أيام وأنا أبحث عن مسمىً غير مستهلك لمولودي الجديد من زوجتي الثانية، الحامل رقم «19».همت على وجهي في الشوارع والحارات، بحثت في معارض الملابس والأحذية، وأسواق الخضر والفاكهة، والمؤسسات والشركات ولوحات الإعلانات، ووو....أصبح البحث عن اسم جديد،هو هاجسي في كل حين. وأكون صادقاً، لو اعترفت بأنَّها حالة مرضية انتابتني وتغلغلت إلى تفكيري، ولم يعد باستطاعتي الخلاص منها. والأدهى من ذلك أنَّ عدواها انتقلت إلى أقربائي وجيراني وأصدقائي، وحتّى زملائي في العمل. بالأمس فقط طرق بابي العديد منهم، وكلهم يحمل أسماءاً لأجلي، ظلوا يتواردون تباعاً حتى عجَّت بهم الدار. كانت حالتي يُرثى لها، فقد نتفت نصف شاربي؛ لكثرة الشرود والتفكير، وتورمت عيناي واحمرتا؛ جًّراء السهر والإرهاق. وإشفاقاً عليّ بدأ كلُّ واحدٍ منهم يتلو ما تيسر معه من الأسماء: ـ محمد، بلال، غضنفر، ضرغام، رعد، فارس....... تضاربت الأقوال وتصادمت، وكلٌّ يحاول أن يُقدّم الاسم الذي يرتئيه، وعبثاً حاولت تهدئه الأمر، وقد بدأت أصواتُهم ترتفع شيئاً فشيئاً، حتّى تحولت إلى ما يُشبه الرعد القاصف، فتهشّم زجاج النوافذ، وتبعثر على الأرض، وتشققت الجدران، وخُيّل لي أنّ السقف يخرُّ راكعاً، قبل أن أسقط مغشياً عليَّ في زحام الكلام. في اليوم التالي، داهمني صداع رهيب فور استيقاظي، وعندما هممت بغسل وجهي، لم أنتبه إلا وأنا في الشارع، المنشفة على كتفي، والصابون بيدي، و«الفياجرا ما تزال في جيبي» وعلى لساني أغنية السيدة فيروز: «أسامينا.. أسامي كلام.. شوتعبوا أهالينا، شو ابتكروا فيها" في العمل استقبلني زملائي برتل من الأسماء،أمطروني بها فصرخت متضجراً: - يكفي يكفي.. لا أريد أسماءاً لا أريد أسماءاً. باغتهم غضبي؛ فبُهِتُوا، أرادوا أن يقدّموا لي خدمةً يعرفون حاجتي الماسّة لها، وخشيت كارثة ككارثة الأمس. رأيت في عيونهم نظرات الإشفاق، فأدرت وجهي؛ حتى لا تهرب دمعة حبستها. رنَّ جرس الهاتف، رنيناً مزعجاً،تناولته في تثاقل: - نعم..؟! - مبارك وضعت زوجتك الأولى. - ماذا تقولين؟! - بنت مثل القمر. تركت السماعة تسقط من يدي دون اكتراث، وغرقت فيضحكة هستيرية طويلة ..