<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
قضت المحكمة الدستورية العليا بأن :
" المسألة الدستورية التي تدورحولها الدعوى المعروضة ، محددة على ضوء الطلبات الموضوعية للمدعين ، تنصرف فقط إلى الحكم المتعلق بإخراج ملكية المحلج من ملكية مورثهم و أيلولته إلى الدولة ، و هو الحكم الذي تضمنه نص المادة الأولى من القانون رقم 38 لسنة 1963 المشارإليه ، و الذي نص على أن :
" تؤمم مؤسسات تصدير القطن ، و كذلك محالج القطن الموجودة بجمهورية مصر العربية .
و تؤؤل ملكيتها إلى الدولة .
و تكون المؤسسة المصرية العامة للقطن الجهة الإدارية المختصة بالإشراف على تلك المنشآت ".
فبذلك وحده يتحدد نطاق الدعوى ، أما ما عدا ذلك من أحكام القانون الطعين ، و التي تناولت بالتنظيم أوضاع تقسيم رؤوس أموال المنشآت المؤممة و كيفية أداء التعويض عنها ، و حدود مسئولية الدولة المالية ، و تحديد سلطات الوزيرالمختص في أرباح هذه المنشآت ، و تأجيل أداء ديونها و التزاماتها ، و تحديد الجزاء الجنائي المقرر على مخالفة أحكام هذا القانون ، فكلها أحكام ليس للفصل في دستوريتها من انعكاس مباشرعلى طلبات المدعين في الدعوى الموضوعية ، و من ثم ، لزم استبعادها من نطاق الدعوى الدستورية المعروضة .
و من حيث إنه عن النعي بمخالفة النص الطعين لمبادئ الشريعة الإسلامية ، فمردود بما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة من أن الرقابة الدستورية التي تباشرها على النصوص القانونية في مجال تطبيقها للمادة الثانية من الدستور، بعد تعديلها في الثاني و العشرين من مايوسنة 1980 ، لتصبح المصدر الرئيسي للتشريع ، لا تمتد سوى إلى النصوص الصادرة بعد ذلك التعديل دون القائمة وقت إجرائه ، و بالتالي ،فإن النص التشريعي الطعين ، و قد صدرقبل العمل بهذا التعديل ،ولم يلحقه أي تعديل بعد ذلك ، فإنه ينأى من رقابة المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن .
و حيث إن الدستور، إعلاءً من جهته لدورالملكية الخاصة ، و توكيداً لإسهامه في صون الأمن الاجتماعي ، كفل بالمادتين 32 و 34 منه حمايتها لكل فرد ، وطنياً كان أم أجنبياً ، و لم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ، و في الحدود التي يقتضيها تنظيمها ، باعتبارها عائدة ، في الأعم ّ من الأحوال ، إلى جهد صاحبها ، بذل من أجلها الوقت و العرق و المال ، و حرص بالعمل المتواصل على إنمائها ، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها ، معبداً بها الطريق إلى التقدم ، و لم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها ، و لا أن يغيرمن طبيعتها أو يجردها من لوازمها ، و لا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمرأصلها ، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غيرضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، و مع ذلك ، فإن الملكية في إطارالنظم الوضعية التي تراوح بين الفردية و تدخل الدولة ، لم تعد حقاً مطلقاً ، و لا هي عصية على التنظيم التشريعي ، و ليس لها من الحماية ما يجاوزالانتفاع المشروع بعناصرها ، و من ثم جاز تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية ، و هي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ ، و لا تفرض نفسها تحكماً ، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية ، و الأغراض التي ينبغي رصدها عليها ، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين ، في بيئة بذاتها لها توجهاتها و مقوماتها ، و بمراعاة أن القيود التي يفرضها الدستورعلى حق الملكية ، للحد من إطلاقها ، لا تعبترمقصودة لذاتها ، بل غايتها خير الفرد والجماعة .
و اتساقا مع هذا الفهم فإن الدستور بعد أن أعلى في المادتين 32 و 34 منه من مكانة الملكية الخاصة ، و حمايتها ، مبرزاً دورها و وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي ، و في إطارخطة التنمية ، دون انحراف أو استغلال ، و دون تعارض في استخدامها مع الخيرالعام للشعب ، أجاز في المادة 35 منه تأميمها للصالح العام بضوابط محددة حين نص على أنه " لا يجوز التأميم إلا لاعبتارات الصالح العام ، و بقانون ، و مقابل تعويض " ، مؤكداً بذلك على أن الحماية الدستورية لحق الملكية الخاصة لا تمنع تنظيمها في إطاروظيفتها الاجتماعية على نحو قد يؤدي إلى تأميمها للصالح العام ، و خروجها بالتالي من ملك صاحبها إلى ملك الدولة بمراعاة الضوابط المشارإليها .
و حيث إنه لما كان ذلك ، و كان المشرع ، بالنص الطعين ، قد قضى بتأميم منشآت تصديرالقطن و محالج القطن بالبلاد و أيلولتها إلى الدولة ، لتتولى المؤسسة المصرية العامة للقطن الإشراف عليها ، مؤدياً لذلك إلى خروجها من ملك أصحابها لصالح الدولة ، إلا أنه أعقب ذلك مباشرة بنصين في ذات القانون هما نص المادتين 2 و 3 منه ، حدد في الأول أوضاع و إجراءات تقييم المنشآت المؤممة ، و ألزم الثاني الدولة بأداء قيمة ما آل إليها من أموال المنشآت المشارإليها بموجب سندات اسمية على الدولة ، قابلة للتداول بالبورصة ، و مدتها خمس عشرة سنة بفائدة 4 % سنوياً ، و يجوز للدولة بعد عشر سنوات أن تستهلكها كلياً أو جزئياً ، و قد أوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون مقاصد المشرع و اعتبارات المصلحة العامة التي تغياها عند إصداره ، حيث أشارت إلى أهمية محصول القطن كثروة أساسية لللبلاد و المورد الرئيسي للحصول على العملات الأجنبية اللازمة لخطة التنمية الاقتصادية ، و أنه قد لوحظ عدم قيام المحالج المملوكة غالبها للأفراد ببذل العناية الكافية للمحافظة على المستوى العالمي للأقطان بما يهدد السمعة العالمية التي تتمتع بها الأقطان المصرية في الخارج ، و كذلك إهمال أصحاب المحالج في صيانتها و تجديدها ، مما ترتب عليه ضعف إنتاجها ، و قلة كفاءتها ، و خفض رتب الأقطان المحلوجة ، مما أصبحت مع الحاجة ماسة و ملحة إلى اتخاذ إجراء حاسم من جانب الدولة يمكن معه توجيه نشاط كل المحالج إلى الوجهة التي تتفق و المصلحة العامة ، و ذلك عن طريق تأميمها و نقل ملكيتها إلى الدولة ، بما من شأنه النهوض بصناعة الحليج ، و كفالة مستوى عال لها ، و ذلك بمراعاة الكفاية الإنتاجية لكل محلج ، و العمل على زيادتها ، مع الاهتمام بأعمال الصيانة و التجديد .
و على ضوء ما اقتضته هذه الاعتبارات مجتمعة ، فقد أصدر المشرع النص الطعين ، و الذي ترتب عليه تأميم المنشأة التي يطالب المدعون بحصة مورثهم فيها ، ملتزماً الضوابط الدستورية للمساس بالمال الخاص ، و إخراجه من ملك صاحبه بطريق التأميم ، و دخوله في ملك الدولة ، متخذاً هذا الإجراء بقانون ، كاشفاً عن اعتبارالمصلحة العامة التي تبرره ، و مقرراً لتعويض مالي مقابل تنفيذه ، و من ثم ، فإن النعي على النص الطعين بعدم استهدافه المصلحة العامة ، و مساسه بالملكية الخاصة ، يكون غيرسديد ، متعيناً الرفض .
و حيث إن النص الطعين لا يخالف الدستورمن أي وجه آخر، فإن الأمريقتضي الحكم برفض الدعوى " .
( حكمها في الدعوى رقم 23 لسنة 25 ق " دستورية " – جلسة 10/6/2007 – منشوربالجريدة الرسمية العدد رقم 24 مكرر (أ) بتاريخ 17/6/2007 )
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
ساحة النقاش