• قيل أن أول من خط بالعربية هو سيدنا اسماعيل عليه السلام وكانت حروفها متصلة حتى الألف والراء,وأن ولداه قيدار والهميسع هما اللذان فصلا الحروف.
  •  قيل أن أول من كتب هو سيدنا إدريس عليه السلام.
  •  قيل أن أول من صنع الحروف ستة أشخاص هم: أبحد,هوز,حطى ,كامن, وسعفن,وقرشن.ثم أضافوا حروفا لم تكن موجودة فى أسمائهم.
  •  قيل أن أول من كتب هو سليمان بن داوود عليه السلام.

 

 بالرغم من الاعتقاد الشائع حول الارتباط الوثيق بين نشأة الكتابة العربية وبزوغ فجر الاسلام إلا ان تأريخ الصيغة المكتوبة للغة العربية يعود في واقع الامر الى عصور ما قبل الإسلام، حيث تجذرت التركيبات اللغوية واستمدت أشكال حروفها الأبجدية بفضل ارتباطها مع اللغات النبطية الآرامية التي كانت سائدة في المنطقة وقتذاك.

على ان تطور الهياكل التشكيلية والصيغ الهندسية للحروف الابجدية العربية كان قد تفجر بنجاح مضطرد مع نزول القرآن وشيوع تعاليم الدين الاسلامي منذ نهايات القرن السادس الميلادي فصاعداً. فمع إنتشار رسالة القرآن، تطوّرت الوظيفة الرئيسية للكتابة العربية من تسجيل الامور اليومية الاعتيادية الصغيرة الى توثيق وتبجيل وحفظ الوحي الجديد.

ولم يكن يمر زمن طويل حتى أصبح النَسّاخون، والخطّاطون لاحقاً، مُلتزِمين مهنيا واخلاقيا وروحيا بتجميل وتزويق وموازنة كتاباتهم من اجل تقديمها على أمثل وجه بهيّ يليق بقدسية كلام الله ويجسد قيمته السماوية واهميته الدنيوية. ومن هنا كان على الخط أن يتحوّل الى حرفةٍ تَحْكُمُها قواعد محددة وتربط محترفيها بإلتزام اخلاقي ديني مقدس جدير بمن يؤتمن ان يقدم كلام الله لعامة الناس.

وبذلك فقد كان من الطبيعي ان يتظافر الابداع الفني في تطوير اصول الخط واشكاله مع العلم والادب والفلسفة والاخلاق والروحانية. ومن هذا المفصل لم يكن مُفاجِئاً ان يشيع قول العرب وتوصيفها للخط العربي بأنه " هندسة الروح التي تنساب عبر اليد".

 

طِوال المراحل الأولى من تطور الكتابة، ووصولاً الى الصيغة النهائية للحروف وطريقة نطقها، كان الامر قد تَطَلَّبَ إجراءَ تعديلات وتنقيحات لا حصر لها من قبل اللغويين الاوائل مثل أبو الأسود الدؤلي (توفى عام 688)، والخليل بن احمد الفراهيدي (توفى786) اللذين كانت اسهاماتهما في إبتكار نظام النقاط والحركات حاسمة في ترسيخ مسار اللغة الصحيح.

وبسبب من كثرة الاسهامات الفردية والجماعية واختلاف مصادرها على امتداد قرون عديدة، اصبح من المتعذر ان يستدِّل المتتبع على مسارٍ خَطّي واحد لإقتفاء أثر تطوّر كتابة الحروف العربية منذ البداية ولحد الان. فمع إنتشار رقعة الإسلام شرقاً وغرباً، تطوّر العديد من إشتقاقات وأساليب كتابة الحروف وعلى إمتداد مساحات جغرافية واسعة، الامر الذي ادى الى ان تصبح اللغة شكلا ومضمونا عبارة عن إنعكاساتٍ لثقافاتٍ ومجتمعاتٍ متباينة ومتعددة.

إلا ان فيما يخص موضوع شكل الحروف وتحول الكتابة الى خط ، تشيرالمصادر التأريخية الى ان الحروف التي تم إستخدامها في أول نسخة مخطوطة من القرآن كانت بخط اولي يدعى "الجزم". وقد تشرف بنسخ تلك النسخة الاولى من المصحف زيد بن ثابت، وذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان (644-656).

على ان خط الجزم الاول كان مختلفا باختلاف المناطق التي تطور فيها. فهناك الجزم (الحيري) و(الأنباري) في العراق، و(المَكّي) و(المديني) في الجزيرة العربية. وبالإضافة الى الجزم، تم تطوير العديد من أشكال الكتابة في جميع الأماكن الأخرى لتمثل انواعا اخرى من الخطوط التي كان بعضها شعبيا وشائعاً فإستمر ليتطوّر الى صياغاتٍ أخرى مثل (المائل) الذي تطور كثيرا في العراق ليصبح بعدئذ (الكوفي)، فيما اندثر البعض الآخرالأقل شيوعاً مثل (المُكوَّر) و(المَبسوط) و(المشق)، التي تلاشت جميعا بَعدَ حِين.

 

ومع تطوّر دولة الإسلام وإتساعها، وشيوع الوظائف الادارية وحاجاتها من المهمات الكتابية، تم تطوير مجموعات جديدة أخرى من الخطوط التي أخذت تُلَبّي مُتطلبات الوظائف المدنية المتصاعدة من اجل مواجهة الطلب المتزايد على المراسلات الإدارية والتجارية.

وفي مجال نبوغ الخطاطين الاوائل في هذا المجال، يمكن الاشارة الى إثنين من ألمع الخطاطين الأمويين في دمشق لإسهاماتِهما التاريخية في تطوير الكتابة الاعتيادية الى خط. أولهم هو قطبة المحرر الذي يُنسب إليه تطوير صيغة الخطوط الاولى المكتوبة بشكل متصل، مثل (الطومار)، (والجليل)، (والنصف)، (والثلث)، (والثلثين). كما نُسبت إليه الكتابة الرائعة بخط الجليل المنقوشة على محراب مسجد النبي في المدينة المنورة.

أما الخطاط الثاني فهو خالد بن الهيّاج، الذي كان يشغل منصب النسّاخ الرسمي الاول للخليفة الوليد بن عبد الملك (705-715). وهنا تجدر الاشارة الى اعمال الخط الرائعة التي سجلت قبل ذلك على جدران مسجد قبة الصخرة في القدس الذي شيده الخليفة عبد الملك بن مروان عام 690 كأول انجاز عملاق في حقل العمارة الاسلامية. كما يُنسب للهياج اكمال نُسَخٍ كبيرة من القرآن بخطوط الطومار والجليل.

 

وتجدر الاشارة ايضا الى ان هذه الخطوط الاولية المبكرة كانت قد نسبت الى حجم القصبة التي تكتب بها. على ان خط الطومار كان يصلح لان يكون أساس القياس، حيث ان إرتفاع مدة الحرف تساوي ما قَدْرُهُ أربعٌ وعشرون شعرةً مرصوفة من ذَيْلِ حِصان، فيما تُشير خطوط (النصف) و(الثلث) و(الثلثين) الى نصف وثلث وثلثي هذا القدر تِباعاً. وهنا يوجد نظرية عربية منافسة تضع تفسيرا اخرا في هذا المجال فتشير الى (النصف) و(الثلث) و(الثلثين) كنسبةِ مَدّات الحروف الى إنحناءاتها في تلك الأنواع من الخطوط.

 

في منتصف القرن السابع الميلادي تحول مد الاهتمام بالخط العربي وتطوره بشكل متميز الى العراق، وخاصة في مدينة الكوفة التي كانت قد تأسست عام (640) كمستودعٍ لحامية عسكرية. الا ان اتساع وتطور الثكنة العسكرية سرعان ما أدى الى تحوّل المدينة الى مركز دينيٍ وثقافي وفر المتلزمات المدنية واجتذب كل من يتعامل مع العلوم والاداب والفنون ليأسسوا نشاطاتهم المتنوعة في بيئة صحية فيها الكثير من الحوافز ومستلزمات الانتاج الثقافي.

وليس من الغريب في مثل ذلك المناخ ان يتوافد النساخون والخطاطون واساتذة الادب والفن للعمل والاستقرار في الكوفة. ومن هناك ازدهر الخط العربي ودخل مرحلة اخرى جديدة تمخّضت عن ولادة خط جديد يدعى "الكوفي كتطوير لخط "المائل" السابق ذكره. يتميّز هذا النوع الجديد من الخطوط بتكوينه الهندسي الصارم الذي غالباً ما يكون مُشْتَمِلاً على زخارفَ تزيينية، ومقرونا بالمرونة الواسعة التي سمحت له ان يتناغم مع مشتقات ومتغايرات كثيرة مثل "المضفور"، "المزهور"، "المورَّق"، "المعقود"، "المُخمَّل"، "المُربَّع" وانواع عديدة أخرى.

ولما يتميز به الخط الكوفي من دقة في القياس ومثال في التناسب فانه كان نتيجة طبيعية لنشوء ونموَّ جيلٍ جديد متمكن في استيعاب العلوم وضليع في دراسة وهضم الحساب والهندسة، مما كان يعتبر صفة واضحة ميزت ازدهار الكوفة العلمي والثقافي. على ان الخط الكوفي الاصلي ذاع صيته واتسع سراعا ليشمل مناطق قريبة وبعيدة ضمن الامبراطورية الاسلامية التي كانت تتسع جغرافيا هي الاخرى. ومن هنا يأتي تفسير مسميات الخط الكوفي تبعا لمناطق تطوره.

فهناك على سبيل المثال "الكوفي المشرقي" الذي يرجع الى انماط متنوّعة طوِّرت في بغداد، و"الكوفي المغربي" الذي يشير بصفة عامة الى تنويعة من الخطوط الكوفية الاصل التي طُوِّرت في القيروان في أقصى غرب المنطقة العربية حيث إكتسب بعدئذ شعبيةً واسعة في عموم شمال غرب أفريقيا والأندلس، وبخاصة في عهدي دولة الاغلبيين (800-909) والفاطميين (910-1171). وكان الخط الكوفي قد بلغ ذروة تطوره في نهاية القرن الثامن لكنه واصلَ هيمنته على حرفة نَسخ القرآن حتى بدأت الخطوط المتصلة الاخرى الأكثر مرونة وانسيابا والاقل التزاما بالتناسبات الرياضية تحل مَحلَّهُ بالتدريج

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2656 مشاهدة
نشرت فى 20 ديسمبر 2011 بواسطة ketaba

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

233,692