مقاله أدبيه:أسطورة المجد
بقلم / سمر عامر
في مدينة تحفها الملائكة من كل جانب ...مدينة تلتحف الضباب،
وتفترش الجمال ،وتغدو جنة الفردوس الصغرى ببهجة خضراء
تأخذ بالألباب،وتسحر القلوب إعجابا..
مدينة تغمرنا بمفردات أيقونة جميلة،لسيمفونية كلاسيكية،
تخترق حجاب أرواحنا،فتغلفها بسكون خاشع تتلذذ أذاننا
لسماعها..فنخلد إلى ربيعها الدائم في كل حين.....
مدينة الضباب..تلك المدينة التي تتوهج حنينا لكل زائر
لها فتضفي على سحرها الخلاب صفات لزائريها،تحوطهم بالعناية
وتحتضن أمالهم..فتزهرا رواحهم بالفرحة..وتخرجهم من بوتقة
الخجل إلى التصرف بعفوية،والثقة بالنفس ..وقد ربما تبعث
في نفوسهم الغرور أحيانا..لما هم فيه من متعة النظر إلى الطبيعة العذراء
دون سواهم ……
المحويت حديقة رائعة ،جمعت من بساتين الجنة كل أنواع العذوبة والصفاء..
لا تشعر زائريها بالملل ،فالأوقات فيها كأنها لمحة بصر …..
تجعلهم كالعطشان الأخرق يلاحقون سراب جمالها الساحق ،متلهفون للتوغل
في حكاياها الأزلية على أضواء لياليها المقمرة.
غرست في دمائهم حبها ،فجعلوا يهيمون بعشقها السرمدي ،كمجنون ليلى …..
يخافون الابتعاد عنها ،تكاد أفئدتهم تئن كالثكالى من على جبالها التي تناطح
السحاب ،فكأنما الشاعر يعبر عن ذلك بقوله:
أيا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا
وكل مسافر سيؤوب يوما إذا رزق السلامة والإيابا
فالبعد عنها جعلهم يرتلون أغنية جنائزية ,استوحوها من لحظة فراقهم
لمدرجاتها الخضراء
لكن مهلاً………
مابالك أيتها المدينة عندما أردت الانصهار بين حبات رمالك ،استبقيتي
ذكرياتي لديك كشبحٍٍ أسير ،يحاول الخروج من راحته الأبدية ،ليطلق عنانه
بسرد تفاصيل العيش بين عينيك؟؟!!
مابالك أيتها المدينة الملائكية ..الساكنة في دماء ساكنيك ،المحتضرة في
قلوب أعدائك،نذرت على نفسك بالموت إن هجعت أطيارك عن التغريد
وأشجارك الباسقة عن التسبيح ،فجعلت من لياليك حكايات يتغزل بها أهالي
روايات ألف ليلة وليلة ،ودعوت النجوم في كبد السماء ،،،،،لتتراقص على
أضواء لياليك المقمرة ،وتزينت الأعشاب بحلة الاخضرار ،وفاقت شقائق النعمان
فيك روعة الأزهار ،وازدانت الأرض بالفرحة ،تغذينها بالسعادة اللامتناهية رغم جوعك ..
وتتوجت هام الغصون وضرجت خد الرياض شقائق النعمان
وتنوعت بسط الرياض فزهرها متباين الأشكال والألوان
من أبيض يقق وأصفر فاقع أو أزرق صاف وأحمر قان
المحويت … أيتها المحاربة الإغريقية ….أما آن لك أن تثقي بولاء أبنائك لك
وتدعينا نستريح في عينيك ؟؟
آما آن لك أيتها الأم الرءوم أن تحتضني مواهبنا التي رضعناها من خيراتك
وتدعينا نعبر عنك ...عن حلمنا الأزلي بأن تكوني حاضنة التاريخ ورافعة لشعلة
الحرية ....
آما آن لك أيتها القبة المنيرة ان تحرري نفسك من وثنية الاستحواذ بقلوبنا
وعقولنا وأقلامنا .....
إليك يامدينة الضباب .......
إليك ..تحية معطرة بأريج السلام الذي صنعتيه .....
إليك أيا ملبوسة يمانية حاكتها أرواح الشهداء ......
إليك يامن صنعت من ثقتي بنفسي خنجرا يدعى القلم ،يذود عن حماك بسّم
الكلمات ،ويرسم دروب انجازاتك العامرة ......
آه ...يامدينة الضباب...دعيني أشفى من عشقك الخالد بأوردة روحي ،فالسقم
حلّ بفؤادي ..وليس لي غير الإخلاد بين عينيك دواء .....
ليتك تفكي قيودي ....وتحرريني من ولائي لقطر نداك ،ليتك تسقيني زؤام كأس
رضاك عني ،وتبعثرني نسمات رياحك في بذور أراضيك أو حتى أكون بكل
تواضع رسماً حميرياً على جدران معبد (ألمقه) لأكون من تاريخك الأصيل .....
ليتك تصّبي عليّ من لعنات (ميداس) حتى أحول كلما تحويه أرضك إلى خيرات.....
المحويت ..أيا مدينة الضباب ..ياقدسية التاريخ ...امنحيني رقبتي ...وذكرياتي
وأشواقي لأنفذ في أرقى معانيك ....في كل شهيق تتنفسيه ....
لأكون كلماتك المعبّرة عن اختلاجاتك ......وناطقك الرسمي بالأشواق والحنين...
آه ...تكلمت حتى كلّ لساني وكتبت حتى شنقت يراعي واضمحلت أوراقي من
شدة نزيف قلمي عليها ..ولكن مهما تبارت القرائح لوصفك فستعجز ،لأنك
أسطورة ...والأسطورة كأنما هي حلم لاتسطر إلا في القلوب ..
فتحياتي لك حقاً ياأسطورة المجد ...........