لماذا يرفض المجتمع زواج الأعزب من المطلقة؟!
السبيل_ مؤمنة معالي
«عائشة» سيدة عشرينية تعرضت للطلاق المبكر بعد سنوات قليلة من الزواج، لأسباب استحال معها العيش مع زوجها، كانت تحلم بعش هادئ يضمها مع شريك العمر، وأن يكون لديها صغار منه تسقيهم حبا وحنانا ليشبوا رجالا ونساء صالحين، لكن رياح الخلافات عصفت بهذا الحلم، وكان قرار الطلاق حلا ورحمة قبل أن يتأذى الطرفان.
تعافت عائشة من مرارة التجربة لكن لم يسقط حلم العش الهادئ والملائكة الصغار من عقلها وقلبها، فهي مصرة على تحقيقه، والاستفادة من تجربتها السابقة في تجنب أخطاء وقعت فيها.
استجاب الله لدعائها ورزقها من يقدرها ويرغب في مد جسور الوصال معها، فجاسر شاب واع متفهم لازال يكمل دراسته العليا في الخارج ويريد من تعينه على مواصله حلمه، وفي نفس الوقت تكون نعم الصديقة الحبيبة التي تعوضه عن غربة الأهل والبعد عن الوطن.
عرض جاسر على أمه الفكرة ليذهبا معا للتقدم للعروس الجميلة، لكنه واجه رفض الأم التام والتي –رغم كونها مطلقة- لم ترحم قلبين أرادا أن يجتمعا على سنة الله ورسوله، وكانت حجج الأم تتركز على ثلاث قناعات رئيسية تحكم تفكيرها وهي:
• أن عائشة مرت بتجربة طويلة ومريرة، فهي لم تعد «قطة مغمضة»، لهذا فإنك لن تتمكن من ترويضها!.
• كيف سنواجه كلام الناس والذين سيقولون علي جاسر بأنه «زوج المطلقة»؟.
• اعتقادها بأن الشرع فضل الزواج من البكر على الثيب.
رغم ضعف الحجج الثلاثة التي بنت الأم عليها رفضها، فإن هذه الأسباب في كثير من الأحيان تكون عائقا أمام زواج الشاب الذي لم يسبق له الزواج من مطلقة، وفي الوقت الذي لا نمرر فيه بسهولة تزويج الشاب بثيب، فإننا في أحيان كثيرة، نقبل تزويج الفتاة بمن سبق له الزواج.
حول آفاق زواج الأعزب من مطلقة،دار حوارنا مع ضيوفنا الكرام ،وكانت النتيجة ما يلي:
لا حرج شرعا:
الدكتور في الجامعة الأردنية محمود السرطاوي قال:" المعيار الديني هو إنشاء الأسر على تقوى من الله ورضوان، إذ لا ينظر الشارع للحالة الاجتماعية كمعيار للتوافق ونجاح الأسرة؛ بل ينظر لمدى تقوى كل من الطرفين،لأنها معيار نجاح الأسرة المسلمة وفشلها، وهي معيار مباركة هذا الزواج وتحبيذه.
وأضاف:كثير من الصحابة الكرام تزوجوا المطلقات، رغم انهم لم يسبق لهم الزواج قبل ذلك، وقد فعلها النبي (صلى الله عليه وسلم) بزواجه من خديجة الثيب وهو أعزب،ولم نجد في المعيار الشرعي ما يدل على جعل الظرف الاجتماعي من المقومات الاساسية لنجاح الأسرة المسلمة.
وتابع قائلا: إلا أنه من باب المندوب أن يتزوج من لم يسبق له الزواج من فتاة بكر، حسب ما نصت به أحاديث صحيحة،وليس من باب الوجوب.
وختم بقوله: قد يأثم من يعارض هذا الزواج ان كان معياره في الرفض هو أن الزوجة مطلقة، دون النظر الى دينها وخلقها، اذ ان النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:«فاظفر بذات الدين تربت يداك»،ويقول ايضا: «اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه»، فجعل معيار الشرعي لنجاح الاسرة التقوى والخلق.
نظرة مجتمعية:
الدكتورة ديمة طهبوب ترى أن رفض زواج المطلقة من شاب أعزب لكونها مطلقة فحسب، يأتي من قبيل الظلم لها، إذ انها في كثير من الحالات لا تملك زمام الأمر، وليست هي من تسبب بالانشقاق واللجوء للطلاق،فلماذا لا نفسح لها المجال امام حياة جديدة هانئة ان كان يتوفر فيها معايير الزوجة الصالحة.
وتضيف:اعتقد ان هذه الصور النمطية المخالفة للشريعة يجب أن تلغى لعدم ارتكازها على قواعد صحيحة،فهي لا تتناسب مع ديننا ،وهي مجرد اعراف خاطئة، والتبرير الذي يستند عليه البعض ان: المعروف عرفا كالمشروط شرطا،لا تنطبق على هذه الصور النمطية والتقليدية التي ليس لها أي أساس من الصحة.
وتردف بقولها: عندما تحدث القران عن احكام المطلقات كان ينظر لمستقبل من تعيش هذه الحالة الاجتماعية بتفاؤل وامل، تحدث في ايات سورة الطلاق عن انه من يتق الله سيجد المخرج واليسر والفرج، ولم يحمل المطلقة أي تهمة او جريرة،بل كانت الايات تتحدث بلهجة مبشرة عن وجود فرج قادم وفسحة جديدة للمتقين.
اما الأ ستاذة أسماء عوض المهتمة الاجتماعية فترى أن حالة الإستهجان التي يرمق المجتمع بها مثل هذه الحالات تأتي بسبب عدم انتشار هذه الحالة وغرابتها،فهي حالات نادرة اذ ان الشباب عادة يعزف عن الإرتباط بمطلقة لأحد أمرين : أولهما النظرة المجتمعية الخاطئة والسائدة التي تعتري المطلقة من انها السبب وراء فشل الحياة الزوجية التي خاضت فصولها رغم انها قد تكون في كثير من الحالات هي الضحية،اما السبب الثاني فهو انها كانت يوما من الايام زوجة سابقة وان هذا قد يأتي من باب الغيرة عند بعضهم.
ولأن المعايير تختلف من شخص لآخر فقد يتقدم شاب أعزب للزواج من مطلقة،قد يكون السبب هو مالها،او كفائتها وشخصيتها المتميزة،لذا فهو رأى ان هذه من تصلح لان تكون شريكة عمر له،قد يتغاضى عن وضعها الاجتماعي المختلف عن وضعه لوجود مقومات اخرى اثارت اعجابه ورغبته بالزواج منها.
وتضيف: اعتقد ان واجبا كبيرا ملقى على وسائل الإعلام لجعل مثل هذه القضايا مقبولة عند الناس، لذا اعتقد ان التوعية الاعلامية السامية هي حل للتقريب بين وجهات النظر المجتمعية.ويجب على المجتمع ان يغير النظرة البائسة التي يرمق المطلقات بها، المطلقة كغيرها انسانة لها من الحقوق وعليها من الواجبات، واعتقد انه يجب على المجتمع ان يعطيها هامشا من الحرية لتثبت نفسها وكفاءتها من خلاله،ويدع نظرة الاتهام والريبة التي يحيطها بها غالبا،واعتقد ان واجبها هي ان تثبت قدرتها على التعالى على مثل هذه القيود،اذ ليس حلا ان تنتهج الانطوائية بحجة صد المجتمع لها.
رأي الشارع:
تقول ريم 22 عاما :لا اعتقد ان هناك مانع ان تزوج اعزب من مطقله ان توفرت فيها صفات الزوجه الملائمه له،لاني اعتقد ان هذه المطلقه قد لايكون سبب طلاقها منها او حتى من المطلق لها ، لان الطلاق قد يكون عدم انسجام بين الطرفين
اما يقين :فتقول: نعم اؤيد هذه الحالة من الزواج،فليس بالضروره ان يكون سبب الطلاق لعيب في المرأه ,قد يكون الزوج هو السبب, ولا اتفق مع النظره الاجتماعيه السلبيه الغالبة في مجتمعنا, ولا امانع من زواج اخي الاعزب من مطلقه ان كانت حقا ليس لها ذنب في فشل حياتها السابقة.
ورغم طرح السؤال على العديد من الشباب الا اننا لم نحظى بإجابة غير مترددة بالمواقفة على مثل هذا الزواج، فمحمد يرى انه لا يحبذ اقدامه على مثل هذا الزواج لانه ان فعل ذلك سيكون من باب الشفقة على هذه المرأة، والعلاقات الزوجية تصحبها الفشل ان بنيت على قواعد غير الألفة والمحبة.
اما عصام: فيرى ان فرصة الحياة الزوجية للمطلقة تتناسب مع رجل مطلق او ارمل او يرغب بالزواج من اخرى،اكثر من شاب أعزب، واعرب عن عدم قناعته بارتباط اثنين تختلف ظروفهما الاجتماعية.
ساحة النقاش