بقلمى / حافـظ عبد الله
هنا أحسست بصورتك التي تسكن جيبي ،إنها الدفئ لهـذا الشتاء ، إنها الأمان من عيـون الناس وألسنتهم ، وكأنها تشتعل ناراً لتدفئ أغصان روحي مرة ، وتصبح سقفاً مرة آخرى ،
بنت صغيرة تجول في الشوارع بحثاً عن طعام ، هذا ماتبقى من ورث الأيام يا أمي ، لستُ أذكر شيئاً الآن ،لاأعرف أين أنتِ، إلا أن الموت ليس رحيماً ، هذا جُل ما أعرفه ، استعطي في دواليب الأيام والمدينة ، منهم من يشفق ويرمي المال ، ومنهم من يريد ثمناً لذلك ، ومنهم من يضحك ويشمئز من رائحتي ،
الكون ضيق يا أمي ضيق جداً يتشابه بين قبرك وحاويات النفايات التي أسكنها ، تحيطني القـذارة من كل الجوانب ، اليتم أقواها يا من ذهبتِ إلى اللاعـودة ، هل تسمعيني ؟ أين يـدك؟ احتاجها على ضفائر شعري ، أنا هنا الآن في هـذه المدينة المنطفئة ، اسمع وقع ارتعاشي من البرد ، أصغي الى ضربات المطر على نافذات الحاويات ، التي رصفتها على حافة الشارع ، وتردد أقدامي ضرباً بصوتها الأجوف على الاِسفلت ، قد صرتُ وباءاً يا أمي ، على نفسي، و على هؤلاء الناس
الذين ذكرتهم ، اسألي الله يا أمي مَنْ مِنا الأقذر ،
هؤلاء أم يتيمتك الجائعة؟