<!--<!--<!--
العولمة وضياع الهوية
إن العالم اليوم يعيش حالة مضطربة في الفكر والثقافة والسياسية والاقتصاد والاجتماع مبعثها ذلك الأخطبوط المهيمن الذي تغلغل في جميع هذه المجالات آلا و هي ظاهرة العولمة وبغض النظر عن الزاوية التي يرى أليها الدارسين والباحثين لهذه الظاهرة فإن جميع الاختصاصات مجمعون على أن هناك نموذج ينفرد بصناعة البدائل ويصدرها ويسير العالم ، فكثرت الدراسات وفتحت سجلات التساؤلات وحار المطلعون بين المطروحات .
ما هي حقيقة العولمة ؟ هل هي حركة طبيعية في السياق التاريخي العام أم أنها بفعل فاعل وبدراسة موجهه ؟ من الذي يقف خلف هذه الحركة وما أهدافها , وما وسائلها لتحقيق تلك الأهداف ؟ ما دورنا كمسلمين- إن لم نقل كشعوب مستهدفة- فيها ؟ هل هي حقيقة تدعو إلى تنميط الإنسانية بنمط واحد يصنعه الأقوياء ؟ وهل بإمكان الشعوب المتخلفة في ضوء حركة الابتلاع التي تمارس ضدها أن تصمد طويلاً في وجه هذه الموجة ؟
كل هذه الأسئلة والتساؤلات تحتاج إلى إجابة تبين حقيقة العولمة وأهدافها والنتائج المترتبة عليها ، وهنا .. يمكننا أن نبين معنى العولمة وتعريفها . فالعولمة حالة تطبيع عالمي ، ثقافياً واجتماعياً وسياسياً . كما تعني تحقيق عالمية الأمر ولو قسراً ومن غير تدرج وتعني اقتحام المجتمعات والشعوب والدول ، اقتحاماً دون تحضير . والعولمة بحسب التعريف الذي قدمته ندوة العرب تعني[ سهولة حركة الناس والمعلومات والسلع والأموال والأفكار بين مختلف الدول على نطاق الكرة الأرضية ] والعولمة من وجهة نظر أخرى حركة لا يمكن لأحد أن يعزل نفسه خارجها ، أو أن ينأى عن تأثيراتها . فهي اقتصادياً رأسمالية تتحرك دون قيد أو شرط وهي بشرياً ، أشخاص يملكون سلطة عابرة لكل الحدود ."أنه مصطلح ظاهره الرحمة وباطنة فيه العذاب الشديد" إنها أشبه بالمصطلحات الأخرى المثيلة ، الخصخصة , العصرنه ، المكننه ، الأمركة ، الفرنسنة ، الصهينة ... وصولاً إلى الشيطنة . ومشكلتنا كعرب ومسلمين أننا مجتمعات استهلاكية ، مشرعة الأبواب أمام كل المستوردات وإن كانت سماً زعافاً !! وهذا يعني انتقال الأخر إلينا وليس انتقالنا إلى الأخر . ويعني تأثرنا بالأخر وليس تأثيرنا في الأخر ، كما يعني عالمية ما عندهم وليس ما عندنا !! إنها أشبه بالاجتياح ... اجتياح الكبير للصغير ، والقوي للضعيف ، والغني للفقير .. اجتياح مشاريع الآخرين لحضارتنا وثقافتنا وتراثنا ... إنها استرقاق (استعباد) كلي ولكن تحت غطاء عصري مزيف وشعار براق مكذوب إنها السقوط في الأفخاخ المنصوبة .
[ وبالتالي ضياع الهوية والشخصية ]
(بتصرف) من كتاب العولمة ومستقبل العالم الإسلامي لـ فتحي يكن ورامز طنبور
إعداد / خالد مطهر العدواني