أحمد الشرع (الجولاني).. القائد العام لإدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية
عاش احمد الشرع في مدينة دمشق في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب حتى توجه الى العراق لمساعدة أهلها في صد العدوان، وتعود أصول عائلته إلى الجولان السوري المحتل، وكان والده ذا توجه قومي عربي، وقد شارك في بعض الاحتجاجات ضد حكم البعث في سوريا فسجن على إثر ذلك مرات عدة في سوريا والأردن، فلجأ إلى العراق.
تعرف الشرع على هذا الفكر القومي منذ صغره ولكنه لم يكن متفقا فكريا مع والده، ومتفقاً معه بالنسبة للقضية الفالسطينية ووجود هذا التباين بين الابن ووالده دليل قوة واستقلالية في التفكير، حيث بدأ يفكر في "الدفاع عن الأمة التي كانت تتعرض للاضطهاد من قبل المحتلين والغزاة" وهو في سن الـ18، فنصحه شخص بالالتزام بالصلاة في المسجد وقراءة القرآن ودراسة تفسيره، والبحث عن كيفية الوصول إلى العدالة وتخفيف الظلم عن الناس.
حبه للتعلم بما يخدم توجهه الفكري دفعه للذهاب إلى حلب لحضور خطب الجمعة وكان ضمن أوائل الملبّين لنداء الفاع عن العراق، عمل مقاتلا مع تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي حتى قبضت الولايات المتحدة الأميركية عليه واودعته سجن أبو غريب، ثم سجن بوكا، ومن ثم سجن كروبر في مطار بغداد، ثم وضعه الحكومة العراقية في سجن التاجي، ومن هناك أطلق سراحه عام 2008، وكان مجموع فترة اعتقاله 5 سنين.
استطاع الجولاني خلال سنوات سجنه الخمس من تكوين قاعدة جماهيرية، فقد أثّر في باقي المساجين، وبدأ بنشر "العقيدة الإسلامية الصحيحة" كما يقول، و"تصحيح مفاهيم مغلوطة حول الدفاع والجهاد"،.
استأنف الجولاني نشاطه بعد اطلاق سراحه مع ما كان يسمى "الدولة الإسلامية في العراق" التي تأسست في عام 2006 بقيادة أبو بكر البغدادي، وسرعان ما أصبح رئيسا لعملياتها في محافظة الموصل، مع بداية اندلاع الثورة السورية عام 2011، اتفق مع البغدادي أن يتولى هو مسؤولية سوريا، ويؤسس فيها فرعا للتنظيم، بهدف إسقاط نظام بشار الأسد المستبد،
ذهب إلى بلاده مع 6 أشخاص، وفي غضون عام استطاع حشد 5 آلاف مقاتل، واستطاع الانتشار في مساحة كبيرة في البلاد، وهذا مؤشر على قوة شخصيته وحنكته وقدرته في إدارة المجموعات وتوجيهها، فكان ينفذ عمليات نوعية لايستطيع احد تنفيذها.
رفض الشرع امر أبو بكر البغدادي -في 9 أبريل/نيسان 2013- إلغاء اسميْ "دولة العراق الإسلامية" و"جبهة النصرة" ودمج التنظيمين - في كيان جديد يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وقال حينئذ "نرفض الخلافة التي يعلنونها ونعتبرها غير شرعية لأنها أقيمت على أسس غير شرعية"، وبسبب سياسات التنظيم الخاطئة في إدارة الصراع وكيفية تعامله مع الأبرياء وقتلهم ، وفك ارتباطه بالقاعدة، وتغيير اسمه إلى "جبهة فتح الشام".
وقال الشرع: إن فك الارتباط "جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي"، موضحا أن هذه الخطوة هدفت إلى تحقيق "العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل بين كل الناس، والتوحد مع الفصائل المعارضة لرصّ صفوف المجاهدين وتحرير أرض الشام والقضاء على النظام وأعوانه"، والسعي لخدمة المسلمين والوقوف على شؤونهم وتخفيف معاناتهم، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة الناس".
ووضح فكره وأيديولوجيته في الاتي:
- "نحن لا نكفّر المسلمين، وبهذا خالف اكثر التنظيمات المتشددة وبعض عناصر تنظيمه.
- "لا نطمح للانفراد بصياغة مستقبل سوريا السياسي بعد سقوط النظام، ولا نريد أن ننفرد بقيادة المجتمع حتى ولو وصلنا إلى مرحلة تمكننا من ذلك،
- ستتولى اللجان الشرعية وأهل الحَل والعَقد وضع خطة لإدارة البلد وفق شرع الله تعالى لبسط الشورى والعدل".
- لا ندعم أي هجوم خارجي، سواء على الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا.
قيادته العمليات العسكرية في ردع العدوان
عيّن الجولاني قائدا عاما لإدارة العمليات العسكرية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024،لقيادة عملية ردع العدوان، وتمكنت فصائل المعارضة استرجاع إدلب وحلب وحماة، حتى دمشق وريفها والجنوب ، دعا المقاتلين إلى "التحلي بأخلاق النصر والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وكذا القيم الإنسانية".
وقال في بيان له "نحن اليوم نواصل الليل بالنهار من أجل سوريا، المستقبل لسوريا التي ستكون بإذن الله بلدا للعدالة والكرامة والحرية لكل السوريين".
الملخص
احمد الشرع من اسرة ميسورة الحال وتعلمه الطب وعلاقته السياسية المتعارضه مع والده ذا الاتجاهات القومية منحته فرصة كبيرة للتعرف على اتجاهات فكرية وعقائدية كثيرة، واندفاعه للتعلم ومتابعة الموضوع الديني دلالة على شغفه بحب المعرفة وتكوين اتجاه فكري سلم فقاده الى الإسلام . وخلال وجوده في تنظيم القاعدة ومن ثم سجنه لمدة خمس سنوات نضج تفكيره الأيديولوجي واكتسب مهارات القيادة وتوجيه الاخرين فاصبحت فكرة التخطيط والتنفيذ مكتملة عنده ، وهذا سبب مباشر بأنه استطاع ان يتجاوز عدد تنظيمه من ستة اشخاص الى الاف المؤيدين له ومن ثم بناء دولة مصغرة في مدينة ادلب بالرغم من كل الظروف القاسية.
رؤيته الواضحة وايمانه بقدرته على قيادة الصراع والنجاح بمشروعه دفعه لمخالفة الزرقاوي والظواهري ومجموعة من رفاقه وتحقيق أهدافه.
استطاع ان ينتقل من خطاب إسلامي متطرف إلى نوع من الاعتدال.
ودعا مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، وتم ذلك
أرسل "تطمينات" إلى المسيحيين وكل الاقليات بأنهم لن يتعرضوا للأذى ونجح في ذلك.
وجه رسالة بلغة دبلوماسية للسوداني يدعوه فيها إلى عدم التدخل في الشؤون السورية، "فهذه ثورة ضد نظام الأسد، وما نقوم به هو استرداد للحقوق، ونريد علاقات جيدة مع العراق وشعبه".
إعلانه حرية التعبير والعفو العام هو نابع عن ايمانه بصوابية قراراته وقدرته على ضبط الأمور وهذا كان واضحاً من خلال دعوته للسوريين بالاحتفال بنصر الثورة فخرج الجميع الى الساحات بمنظر مهيب والتزام رائع .