موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

عام هجري جديد... فهل من مهاجر؟

 

بقلم/ خالد مطهر العدواني

 

ها هو العام الهجري الجديد قد هلّ هلاله، وبدأ تقويمه يطوي أوراق أيامه لتكون فيما بعد عند الحساب، سجلاً شاهداً لما سطرناه في ميدان الحياة من مواقف وأقوال وأفعال وإنجازات، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).

 

ولا شك أن تجدد العام الهجري يذكرنا بحدث حبيب إلى النفس المؤمنة، حبيب لكل من يريد الخير والمحبة لكل الناس، إنه حديث الهجرة، التي هاجرها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبو بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة، وياله من حدث عظيم جليل؛ كيف لا ! وهو الحدث الذي يمثل لحظة فارقة في تاريخ أمة الإسلام.

 

وهنا لا أتحدث عن الهجرة الحسية التي هاجرها النبي وصاحبه، والتي كان فيها من العضات والعبر مما امتلأت بها الكتب والمجلدات، ولكن حديثي عن الهجرة الأخرى، هجرة معنوية هي مقصود كلامنا هنا، هي الهجرة إلى الله ورسوله، الهجرة التي شغلت قلوب المتعلقين برضوان الله، الراغبين في تحصيل ثوابه والبعد عن عقابه.

 

فالهجرة تتضمن الانتقال (من) و (إلى) فعلى المؤمن أن يهاجر بقلبة من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل علي غيره،  إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره إلى دعائه، وهذا يعني الفرار إليه (ففروا إلى الله) ويقول عليه الصلاة والسلام (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).

 

وحري بنا إذا أردنا أن ننضم إلى ركب المهاجرين حقاً وصدقاً، أن تكون هجرته صلى الله عليه وسلم موطناً للاقتداء والأسوة، ومن مواطن الاقتداء التي نجدها في الهجرة النبوية؛ دقة تحديد الوجهة والهدف والثبات عليها، والصبر على مفارقة ما نحب، واختيار الرفقة والأصحاب والمخالطين في هذه الدار سواء كانوا أفراد وأشخاص أو انتماء للجماعات والأحزاب والمؤسسات بما يحقق سلامة الوصول إلى الله، وكذلك الاقتداء في حسن الترتيب والتخطيط لأمور الحياة، والحذر من كيد الأعداء واتقاء شره.

 

فنحن بحاجة إلى هجرة شاملة في حياتنا، هجرة المعاصي والذنوب، والعادات والتقاليد المخالفة للشرع، والمبادئ والأفكار المنحرفة، هجرة صادقة مع النفس، لا تمني ذاتها بحظ من حظوظ الدنيا الفانية، بل تعدوها للآخرة الباقية.

 

هجرة تطمح إلى تحقيق العزة والتمكين لهذه الأمة، ولا تقف أمام عثرات الطريق والخوف من ترهيب العدو.

 

فهذه هي الهجرة إلى الله ورسوله...

فهل من مهاجر؟

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 267 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2015 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

638,074