما نحتاجه في المعلومات اللازمة للموقف، واستخدام هذه المعلومات في معالجة المشكلات على أفضل وجه ممكن.
إن تعليم مهارات التفكير الحاذق قد يكون أهم عمل يمكن أن يقوم به معلم أو مدرسة لأسباب كثيرة منها:
1. التعليم المباشر لعمليات التفكير يساعد على رفع مستوى الكفاءة التفكيرية للطالب.
2. التعليم المباشر لعمليات ومهارات التفكير اللازمة لفهم موضوع دراسي، يمكن أن يحسن مستوى تحصيل الطالب في هذا الموضوع.
3. تعليم مهارات التفكير يعطي الطالب إحساسا بالسيطرة الواعية على تفكيره مما ينعكس على تحسن مستوى التحصيل لديه وشعوره بالثقة في النفس في مواجهة المهمات المدرسية والحياتية.
4. تعليم مهارات التفكير هو بمثابة تزويد الفرد بالأدوات التي يحتاجها حتى يتمكن من التعامل بفاعلية مع أي نوع من المعلومات أو المتغيرات التي يأتي بها المستقبل.
5. إن تعليم مهارات التفكير والتعليم من أجل التفكير يرفعان من درجة الإثارة والجذب للخبرات الصفية، ويجعلان دور الطلبة إيجابيا وفاعلا.
ولا يكون التفكير سهلا في البداية، ولكنه بعد التدريب يصبح جزءا من مرحلة اللا شعور والمجتمعات لا تتقدم إلا بالتفكير، ويقول مفكر ياباني " إن معظم دول العالم تعيش على ثروات تقع تحت أقدامها وتنضب بمرور الزمن، أما نحن فنعيش على ثروة فوق أرجلنا تزداد وتعطي بقدر ما نأخذ منها ".
ساحة النقاش