كان مولدها ينبوع الفرح والسعادة لجميع الأسرة ، فقد كان الجميع يدعون ويبتهلون لرب العباد بأن تكون أنثى بعد أن رزقوا بخمسة ذكور ، الأم كانت أكثر بهجة بقدومها فأحاكت لها أجمل الثياب الفخمة الغالية الثمن وأكثرت من شراء اللعبات والتمائم الفضية والذهبية المبعدة والطاردة لعيون الحاسدين ، ذبحوا أضخم الخراف في تمام أسبوعها الأول الأهل والأقارب ليهنئوا بالطعام والشراب ، كانت المولودة بهية الطلعة رائعة الحسن والجمال وجهها كالقمر في تمام بدره وروحها تنطق سحراً ، فأجمعوا على اسم (جميلة) وأصبحت جميلة ريحانة الأسرة والعائلة 0
مرت السنوات وتخطت (جميلة) مرحلة المراهقة فزاد جمالها حسناً وأصبحت أنوثتها فائرة جذبت إليها كل شباب العائلة برؤيتهم لها في مناسبات العرس والأعياد فتربعت (جميلة) عرش ملكة جمال القرية وتسابق الجميع على خطبتها 0
لكن (جميلة) كان لها خيار آخر .. تعلق قلبها (بصادق) أحد فتيان القرية من أحد العلائلات البعيدة عن عائلتها .. تمنته فتى أحلامها الوحيد في قريتها ، كان (صادق) شاباً خلوقاً ودوداً بين أهل قريته ، يعمل موظفاً بالجمعية الزراعية التي أمام دارها ، أعجب وأفتن بجمالها وأدبها وأقتنع بحسبها ونسبها فأحتلت قلبه ولمت مشاعره وأحاسيسه فكان عندما يراها يصفف خصلات شعره ويضع يده على رأسه قاصداً السلام عليها ، فتحس (جميلة) بنظرات إعجابه وحبه لها فتبادله بابتسامة رقيقة وتسرع قلبها متدفقة مشاعر أنوثتها ، فترفع (جميلة) يداها إلى السماء وتدعوا (يا رب يكون صادق من نصيبي) ، لم يحتمل (صادق) حبه الساكن قلبه صمتاً عزم التقدم لخطبتها ففرحت (جميلة) فرحاً كبيراً لكن فرحتها لم تدم بضعة أيام فأسرتها رفضته لكونه خارج العائلة وتسارع أولاد عمها للظفر بها وقبلت أسرة (جميلة) أحدهم ، ولكون قانون القبيلة صارم في أعراف العائلة لم تنطق (جميلة) بهمس أختفت ضحكتها وذبل جسدها ، وظلت حزينة بائسة تندب حظها العاثر لفقدها مالك روحها (صادق) ظلت تائهة شاردة تنتظر مصيرها ، تمت إجراءات العرس بأسرع وقت .. أرتدت فستانها في يوم الزفاف وجسدها يتهادى مترنحاً غارقة في صمت الأحزان والمجهول ، أخذ ابن عمها بيدها دون إكتراث ودخل بها غرفة
العرس وأجلسها على كسي أمامه مرآة وقال (حسيبك تغيري فستانك وحارجع لك تاني) ، ظلت جالسة لم تفعل شيئاً .. وفجأة عاد قادماً ورائها فشاهدته بالمرآة عارياً تماماً كما ولدته أمه ، صرخت صراخاً مدوياً وسقطت على الأرض فاقدة الوعي انقلب العرس حزناً ظلت الأسرة والعائلة كلها ولزمت (جميلة) بيت أبيها شاردة العقل فاقدة النطق طوال الوقت تجدل خصلات شعرها الطويل ثم سرعان (ما تفكه) ثانية .. وعيناها لا تفارق النظر إلى أكف يداها لكن عندما تمعن النظر بهما تحس أنها تود أن تقول أشياءً كثيرة .. في أحد المرات صاحت أمها قائلة لن أتركها هكذا سأذهب بها إلى أشهر الأطباء ، لكن جميعهم لم يستطيعوا شفاءها وظلت على حالها ، قالت أمها (مفيش غير الشيخ أبو قفطان ده راجل مبروك وسره باتع) ذهبوا للشيخ (أبو قفطان) والذي عندما تراه تجد الخبث والمكر والدهاء ، تمتم بلغة غير مفهومة ثم قال (جميلة ملبوسة ولازمها بخور مغربي بخمس آلاف) أهل (جميلة) باعوا الكثير والنفيس وأخذ المبلغ الشيخ (أبو قفطان) مرت سنوات وسنوات وما زالت (جميلة) تجدل خصلات شعرها وتفكها ثانية وما زال البحث جارياً عن الشيخ (أبو قفطان)0
المصدر: http://sadamisr.com/
نشرت فى 20 إبريل 2016
بواسطة luxlord2009
صدى الأخبار العربية
Sada Arabic News شعارنا الشفافيه »
صدى العربية
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
462,192
صدى العربية
شارك في نقل الحـدث
ساحة النقاش