Environment & fisheries

الاهتمام بالبيئة ليست ترفا فكريا ولكنة واجب دينى لحياة افضل

 

 ثروتنا البحرية في خطر .. وقوانين الحماية غائبة!

  حذر مختصون وباحثون في شؤون البيئة البحرية من تفاقم الخطر الذي يهدد البحار وتحول أزمة تلوث مياه بحر الخليج العربي والبحر الأحمر, اللذين يحدان المملكة ويشكلان نسبة كبيرة من اعتمادها على ثرواتهما ومجالهما البحري بنسبة قدرها المختصون بـ 70 في المائة, ومن فقدان الموارد البحرية خلال الأعوام العشرة المقبلة عقب ارتفاع نسب التلوث فيهما.

في السياق ذاته, كشف باحثون عن البدء بإطلاق حزمة من الدراسات في عام 2012 على بحر الخليج العربي لتفادي تأثر البيئة البحرية من عمليات التنقيب ومياه التوازن التي تقذفها السفن والناقلات, التي تصل نسبة مرورها وترددها على الخليج 80 في المائة, في حين رصد حجم سكب محطات الصرف الصحي في البحر الأحمر ما يقرب من مليون متر مكعب يوميا.

تفعيل قانون حماية البيئة البحرية

في البداية يقول الدكتور علي عشقي, وهو أستاذ في كلية علوم البحار في جامعة الملك عبد العزيز في جدة, إن البحر يعتبر موردا اقتصاديا كبيرا لأي بلد تحده الشواطئ، من بينها صيد الأسماك والسياحة والزراعة للأسماك والقواقع والطحالب, وإن التلوث إذ ضرب هذه المناطق لا يمكن الاستفادة منها, منوها إلى حجم الخسائر الاقتصادية التي ستحدث جراء استمرار تزايد التلوث, خاصة أن موجته اتسعت.

وقال عشقي إنه «بدلا من الاستثمار في البحر بات يستخدم لتصريف مياه الصرف الصحي», وحمل وزارة المياه ورئاسة الأرصاد وحماية البيئة المشاركة في التأثير في هذا الاقتصاد «لقلة وعيهما وضعف المراقبة وعدم تنبههما إلى مدى الخطورة المستقبلية التي ستقع فيها إذا ما استمر هذا التدمير.

وبين عشقي أن السعودية قد تفقد موردها البحري بعد عشرة أعوام إذا لم تتدارك أزمة تلوث المياه وتعترف الجهات المعنية بأن هناك أزمة حقيقية وتبدأ بتحرك جاد لتفعيل القوانين التي سنتها المملكة على المخالفين للحد من اتساع رقعة التلوث البحري حسب قرار صدر منذ سنوات من مجلس الوزراء لم يتم تفعيل بنوده حتى الآن.

نفوق الأسماك المفاجئ بسبب زيادة النباتات الهائمة في الماء.

وقال إن هناك ما يقرب من نصف مليون متر مربع من الصرف الصحي يفرغ في البحر الأحمر يوميا, وإنه في الأشهر المقبلة ستبدأ محطة الصرف الصحي في محافظة جدة برفع طاقتها لتصريف الصرف الصحي لما يقرب من مليون متر مكعب يوميا, وبذلك تكون كمية المياه الملوثة المفرغة في البحر الأحمر من الجانب السعودي وحده أكثر من مليون متر مربع يوميا.

وأشار عشقي إلى أنه إلى جانب الصرف الصحي الذي يصب في مياه البحر هناك عمليات الحفر والردم والصرف الصناعي, ما جعل نسب التلوث تسجل كل ساعة بعد أن كانت تسجل سنويا.

فقدان التنوع الحيوي بأقل من 30 عاما

عشقي الذي بدا حزينا على هذه الوضعية تطرق أيضا إلى التأثير في تنوع الكائنات البحرية التي يطلق عليها «التنوع الحيوي» بعد أن كان البحر الأحمر قبل 30 عاما يضم عددا من الكائنات البحرية المتنوعة.

وشدد على أنه خلال الأشهر الستة المقبلة قد تزيد مساحة المد الأحمر ليقضي على مساحات كبرى قدرها بما يقرب من خمسة ملايين متر مربع من مستوى التلوث بسبب المخلفات التي تعتمد على كمية السماد وتفرز المواد الضارة التي تقتل الكائنات البحرية والإنسان بسبب ما تفرزه من سموم تضرب المركز العصبي للإنسان أثناء السباحة لذلك يفقد سيطرته ويتعرض للغرق, وهذا لا يعود إلى عدم معرفة المتنزهين للسباحة ليغرق في مستوى ماء لا يزيد على متر واحد, وهذا ما يفسر سبب غرق الأشخاص في البحر رغم إجادتهم السباحة.

ماذا يحدث في ينبع ورابغ؟

بين عشقي أن الصرف الصناعي على شريط البحر الأحمر يسجل كمية تلوث كبيرة, وأن لديهم مؤشرات كبيرة لكميات الصرف الصناعي التي تصب من المصانع في ينبع ورابغ تشير إلى ارتفاع كبير من المواد الملوثة التي أدت إلى القضاء على الشعب المرجانية, مؤكدا أن لديهم ما يثبت ذلك ضمن دراسات موثقة علميا تم إجراؤها أخيرا على هذه الملوثات, وسجل مخالفات لنسب مرتفعة في النسب الطبيعة للمواد الكيماوية المستخدمة والمصرفة من منطقة رابغ.

المدن الصناعية وقياسات التلوث

قال عشقي إنه على الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مراقبة مستوى المعالجة للصرف الصناعي للمدن الصناعية وقياس معايير مستوياتها, والتأكد من طرق التخلص من نفايات الصرف الصناعي, مشيرا إلى أن نسبة التلوث في الجبيل قد تكون أقل من ينبع, التي باتت تعاني تلوث بحرها وجوها.

وأكد أن الوقت حان لتطبيق قرار العقوبات لنظام البيئة حتى لا تتدهور أوضاع البحر أكثر خلال السنوات المقبلة, مشيرا إلى خطر ما تحمله وتسكبه السفن وناقلات النفط أو البضائع وما تخلفه من أضرار جسيمة على البحر كونها تعمل على تعبئة مخزونها بالمياه من بيئة مختلفة وعند وصولها السواحل السعودية التي تفتقر إلى موانئ متخصصة لمعالجة مياه التوازن للسفن, ما يجعلها تفرغ ما يقدر بـ 1 في المائة من حجمها الإجمالي, الذي يعادل مليون لتر مكعب لكل سفينة تقف على ميناء البحري للمملكة.

وأشار عشقي إلى أن ذلك يعتبر مخالفا في كل دول العالم التي خصصت محطات استقبال تفرغ الماء الملوث في محطات معالجة للمياه لفصل الماء عن الزيت, وهذا موجود في كل الدول, عدا المملكة, حتى شركة أرامكو لا تملك هذه النوعية من المرافئ, ورغم تصنيف بحر الخليج العربي ضمن نطاق الدولي كمنطقة خاصة إلا أنه لا تقع العقوبات الدولية على المخالفين, مشيرا إلى أن كميات الزيت في الخليج ضخمة, فالسعودية وحدها تصدر عشرة ملايين برميل يوميا من النفط, والبحار السعودية شبه مغلقة وعمقها أقل, خاصة الخليج العربي الذي لا يتجاوز 30 مترا, ما يعني أن الخطر أعلى في الخليج مما هو في البحر الأحمر.

شركات عالمية لتأهيل المواقع البحرية المتضررة

من جهة أخرى, قدر مختص بيئي تكلفة إزالة آثار تسرب النفط لكل برميل بأكثر من ألف دولار خلافا للمواد الأخرى كزيت ووقود السفن.

القحطاني

وقال لـ «الاقتصادية» حسين القحطاني الناطق الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة, إن الشواطئ السعودية تعرضت خلال العام الماضي 2009 لتلوث بحري بما يقدر 124.8 برميل بسبب تعرضها لـ 13 حادثاً.

وبين أن عدد الحوادث في البحر الأحمر بلغ تسعة حوادث نتج عنها كمية تلوث بالزيت يقدر بـ 70.7 برميل بينما كان نصيب شواطئ السعودية على الخليج العربي أربعة حوادث نتج عنها تسرب نفطي يقدر بـ 54 برميلا.

وأوضح أن حوادث التلوث النفطي في الخليج العربي والبحر الأحمر هي نتاج حوادث تسرب سفن عابرة أو اصطدام بشعاب مرجانية.

وقال «تمت محاولات لإزالة مثل هذا التلوث بطرق مختلفة مع الأخذ في الاعتبار نوعية النفط والمنطقة التي يوجد فيها التلوث, والتي تحدد مدة الإزالة والتكلفة، حيث إن هناك ما يسمى المناطق البحرية الحساسة التي يوجد فيها مفارخ تبييض للأسماك ومحميات للطيور تحتاج إلى التعامل معها بشكل دقيق للغاية حفاظا على بيئة هذه المنطقة.

وبين أن متوسط إزالة برميل نفط واحد يكلف نحو ألف دولار في الحالات الاعتيادية لتنظيف البحر المتعرض لمثل هذه الحوادث.

وذكر القحطاني أن «الرئاسة» وضعت مركزا للبلاغات ورقما مجانيا (988) يستقبل بلاغات الكوارث الطبيعية والبحرية, كما أن هناك ما يعرف بالخطة الوطنية للاستجابة ومكافحة التلوث بالزيت تضم في عضويتها الجهات ذات العلاقة بالتلوث البحري ومنها وزارة البترول ومؤسسات تحلية المياه وسلاح الحدود وشركة أرامكو السعودية, وذلك بإشراف الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.

وبين أن المملكة نفذت في بداية عام 2009 تجربة فرضية إقليمية للتعامل مع حالات التلوث في الزيت في شواطئ الشرقية شارك فيها معظم الجهات المختصة وأيضا دول المنظمة الإقليمية للمحافظة على البيئة البحرية.

وكشف عن دخول شركات تعمل على تأهيل المناطق المتضررة على الساحل الشرقي للتخلص من آثار كارثة النفط في حادثة عام 1991, التي سكب فيها 12 مليون برميل, لا يزال الخليج يعاني آثارها.

وأشار إلى أن مياه التوازن الذي تفرغها سفن البترول والبضائع, ما يعرض بحر الخليج لاختلاف إحيائي يخالف بيئة الخليج, ودخل بحر الخليج العربي عام 2004 كمنطقة خاصة ضمن اشتراطات معينة من قبل المنظمة العالمية للبحار, ودخول البحر الأحمر أيضا, ما يمنع سكب هذه النوعية من المياه نظرا للاختلال الذي يؤثر في بيئة البحر المحلي.

وقال إن من أهم الأسباب لتحرير منطقة الخليج إلى منطقة خاصة كونها منطقة بترول فإن ما بين 70 و80 في المائة من سفن المحملة بالنفط تستخدم الخليج.

وأوضح أن جملة من المشكلات التي يتعرض لها بحر الخليج العربي, ومشكلة بحر الخليج عمقه المحدود الذي لا يتجاوز 30 مترا حتى إن هناك بعض المناطق المنخفضة جدا.

معمل لقياس سمية عمليات التنقيب

ضمن الجهود ذاتها يعكف باحثون في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران على مشروع جديد بالشراكة مع شركة أرامكو إضافة إلى شركات عالمية أخرى بهدف قياس ورصد حجم ودرجة سمية ما ينتج عن عمليات التنقيب في البحر, ومستوى تأثيرها في البحر لتفادي انتشارها, الذي يشكل ضررا على الحياة البحرية.

القربان

وهنا بين الدكتور محمد قربان مدير الدراسات البحرية في مركز البيئة والمياه في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن, أن عمليات التنقيب عن البترول داخل البحر لا بد أن يكون لها ضرر حتى مع اهتمام الشركات المنقبة بحركة التنقيب, فالبحر حتى اختلاف درجات الحرارة تؤثر فيه, مشير إلى أنهم أعدوا أبحاثا ودراسات تعمل على خريطة البيئة البحرية.

وبين أن دول المجلس أيضا تشارك في تلوث البحر وليس المملكة وحدها خاصة فيما يخص الصرف الصحي إلا أن الإمارات من أكثر الدول قوة في معالجة صرف الصحي وهي الأعلى خليجيا في نسبة معالجتها للنفايات البحرية بـ 70 في المائة لنزع المواد العضوية قبل تصريفها للبحر, خاصة إمارتي دبي وأبو ظبي, بينما في الكويت معالجتها غير قوية وهو ذاته في السعودية فنسبة المعالجة للصرف الصحي قد لا يتجاوز 20 في المائة, والجميع يتذكر الحادثة التي تسببت في نفوق عدد كبير من الأسماك في الشواطئ الكويتية, ظهر سببه بكتيريا بسبب صرف مياه الصحي, مؤكدا أن السعودية غير ثابتة على معدل واحد, فالمعالجة متفاوتة في قوتها وتدنيها.

وقال إن السعودية تعالج مياه الصرف الصحي لنحو 30 في المائة في كبرى محطات معالجة مياه الصرف الصحي بطاقة تصميم 1426000 م3 يوميا.

وأن نظم الصرف الصحي القائمة ومعالجة النفايات كافية لـ 30 في المائة فقط من مياه الصرف والنفايات السائلة من محطات عدة لا تتبع المعايير البيئية والصحية بسبب الحمولة الزائدة.

وأشار إلى أن المملكة تستخدم 7 في المائة من مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، ويتم التخلص من البقية في الخليج.

وأوضح أن مدينة الجبيل الصناعية لديها مركز بيئي قوي لمعالجة الصرف الصناعي وقد تخرج من مأزق أزمة التلوث, كما تعمل على جميع المستويات لتلافي أي مشكلة تخلفها المصانع, خاصة أنها تضم أكبر عدد من المصانع البتروكيماوية.

وقال إنها حاليا تعمل على دراسة الصرف الصناعي ومراقبة مستويات الهيدوكربون في مياه الخليج, كما أنها تعمل حاليا على دراسات بيئية على البحر على أنواع التلوث كافة, ومشاريع لصرف العام, موضحا أن مشكلة أخرى يتعرض لها البحر تكمن في عمليات الردم لارتفاع الكثافة السكانية, طالت كورنيش الدمام وردم خليج تاروت, وهو من أهم المناطق البيئة التي يتركز فيها صيد أسماك الربيان نحن ندمرها بسبب الردم.

 

الردم الجائر قضى على خليج تاروت

حصر قربان الأخطار البيئة البحرية وأنواعها في الخليج العربي التي تبرز في التلوث النفطي والصناعي وردم الشواطئ وسوء استخدامها, إضافة إلى مياه الصرف الصحي والزراعي, إلى جانب التلوث الحراري والنفايات التي تصب في الخليج ومخالفات السفن ومياه التوازن.

وأوضح أن نقص كمية المياه العذبة المتدفقة على شمال الخليج العربي سبب آخر لوقوع بحر الخليج في دائرة الخطر, كما أن عمليات الصيد الضارة تهدد الكائنات البحرية.

وبين أن ظاهرة ردم السواحل للأغراض السكنية والصناعية والسياحية تزداد بشكل كبير على سواحل الخليج العربي, ومن أضرار عمليات ردم السواحل على البيئة البحرية الإخلال بالتوازن الطبيعي للبيئات البحرية وزيادة العكرة في عمود الماء وتغير أنماط الترسيب وتأثر الشعاب المرجانية بذلك, ما جعله سببا في تدمير بيئات نباتات الحشائش البحرية والمسطحات المائية.

وأشار إلى أن عمليات الردم تتركز في المناطق السكنية والصناعية والسياحية كمنطقة رأس تنورة شمالاً إلى الخبر جنوباً في السعودية ومدينة الكويت في الكويت, إضافة إلى عمليات الردم الكبيرة على سواحل البحرين ودبي وأبو ظبي في الإمارات.

وقال إن من بين المناطق المتأثرة خليج تاروت الذي يمتد من الدمام حتى رأس تنورة، على مساحة تقدر بأكثر من 80 كيلو متراً تعتبر من أكثر المناطق تأثرا بعمليات الردم, التي ستؤدي بالضرورة إلى تناقص المساحات المزروعة من نبات القرم والقضاء على مناطق الحشائش البحرية، ما يسهم في اختلال التوازن البيئي, وأدى بناء جسر تاروت وعمليات الردم إلى اختفاء مساحات شاسعة من أشجار القرم.

وكشف عن أن دراسة أجراها باحثون من جامعة الملك فهد عن طريق استخدام صور الأقمار الصناعية عن خليج تاروت بينت فقدان الغابات وأشجار المانجروف قدر حجمها بين الأعوام 1999 و2007 بنحو 260 هكتارا

اعداد م لبنى نعيم

المصدر: صحيفة الاقتصادية الالكترونية

ساحة النقاش

المهندسة/ لبنى نعيم

lobnamohamed
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

933,090