موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

 

الأسرة والمدرسة أمام المحكمة التربوية

 

بقلم/ خالد مطهر العدواني

 

الأسرة ترسل أبنائها إلى المدرسة ليتعلمو، والمدرسة ترجع الطلبة إلى اسرهم كما ذهبوا، فتصرخ الأسرة؛ المدرسة فاشلة، لا يوجد تعليم، المعلم سبب دمار الطلبة، المناهج سيئة، المدرسة لا تقوم بواجبها،... وغيرها من الصرخات.

 

وتذهب للمدرسة تجده صراخها أشد وأقوى؛ الأسرة مهملة لأبنائها، الأسرة لا تقوم بواجبها، الآباء لا يهتمون بأبنائهم، الأسرة سبب فشل الطلبة، ضعف الطلبة ناتج عن الأسرة!!  

 

وهلم جر....

 

وهنا نقف في المنتصف بين الأسرة والمدرسة، كقاضي المحكمة عندما يقف بين المتخاصمين؛ نحكم على من هو السبب في ضياع الأبناء وتدني مستواهم التعليمي والتربوي، الأسرة أم المدرسة؟!!

 

ونناقش حيثيات وملابسات القضية بين المتخاصمين من الناحية التربوية، وستكون المرافعة عن الطرفين باستخدام قانون علم التربية وأعراف التعليم.

 

بسم الله نفتتح الجلسة:

 

الأسرة هي المسؤولة عن تربية الأبناء وتنشئتهم منذ الصغر حتى دخول المدرسة وما بعد المدرسة، فهي اللبنة الأولى والأساس الأول لتربية الطفل وبدونها لا يمكن أن تتم عملية التربية خارجها..

 

ولكن ما أن يكبر الطفل حتى يحتاج إلى احتياجات تربوية وتعليمية لا تستطيع الأسرة وحدها تلبيتها، وخاصة أن الأسرة اليمنية في أغلبها أمية، بل تجهل الأساس المعرفي المعرفي والعلمي والتربوي؛ فكيف لها أن تقوم بهذا الدور!، ففاقد الشيء لا يعطيه.

 

أضف إلى ذلك مستوها المعيشي المتدني الذي يمنعها من إيجاد بديل مناسب لتربية وتعليم ابنائها، فكان الحل هو إيجاد المدرسة التي كانت فكرة وجودها في التاريخ وعند جميع دول العالم هو أن المجتمع أصبح بحاجة إلى بديل ونائب ينوب عنه في تنشئة أفراده ويعمل على تربيتهم وتعليمهم ليصبحوا مواطني صالحين في المجتمع وبهذا أوجدوا المدرسة.

 

ولكن – وللأسف – اصبحت المدرسة في وقتنا الحاضر عبئ على المجتمع بدلاً من أن تكون حلاً لمشكلاته، فلم تقوم بواجبها واصبحت الأسرة ترسل أبنائها لتحل مشكلة تعليمهم وتربيتهم لتعيدهم المدرسة مرة أخرى لتطلب من الأسرة حل تلك المشكلات بنفسها بل وتضيف إليها مشكلات أخرى، ... لماذا؟!، وإذا كانت الأسرة ستقوم بذلك فما الحاجة لوجود المدرسة إذاً؟!.

 

المدرسة تجد نفسها عاجزة عن ذلك، المعلم دون المستوى المطلوب معيشياً واقتصادياً الأمر الذي يقلل من أهميته ودوره فهو غارق في مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية.

 

وهل ترون أن بالإمكان إيجاد تعليم ناجح بدون معلم كفء قادر على التربية والتعليم بأساليب حديثة وذات تأثير وفائدة... لا يمكن!!.

 

وإذا ما أردنا ذلك فعلينا أن نبادر بحل مشكلاته الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، وتأهيله وتدريبه ليكون ذو كفاءة ومهارة، أضف إلى ذلك سوء الكتب المدرسية، وندرت الوسائل التعليمية والظروف البيئية السيئة للمدرسة وغيرها من مشكلات التي لا تحصى داخل المدرسة والتي تقف عائقاً أمام القيام بدورها كمؤسسة تعليمية نائبة عن المجتمع في تعليم ابنائه وتربيتهم.

أليس من الأولى الاهتمام بالمدرسة وحل مشكلاتها قبل أن نطالبها بالقيام بدورها؟!.

 

هنا أقول كمدعي عام في هذه القضية...

 إذا استطعنا أن نفرق بين أدوار وسائط التربية والتعليم والمتمثلة في (الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والمسجد، والإعلام) حينها نستطيع إيجاد العلاقة التكاملية فيما بينها، وتشترك جميعها في عملية التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية لأبنائنا.

 

لكن مشكلتنا أن كل مؤسسة ترمي بالأئمة على الأخرى وتحرج نفسها من المسؤولية، ونجد المجتمع قد فقد الثقة في المدرسة، في الوقت نفسه الأسرة ليس لديها المقومات الاقتصادية والثقافية والعلمية وحتى التربوية لتقوم بذلك لوحدها، وتجد المدرسة نفسها مكبلة بمشكلاتها ولا تجد الدعم المناسب من المجتمع ليعينها على القيام بدورها إن لم يكن هو سبب في وجود تلك المشكلات...

 

وهنا يتحدث القاضي بلغة التربية وقانون التعليم...

إن للأسرة دورها التربوي، وللمدرسة دورها التربوية والتعليمي، والمدرسة إذا ما ارادت أن تساعد نفسها وتخفف عن نفسها الأعباء، وتحل مشكلاتها فعليها أن تقوم بدورها كحلقة وصل بين جميع وسائط التربية والتعليم المختلفة، فبدون المدرسة لا يمكن أن تحدث عملية التكامل والتعاون بين بقية تلك الوسائط.

 

حينها تتم عملية تنظيم الأدوار والمسؤوليات ويقوم كلاً بدوره، ولكن من خلال تنظيم المدرسة لذلك، وهذا هو الدور الأساسي والأهم الذي أنشئت المدرسة من أجله، وإذا لم تفهم ذلك الدور، حينها سيحكم عليها بالسجين في غياهب الجهل والمشكلات المتكاثرة مدى الحياة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 263 مشاهدة
نشرت فى 5 نوفمبر 2015 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

604,429