<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الاسجواب و المواجهة و تحقيق الدفاع
الأصل أن يكون التحقيق الإداري متكاملاً لا يقتصر على بعض عناصر الاتهام ، بل يحيط بها جميعاً ، و يمحص أدلتها مع ضمان الفرص الكافية التي يقتضيها سماع أقوال المحال إلى التحقيق ، فلا يكون التحقيق مبتسراً ، أو مجرداً من ضمان موضوعيته ، بل وافياً أميناً ، و هناك من الضمانات القانونية الجوهرية التي لا كيان للتحقيق بدونها ، و قد أجملت المحكمة الإدارية العليا ذلك ، حين قضت بأن :
" من المبادئ و الأسس المقررة في نطاق شرعية الإجراءات التأديبية و المستقرة في قضاء المحكمة الإدارية أنه يجب أن يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح و كفالاته و ضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف و سؤاله و مواجهته بما هو مأخوذ عليه من أعمال و تمكينه من الدفاع عن نفسه و إتاحة الفرصة له لمناقشة شهود الإثبات و سماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود النفي و غير ذلك من مقتضيات الدفاع ، فهي أمورتقتضيها العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص خاص بها ".( الطعن رقم 2635 لسنة 44 ق – جلسة 26/11/2000 – وارد بمجلة المحاماة – العدد الثاني – سنة 2002 – ص 551 )
كما أن توافر التحقيق المستوفي أركانه الجوهرية و الضمانات القانونية ما يغني عن إضاعة الوقت هدراً في إجراءات مصيرها البطلان و عدم الاعتداد بها ، كما يوفر الطمأنينة للعامل من العسف به و تعريضه لموقف الاتهام دون وجه حق ، و قد أوضحت المحكمة الإدارية العليا ذلك ، حيث قضت بأن :
" التحقيق الابتدائي إنما هو ضمانة هامة لمصلحة الأفراد وللمصلحة العامة على السواء ، إذ يكفل عدم رفع الدعوى إلى المحكمة إلا و هي مرتكزة على أساس مستحق من الواقع و القانون ، و في ذلك توفيرلوقت و جهد القضاء و ضمان للأفراد يقيهم خطرالوقوف موقف الاتهام أمام القضاء بسبب التجني أو التسرع ، و هو موقف يصعب على النفس و لا يمحى أثره و لو قضي فيما بعد بالبراءة ". ( الطعن رقم 6624 لسنة 45 ق – جلسة 6/9/2001 ، و الطعن رقم 3008 لسنة 38 ق – جلسة 26/3/1988 – مجلة المحاماة مرجع سابق ص 555)
و من أهم الضمانات الجوهرية التي يبين من استقراء قضاء المحكمة الإدارية العليا تبنيها لها و حرصها عليها ، الاستجواب و المواجهة و تحقيق الدفاع ، و هي أركان للتحقيق يلتزم المحقق وجوباً بتطبيقها ، و نظراً لخطورتها و منعاً للخلط بينها ، فقد كان لزاماً بيانها من خلال أحكام المحكمة الإدارية العليا ، و ذلك على النحو التالي :
أولاً : المواجهة :
تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا في شأن تعريف المواجهة على أن :
" من الضمانات الجوهرية التي حرص المشرع على مراعاتها في التحقيق الإداري مبدأ المواجهة ، و ذلك بإيقاف العامل على حقيقة التهمة المسندة إليه و إحاطته علماً بمختلف الأدلة التي تشيرإلى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلى بأوجه دفاعه ، و إنه يلزم حتى تؤدي مواجهة العامل بالتهمة غايتها كضمانة أساسية للعامل أن تتم على وجه يستشعرمنه العامل أن الإدارة بسبيل مؤاخذته إذا ما ترجحت لديها إدانته حتى يكون على بينة من خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه ، و لا يغني عن هذه المواجهة مجرد القول بأن المخالفة ثابتة ثبوتاً مادياً لا شبهة فيه ، ذلك أن الحكم على ثبوت المخالفة أو انتفائها مرده إلى ما يسفرعنه التحقيق الذي يعتبرتوجيه التهمة و سئوال المخالف عنها و تحقيق دفاعه في شأنها أحد عناصره الجوهرية ".
( يراجع مشكوراً : الطعون أرقام : 2635 لسنة 44 ق – جلسة 26/11/2000 ، 2180 لسنة 33 ق – جلسة 29/10/1988 ، 1043 لسنة 9 ق – جلسة 16/12/1967 – مجلة المحاماة مرجع سابق ص 551 )
و لا مراء أنه يترتب على انتهاك مبدأ المواجهة أو الانتقاص منه بطلان التحقيق .
ثانياً : الاستجواب :
الاستجواب هو مناقشة المتهم تفصيلاً فيما جاء بأقواله بغية إثبات ارتكابه للمخالفة ، و يختلف الاستجواب عن المواجهة التي هي مواجهة المتهم بالأدلة القائمة ضده من واقع الأوراق و أقوال الشهود .
و عند حضورالمتهم لاستجوابه يتعين على المحقق إحاطته علماً بالواقعة ومناقشته تفصيلاً في موضوع التهمة على ضوء ما ورد بالأوراق ، فإن اعترف المتهم بادرالمحقق إلى سئواله بغية التأكد من صحة اعترافه ، إذ من المحتمل أن يكون الاعتراف بقصد إخفاء الفاعل الحقيقي للواقعة .
و يعد الاستجواب من الإجراءات الجوهرية في التحقيق ، و يترتب على تخلفه بطلان التحقيق ، حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" الاستجواب من الإجراءت الجوهرية الذي يترتب على تخلفه بطلان التحقيق و الإجراءات المترتبة عليه ، إذ أن التحقيق يفترض في معناه الإصطلاحي الفني أن يكون هناك استجواب يتضمن أسئلة محددة موجهة إلى العامل تفيد نسبة إتهام محدد إليه في عبارات صريحة و بطريقة تمكنه من إبداء دفاعه و الرد على ما وجه إليه من اتهامات و يكون من شأنه إحاطته بكل جوانب المخالفات المنسوبة إليه ".
( الطعن رقم 2484 لسنة 32 ق – جلسة 5/4/1988-المستشار/ عبد الرحيم على على محمد – التحقيق الإداري و إجراءاته – مجلة هيئة قضايا الدولة – العدد الثاني – السنة الثالثة و الأربعون – ابريل / يونية – 1999 – ص 25 و ما بعدها )
ثالثاً : تحقيق الدفاع :
قضت المحكمة الإدارية العليا في تعريف و بيان مفهوم تحقيق الدفاع بأن :
" من الأمور المستقرة في قضاء هذه المحكمة أيضاً بالإضافة إلى ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة في التحقيق الذي يجرى مع العامل ، ضرورة تحقيق دفاع العامل ، بمعنى أنه بعد أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة في عناصرها و مكان و زمان حدوثها و قيام العامل بالرد على الاتهام وتقديم دفاعه فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع و يتثبت منه و يستبعد ما يتكشف له من خلال التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على أساس ما يظهرله من صدف أو كذب دفاعه ويتحقق بالتالي مبدأ المواجهة ، و بغير هذا التحقيق للدفاع لا يتسنى للعامل معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق ، و ينهاربالتالي مبدا المواجهة و يكون التحقيق معيباً و يبطل ما يبنى عليه سواء كان قراراً بالجزاء أو الإحالة للمحكمة التأديبية .
و لا يجوز التذرع بأن في مكنة العامل أن يطلع على ما هو منسوب إليه و تقديم دفاعه عنه و يتدارك ما فاته من أوجه دفاع أمام المحكمة ، ذلك أن الأمريتعلق بتحديد حقيقة ما هومنسوب إليه ، فإذا ما أجاب العامل على الاتهامات المنسوبة إليه و لم تقم جهة التحقيق بتحقيق أوجه دفاعه ثم أسندت الاتهام إليه أصبح حقه في الدفاع عن نفسه منتقصاً لأنه لا يستطيع أن يعلم على نحو واضح حدود الاتهام المنسوب إليه ، لا تستطيع المحكمة من ناحية أخرى أن تتولى الموازنة بين أدلة الاتهام و الأسباب التي ساقها العامل درءًا لهذا الاتهام ، لأن العامل في الأساس سبق أن أبدى دفاعه و لم يتسن له معرفة مدى صحة ما أبداه من دفاع في ظل إهمال هذا الدفاع و عدم تحقيقه ".
( يراجع مشكوراً : الطون أرقام : 2635 لسنة 44 ق – جلسة 26/11/2000 ، 1101 لسنة 41 ق – جلسة 8/3/1997 ، 4753 لسنة 35 ق – جلسة 20/12/1994- مجلة المحاماة المرجع السابق ص 552 )
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
ساحة النقاش