أولا : الالتحام بـ ..في قصيدة الخوف لماهر مهران يقدم الشاعر تسجيلا شعريا للحظة سيكولوجية ، لحظة الخطر الذي لا يكون للخوف في مواجهته معنى ، فيقول :"لما لمحتسالي رايحة على القناصةلما شفتبسمة ميدو وهو بينزفوف قلبه رصاصةلما شفتحبيبتي مريمفاتحة الصدر للمولوتوفلما شفتالواد بسيوني وسط الغازوتحتِ جْمالووسط الموت عمّال بيطوفْاتأكدت ان احنا خلاصاتخلصنا كلنا م الخوفْ"(الثقافة الجديدة – العدد : 248 – مايو – 2011 – ص : 103)إن الالتحام المباشر بالفعل الثوري يعني الانحياز إلى معجم نوعي ، وإلى طرائق صوغ خاصة ، ونوع من الإنتاجية لا يفقد في السبيل إلى جمالياته مقاصده . أما المعجم النوعي فهو يحمل تاريخ وقائع الثورة (28/1/2011) حيث الكلمات : "قناصة" ، "رصاصة" ، "مولوتوف" ، "غاز" ، "ينزف" ، "جِمال" ، كلها تشير إلى تلك الوقائع ، ولكل مفردة / واقعة شخوصها : "سالي" ، "ميدو" ، "مريم" ، "بسيوني" . ومن أول القصيدة يأخذ الشاعر مكان الراوي لما يرى ، وبالتالي يلتزم التزاما حاسما بقانون الشفافية الدلالية الذي للغة السرد ، تاركا حركة الحدث/الفعل السردي ليوقّع المشهد عبر اختيارين وحيدين : "بيطوف" و"الخوف" ، وهما اختياران عملت مفردة "المولوتوف" على ترشيحهما على محور الاختيار . أما دلاليا فالشاعر كان يبني سرد مشاهداته على التناقض بين فعلين : التقدم باتجاه القناصة .. الابتسامة على الشفة والرصاصة في القلب .. كشف الصدر في مواجهة المولوتوف .. الطواف والغاز المسيل للدموع والجِمال ، هذا التضفير للتناقضات في تركيب ينتصر فيها الإنساني دون أن ينهزم القمعي/الوحشي يؤسس لتعليق الراوي الأخير : "اتأكدت ان احنا خلاص .. اتخلصنا كلنا م الخوفْ" ..

هل يمكننا السؤال عن موقع "الراوي" من سرده الغنائي ؟ .. إن الشعر في واحد من وجوهه الأكثر وضوحا هو الحساسية الفائقة تجاه المفردة واستبدالاتها الممكنة ، والفروق الدلالية الدقيقة للتحول ، في الجدول الاستبدالي لأفعال الرؤية ، من "لمحت" إلى "شفت" يستبطن اختلافا في المسافة أو لنقل "المنظور" ، فبينما يدل الفعل الأول على بعد ما بين الراوي ومشهد سرده ، يدل الآخر على اقتراب أكثر فأكثر منه . في حين يدل التعليق الختامي على التورط في المشهد وتحول الراوي عن وظيفته إلى شخصية من شخصيات المشهد ، لينتهي هذا النص/المشهد لعدم وجود "راو" يقدمه .

ثالثا : الأسئلة : ليه ... وهل ...في المواجهة الإعجازية بين "الصوت" و"الطلقة" عند "هيثم الحاج علي" ، تتفجر أسئلة الوعي والحقيقة . يقول "ماهر مهران" :الغضب ثورةوالثورة نارشايلها من سنينبين الضلوع جوّه.. .. .. وليه تضغط على الطيبلحد ما تحوّله فتوّة!؟ملامحه نارعيونه شرارمسكته إعصاروزعله يشبه النوّة !؟(ماهر مهران – قصيدة : الطيب - أذيعت ببرنامج بشاير التحرير بإذاعة الشباب والرياضة)في المثال السابق ، يبدو الشاعر مؤرخا لمسيرة الحدث/الثورة من الداخل السيكولوجي إلى الخارج الواقعي ، مبررا طيبة الشعب بأنها القدرة على الاختزان ، مقدما تعريفا متسلسلا للغضب العام في 25 يناير بأنه "ثورة" ، وأن الثورة "نار" وأن هذه النار قائمة ومتوقدة ومختزنة "بين الضلوع" كناية صريحة عن القلب الذي اختزنها واحتملها صابرا محتسبا على حدود الانفجار. وتكون خطيئة الطاغية ألا يحترم هذا الحد ، هذا الذي عبر عنه الشاعر بسلاسة معادلة لعفوية الثورة "وليه تضغط على الطيب لحدّ ما تحوّله فتوة" .
المصدر: جزء من مقال كبير بنفس العنوان لنفس المؤلف
mahermohran

ماهر مهران

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 8 أغسطس 2012 بواسطة mahermohran

الشاعر : ماهر مهران

mahermohran
هنا صوتُ المهمشين والبسطاء والمقهورين ، وهنا شاعريةُ ُالدفاع عن حق الناس فى العيش بعدل وكرامة وحب وإنسانية ، هنا صوت لايشبه الآخرين من حيث التناول والمفردة وتركيبة الجمل الشاعرة ، هنا شاعرٌ اضطهده الجميع لحدة موقفه ، فهو مستقلٌ منذ بدأ الكتابة ، لم ترض عنه الحكومات ، ولم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

26,296

نبذه صغيرة

شاعر من شعراء العامية المصرية التي يتميز بحسه المرهف وكلماته الجميلة التي تناقش واقعنا العربي والمصري والانساني  الذي نعيش فيه فهو كثيراً ما كتب وتطلع للتغيرات التي سوف تحدث وسوف يحدثها هذا الشعب المصري العظيم وبجانب شعره  بالعامية  المصرية كتب روايات تغوص في الواقع المصري وتكشف الغامض والمهمل والمهمش في صعيد مصر كما انه كتب العديد من المسلسلات الدرامية  .