أندلسيات

لدي ولع كامل بكل ما هو أندلسي ، لا أعلم متى بدأ ولا لماذا ولكني أتتبع كل ما له علاقة بالأندلس ، تاريخ الأندلس، أدبياته ، شعره وشعرائه، الموشحات الأندلسية، حتى المسلسلات التاريخية التي تتكلم عن الأندلس.

فإذا أضفنا إنني مولعة بالتاريخ والشعر -كمتذوقة وليس كاتبه له- إلى الولع الأندلسي ، لكان لتاريخ والشعر الأندلسي الصدارة لدي دائمًا..

ولذلك أحتفظ لدي بملف كامل يحوي العديد من القصائد والموشحات الأندلسية، كما احتفظ ببعض الموشحات المغناة وأجزاء أخرى من الشعر الأندلسي التي وردت في مسلسلات تاريخية تتكلم عن الأندلس كربيع قرطبة وصقر قريش وغيرها..

هذه الأيام تسيطر علي حالة من الاكتئاب الشديد لذا فكرت أن أعيد البحث عن هذا الملف لأقرأ هذه الأبيات وأستمع للموشحات ..

هل هو سحر التاريخ وعبقة، أم صدق المشاعر وجمالها أم هو انعكاس كل ذلك على مشاعري فقط، فكلما سمعت وقرأت هذه الأبيات يجول خيالي في عصور ازدهار و كبرياء، في عصور قوة على كل المستويات الأدبية والثقافية والسياسية والعسكرية والفنية ، إنها عصور تنافي تمامًا كل ما يسبب الاكتئاب في عصرنا هذا.

ولذلك قررت أن أشارك الجميع بعض هذه الأبيات التي احتفظ بها و التسجيلات أيضًا وأغلبها جمعتها من النت..

من الأبيات المفضلة لدي ،أبيات الفقيه الأندلسي "إبن عبد ربه"* صاحب كتاب العقد الفريد.

حلفت بمن رمى
فأصاب قلبي
و قـَلَبه على جمر السكوت
لقد أودى تـَذَكُرُه بقلبي
و لست أشك أن النفس تودي.
أعطيته ما سأل
حكمته لو عدل
وهبته روحي
فلا أدرى به ما فعل
قلبي به في شُغل
لا من لذاك شُغلا.

لتستمع لها ملحنة أضغط هنا.

يليها قطعه رقيقه "لأبن خفاجة" يتكلم بها عن فكرة حب فتاة يافعة لمن يكبرها سنًا..


قالت أحبك .. قـُلتُ كاذبة
غُري بها من ليس يفتقد.
هذا كلام لست أقبله.
الشيخ ليس يحبه أحد.
سيان قولك ذا ..
وقولك إن الريح نعقدها فتنعقد.
أو أن تقولي أن النار باردة..
أو أن تقولي الماء يتقد.


لتستمع لها ملحنة أضغط هنا.


أما هذه فليست من الأندلسيات للأمانة إنها للشاعر "جرير" أي إنها من البغداديات لو أردنا الدقة ، ولكن سر إضافتي لها إنها وردت في ربيع قرطبة ملحنه، فاكتسبت لدي نفس التأثير.

لقد كتمت الهوى حتى تهيبني
لا استطيع لهذا الحب كتمان
لا بارك الله في الدنيا
إذا انقطعت أسباب دنياك من أسباب دنياي.

لتستمع لها ملحنة أضغط هنا.

القطعة القادمة أعود بها للأندلس وهي "لأبن هانئ الأندلسي" و البيت الثاني بها و وصفه تعجبه من قدرته على سحب يده من يدها بعد السلام قمة الرقة، حتى الحب في هذا العصر كان راقي.

عجبت و قد ودعتها كيف لم أمت
و كيف انثنت بعد الوداع يدي معي
فيا مقلتي العبرة عليها اسكبي دمًا
و يا كبدي الحرا عليها تقطعي.

للأمانة لدي الملف الصوتي لها ولكنه تسجيل سيء للغاية لذا لن أضعه كي لا يفسد جودة الكلمات.

هذه تبث بها "ولادة بنت المستكفي" فراق أبن زيدون الذي اختارته هي بإرادتها في البداية ثم فرض عليهما فرضًا بعد أن ترك أبن زيدون قرطبة هاربًا، الأبيات جميلة بالفعل فغالبًا تحمل أبيات ولادة حالة كِبر مستعصية تمنعني من التمتع بشعرها ولكن هذه الأبيات تختلف ولذا أحبها.

أَلا هَل لنا من بعد هذا التفرّق سبيلٌ .. فيشكو كلّ صبّ بما لقي.
وَقد كنت أوقات التزاورِ في الشتا .. أبيتُ على جمرٍ من الشوق محرقِ.
فَكيفَ وقد أمسيت في حال قطعة .. لَقد عجّل المقدور ما كنت أتّقي.
تمرُّ الليالي لا أرى البين ينقضي .. وَلا الصبر من رقّ التشوّق معتقي.
سَقى اللَه أرضاً قد غدت لك منزلا ً.. بكلّ سكوب هاطل الوبل مغدقِ.

ولا أستطيع ألا أرفق أبيات "أبن زيدون" في نونيته الشهيرة التي يتكلم بها عن ذات القطيعة وفي رأيي إنها أجمل من أبيات ولادة..

أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا ... وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا.
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا ... حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا.
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ، ... حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا.
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا ... أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا.
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا ... بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا.
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛ ... وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا.
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا، ... فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا.

سأعود لـ"ولادة" مرة ثانيه بقصيدة هي الأجمل لها في رأيي..

ودّع الصبرَ محبّ ودّعك ... ذائع مِن سرّه ما اِستودَعك
يقرع السنّ على أَن لم يكن ... زادَ في تلك الخطى إذ شيّعك
يا أَخا البدرِ سناء وسنى ... حفظ اللَه زماناً أطلَعك
إن يطُل بعدك ليلي فلكم ... بتّ أشكو قصرَ الليل مَعك.

هناك أبيات "عبد الرحمن الداخل" التي كتبها ليبث حبه للشام حيث عاش طفولته وشبابه قبل أن تنتهي الدولة الأموية ليبدأ العصر العباسي و ينتقل عبد الرحمن للأندلس ولكنه يكتب هذه الأبيات ليبكي على أطلال رصافة دمشق وقد أستخدمها المخرج حاتم علي بروعة في مقدمة مسلسل "صقر قريش".

أيها الراكب الميمم أرضى .. أقرئ من بعضي السلام لبعضي.
إن جسمي كما علمت بأرض .. و فؤادي و مالكية بأرضِ.
قدر البين بيننا فافترقنا .. وطوى البين عن جفوني غمضي.
قد قضى الدهر بالفراق علينا ..فعسى باجتماعنا سوف يقضي.

قبل النهاية سأورد أبيات وردت بـ"ربيع قرطبة" و حتى الآن لا أعلم مصدرها وهل هي حقًا كلمات من "إبن أبي عامر" لـ"صبح البشكنشية" أم لا ولكني أهيم بها حبًا..


أيا لكِ نظرة أودت بقلبي
و غادر سهمها قلبي جريحا
فليت أميرتي جادت بأخرى
فكانت بعض ما ينكأ الجروح
فإما أن يكون بها شفائي
و إما أن أموت فأستريح.

لتستمع لها ملحنة أضغط هنا.


أخر ما سأورده أبيات أخرى لا أعرف كاتبها وهي مقدمة مسلسل "ربيع قرطبة" هذه المرة ولكنها مبدعة بحق و قمة الرقة والجمال.

من ألف الحب بكى .. من شفه الشوق شكى.
من غاب عنه إلفه .. أو صد عنه، هلك.
يا مالكا عذبني، بجوره .. إن ملك.
رفقا بمملوكك .. لا يحل الظلم لك.

لتستمع لها ملحنة أضغط هنا.

صراحة كم أتمنى أحيانًا أن املك آلة زمن لأغادر هذا الواقع وأسافر لعصور أخرى بتأكيد سيكون على رأسها عصور ازدهار الأندلس.-----------------------
journaliste

من أجلك ..دائما نبحث عن الحقيقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 633 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2014 بواسطة journaliste

الصحفي الاستقصائي

journaliste
دائماً نبحثُ عن الحقيقة من أجلك »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

27,547