أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

            الإكتفاء بالجزاء الإداري بشأن الفعل المكون لجريمة

 

 

قد يشكل الفعل المكون للمخالفة التي يرتكبها العامل جريمة جنائية ، فضلاً عن الجريمة التأديبية ، و الملاحظ أن الجهات الإدارية غالباً ما تعمد إلى إحالة الواقعة إلى جهات التحقيق الجنائية لاتخاذ شئونها حيالها ، و توقف بالتالي أية إجراءات إدارية ضد العامل إلى حين أن يتحدد موقفه الجنائي ، و كثيراً أيضاً ما تسارع الجهات الجنائية – حال ثبوت الجريمة – إلى إحالة العامل المتهم إلى المحكمة الجنائية المختصة لمحاكمته ، دون مراعاة لظروف العامل الشخصية و العائلية و ظروف ارتكابه للجريمة و دوافعه و بواعثه على ذلك وما إذا كان له سوابق من عدمه ، و ما قد يرتبه ذلك من إمكانية استعمال رخصة الإكتفاء بالعقاب الإداري ، نظراً لخطورة العقاب الجنائي على حياة العامل العائلية و الإجتماعية و الوظيفية ، بل و قد يتسبب العقاب الجنائي في نتيجة عكسية للاصلاح المرجو منه لبعض العاملين الذين يرتكبون بعض الجرائم تحت وطأة ضغوط شديدة لا محيص عنها ، أو استجابة لشهوة عارضة أو وسوسة شيطانية من الغير .....مما لا يدل على نفس أمارة بالسوء ، حقيقة بالعقاب ، فيؤدي توقيع مثل ذلك العقاب إلى نشوء نفس جانحة للشر و أهله ، فيخسر المجتمع فرداً من أفراده .

 

و من هنا فقد أكدت المحكمة الدستورية العليا على نظرية تفريد العقاب ، حيث قضت بأن :  "  .... فإن تقديرها – العقوبة – من خلال تفريدها يتعلق بعوامل موضوعية تتصل بالجريمة في ذاتها و بعناصر شخصية تعود إلى مرتكبها ، بما مؤداه قيام علاقة حتمية بين سلطة القاضي في تفريد العقوبة و تناسبها مع الجريمة .... تقديراً بأن الجرائم لا تتحد في خطورتها ، و لأن المتهمين لا تتجانس خصائص تكوينهم و لا تتحد بيئتهم ، بل يتمايزون على الأخص من حيث تعليمهم و ثقافتهم ،  و قدر ذكائهم و استقلالهم ، و تدرج نزعتهم الإجرامية بين لينها أو اعتدالها أو غلوها أو إيغالها ،  و يستحيل بالتالي معاملتهم بوصفهم نمطاً ثابتاً ، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم في قالبها ، بما مؤداه أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها .....كذلك فإن اعتبار المتهمين نظراء بعضهم لبعض سواء في نوع جريمتهم أو دوافعها أو خلفيتها ، لا يعدو أن يكون إخلالا بشرط الوسائل القانونية السليمة التي لا يتصور في غيبتها أن يكون للحق في الحياة أو في الحرية من قيمة لها اعتبارها ..... فإن سلطة تفريد العقوبة هى التي تخرجها من قوالبها الصماء ، و تردها إلى جزاء يعايش الجريمة و مرتكبها ، و يتصل بها اتصال قرار... و كان من المقرر أن " شخصية العقوبة " و تناسبها مع الجريمة محلها " مرتبطتان بمن يكون قانوناً مسئولاً عن ارتكابها على ضوء دوره فيها ، و نواياه التي قارنتها ، و ما نجم عنها من ضرر، ليكون الجزاء عنها موافقاً لخياراته بشأنها ...فإن حرمان من يباشرونها – السلطة القضائية – من سلطتهم في مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التي أفرغت فيها و متطلبات تطبيقها في حالة بذاتها مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها ، فلا تنبض بالحياة ، و لا يكون إنفاذها إلا عملاً مجرداً يعزلها عن بيئتها دالاً على قسوتها أ مجاوزتها حد الآعتدال ، جامداً فجاً منافياً لقيم الحق و العد ل ".   الحكم الصادر في الدعوى رقم 37 لسنة 15 ق دستورية – جلسة 3/8/1996 .

 

كما تواترت أحكام المحكمة الدستورية العليا على أن أن الأصل فى العقوبة  هو معقوليتها ، فكلما كان الجزاء  - جنائياً كان أم مدنياً أم تأديبيا – بغيضاً أو عاتياً ، أو كان متصلاً بأفعال  لا يسوغ تجريمها – فإنه يفقد مبررات وجوده .. (يراجع مشكوراً  فى هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 114 لسنة 21ق دستورية جلسة 2/6/2001 ).

 

 

و لذلك فمن الأهمية بمكان أن تتنبه الجهات الإدارية و الجنائية لكل ما تقدم ، و أن تفرق في المعاملة القانونية بين العاملين ،  إفراداً لكل صنف منهم  - وفقاً  لظروفه و ظروف الواقعة - بما يناسبه ، فليس من الضروري توقيع جزاء لكل واقعة تقع ، فقد يكفي حفظ التحقيق أحياناً تحقيقاً لعدالة أسمى ،   فالأغراض النهائية للقوانين العقابية ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفاً مقصوداً لذاته .

 

و في تطبيق واقعي لذلك حدث أن ارتكب بعض العاملين جريمة رشوة و قبض عليهم في حالة تلبس ، و بعد التحقيقات ارتأت النيابة العامة الاكتفاء بالمساءلة التأديبية ، بل و خففت المحكمة الإدارية العليا الجزاء الموقع من المحكمة التأديبية على العامل ، و في توضيح ذلك نورد أجزاء من حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن تلك الواقعة ، حيث جاء فيه :

 

"  ..... و خلصت النيابة العامة في ختام تحقيقاتها إلى أن واقعة الرشوة قد ثبتت في حق الطاعنين ثبوتاً يقينياً حيث أحيلت الأوراق إلى نيابة أمن الدولة العليا التي أعدت بدورها مذكرة مؤرخة 26/3/2005 ضمنتها أن الواقعة – في مجال التكييف القانوني السليم – و لئن كانت تشكل الجناية المؤثمة بالمادتين 103 ،  104 من قانون العقوبات إلا أنه إزاء تعرض الطاعنين لرهبة الإ جراءات الخاصة بالضبط و التحقيق و الحبس الاحتياطي و هو ما يعد رادعاً مناسباً لهما فإن نيابة أمن الدولة العليا تكتفي بإرسال الأوراق إلى الجهة الإدارية لمحاكمتهما تأديبياً ، و بناء عليه أجرت نيابة الإدارة المحلية ( القسم الرابع ) تحقيقاً في الواقعة بالقضية رقم 154 لسنة 2005 و خلصت النيابة الإدارية في ختام تحقيقها إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد الطاعنين لارتكابهما المخالفة الواردة بتقرير الإتهام ....و من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه و لئن كان لسلطة التأديب تقدير خطورة الذنب الإداري و ما يناسبه من جزاء بغير معفب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو و من صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب و بين نوع الجزاء ومقداره ، ففي هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية و من ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة ،  و من حيث إن الجزاء الذي قدره الحكم المطعون فيه للطاعنيين باعتباره تضمن أقصى عقوبة تأديبية قد شابه عدم التناسب و الغلو في ضوء المبررات التي ذكرتها النيابة العامة و التي بموجبها ارتأت عدم إقامة الدعوى الجنائية ، فمن ثم يتعين – و الحال كذلك – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة كل من الطاعنيين بالفصل من الخدمة و توقيع الجزاء المناسب حقاً و عدلاً عليهما و الذي تقدره المحكمة بالخفض إلى وظيقة في الدرجة الأدنى مباشرة  ". الطعنان رقما 28924 ، 29006  لسنة 52 ق – جلسة 27/12/2008 .

 

و من كل ما تقدم أدعو السادة المحققين الإداريين و الجنائيين أن يراعو تلك المبادئ ، و يلتمسوا ما يحقق مصلحة العمل،  واختيار القرار التأديبي الذي ينتج صالح العامل المشكو في حقه .

 

  أشرف سعد الدين

المحامي بالإسكندرية

0126128907

المصدر: اشرف سعد الدين
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1142 مشاهدة

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,948,833

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]