بقلم/ محمد سعيدأبوالنصر

 

 


للزوجة جملة حقوق حال حياتها مع زوجها وكذلك بعد موتها ومن هذه الحقوق المحافظة على الجسد وعدم امتهانه بعد موتها ،والعلاقة الحميمية بين الرجل وزوجته تتطلب روحا وجسدا ،وبصعود الروح إلى خالقها فإن لهذا الجسد حرمة وخاصة مع رفيقة العمر والمرأة التي عاشت معه حياته بحلوها ومرها ، فهل تكون النهاية بامتهانها واللقاء معها بمعاشرة جنسية ، إن الإسلام يعد وطء الميتة من كبائر الذنوب حتى ولو كانت زوجتك لأن فيه هتكا لحرمة المسلمة ،وخروجا عن جلال الموت وهيبته ،جاء في الموسوعة الفقهية "لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حُرْمَةِ وَطْءِ الْمَيْتَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي حَيَاتِهَا زَوْجَتَهُ أَمْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ" وَعَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِنْ كَبَائِرِ الإِْثْمِ وَالْفَوَاحِشِ " ولكن لنكن صرحاء ، ما الذي جعل هؤلاء السادة يفتون بمثل هذه الأمور ؟ ويمكنني الجواب على هذا بالتالي ليس دفاعا عنهم فهم أخطأوا خطأ كبيرا ما كان ينبغي أن يصدر منهم على الإطلاق.. لكن الذي أوقع هؤلاء الناس في مثل هذه الفتاوى البشعة هو تصورهم عن التراث ..أو بعبارة واضحة اعتقادهم أن التراث مقدس، وأن كل ما يقرأونه صحيح حتى ولو أتى في كتب الفقه ، وهذه الكتب ليست قرآنا ولا سنة صحيحة ، إن هؤلاء لم يفرقوا بين القرآن والسنة المحفوظين بحفظ الله ، وبين الشروحات البشرية ،فاتبعوا الشروح التي سطرها العلماء من بيئات مختلفة ونفسيات وأزمنة مختلفة على أنها دين مقدس ، والصواب غير ذلك ،وبكل مصارحة ما كتبه السابقون يحمل في طياته بعض الآراء الشاذة وهؤلاء العلماء نقلوا هذه الفتاوى و هذه الشروح على أنها دين ،وهنا مكمن الخطأ وعلينا أن نكاشف أنفسنا ونقول بكل صراحة هناك نصوص في الفقه والتاريخ تحتاج إلى تحقيق وعناية ، ولا مانع من إعادة النظر فيما كُتب فيها ، قد توجد بعض الاجتهادات التي كانت صواب في عصرها ، ثم بتغير الزمان ،أصبحت غير مقبولة ،وهناك اجتهادات منذ نشأتها ويصحبها الأمراض والأوبئة وتحتاج إلى بتر أو إلى توضيح وجه الحقيقة فيها .ومن هذه الاجتهادات معاشرة الزوجة بعد الموت ،اسمحوا لي يا سادة وبكل رحابة صدر أن أنقل لكم آراء العلماء في هذه المسألة لتدركوا عمق الموضوع ولتقفوا على حقيقته ،وأن جزء يسيرا جدا من التراث يحتاج الى تحقيق وعناية ودراسة مقارنة لنستنتج الرأي الصحيح.. ماذا قال الفقهاء عن فاعل هذه الجريمة؟
اختلف العلماء فِي عُقُوبَةِ وَطْء الْمَيْتَةِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى وَاطِئِ الْمَيْتَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ وَطْءَ الْمَيْتَةِ كَلاَ وَطْءٍ، لِوُقُوعِهِ فِي عُضْوٍ مُسْتَهْلَكٍ، وَلأَِنَّ وَطْأَهَا لاَ يُشْتَهَى، بَل هُوَ مِمَّا تَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ وَتَعَافُهُ الأَْنْفُسُ، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى شَرْعِ الزَّجْرِ عَنْهُ بِحَدٍّ، وَالْحَدُّ إِنَّمَا يَجِبُ زَجْرًا. . . وَلَكِنْ يَجِبُ تَعْزِيرُ الْفَاعِل لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ "
وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْل الأَْوْزَاعِيِّ. وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجِ آدَمِيَّةٍ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْحَيَّةِ، وَلأَِنَّهُ أَعْظَمُ ذَنْبًا وَأَكْبَرُ إِثْمًا، لِضَمِّهِ إِلَى الْفَاحِشَةِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجَةَ حَال مَوْتِهَا، وَصَرَّحُوا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى زَوْجِهَا بِوَطْئِهَا ".هذا ما جاء على ألسنة الفقهاء وبالنظر إليه يمكننا تنحية الآراء التي لا تتلائم مع الواقع ،ونقول "لا يوجد دليل شرعي واحد يسمح للزوج بمعاشرة زوجته الميتة، وليس من المقبول عقلًا أن يقدم آدمي على هذا الفعل المنافي للعقل والمنطق، والله كرّم بنى آدم على سائر العالمين كما قال عز وجل: «ولقد كرمنا بني آدم»، وأن البهائم التي لا عقل لها تأبى أن تفعل هذا الأمر، "فهل يقبل عليه الإنسان العاقل؟ فيترك عبرة الموت وعظته ويفكر في نزوته وشهوته" . " إن الإسلام أمر بستر عورة الميت وعند الغسل يحرص المغسل على عدم كشف عورة الميت سواء كان رجلًا أو امرأة، ولو كان المغسّل من نفس جنس الميت." إن من يعاشر غير زوجته بعد موتها يكون قد أتى بفاحشة من أكبر الفواحش وأعظم الذنوب ويستحق القتل حدا اختيار من بين هذه المذاهب الفقهية ، أما من عاشر زوجته بعد موتها فعليه التعزيز الذي يصل إلى أعلى درجات العقاب ليكون عبرة له ولغيره والسبب أنه انتهك حرمة الميتة ، وهيبة الحدث ،وخالف الفطرة الطبيعية للإنسان السوي ،وأتى بفعل تنفر منه الطباع السليمة والأنفس المستقيمة ،فأي نفس طبيعية وسوية لا يمكن على الإطلاق أن تفكر في الشهوة ، أو إفراغ النزوة إلا إذا كان صاحبها مريضا نفسيا " كهؤلاء المرضى الذين سمعنا بهم على مر التاريخ في حوادث فردية حدثت في بعض الدول ، حيث كان هناك رجلا يخطف 
النساء ويقتلهن ثم يعاشرهن بعد موتهن، ثم يقوم بدفن جثثهن بعد تعفنها في فناء منزله؟ "إن هذا الفعل لو وقع يعد من كبائر الذنوب وفواحش الأعمال ، وعلى ولى الأمر أن يصدر عقوبة تعزيرية على هذا الإنسان وينزل بفاعل هذه الجريمة أشد أنواع العقاب تأديبا له وتهذيبا لنفسيته الجامحة .
إن أعداء الإسلام كُثر ينتهزون كل فرصة ليدنسوا الإسلام ويشيروا بأن الإسلام دين وحشي لا يراعي حرمة حي ولا ميت ،والحق أن نفوسا معوجة فهمت الإسلام خطأ وسطروا هذا الكلام في كتب الواجب أن يُنظر إليها نظرة جديدة لكن على شرط أن يقوم بذلك العلماء المختصون الموسوعيون الذين لهم دراية كلية وشمولية بالإسلام الخاتم الذي ارتضاه الله للعالمين .

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 3 أكتوبر 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

331,038
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية