الفرعون الصغير عندما تطأ قدماك أرض محافظة أسوان تشعر وكأنك لم تكن تعيش في مصر، هذا ما حدث معي ، فنظرة متأنية إلي ما حولك من مظاهر الطبيعة من نيل وجبل وأشجار ومنازل ذات طابع خاص كفيلة بأن تنقلك إلي جو مختلف أبعد ما يكون عن الجو الذي كنت تعيشه في أي من محافظات ومدن مصر .. فأسوان حقًا مميزة، وأكثر ما جذبني هناك - عندما كنت في رحلة مع بعض الأصدقاء - وجوه أهل أسوان ؛ تلك الوجوه المعبرة التي تري فيها الصدق والكرم والطيبة .. اضغط علي الصورة للتكبير.. تري فيها الفطرة ، بل لا أبالغ إن قلت : إنك تري فيها مصر .. تماما مثل نهر النيل هناك ، والذي ستشعر ولأول وهلة بأنه ليس هو النهر الذي اعتدت رؤيته في ربوع مصر .. وهذه الصورة التي صورتها لصبي من أهل أسوان يستغل وقت فراغه ببيع آلة الربابة الموسيقية - المعروفة في صعيد مصر- لزائري أسوان من المصريين والأجانب .. عندما أمعنت النظر في الصبي خيل لي بأنني أمام ابن من أبناء الفراعنة ، لماذا ؟ لا أدري ، ربما طريقة جلسته التي تشبه الكاتب المصري القديم في وضع القرفصاء ، أو ربما ملامح وجهه الشبيه بالفرعون الصغير توت عنخ آمون ! .. كما جذبني هذا الصبي بآلتة الموسيقية البسيطة والتي تصنع يدويا من بعض الأخشاب وجلد الماعز ونبات الغاب والبوص .. والغريب أنه رغم عدم اتقان صنعها ورداءة المواد المصنعة منها إلا أن كثيرًا من الزوارأقبلوا علي الشراء.. حقًا إنه شئ يدعو إلي الدهشة.. لماذا أشتري شيئًا أعلم أنه ردئ الصنع ؟ .. سألت نفسي هذا السؤال عندما شاهدت هذه الصورة وتذكرت أيام رحلتي إلي أسوان ، ونظرت في الصورة لعلني أصل إلي إجابة لهذا السؤال..وأخذت أدقق النظر في الصبي بمظهره وابتسامته الصافية كصفاء نهر النيل من حوله ،وطاقيته المزركشة المتنوعة الألوان ، وأصابعه ، وأظافره المطلية بالحناء ، فتأكدت أن سبب الشراء هنا ليس هو الحصول علي الربابة ؛ ولكن السبب هو جاذبية هذا الصبي ( الفرعون الصغير ) عنما تتداخل مع جاذبية المكان والتاريخ ، إنها الرغبة في الحصول علي هذه الجاذبية من خلال تذكار ( الربابة) .. وقد حدث ذلك بالفعل معي ؛ ففي كل مرة أنظر إلي هذه الصورة أشعر بحنين منقطع النظير إلي الصبي وأسوان وصدق المكان.
خالد إسماعيل محمد
موقع موجه لطلابي بمدرسة برديس التجريبية للغات وأولياء أمورهم والمجتمع المحيط »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
207,300