<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، 15 ينايرسنة 2006 الموافق 15 ذي الحجة سنة 1428 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي ............... ..........رئيس المحكمة
و عضوية السادة المستشارين /عدلي محمود منصور و على عوض محمد صالح و أنوررشاد العاصي و السيد عبدالمنعم حشيش و محمد خيري طه و الدكتور / عادل عمر شريف................ ..................... ..............نواب رئيس المحكمة
و حضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما.....رئيس هيئة المفوضين
و حضور السيد/ ناصرإمام محمد حسن..................................أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم113 لسنة 26 قضائية " دستورية " .
المحالة من محكمة
شبين الكوم الإبتدائية نفاذاً لحكمها الصادر في الدعوى رقم 1299 لسنة 2003 شرعي كلي ( نفس ).
المقامة من
السيدة / عفاف عبد الغفار قاسم .
ضد
السيد/ محمد صابر سليمان .
الإجراءات
بتاريخ 10 مايوسنة 2004 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 1299 لسنة 2003 شرعي كلي شبين الكوم ،بعد أن قضت محكمة شبين الكوم الكلية للأحوال الشخصية نفس بوقفها و إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة 21 من قانون تنظيم بعص أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 ، و قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحـكمـــة
بعد الإطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة و سائر أوراق الدعوى – تتحصل في أن المدعية كانت قد اقامت الدعوى رقم 1299 لسنة 2003 شرعي كلي أمام محكمة شبين الكوم الكلية للأحوال الشخصية نفس ، بطلب الحكم بإثبات طلاقها من المدعى عليه طلاقاً بائناً بينونة كبرى المكمل للثلاث طلقات اعتباراً من شهر مايو سنة 2003 ، قولاً منها بأنها تزوجت من المدعى عليه بالعقد الصحيح بتاريخ 15/12/1971 ، و دخل بها و عاشرها معاشرة الأزواج و أنجب منها ذكوراً و إناثاً ، و أنه دأب على طلاقها و مراجعتها من نفسه دون توثيق الطلاق رغم وقوعه شرعاً ، إلى أن قام في غضون شهر مايو سنة 2003 بطلاقها الطلقة الثالثة ، التي غدا بها طلاقها منه بائناً بينونة كبرى ، وقد اعترف بذلك أمام شهود عدول ، و أفتت دار الإفتاء المصرية في مواجهته بأن المدعية أصبحت محرمة عليه شرعاً لطلاقها المكمل للثلاث ، بحيث لا تحل له إلا أن تنكح زوجاً غيره ، دون أن تكون هناك فتوى مكتوبة ، و على اثر ذلك انتقلت المدعية للإقامة مع زويها ، غير أن المدعى عليه رفض توثيق الطلاق ، مما حدا بها إلى إقامة دعواها المشار إليها توصلاً للقضاء لها بطلباتها المتقدمة .
و أثناء نظر الدعوى قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 1449 لسنة 2003 شرعي كلي شبين الكوم – المقامة من المدعية ضد المدعى عليه للإعتراض على إنذار الطاعة الموجه منه لها – إلى هذه الدعوى للإرتباط و ليصدر فيهما حكم واحد ، و بجلسة 31/3/2004 قضت المحكمة بوقف الدعوى رقم1299 لسنة 2003 شرعي كلي شبين الكوم و إحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 لما تراءى لها من مخالفته للمادتين 2 ، 12 من الدستور، و في الدعوى رقم 1449 لسنة 2003 شرعي كلي شبين الكوم بإثبات طلاق المعترضة بحكم نهائي .
و حيث إن المادة 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه تنص على أنه :
" لا يعتد في إثبات الطلاق عند الإنكار إلا بالإشهاد و التوثيق ، و عند طلب الإشهاد عليه وتوثيقه يلتزم الموثق بتبصير الزوجين بمخاطر الطلاق ، و يدعوهما إلى اختيار حكم من أهله و حكم من أهلها للتوفيق بينهما ، فإن أصر الزوجان معاً على إيقاع الطلاق فوراً ، أو قررا معاً أن الطلاق قد وقع ، أو قرر الزوج أنه أوقع الطلاق ، وجب توثيق الطلاق بعد الإشهاد عليه . و تطبق الأحكام السابقة في حالة طلب الزوجة تطليق نفسها إذا كانت قد احتفظت لنفسها بالحق في ذلك في وثيقة الزواج ، و يجب على الموثق إثبات ما تم من إجراءات في تاريخ وقوع كل منها على النموذج المعد لذلك ، و لا يعتد في إثبات الطلاق في حق أي من الزوجين إلا إذا كان حاضراً إجراءات التوثيق بنفسه أو بمن ينوب عنه ، أو من تاريخ إعلانه بموجب ورقة رسمية " .
و حيث إن المسائل الدستورية التي تقضي محكمة الموضوع بإحالتها مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا عملاً بالبند (أ) من المادة 29 من قانونها الصاد ربالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، لازمها أن تبين النصوص القانونية التي تقدر مخالفتها للدستور، ونصوص الدستورالمدعى بمخالفتها ، و نطاق التعارض بينهما ، و أن يكون قضاؤها هذا دالاً على انعقاد إرادتها على عرض المسائل الدستورية التي ارتأتها مباشرة على المحكمة الدستورية العليا استنهاضاً لولايتها بالفصل فيها ، و هو ما يتعين على هذه المحكمة تحرية في ضوء ما قصدت إليه محكمة الموضوع و ضمنته قضاؤها بالإحالة ، وصولاً لتحديد نطاق المسائل الدستورية التي تدعى المحكمة للفصل فيها .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – و هي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها و المطروحة على محكمة الموضوع .
و حيث إن الثابت من الإطلاع على الأوراق ، أن نطاق الإحالة كما قصدت إليه محكمة الموضوع ، و ضمنته أسباب حكمها بالإحالة ، إنما ينصب على ما تضمنته نص المادة 21 المطعون فيه من قصر الإعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار على الإشهاد و التوثيق دون غيره من طرق الإثبات المقررة ، و هو الشق من النص الطعين الذي تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة بالنسبة له ، بحسبان أن مبنى النزاع الموضوعي هو طلب الحكم بإثبات الطلاق لامتناع المدعى عليه المطلق عن إثباته طبقاً للنص المشار إليه ، و أن القضاء في مدى دستورية هذا النص سيكون له أثره و انعكاسه على الطلب الموضوعي سالف الذكر، و قضاء محكمة الموضوع فيه ، و من ثم فإن نطاق الدعوى الراهنة و المصلحة فيها تكون قائمة بالنسبة للنص المذكور في حدود إطاره المتقدم ، و لا تمتد إلى غير ذلك من الأحكام التي وردت بنص المادة 21 المطعون فيه .
و حيث إن حكم الإحالة ينعي على هذ النص الطعين ، محدداً نطاقاً على النحو المتقدم ، مخالفته لنص المادتين 2 ، 12 من الدستور، على سند من أن هذا النص بقصره إثبات الطلاق عندالإنكارعلى الإشهاد و التوثيق ، خلافاً للأصل المقرر شرعاً من جواز إثبات الطلاق بكافة طرق الإثبات من بينة و إقرار و يمين ، يترتب عليه نتائج يأباها الشرع و يتأذى لها الضمير، و ذلك إذا ما وقع الطلاق بالتلفظ بألفاظه الدالة عليه صراحة أو ضمناً ، رغم عدم إمكان إثباته بغير الدليل الذي حدده النص الطعين ، بما مؤداه اعتبار العلاقة الزوجية قائمة و مستمرة قانوناً ، رغم ما يشوبها من حرمة شرعية ، و هو ما يخالف أحكام الدستور.
و حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حكم المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها في 22 من مايو سنة 1980 – يدل على أن الدستور أوردها ليفرض بمقتضاها – و اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل – قيداً على السلطة التشريعية يلزمها فيما تقره من النصوص القانونية ، بألا تناقض مبادئ الشريعة الإسلامية في أصولها الثايتة – مصدراً و تأويلاً – و التي يمتنع الإجتهاد فيها ، و لا يجوزالخروج عليها ، أو الالتواء بها عن معناها ، و لا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً ، ذلك أن دائرة الإجتهاد تنحصرفيها و لا تمتد لسواها ، و هي بطبيعتها متطورة ، تتغير بتغير الزمان و المكان لضمان مرونتها و حيويتها . و إذا كان الإجتهاد في الأحكام الظنية و ربطها بمصالح الناس عن طريق الأدلة الشرعية – النقلية منها و العقلية – حقاً لأهل الإجتهاد ، فأولى أن يكون هذا الحق مقرراً لولي الأمر ينظر في كل مسألة بخصوصها بما يناسبها ، و بمراعاة أن يكون الإجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة لا يجاوزها ، ملتزماً ضوابطها الثابتة ، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية و القواعد الضابطة لفروعها ، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة ، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس و العقل و العرض والمال ، مستلهماً في ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هي تلك التي تكون مناسبة لمقاصد الشريعة و متلاقية معها ، و من ثم كان حقاً على ولي الأمر عند الخيار بين أمرين مراعاة أيسرهما ما لم يكن إثماً ، و كان واجباً كذلك ألا يشرع حكماً يضيق على الناس أو يرهقهم في أمرهم عسراً ، و إلا كان مصادماً لقوله تعالى " ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج " .
وحيث إن الطلاق و قد شرع رحمة من الله بعباده ، و كان الطلاق هو من فرق النكاح التي ينحل الزواج الصحيح بها بلفظ مخصوص صريحاً كان أم كناية ، لذلك حرص المشرع في القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض احكام الأحوال الشخصية و تعديلاته – وفقاً لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية – على عدم وضع قيد على جواز إثبات الطلاق قضاء بكافة طرق الإثبات المقررة ، غير أن المشرع قد انتهج في النص الطعين نهجاً مغايراً في خصوص إثبات الطلاق عند الإنكار ، فلم يعتد في هذا المجال بغير طريق واحد هو الإشهاد و التوثيق معاً ، بحيث لا يجوز الإثبات بدليل آخر ، مع تسليم المشرع في ذات الوقت – كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 1 لنسة 2000 المشارغليه – بوقوع الطلاق ديانة ، و هذا النص و إن وقع في دائرة الإجتهاد المباح شرعاً لولي الأمر ، إلا انه – في حدود نطاقه المطروح في الدعوى الماثلة – يجعل الطلقة في حرج ديني شديد ، و يرهقها من أمرها عسراً ، إذا ما وقع الطلاق و علمت به و أنكره المطلق ، أو امتنع عن إثباته إضراراً بها ، مع عدم استطاعتها إثبات الطلاق بالطريق الذي أوجبه النص المطعون فيه ، و هو ما يصطدم مع ضوابط الإجتهاد ، و المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية ، فضلاً عما يترتب على ذلك من تعرض المطلقة لأخطر القيود على حريتها الشخصية و أكثرها تهديداً مساساً بحقها في الحياة ، التي تعتبر الحريةالشخصية أصلاً يهيمن عليها بكل أقطارها ، تلك الحرية التي حرص الدستور على النص في المادة 41 منه على أنها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها أوتقييدها بالمخالفة لأحكامه ، و التي يندرج تحتها بالضرورة تلك الجقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها ، و من بينها حقي الزواج والطلاق وما يتفرع عنهما ، و كلاهما من الحقوق الشخصية التي لا تتجاهل القيم الدينية أو الخلقية أو تقوض روابطها ، و لا تعمل كذلك بعيداً أو انعزالاً عن التقاليد التي تؤمن بها الجماعة ، بل تعززها و تزكيها بما يصون حدودها و يرعى مقوماتها .
و من أجل ذلك جعل الدستور في المادة 9/1 منه قوام الأسرة الدين و الأخلاق ، كما جعل رعاية الأخلاق و القيم و التقاليد و الحفاظ عليها والتمكين لها ، التزاماً دستورياً على عاتق الدولة بسلطاتها المختلفة والمجتمع ككل ، ضمنه المادتين 9/2 ، 12 من الدستور، و الذي غدا إلى جانب الحرية الشخصية قيداً على السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تأتي عملاً يخل بهما ، ذلك أنه و إن كان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ، إلا أن المشرع يلتزم بما يسنه من قوانين باحترام الأطر الدستورية لممارسته لاختصاصاته ، و أن يراعي كذلك أن كل تنظيم للحقوق لا يجوز أن يصل في منتهاه إلى إهدار هذه الحقوق أو أن ينتقص منها ، و لا أن يرهق محتواها بقيود لا تكفل فاعليتها ، الأمر الذي يضحى معه هذا النص فيما تضمنه من قصر الإعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار على الإشهاد و التوثيق ، دون غيرهما من طرق الإثبات المقررة ، مخالفاً للمواد 2، 9 ، 12 ، 41 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 21 من قانون تنظيم بعض أوضاع و إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 فيما تضمنه من قصر الإعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار على الإشهاد و التوثيق .
اشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
0126128907
ساحة النقاش