<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الأصل وفقاً لقانون الإثبات أن المدعي يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه ، غير أن ظروف العمل و التنظيم الإداري لدى الجهات الإدارية بالدولة تحد من هذا الأصل ، و تلقي أحياناً – استثناء من هذا الأصل - بعبء الإثبات على عاتق الجهة الإدارية ، إذا تبين من طبيعة و ظروف المنازعة أن جهة الإدارة تحوز المستندات المؤثرة في النزاع ، و ذلك وفقاً لمقتضى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا الواردة بالمشاركة الأصلية .
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" من حيث إنه من المقرر و لئن كان عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي استناداً إلى القاعدة الأصولية أن البينة على من ادعى ، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال و طبيعة النظام الإداري الذي يقوم على مبدأ التنظيم اللائحي المسبق لإجراءات و خطوات العمل الإداري و توزيع الاختصاص بين العاملين في إنجاز مهامه بصورة محددة ، و ضرورة تنظيم حفظ الوثائق و المستندات المتعلقة به للرجوع إليها ، سواء لضمان حقوق المواطنين و الإدارة أو لتحديد المسئولية ، ومن ثم تحتفظ الإدارة طبقاً لمقتضيات النظام العام الإداري بجميع الوثائق و الملفات المتعلقة بالأعمال التي تقوم بها أو بصورة رسمية منها ، وهي الأوراق ذات الأمر الحاسم في المنازعة الإدارية .
و من حيث أنه بناءً على ما قرره الدستورمن خضوع الدولة للقانون و عدم تحصن أي عمل أو إجراء يصدر عن الجهات الإدارية من حصن القضاء و مسئولية السلطة القضائية و بصفة خاصة مجلس الدولة عن تحقيق سيادة القانون و مباشرة الرقابة على مشروعية تصرفات و قرارات الجهات الإدارية ، فإنه يتعين على هذه الجهات نزولاً على سيادة القانون و لعدم تعويق العدالة ، أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة سائرالأوراق و المستندات المتعلقة بموضوع النزاع و المفيدة في إظهاروجه الحق فيه إثباتاً أو نفياًَ متى طلب إليها ذلك ، فإذا نكلت تلك الجهة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع وكان المدعي يعتمد في تعييب قرارها على ما تضمنته المستندات التي تحتفظ بها و امتنعت عن تقديمها انهارت قرينة الصحة التي تتمتع بها القرارات الإدراية ، و قامت لصالح المدعي قرينة جديدة على صحة ادعاءاته أمام القضاء و سلامة ما قدمه من مستندات ، و ألقت عبء الإثبات من جديد على عاتق الإدارة ........ ".
(الطعن رقم 4033 لسنة 37 ق – جلسة 17/1/1998 )
غير أن الأخذ بهذا الاستثناء على إطلاقه لا يجوز ، إذ لا يضحى استثناء حينئذ ، بل يتحول إلى أصل ، و كأن القاعدة الأصلية بكون عبء الإثبات يقع على المدعي هي التي تعد استثناء و أن الاستثناء صار أصلاً ، فكما أن الاستثناء الذي أقرته المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر ارتكنت فيه المحكمة إلى ظروف و واقع النزاع و التي يبين منها أن المستندات المؤثرة في النزاع لدى جهة الإدارة ، فإنه إذا تبين للمحكمة أن تلك المستندات ليست لدى الإدارة ، أو أن المدعي يفترض أن لديه نسخ من تلك المستندات ، فإن الاستمساك بالأصل المقرر من أن عبء الإثبات يقع على المدعي يكون متعيناً إعماله .
كما أنه لا مجال للاستثناء الخاص بإلقاء عبء الإثبات على الجهة الإدارية إذا ثبت استغلال الأفراد أو عمال الإدارة لتلك القرينة لتحقيق مصلحة خاصة على حساب الصالح العام ، بقصد طمس الحقيقة أو تضليل العدالة ، قاصدين من ذلك إعمال القرينة التي أكدتها المحكمة الإدارية العليا بغير أن تتوافر موجبات الأخذ بها ، كما اذا وقع من الأفراد إهمال أو غش أو تواطؤ مع عمال الإدارة لتحقيق هذه الغاية على حساب المصلحة العامة .
ولا يعمل بتلك القرينة كذلك إذا كان الاعتداد بهذه القرينة من شأنه تهديد سير و انتظام مرفق عام ، أو تعرض الأمن العام أو المصلحة العامة أو السكينة العامة للخطر، أو انهيار آخر للمقومات الأساسية للمجتمع مثل القيم الاجتماعية و الاخلاقية للمجتمع .
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عبء الإثبات في المنازعة الإدارية لا يخرج عن الأصل الذي قرره قانون الإثبات ، و هو وقوع هذا العبء على المدعي ، فهو الذي يتحمل عبء إثبات ما يدعيه ، و أنه و لئن كانت الجهة الإدارية لديها مدونات العقد و وثائقه و أوراقه ، إلا أن المدعي ليس ببعيد عن الكثير من وثائق التعاقد ، سواء بالنسبة للعقد الذي يحتفظ بصورة منه أو الخطابات المتبادلة بينه و بين جهة الإدارة بشأن تنقيذ هذا العقد ، و ترتيباً على ذلك فإن عبء إثبات ما يدعيه المتعاقد مع الإدارة و ما يطالب به قبل الجهة الإدارية يقع عليه أولاً ، سواء أمام المحكمة أو أمام الخبيرالذي تندبه المحكمة لتحقيق ادعائه ، و الثابت من أوراق الطعن الماثل أن الطاعنين و مورثهم من قبلهم قد حصلوا على جميع مستحقاتهم عن الأعمال التي تم تنقيذها و تسليمها إلى الجهة الإدارية ، و لم يقدموا سواء أمام محكمة القضاء الإداري أو أمام الخبيرأو أمام هذه المحكمة طوال نظر الطعن و بعد إيداع تقرير الخبير ما يفيد أو يقدم دليلاً على أحقيتهم في المبالغ التي يطالبون بها كفرق بين ما صرف لهم و ما يطالبون به ، و من ثم يكون ادعائهم مجرد أقوال مرسلة لا دليل عليها من الأوراق ، و إذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أنه لم يقم دليل من الأوراق على قيام مورث الطاعنين بتنفيذ أعمال أخرى تجاوز قيمة ختامي الأعمال الذي صرف له ، فضلاً عن أنه لم يعترض على ماصرف له في حينه ، و من ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون ........".
(الطعن رقم 2029 لسنة 34 ق – جلسة 1/2/2000 )
وقضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" من حيث إنه من المقرر و لئن كان عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي استناداً إلى القاعدة الأصولية أن البينة على من ادعى ، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال و طبيعة النظام الإداري الذي يقوم على مبدأ التنظيم اللائحي المسبق لإجراءات و خطوات العمل الإداري و توزيع الاختصاص بين العاملين في إنجاز مهامه بصورة محددة ، و ضرورة تنظيم حفظ الوثائق و المستندات المتعلقة به للرجوع إليها ، سواء لضمان حقوق المواطنين و الإدارة أو لتحديد المسئولية ، ومن ثم تحتفظ الإدارة طبقاً لمقتضيات النظام العام الإداري بجميع الوثائق و الملفات المتعلقة بالأعمال التي تقوم بها أو بصورة رسمية منها ، وهي الأوراق ذات الأمر الحاسم في المنازعة الإدارية .
و من حيث أنه بناءً على ما قرره الدستورمن خضوع الدولة للقانون و عدم تحصن أي عمل أو إجراء يصدر عن الجهات الإدارية من حصن القضاء و مسئولية السلطة القضائية و بصفة خاصة مجلس الدولة عن تحقيق سيادة القانون و مباشرة الرقابة على مشروعية تصرفات و قرارات الجهات الإدارية ، فإنه يتعين على هذه الجهات نزولاً على سيادة القانون و لعدم تعويق العدالة ، أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة سائرالأوراق و المستندات المتعلقة بموضوع النزاع و المفيدة في إظهاروجه الحق فيه إثباتاً أو نفياًَ متى طلب إليها ذلك ، فإذا نكلت تلك الجهة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع وكان المدعي يعتمد في تعييب قرارها على ما تضمنته المستندات التي تحتفظ بها و امتنعت عن تقديمها انهارت قرينة الصحة التي تتمتع بها القرارات الإدراية ، و قامت لصالح المدعي قرينة جديدة على صحة ادعاءاته أمام القضاء و سلامة ما قدمه من مستندات ، و ألقت عبء الإثبات من جديد على عاتق الإدارة .
و إذا كانت هذه القاعدة العادلة تنبثق من أصل دستوري عام هو إزالة كافة العوائق التي تواجه المواطن في سبيل لجوئه إلى قاضيه الطبيعي للانتصاف هو الحق الذي كفله الدستورو أكدته القوانين التي أتاحت أحكامها للقاضي وسائل ممارسته لوظيفته الطبيعية في تحقيق العدالة بتهيئة كافة السبل لاستيفاء الأوراق و المستندات المعينة على معرفة الحقيقة وحسم النزاع ، فإن هذه القاعدة تجد حدها الطبيعي في ألا تستغل من جانب الأفراد أو عمال الإدارة لطمس الحقيقة و إخفائها و تضليل العدالة لتحقيق مصلحة خاصة على حساب الحق و العدل و الصالح العام ، و مقتضى ذلك أن القرينة التي قامت لصالح الأفراد بسبب الإدارة أو تقاعسها عن الرد أو تقديم المستندات تسقط في مجال الإثبات إذا وقع من جانبهم إهمال أو غش أو تواطؤ مع عمال الإدارة لتحقيق هذه الغاية على حساب المصلحة العامة ، أو إذا كان الاعتداد بهذه القرينة من شأنه تهديد سير و انتظام مرفق عام ، أو تعرض الأمن العام أو المصلحة العامة أو السكينة العامة للخطر، أو انهيار آخر للمقومات الأساسية للمجتمع مثل القيم الاجتماعية و الاخلاقية للمجتمع .
و على المحكمة أن تكتشف من سير الدعوى قيام أي من هذه الاعتبارات أو انتفائه حتى تستقيم القاعدة و لا تستغل هذه القرينة التي تقتضيها العدالة لتحقيق مآرب شخصية بتضليل العدالة و للامتناع عن تقديم المستندات المعينة على استجلاء الحقيقة ، فإذا ما تأكد للمحكمة – من واقع الحال – أن العاملين بالجهة الإدارية قد امتنعوا عمداً عن تقديم ما لديها من مستندات كلفت بتقديمها لفترة طويلة ، و أن المدعي قد قدم بحسن نية كل ما لديه من أوراق و مستندات تؤيد اداعاءاته ، و لم يثبت لديها وقوع غش أو تواطؤ بين المدعي و عمال الإدارة لتضليل المحكمة أو إبعادها عما في طلبات المدعي من تهديد للصالح العام ، و تابعت بصبر لفترة معقولة تكليف الإدارة بإيداع المستندات اللازمة للفصل في الدعوى و استنفذت وسائل إجبارها على تقديمها ، فلا تثريب عليها إن هي اقتنعت بأن نكول الإدارة عن تقديم الأوراق المطلوبة دليل على صحة ادعاءات الطرف الآخر و سلامة موقفه في الدعوى ، و لا سبيل لدحض سلامة هذه الأسس بالقول بإحالة الدعوى إلى خبيرفي حالة امتناع الإدارة عن تقديم المستندات لمطلوبة ، ذلك أن الاستعانة باهل الخبرة و إن أجازه القانون للمحكمة عند الاقتضاء ، فإنه أمر متروك لمطلق تقدير المحكمة لأدلة الدعوى و وزنها في مجال إثبات الحق أو استجلاء الحقيقة لتؤدي رسالتها في إحقاق الحق و إقامة العدل و حسم الأنزعة في أقرب وقت مستطاع ، و من ثم فلا تثريب عليها إن هي رأت في حدود سلطتها عدم جدوى اللجوء إلى أهل الخيرة في تحصيل الحق الثابت في الموضوع و الذي لم تجحده الإدارة ، فضلاً عن أن إحالة الدعوى إلى الخبيرلا يسوغ اللجوء إليه لتحقيق أهداف و لصالح الخصم الممتنع عن تنفيذ قرارات المحكمة في تعطيل الفصل في الدعوى و مكافأته على امتناعه و إعناتاً للطرف الآخر في سبيل اقتضائه لحق التقاضي و هو متنزه عنه القضاء القائم على الحياد و الموضوعية و النزاهة و العدل ".
(الطعن رقم 1972 لسنة 33 ق – جلسة 24/11/1991 )
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
0126128907
ساحة النقاش