الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

اللغة عند لطفل

اللغة، أي لغة، ظاهرة إنسانية اجتماعية يمارسها الناس، في الظروف الطبيعية كما يمارسون أي نشاط آخر، دونما تعقيد أو صعوبات، فكل أطفال العالم منذ ميلادهم يستطيعون تعلم الرموز الصوتية عن طريق محاكاة ما تتلقاه آذانهم من أصوات، وفي غضون سنوات قليلة، قد لا تتعدى الثلاث، يستطيعون امتلاك ثروة لفظية لا بأس بها واستخدام تراكيب لغوية صحيحة والتمييز، بالسليقة، بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وفي سن الرابعة تكاد تكتمل آليات التواصل لدى الطفل في المواقف التي تعوَّد المرور بها مع الإقرار بوجود استثناءات لا تنتقض القاعدة، وتزداد هذه الآليات قوة كلما عاش الطفل في سياق ثقافي، وفي أحضان من يحسنون الأداء اللغوي.

واللغة منظومة متكاملة تنضوي تحتها أنظمة مختلفة من أهمها النظام الصوتي الذي يختص بالحديث عن بنية الصوت. والنظام العرفي يختص بالحديث عن بنية الكلمة. والنظام المفرداتي الذي يختص بالحديث عن الثروة اللفظية واستخدام الكلمة والنظام التراكيبي الذي يختص بالحديث عن بنية الجملة. والنظام الكتابي الذي يختص بالحديث عن قواعد الاملاء والخط والتعبير التحريري.. والنظام الدلالي الذي يختص بالحديث عن المعاني التي تنقلها الكلمات والتعبيرات ؛ الكامن منها والصريح. والحديث عن الدلالة هو حديث عن المفاهيم.. فاللغة ليست مجرد رموز صوتية تتلقاها الأذن في حالة الاستماع، أو تشاهدها العين في حالة القراءة، أو تنطقها الشفاه في حالة الكلام، أو يسطرها القلم في حالة الكتابة.. إنها أوسع من ذلك..

واللغة تتضمن المفاهيم التي يتبادلها الأفراد فيما بينهم فيحققون أغراض التواصل.. والتواصل بين البشر لا يتم إلا إذا تمت السيطرة على آلياته. والحديث عن الآليات يعنى، من بين ما يعنيه، حديثا عن المهارات.

وقد كان الشائع قديماً أنّ اكتساب الأطفال للّغة يكون عن طريق التّقليد، ولم تُدحَض هذه الفكرة إلّا في منتصف الخمسينات حين أثبت الأخصّائي نعوم تشومسكي أنّ الأطفال يبدأون باكتساب اللّغة عند نمو أجواءٍ معيّنةٍ في أدمغتهم مسؤولةٍ عن اكتساب اللّغة، وأنّه يستحيل على الطّفل أن يكتسب لغته عن طريق تقليده لأمّه، وللأصوات الّتي تُصدرها ما لم تكتمل هذه الأجزاء الدّماغيّة، ودور الأمّ يكمن في هذه العمليّة بتدريب طفلها وتعليمه على نطق الحروف والكلمات عند استعداده النّضجي لذلك. مراحل اكتساب اللّغة عند الأطفال مرحلة ما قبل اكتساب اللّغة هي المرحلة الأوّلية في رحلة اكتساب اللّغة، تبدأ منذ الولادة وحتّى الأسبوع الثّامن بالعادة من عمر الطّفل، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: الصّراخ: يصرخ الطّفل فور ولادته ليدلّ على قدرته على التّعبير عن نفسه، وليدلّ على نموّ الحنجرة والجهاز التّنفّسي اللذين يُعدّان من ضروريّات نموّ القدرة على التّكلّم، والصّراخ يدلّ كذلك على ردّ فعلٍ لأمرٍ طرأ على الطّفل مثل الجوعٍ أو الألمٍ أو التعب. المناغاة: يبدأ الطّفل بالمناغاة منذ شهره الرّابع أو السّادس وحتّى السّنة من عمره بالعادة، وتختلف عن الصّراخ بأنّها أصواتٌ يُصدرها الطّفل إراديّاً، وتكون عادةً نتيجةً لسلامة جهاز الطّفل السّمعي اللّفظي، لأنّه يتّخذها تسليةً كلّما سمع صوته وهو يُناغي، بينما لوحظ أنّ الأطفال الصّمّ لا يمرّون بمرحلة المناغاة بل يعبّرون عن ذاتهم بالصّراخ حتّى في هذا السّن. المحاكاة: تبدأ مرحلة المحاكاة بعد الشّهر التّاسع من عمر الطّفل في العادة، وهو عبارةٌ عن جسرٍ يوصل الطّفل إلى لغة الكلام الحقيقيّ والمفهوم، وينطق الطّفل في هذه المرحلة كلماته الأولى، مع وجود فوارق فرديّةٍ بين كلّ طفلٍ لآخر من قدراتٍ عقليّةٍ، وسنٍّ، وجنسٍ، وبيئةٍ مساعدةٍ على التّعلّم، وما إن يبلغ الطّفل السّنة من عمره حتّى يتمكّن من تقليد ومُحاكاة الكلمات الّتي يسمعها أو أصواتها على الأقل، ويتمكّن من ترديد الكلمات الرّاسخة في عقله في السنة الثّانية من عمره. مرحلة الكلام المفهوم هي المرحلة الّتي تبدأ ما بعد السّنة الأولى من عمر الطّفل، حيث يفهم بها الطّفل معاني الكلمات الّتي يلفظها، ويستخدم عناصر ربطٍ سليمة، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام مرحلة التّعابير الأُحاديّة: تبدأ من الشّهر الثّامن عشر وحتّى السّنتين من عمر الطّفل؛ حيث يلفظ كلماتٍ فرديّةً عند إشارته أو رغبته بشيءٍ ما. المرحلة النّحويّة: تبدأ من عمر السّنتين وحتّى الخمس سنوات؛ حيث يبدأ بها الطّفل بفهم نحو وقواعد اللّغة، وتركيب جملٍ جديدةٍ بناءً عليها. المرحلة المتقدّمة: تبدأ من عمر الخمس سنواتٍ في العادة، حيث يتمكّن بها الطّفل من الكلام بطريقةٍ سليمةٍ وواضحةٍ ومفهومةٍ مع استخدام الضّمائر والدّلالات الصّحيحة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 80 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2020 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,588,427