هنا المغرب ..... صوت المواطنة يتحدث
*************************
أصبحت الساحة السياسية المغربية فارغة ،بعد ان استنفذت الأحزاب المغربية مرجعياتها الغربية ،التي انبنت عليها ،ولم تعمل على تجديد المرجعية الهوياتية "الاسلام" .بالاضافة الى نضوب مخزون الأفكار ،وتكاسل النخبة المثقفة في انتاج بدائل مفاهيمية تتفاعل مع طبيعة الأرضية الواقعية للمجتمع المغربي .
فاذا كانت الاشتراكية قد تطورت من الاشتراكية الطوباوية الى الاشتراكية الديمقراطية ، ثم الاجتماعية ،مرورا بأشكال أخرى من الاشتراكيات . واذا كانت الرأسمالية قد تحولت الى الليبرالية والنيوليبيرالية فوق جسر منظومات مفاهيمية متجاورة كالحداثة مثلا .فأي تطور طرأ على الأفكار أو الايديولوجيا في المغرب ؟.
اذا كان "فوكوياما " قد أشار على الغرب بتوسيع نطاق الحرب الباردة بوسائل جديدة ، بعد ان استنفذت الوسائل القديمة فاعليتها، بأفول نجم الاشتراكية مع تفتت الاتحاد السوفياتي . فان هذه الوسائل لم تكن في مستوى الأفكار ،ولم تعبر عن نفسها بالمفاهيم و الايديولوجيا ؛ بقدر ما أنتجت أسلحة دمار شامل ،وحروبا متفرعة شنها الغرب على أكثر من جهة ؛ ونتج عن ذلك أزمة اقتصادية عالمية ؛كان الغرب أول من اكتوى بسلبياتها .وقد استنسخت الدول العربية تجربة الدول الغربية في تصدير العنف ،ولكن بطريقة مشوهة ؛ أي تصديره نحو صدور شعوبها العارية .وبأسلوب "نيرون "؛أي احراق الداخل ،وقمع المجتمع بأقصى درجات العنف .
وهو المظهر الذي حاولت الدولة المغربية تجنبه ،الى حدود قمع النزهة نحو -معتقل تمارة- الذي نظمتها حركة "20 فبراير" قبل اقل من اسبوعين .وهو ما اكدته بعد اطلاق أولى الشرارات الفعلية لنهج القمع والعنف ضد مواطنيها . واعتماد اشاعات فارغة ،كما هو شأن الدول العربية قاطبة ؛بالتأكيد على سيطرة جماعة العدل والاحسان ،واليسار الراديكالي على التظاهرات الأخيرة وتوجيهها . عوض العمل على احتواء الاحتجاجات ،وتحضير "الحضارة" التظاهرات ،والأخذ بعين الاعتبار مجمل المطالب ،ومحاولة غربلتها غربلة موضوعية .
وهذا يؤشر بوضوح كبير على فراغ الساحة السياسية ،وعلى انعدام الرؤية البارونامية للمشهدين ؛الاجتماعي والسياسي بالمغرب .فعجز الدولة على انتاج صيغة تتفهم ا لظروف الراهنة ،والمستجدات الاقليمية والدولية ،والتفاعلات النفسية للانسان العربي ؛في خضم هذه المتغيرات الكونية التي لم تستقر بعد ،هو العنوان الأساس لهذا التخبط الكبير . ويعتبر ورطة عظيمة ترهن المغرب في هذه المرحلة في أتون مستقبل غامض .اذا لم تسعفها حصافة عقلانيتها في معالجة الوضع الراهن .وهو وضع يتميز بغليان لن يفتر الا باحداث اصلاحات تلبي الحد الأدنى من مطالب الحركات الشعبية الشرعية . عكس ما يعتمل الآن من مواجهات عنيفة للحركات الاحتجاجية ،التي مست قطاعا حساسا يجمع نخبة من أهم النخب المغربية ؛وهي نخبة "الأطباء" .وهي ردة لم يكن يتصورها أحد من المراقبين بعد التفهم الواضح الذي أبانت عنه السلطات المغربية .
فبأي منظور تم تحريف مسار التعامل مع التظاهرات بالمغرب ؟ ولأجل من توأد مطالب الأغلبية الصامتة التي اختارت أن تعبر عن نفسها ؟ ومن هي الأطراف التي "قد" تستفيد من هذا العنف ؟وهل ثمة قراءة لمستقبل هذا التطور الخطير ؟ وهل بعد التنويه الأممي لحكمة المغرب في معالجة مطالب حركة 20 فبراير والتعامل معها ، نقبل باملاءات خارجية ،بعدم نهج العنف ضد المتظاهرين ؟
هي بالتأكيد أسئلة تناسلية لاسقف لها ،لكن الحيز والرهان لا يفيان بالنبش أكثر
المصدر: الواقع المغربي
نشرت فى 26 مايو 2011
بواسطة khalidsalai
عدد زيارات الموقع
2,158
ساحة النقاش